رغم المسافة التي وضعها الزمن بينه وبين قلبه القديم، لم يفلح جان في التخلّي عن حبّه الأوّل. كأنّ شيئاً
في داخله لا يزال يتشبّث بصورة إيليف كما كانت، بصوتها، بدمعتها، وحتى بخيانتها… خيانة لم تزل حتى الآن تؤلم قلبه، لكنّها لم تقتل الحب فيه.
حبٌّ يرفض الموت، حتى وإن اقتربت خطوات أخرى نحوه، عذبة، صادقة… إلا أنه يدير وجهه عنها، وكأن قلبه لا يملك الحق في البدء من جديد.
وفي الجهة الأخرى من هذه القصة الصامتة، كان مارت لا يزال واقفاً عند وعدٍ قطعه ذات ليلة، حين بُترت أوصال العائلة.
يرى في إيليف وطفلها أمانة لا يمكن التفريط بها، ومهما اشتدّت الرياح، يظلّ الجدار الذي يحجب عنهم قسوة العالم… لا حُباً، بل وفاءً لأخٍ ضاع أثره ولم يضع أثره في القلوب.
إسطنبول – شقة ساردار – مساء هادئ
جلس مارت على الأريكة، وعيناه تتعلقان بالسقف لحظة، قبل أن يشارك ساردار ما يشغل باله.
مارت (بتردد، لكن بعزيمة واضحة):
“أفكر في أن أبدأ عملي الخاص… مشروع مستقل بعيداً عن جدي. أريد أن أثبت نفسي بطريقتي، لا بأسمه.”
ابتسم ساردار، نصف ابتسامة تحمل التشجيع، ونصفها الآخر فضول دفين، ثم التفت إليه بنظرة جادة.
ساردار (بصراحة لا تخلو من الحدة):
“أؤيدك تماماً… لكن دعني أسألك بصراحة، هل زواجك من إيليف لا يزال مجرد تمثيل حتى الآن؟”
تغيرت ملامح مارت إلى الجدية، وردّ بحزم دون تردد:
“أنا لا أحب إيليف، وأنت تعرف ذلك.”
ساردار (بابتسامة خفيفة لا تخلو من السخرية):
“فهمت… لكن ما الذي تشعر به تجاهها إذاً؟”
تنهد مارت، وقال بنبرة هادئة أقرب إلى الاعتراف:
“هي بالنسبة لي حبيبة أخي جان، وأراها دائماً بهذا الشكل. أحاول أن أكون إلى جانبها، أدعمها وأحميها، لكنها لا تمثل لي أكثر من أخت… ولا يمكن أن تكون أكثر من ذلك.”
صمت ساردار لحظة، ثم قال بنبرة أخوية صادقة:
“ربما يتغير هذا مع الوقت… أو ربما لا. المهم أن تكون صريحاً مع نفسك ومعها.”
أومأ مارت، ثم قال بثقة هادئة:
“لن يتغير شيء. هذا ما أشعر به. إيليف تخص جان… ودعمي لها نابع من ذلك فقط.”
ساد الصمت للحظة، بينما كانت أصوات المدينة تتلاشى شيئاً فشيئاً خلف زجاج النوافذ، تاركة خلفها سكوناً يشبه اليقين.
»»»»»»»»»»»»»»»»»
نيويورك – مانهاتن – شقة جان – مساء هادئ
غادر راف وإيريك الشقة بعد سهرةٍ دافئة خفيفة، ملؤها الضحك وأحاديث الذكريات. لم يتبقَ في المكان سوى جان وليلى، وسط صمتٍ وديّ يحوم في الأرجاء كأنّه يهيئ لما سيُقال.
وقفت ليلى قرب النافذة، تتأمل أضواء المدينة التي تتناثر في البعيد. التفتت ببطء نحو جان، وصوتها يخرج متردداً، لكنه صادق:
“جان… هل يمكنني أن أقول شيئاً؟”
ابتسم جان بلطف، وجلس على حافة الأريكة، مشيراً إليها بالجلوس:
“بالطبع، قولي ما تشائين.”
تقدّمت ليلى نحوه ببطء، كأنها تسير على خيط رفيع من الجرأة والخوف. تردّدت لحظة، ثم قالت بصوت خافت:
“جان… أردت قول شيء منذ زمن، لكنني كنت أتراجع دائماً. ربما كنت أُخدع بأني قادرة على الاكتفاء بقربك كصديق، لكن… الأمر لم يعد كذلك.”
رفع جان نظره نحوها بهدوء، لم ينبس ببنت شفة، فقط استمع.
ليلى (تنظر إليه مباشرة، تغالب ارتجاف صوتها):
“أظنني أحبك يا جان… منذ شهور. منذ اللحظة التي رأيتك فيها تقف في ذاك الاستوديو، بعينيك المتعبتين وصوتك الحنون.”
صمت آخر انساب بينهما، لكنه لم يكن مريحاً هذه المرة، بل محمّلاً بما لا يُقال.
نهض جان و اقترب منها خطوة، نظراته دافئة، لكن حازمة، وقال بصوت خفيض:
“ليلى… أنتِ إنسانة رائعة، وقلبك نقي… وأعترف أن وجودك في حياتي كان مهماً، خفف عني الكثير… لكنني لا أستطيع مبادلتك هذا الشعور.”
تراجعت قليلاً، لكنها لم تترك مكانها بالكامل، كأنها تنتظر تفسيراً.
أكمل جان بهدوء:
“أنا… مرتبك، نعم، لكن ليس بسببك. هناك حب ما زال يسكن قلبي… لم ينتهِ بعد، ولم أقرر أن أُنهيه. قد يبدو مستحيلاً، أو حتى مؤلماً، لكنه لا يزال حياً بداخلي… وأنا لا أريد أن أظلمك بظلّه.”
اتسعت عينا ليلى للحظة، لكنها ما لبثت أن أطرقت، وارتسمت على وجهها ابتسامة باهتة، تفهّمت بها ما لم يُنطَق.
ليلى (بصوت خافت):
“هي محظوظة إذن…”
جان (بابتسامة حزينة):
“لا أدري إن كانت كذلك… لكنّي أعلم أنني لست محظوظاً بالحب.”
نظرت إليه ليلى قليلاً، ثم قالت بنبرة تحمل شيئاً من اللوم الرقيق:
“أنت غامض … حتى الآن، لم تفتح قلبك لأحد…لا نعلم شيئاً عن ماضيك.”
أجاب جان وهو يشيح ببصره جانباً :
“لأنني لا أملك ماضياً … أو ربما لا أرغب أن أمتلك واحداً .
آسف، … مرةً أخرى.”
بقيت تنظر إليه لوهلةبهدوء ، ثم قالت:
“لا تقلق، لن يتغير شيء بيننا… فقط كنت بحاجة لأن أقولها.”
ثم مضت نحو الباب بخطى هادئة، تاركة خلفها صمتاً تتقاطع فيه خيبة الأمل مع راحة الاعتراف، وجان واقف وحده، يحمل على وجهه مزيجاً من الحزن والامتنان.
تقدم قرب النافذة، يحدّق في أضواء المدينة التي أخذت تتلاشى تدريجياً مع حلول الليل. لامس الزجاج البارد بكفه، وعيناه لا تُركّزان على شيء، بل تغوصان في دوامة مشوشة من الصور والمشاعر.
همس لنفسه، كأنه يُحاول ترتيب الفوضى بداخله:
“ليلى… لماذا الآن؟”
تنهد بعمق. تحرّك نحو المطبخ بخطى بطيئة، وسكب لنفسه كوب ماء… لكن يده ظلّت متشبثة بالكوب دون أن يرفعه. جلس عند الطاولة، يمرر أصابعه في شعره المُبعثر، وصورة إيليف وطفلها لا تفارق ذهنه.
قال بصوت متهدّج، يعلوه وجع دفين:
“إلى الآن… لم أستطع نسيانك، إيليف…
أشعر بالخزي لمجرد التفكير بكِ وأنتِ على ذمة أخي.
أي عذاب تركته لي؟ أي انتقام؟
يشعرني بمدى دنائتي…
حتى الحنين إليك صار خيانة”
ثم انحنى برأسه إلى الطاولة، يخبّئ وجهه بين ذراعيه، كأنّ الليل قد استقر في صدره.
رنينٌ مفاجئ قطع صمته، نظر إلى الاسم الظاهر على الشاشة، ثم أجاب بنبرة هادئة:
جان (بصوت خافت):
“مرحباً، أوزان…”
أوزان (من الطرف الآخر، بنبرة دافئة):
“أهلاً جان… كيف حالك؟ كيف تسير تدريباتك؟”
جان (بابتسامة باهتة):
“كل شيء يسير بخير، على ما يبدو…”
سكت لثواني ثم اكمل :
“لكن، في الحقيقة، أردت أن أسألك عن أمر قديم.”
أوزان (بتردد):
“أمر قديم؟ كأيّ شيء تقصد؟”
جان (عينيه تلمعان بغموض وهو يحدق في الأرض):
“عندما كنتُ في المشفى… بين الحياة والموت…
أنت من طرد مارت، أليس كذلك؟”
ساد صمتٌ ثقيل في الطرف الآخر، كأن أوزان تراجع بذاكرته فجأة إلى ذلك اليوم الغامض.
جان (بصوت منخفض):
“ماذا كان يريد؟ لماذا جاء أصلاً؟”
أوزان (متنهداً):
“جان… كنتَ في وضعٍ هش للغاية، لم تكن تقوى على الكلام حتى…
و مارت أصرّ على رؤيتك، قال إنه لا يريد شيئاً سوى الحديث إليك.
… . وبصراحة، كدتُ أصدّقه.”
جان (بنبرة فيها شيء من الأسى):
“لكنّك طردته…”
أوزان:
“نعم… خفتُ عليك. لم أستطع الوثوق به، خاصةً مع كل ما حدث بينكما.
ثم، بعد أقل من شهرين، حين علمتُ بزواجه من إيليف… أدركت أنني ربما كنت ساذجاً.
ربما كان يخدعني… أو ربما كان ينتظر اللحظة التي تؤلمك أكثر. لا أعلم، جان.
لكنه لم يكن نقيّ النوايا كما حاول أن يُقنعني.”
صمت جان فجأة. عيناه اتسعتا، كما لو أنّ فكرة مرعبة باغتته من العدم. تاه ذهنه في الزمن، يحاول أن يستوعب:
“زواجهما بعد أقل من شهرين؟ هل يمكن أن يكون… طفلي؟
لكن… من مرة واحدة فقط؟
لا، لا، لا تفعل، جان… لا تتمسك بآمال واهية لتعذب نفسك أكثر…”
أتى صوت أوزان من الهاتف، قاطعاً تيار الأفكار:
“جان… أين اختفيت؟ هل تسمعني؟”
جان ( أغمض عينيه ,متمالكاً نفسه):
“أسمعك…”
أوزان (بنبرة مشوشة):
“هل أنت بخير؟ أقسم إن شعرت للحظة أنك لست كذلك، سأحجز أول طائرة وآتي إليك!”
جان ( فتح عينيه يرد بسرعة وبنبرة حازمة):
“كلا، أوزان… لا داعي. أنا بخير، فقط… فقط أُرهقت قليلاً.
أكمل امتحاناتك… ثم تعال لاحقاً، لا تشغل بالك بي الآن.”
أوزان (بتردد):
“… هل أنت متأكد؟”
جان (بصوت ثابت):
“لا تقلق… لم أعد هشاً كما كنت.
سأخلد إلى النوم الآن، لديّ الكثير من العمل غداً.
سأتصل بك حالما أستيقظ.”
أوزان (بلطف):
“حسناً … اعتنِ بنفسك.”
أنهى جان المكالمة، ووضع الهاتف جانباً ببطء. عاد الصمت مجدداً يلف المكان، لكن هذه المرة لم يكن صمت الوحدة… بل صمت الأسئلة التي لا تجد إجابات
»»»»»»»»»»»»»
إسطنبول – جامعة بوغازيتشي – كلية الهندسة – صباح اليوم التالي
في إحدى القاعات الهادئة، جلس أوزان إلى طاولته، محاطًا بأوراق الامتحان، وصمت ثقيل يخيّم على المكان، لا يقطعه سوى صوت تقليب الصفحات وأنفاس الطلاب المتوترة.
كان الوقت يمرّ ببطء، كأن كل دقيقة تمرّ تذكّره بالمكالمة التي أنهت ليلته بقلق غير مألوف.
أوزان (يحدث نفسه وهو ينظر إلى ورقة الأسئلة):ركّز… فقط ساعتان وتنتهي. ثم تتصل به. لن تدعه يغرق مجدداً .”
أمسك قلمه وبدأ بالإجابة، لكن عينيه ظلّتا تهربان بين سطر وآخر. صورة جان وهو يحاول التماسك، وبحة صوته حين قال “أنا بخير” ما زالت تدق في رأسه كمنبّه لا يتوقّف.
في منتصف الامتحان، لاحظ الأستاذ المسؤول شروده وتوتره.
الأستاذ (بصوت خافت وهادئ):
“هل كلّ شيء على ما يُرام، يا أوزان؟”
أوزان (يرفع رأسه فجأة، متوتراً ):
“نعم، نعم… مجرد ليلة صعبة.”
الأستاذ (بابتسامة تفهّم):
“إن احتجت إلى شيء، لا تتردد. خذ وقتك.”
أومأ أوزان شاكراً، ثم عاد إلى ورقته، محاولاً أن يغلق ذهنه عن كل شيء… عن جان، عن الغربة، عن الخوف الذي بدأ يتسلّل إليه رغماً عنه.
تمرّ الدقائق، ويكمل الامتحان بصعوبة، وكأنه يكتب بجسد حاضر وعقل غائب.
انتهى الامتحان، سلّم ورقته، وغادر القاعة بخطى سريعة. في الممر، أخرج هاتفه من جيبه، بحث عن اسم جان… تردّد لحظة، ثم ضغط زر الاتصال.
رنّ الهاتف… مرة… مرتين…
أما في نيويورك شقة جان تحديداً كان الظلام لا يزال يخيّم على الغرفة، والستائر تُخفي خيوط الفجر الأولى. على الأريكة، تمدّد جان بملابس الأمس، لم يبدّلها ولم يُطفئ المصباح الجانبي. نومه كان مضطرباً، تنهشه الأحلام والأسئلة.
رنّ الهاتف فجأة، فاخترق صوته سكون الغرفة المرهق.
تقلّب جان، مدّ يده بتثاقل، نظر إلى الشاشة بعين نصف مغمضة:
“أوزان يتصل”
فتح الخط، وصوته متهدّج بنعاس ثقيل:
جان (بهمس متعب، بنبرة شبه ساخرة):أوزان… ماذا تريد في هذا الوقت؟ إنها… الخامسة فجراً…”
أوزان (بقلق واضح، متحدثاً بسرعة):
“آسف… أعلم أنّ الوقت غير مناسب، لكن لم أستطع الانتظار. اتصلت عدة مرات … ولم تجب. أقلقتني.”
جان (يغمض عينيه، يضغط على صدغيه بأصابعه):
“كنت نائماً … أو أحاول أن أنام.”
أوزان (بصوت خافت):
“هل أنت بخير؟ أعني… حقاً؟”
جان (يجلس، يفرك شعره بأصابعه ويزفر):
“أنا بخير… آسف إن سبّبت لك القلق. لدي جلسة في الأستوديو بعد بضع ساعات… صدقني، أنا بخير.”
أوزان (بتردد وقلق):
“جان… هل أنت واثق؟”
جان (بشيء من الضيق):
“أوزان… دعني أنم، لدي الكثير من العمل. وأنت… اذهب وركّز في دراستك. وداعاً .”
ثم أغلق الهاتف دون ان يمنحه فرصة للأجابة .
لحظة صمت.
ينظر جان إلى الفراغ، يمرر يده على وجهه، ويتمتم لنفسه بصوت مبحوح
يخاطب نفسه:
“لا تنشغل بي، أوزان… أكمل امتحاناتك. لم يكن عليّ أن أفتح قلبي بهذه الطريقة البارحة.”
»»»»»»»»»»
نيويورك – استوديو تسجيل – صباح مشمس
دخل جان الاستوديو بخطى متزنة، وجهه يحمل هدوءاً مدروساً ، وكأنّه يضع خلفه كل ما حدث. استقبله راف وإيريك بابتسامات ودّية، ووقف جانباً ليختبر صوت الميكروفون.
وبينما كان يستعد للبدء، اقتربت ليلى بخفة، تحمل في عينيها شيئاً من الحذر، لكنها تحاول إظهار الألفة.
ليلى (بابتسامة دافئة، محاولةً أن تبدو عفوية):
“صباح الخير، جان. كيف حالك اليوم؟”
جان (مبتسماً بلطف، دون التطرق لما كان بينهما):
“صباح الخير، ليلى. كل شيء على ما يرام ، وأنتِ؟”
تبادل الاثنان نظرات قصيرة، تحمل معها ما لم يُقال، لكنهما اتفقا على التظاهر بالراحة.
راف (متدخلاً بنبرة مرحة):
” حسناً، هل الجميع مستعد؟ لدينا جدول طويل اليوم والمدربة لن ترحمنا!”
ضحك الجميع، وبدأت الأجواء تتحول تدريجياً إلى العمل والتركيز.
رغم المحاولات الواضحة لإخفاء أي أثر للتوتر، كانت هناك نظرات خاطفة، وحركات صغيرة تعكس التوتر الخفي، لكن لا أحدٌ أراد فتح باب الماضي.
استمر جان وليلى في أداء واجباتهما المهنية، وكأنما هما فريق محترف يُعيد ترتيب أوراقه، بينما كان راف وإيريك يدعمان الجوّ بالضحك الخفيف والحديث عن الموسيقى.
»»»»»»»»»»»»»»»
إسطنبول – منزل عائلة أوزان – بعد الضهر يوم الامتحان الأخير
في الغرفة التي باتت خالية إلا من حقيبة سفر مفتوحة على السرير، كان أوزان يطوي قميصاً بعناية، يضعه فوق بقية الملابس. خطواته بطيئة، كأنها تحاول كسب مزيد من الوقت قبل لحظة الوداع.
دخل والده الغرفة بصمت، وقف عند الباب يراقب ابنه للحظة، ثم قال بنبرة هادئة:
والد أوزان:
“انتهيت من امتحاناتك؟”
أوزان (دون أن ينظر إليه):
“نعم… آخر امتحان اليوم. خرجت منه وأنا أفكر بشيء واحد فقط.”
والد أوزان (يقترب قليلاً ):
“جان.”
ابتسم أوزان ابتسامة باهتة، وهو يغلق السحّاب الأول للحقيبة، ثم ينهض بهدوء.
والد أوزان:
“متى ستسافر؟”
أوزان:
” الليلة …حجزت التذكرة قبل أسبوع.”
سكت الأب لثوانٍ، ثم قال وهو يربت على كتف ابنه:
“أوصل له تحياتي… واتصل بي حالما تصل، لا تنسَ.”
أوزان (ينظر إلى والده بنظرة ممتنة):
“حاضر.”
تبادلا نظرة صامتة تحمل الكثير من المشاعر غير المنطوقة. ثم التفت أوزان نحو الحقيبة، أغلق السحّاب الأخير، وحملها بثبات.
»«»«»«»«»«»«»«»«
نيويورك – أستوديو التسجيل – الساعة ١٠ مساءاً
أنهى جان تدريباته للتو، تنفّس بعمق وهو يخلع سماعات الرأس، يمرّر يده في شعره المتعرّق قليلاً، بينما تهمّ ليلى وراف وديريك بجمع أغراضهم.
راف (بابتسامة متعبة):
“أداءك اليوم كان ممتاز، جان.”
جان (بسرعة وهو يلتقط هاتفه):
“شكراً… آسف، عليّ الاتصال بشخص ما.”
ابتعد جان خطوات عن المجموعة، وضغط على زر الاتصال، وصوته يخرج ملهوفاً ما إن أُجيب عليه:
جان:
“أوزان!… أعتذر لتأخري، سآتي لأصطحابك من المطار حالاً!”
جاءه صوت أوزان هادئاً مطمئناً من الجهة الأخرى:
أوزان (يبتسم):
“لا عليك… أنا بالفعل في سيارة الأجرة. اذهب أنت إلى الشقة، نلتقي هناك.”
توقّف جان لحظة، كأنه لم يصدق أنه سيسمع هذا الصوت وجهاً لوجه قريباً، ثم همس:
“اشتقت إليك أيها الأخرق…”
أوزان (بصوت خافت):
” وأنا أيضاً.”
أنهى جان المكالمة وهو يزفر بهدوء، ثم التفت إلى الباب كأنه على وشك الركض.
بينما في الجانب الآخر من المدينة، كانت أضواء نيويورك تنعكس على زجاج السيارة، وأوزان يحدّق بصمت عبر النافذة.
وجهه بدا مرهقاً من الرحلة الطويلة، لكن في عينيه لمعة شوق واضحة. أخرج محفظته ببطء ثم مال قليلاً نحو السائق:
أوزان (بالإنجليزية وبن
برة هادئة):
“Excuse me… Can you stop at the nearest fast food place?”
سائق الأجرة (ينظر عبر المرآة ويومئ):
“Sure thing. There’s a 24/7 burger joint just a few blocks ahead.”
أوزان (بابتسامة صغيرة):
“Perfect.”
عاد بظهره إلى المقعد، وعيناه على الأضواء المتحركة خارج الزجاج… نيويورك كما لم يراها من قبل: مختلفة، لكنها مألوفة… لأنها قريبة من جان
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات