“تحسنٌ في مهاراتك الاجتماعية، جان… ردودك صارت تحتوي كلمات أكثر من ثلاثة أحرف.”
جان (بجفاف):
“سأعوضها بالصمت القادم.”
دانييل، الشيف الأكبر، يمرّ ويراقب الطبق على الموقد.
دانييل (موجّهاً لأوزان):
“النكهة ممتازة، لكن انتبه… النار زادت قليلاً .”
أوزان (بثقة):
“أتحكم بها مثلما أتحكم بمزاج جان… بالكاد.”
جان (بصوت خافت، دون أن يلتفت):
“اطمئن… طبقك احترق قبل أن يحترق مزاجي.”
ضحكة مكتومة من جيمس.
جيمس:
“اللعنة، أنت مرعب يا رجل… حتى نكاتك تبدو كأنها تهديد مبطّن.”
جان ( ببرود) :
“لأنّها كذلك.”
يُسحب طلب جديد، تتحرّك الأجواء في المطبخ.
أوزان (مبتسم وهو يرسل الطبق نحو الخارج):
“هيا يا جان، استعد للدفعة الثانية من معركة الشحوم.”
جان (يرفع إسفنجة التنظيف دون حماس):
“كلنا نحارب بطريقتنا.”
أوزان يضحك، يملأ المقلاة من جديد.
لحظة صمت تتخلل الجو، ثم يقول جان فجأة:
جان (دون أن ينظر إليه):
“هل فكّرت… ان تزور والدك”
أوزان (هادئاً) :
“أتريد التخلص مني”
جان( يبتسم ) :
“قليلاً”
أوزان (يضحك) :
“لن يحدث …سأبقى كاتما على نفسك”
جان يعيد ترتيب بعض الصحون بحذر، ثم يهمس كأنّه يخاطب نفسه:
جان:
“كاتم على نفسي، هاه؟”
أوزان (بابتسامة دون أن ينظر إليه):
“… فلتنفجر عليّ، لا أمانع.”
صوت المقلاة يعلو فجأة، يتطاير الزيت قليلاً.
أوزان (يتراجع):
“آه! هذا عقاب لأنني تكلمت كثيراً.”
جان (ببرود):
“حتى المقلاة تكره ثرثرتك.”
ضحكة ناعمة من أوزان، يتابع الطبخ، فيما جان يواصل غسله بصمت…
لكن ابتسامة خفيفة، بالكاد تُرى، ترتسم على وجهه.
»»»»»»»»»»»
إسطنبول – غرفة الطفل – مساء هادئ
بعد أيام من انهيار مارت
كانت الغرفة نصف معتمة، مصباح صغير في الزاوية يلقي ضوءاً ناعماً فوق مهد الطفل.
إيليف تجلس على الأرض، ظهرها مستند إلى السرير، و”ماهر” في حجرها، نائمٌ بسلام، صدره الصغير يعلو ويهبط بانتظام.
يدها تمرّ فوق شعره الناعم برفق، وعيناها تحدّقان في الفراغ، كأنها تبحث عن شيء لا اسم له.
همست بصوت بالكاد يُسمع، لكنها كانت كلماتها الأولى منذ ساعات:
إيليف (بهمس):
“هل كنتَ تشعر بهذا يا جان…؟
حين كنت تفكر في الرحيل… وفي أن تُنسى؟”
تسكت للحظة، تغمض عينيها، ثم تفتحهما على دمعة خفيفة.
إيليف:
“ابننا… يشبهك كثيراً.
صوت بكائه… طريقته في النظر إلى السقف… حتى تقطيبة جبينه.”
تنظر إليه بابتسامة متعبة، ثم تميل برأسها و تقبّل جبينه الصغير.
إيليف (بصوت أقوى قليلاً ):
“لكنه لن يُربّى كما رُبيّتم أنتم.
لن يختبئ خلف الصمت…
لن يكبر وهو يخاف من حقيقته.”
تنظر إلى نافذة الغرفة، ثم تتمتم:
إيليف:
“مارت أنقذني… أنقذ هذا الصغير أيضاً.
لكنه الآن هو يحتاج من ينقذه.”
تنهض ببطء، تحتضن الطفل وتبدأ في المشي به ذهاباً و إياباً، كأنها تروض الألم بالحركة.
إيليف (بحزم ناعم):
“سأكون قوية… من أجلك مارت ، ومن أجل صغيري.
ولن أسمح لهذا البيت أن يبتلع أي روح بعد الآن.”
يسكن الطفل في حضنها، ويغمض عينيه تماماً.
تجلس به على الكرسي الهزاز، وتبدأ في غناء تهويدة قديمة كانت تسمعها من والدتها…
صوتها ناعم، مرتعش، لكنه نقي…
يشبه بداية جديدة.
بينما مارت في غرفة جان جالس على حافة السرير ، يلتقط بيده كيتاراً قديماً موضوعاً على الوسادة.
ينظر إليه لفترة طويلة، كأنّه يرى فيه ذكريات كثيرة مخبأة بين أوتاره.
يمسك الكيتار بحذر، يضع يده على الأوتار برفق، لكنه لا يعزف.
في صمت الغرفة، تتسلل صور ماضيهما
جان يعزف بابتسامة طفولية، أيام كانت البراءة تحيط بهما، قبل أن يتبدد كل شيء.
مارت يغلق عينيه، تتركز على ذلك الصوت الخافت الذي لم يسمعه منذ زمن بعيد.
يداه ترتجفان قليلاً، لكنه يظل ممسكاً بالكيتار، كأنّه يبحث عن طريقة ليصلح ما انكسر في نفسه.
ينظر إلى النافذة، حيث الأضواء الخافتة في الخارج تعكس همسه الوحيد:
“لو كنت هنا، جان… ربما كان كل شيء مختلفاً .”
تبدأ قطرات المطر بالهطول برقة على الزجاج، وكأنّ السماء تبكي معه.
»»»»»»»»»»
نيويورك – – حي كوينز – شقة جان وأوزان – مساء هادئ
بعد يوم طويل في العمل
كان الضوء المنبعث من شاشة التلفاز يلقي وهجه الخافت في أرجاء الغرفة، يرقص على الجدران ويلون الظلال بسكينة رمادية.
جلس أوزان على الأريكة الكبيرة المواجهة للتلفاز، جسده مسترخٍ، يتابع الفيلم بعينيه بينما يتناول الذرة المحمصة بهدوء، كأن اليوم كله ينزلق عن كتفيه.
على الأريكة الجانبية، المتقاطعة مع الأولى بزاوية قريبة، جلس جان. وضعية جلوسه أقل راحة، ظهره مائل قليلاً، وكتفاه مشدودان.
عيناه تتحركان بين الشاشة وأوزان… نظرات سريعة، متكررة، غير ملحوظة لولا الانتباه الدقيق.
أوزان لاحظ. لم يلتفت، لم يعلّق… لكنه لاحظ. واكتفى بالصمت.
جان (بصوت خافت):
“كان اليوم متعباً.”
أوزان (بهدوء):
“نعم… خذ استراحة غدًا إذا أردت.”
جان (بصوت خافت):
“لا داعي.”
يسود صمت قصير، سوى أصوات الفيلم المتداخلة مع أنفاس الغرفة.
جان (ينطق باسمه فجأة، دون مقدمات):
“أوزان…”
يضع أوزان علبة الذرة المحمصة على الطاولة، يلتفت إليه باهتمام:
“نعم، جان؟”
جان (يتجنب النظر نحوه):
“هل لدينا مال… إضافي؟”
تتسع عيني أوزان قليلا متفاجئ ،لكن صوته يبقى ثابتاً :
“دفعت إيجار الشقة لعدة شهور مسبقاً… ولدينا ما يكفي للمصروف.”
(يتردد لحظة)
“هل تحتاج لشراء شيء؟”
جان ( ينضر للأرض ،بجفاف):
“أحتاج بعض المال.”
أوزان:
“كم تحتاج؟”
جان (ينظر أخيراً في عينيه):
“٧٠٠$..”
أوزان ( ينحني قليلاً بجسده للأمام، يحاول أن يفهم):
“ماذا تريد أن تشتري؟”
جان (بصوت منخفض):
“هل لدينا… أم لا؟”
أوزان ( يقطب حاجبيه، يتكلم بصدق):
“لدينا ما يكفي وأكثر… لكن إن كنت تريد شيئاً، فقط أخبرني وسأحضره لك.”
جان يصمت.
عينيه تهربان، وصوته يأتي بالكاد:
“انسَ الأمر.”
لا يرد أوزان.
يتنفس بعمق، ويعيد يده بهدوء إلى الطاولة ليأخذ علبة الذرة و يأكل بصمت بينما يستند على الاريكة، كأنّه قرر ألّا يضغط.
على الشاشة، الفيلم مستمر…
لكن في الغرفة، صمت آخر بدأ يتمدد بينهما… صمت يحمل شيئاً لم يُقل بعد.
»»»»»»»»»»»»»»
نيويورك – حي كوين– صباح باكر –
كان الهواء الصباحي نقيًا، بارداً قليلًا، كأنه يوقظ المدينة بهمسٍ خفيف.
خرج أوزان أولاً، غمز بعينه للشمس الخجولة، ثم وقعت عيناه على الدراجة النارية المركونة بجانب الرصيف… وخوذتين معلّقتين على المقود.
اقترب بخطى هادئة، أشار بإصبعه إلى الخوذة الجديدة، ثم التفت نحو جان.
أوزان (مبتسماً ):
“اشتريت خوذة ثانية… من أجلي؟”
جان (بهدوء وهو يقترب):
“من أجل سلامتك.”
يركب جان الدراجة دون أن يضيف شيئاً.
يصعد أوزان خلفه، يضع يده بخفة على كتف جان… لمسة خفيفة لا تحمل سوى معنى واحد: “أنا هنا”.
أوزان (بصوت منخفض):
“جان… ماذا كنت تريد أن تشتري؟”
جان (من دون أن يلتفت):
“لا شيء… انسَ ما قلته البارحة.”
لحظة صمت خفيفة، لا حاجة لكلمات إضافية.
يرتدي جان خوذته، يشغّل المحرك. يهتز جسد الدراجة قليلاً .
ثم، وكأن التوقيت بينهما محفوظ، يرتدي أوزان خوذته أيضاً.
ينطلقان في شوارع نيويورك شبه النائمة…
وفي الهواء الممتد خلفهما، كان حديث مؤجل يرافقهما بصمتٍ ورضا.
»»»»»»»»»»»»»
نيويورك – حي كوين – الشقة – مساءاً
كان الهدوء يسيطر على المكان، الضوء الخافت يتسلل من بين ستائر النوافذ كخيط شاحب.
جان يحمل حقيبته الرياضية على كتفه، خطواته مترددة وهو يقترب من الباب. يلتفت نحو أوزان المتمدد بكسل على الأريكة.
جان (متردداً):
“لن تأتي معي؟”
أوزان (دون أن يتحرك، عيناه نصف مغمضتين):
“أشعر بالتعب.”
جان (يحاول إخفاء قلقه):
“مريض؟”
أوزان (يبتسم بخفة، يرفع حاجبه):
“كلا… اذهب أنت، أنا بخير.”
جان (بصوت خافت، يكاد يكون همساً):
“حسناً …”
يصمت لحظة، يطيل النظر إليه قبل أن يفتح الباب ببطء، كأنه يترك خلفه شيئاً لا يود مفارقته.
تمر بضع دقائق…
يسحب أوزان هاتفه من الطاولة، يتردد لحظة، ثم يتصل.
الطبيب:
“أهلاً… أوزان.”
أوزان:
“مرحباً… هل أُزعجك؟”
الطبيب:
“لا أبداً. الوقت مناسب. كيف حال جان؟”
أوزان:
“بخير… تحسّن كثيراً. أشعر أنه شُفي تقريباً.”
الطبيب:
“هذا رائع.”
أوزان (بتردد):
“لكن…
طلب فجأة مبلغاً امن المال.
مع أنه طوال الشهور الماضية كان يضع راتبه على طاولة المطبخ ولا يلمسه…
ولم يخبرني ماذا ينوي أن يفعل بالمال.”
الطبيب (باهتمام):
“وماذا في ذلك؟”
أوزان:
“أفكر فقط… ماذا لو كان يريد استخدامه لأذية نفسه؟”
الطبيب (بصوت مطمئن):
“لا تقلق، أوزان.
جان قطع شوطاً طويلاً في التعافي.
احتمالية أن يؤذي نفسه الآن ضئيلة جداً.”
أوزان (بصوت منخفض):
“هكذا إذاً…
شكراً لك… طاب مساؤك.”
الطبيب:
“وأنت كذلك.”
أوزان ينهي المكالمة، يضع الهاتف جانباً بهدوء.
يبقى جالساً مكانه، عيناه على الباب المغلق…
كأنّه ينتظر أن يُفتح، أو ربما… أن لا يُفتح.
ثم، وبصوت خافت لا يسمعه أحد:
أوزان:
“فقط لا تعُد للخلف، جان…”
تنزل ستارة القلق على الغرفة،
ويبقى الضوء الخافت من شاشة التلفاز…
يحرس قلقاً لم ينطفئ بعد.
»»»»»»»»»»»»»
بعد بضعة ايام
نيويورك – مانهاتن – مطبخ المطعم – قرابة المساء
الضوء البرتقالي يتسلّل من نوافذ المطعم، يلقي لمعةً ناعمة فوق الأسطح المعدنية، ويُضفي على الجو طمأنينة زائفة.
كان أوزان واقفاً خلف طاولة التحضير، يقطع الخضار بحركة تلقائية. كل شيء يسير بهدوء… حتى سُمع صوت خطوات مألوفة.
رفع رأسه، فوجد جان يعبر الباب الخلفي بهدوء، يحمل كوب قهوة، ويتجه مباشرة إلى كرسي صغير مقابل لطاولة التحضير. جلس دون كلمة، فقط نظراته تتأمل أوزان من دون حاجة للتبرير.
أوزان (رافعاً حاجبه، بنبرة متفاجئة):
“ماذا تفعل هنا؟… إنه يوم إجازتك.”
جان (برشفة هادئة وابتسامة خفيفة):
“هل المطعم ملكك؟… سأأتي متى أحب.”
أوزان هزّ رأسه، ابتسم بخفة، وعاد لعمله.
أوزان:
” يبدو أنك تبحث عن شجار… لكنني لن أجاريك اليوم.”
جان (بهدوء):
” جبان.”
أوزان (يضحك دون أن يلتفت):
“أفضل أن أكون جباناً… على أن أُطرد بسببك.”
سكت كلاهما. جان يراقب، وأوزان يعمل.
مرّ الوقت دون تغيير في الإيقاع، حتى كسر جان الصمت بصوته المنخفض، كأنّه ينتزع شيئاً من قلبه:
” لقد اشتقت إليه… أريد رؤيته.”
توقفت يد أوزان، والتفت له ببطء، الصدمة ترتسم على وجهه.
أوزان (منخفضاً، متوتراً ):
” جان… بعد كل ما فعله بك؟”
جان (بابتسامة باهتة):
“إنه أخي… لا أستطيع أن أكرهه مهما فعل بي .. انتقامه… كان ردة فعل.”
أوزان (يحاول السيطرة على صوته لكنه يرتفع):
:لن أسمح لك بالعودة هناك.من الجيد أنني لم أعطك المال.”
جان (ينظر إليه بثبات ،أنعقد حاجياه قليلاً وضغط كوب القهوة بكفه):
” أوزان… أنا أستطيع الحصول على المال إن أردت. لكني لم أرد أن أتجاوزك… أو أن أخفي الأمر عنك.”
كأنّ الصدق زاد من ألم أوزان.
أوزان وقد بدأ يقطع الخضار بقوة (بعصبية مكبوتة):
“إذاً لا تفعل… لا تذهب لإسطنبول.”
الوقت يمضي
هدأت حركة الطلبات، وتناقصت الأصوات في المطبخ. الأضواء العلوية عكست ظلالاً طويلة على وجوه العاملين، لكنّ ظلّين فقط كانا مشدودين إلى بعضهما بطريقة مختلفة.
جان لا يزال جالساً، كوب القهوة بين يديه بدأ يبرد، وعيناه لا تبتعدان عن أوزان الذي أنهى لتوّه تزيين أحد الأطباق.
قال جان فجأة، بنبرة حادة خرجت على غير عادته:
جان (بحدة):
“أوزان، لا تقلق… لن يحدث شيء.”
كان أوزان يناول الطبق للنادل، لكنه تجمّد للحظة. التفت إلى جان بسرعة، بعينين يشتعلان بما كتمه طويلاً .
أوزان ( يصك على أسنانه بشدة بعصبية مكبوتة):
“آخر مرة تركتك في المنزل قلت لي: “لن يحدث شيء
وعندما عدت، وجدتك غارقاً في دمائك،
والهاتف يعيد تشغيل فيديو عقد مارت… مرة تلو الأخرى.”
كأن الصدمة ارتدت على جان وصفعته .
قام ببطء من مكانه، نظراته جامدة، ثم قال بصوت منخفض لكنه يحمل شحنة غضب:
جان (غاضباً ):
“اصمت، أوزان.”
تواجهت نظراتهما، صامتة، متصلّبة، كأن كل شيء بينهما عُلّق في الفراغ.
لكن الصوت الحاسم الوحيد الذي اخترق التوتر، جاء من خلفهم:
دانييل (بهدوء معتاد):
“أوزان… انتهت مناوبتك. يمكنك المغادرة.”
تراجع أوزان خطوة دون أن يشيح بنظره عن جان، ثم قال دون كلام، فقط بعينيه: “لن أتركك تُؤذي نفسك مجدداً .”
أما جان، فبقي واقفاً في مكانه… أكثر توتراً مما أراد أن يبدو.
انصرف أوزان إلى الداخل ليغير ثيابه، بينما خرج جان من الباب الخلفي، ووقف متكئاً على الدراجة النارية، ذراعيه معقودتان، رأسه منخفض قليلاً… ينتظر.
دقائق مرت بصمت ثقيل، حتى فُتح الباب مجدداً وخرج أوزان.
وقفا وجهاً لوجه، يتبادلان النظرات لثوانٍ، قبل أن ينكسر الصمت.
أوزان (بهدوء، بصوت يكاد يهمس):
“جان… أرجوك. لم أصدق أنك أخيراً تعافيت.”
أرخى جان ذراعيه، و أسندهما على الدراجة من الجانبين، عيناه على الأرض للحظة، ثم التقتا بعيني أوزان:
جان:
“لا تقلق… أنا بخير.
صدقني… لن أفعل شيئاً.
لن أكلمه… ولن أسمح له حتى أن يراني.
سأراه من بعيد… وأعود.”
أوزان (يحاول التماسك):
“ستنهار مجدداً، جان.
لن تحتمل رؤيته مع إيليف…”
جان (يغلق عينيه للحظة، يتنفس بعمق، ثم يفتحهما):
“أقسم لك … .
لن أؤذي نفسي.
سأعود سليما
أعدك، أوزان.
أنا فقط… أشتاق لرؤيته.”
لحظة صمت… ثم تنهيدة ثقيلة من أوزان، كأنها سحب لآخر خيط مقاومة داخله.
أوزان (بصوت خافت):
“حسناً …”
لكن ستذهب وتعود في نفس اليوم. مفهوم؟
جان (بإيماءة صادقة):
” موافق.”
صعد جان على الدراجة أولاً، ثم تبعه أوزان بصمت.
وفيما انطلقت العجلات على الأسفلت، لم يكن الصمت بينهما هذه المرة خالياً… بل كان ممتلئاً بالوعد، وبالخوف، وبذرة رجاء.
»»»»»»»»»»»»
نيويورك – مطار جون إف كينيدي الدولي – ال٧ مساءاً
صوت العجلات وهي تجرّ على الأرضية اللامعة يختلط بصفير المواعيد، والنداءات المتكررة الآتية من مكبرات الصوت. الهواء مشحون بالحركة، بالحقائب التي تمرّ، بالمسافرين الذين يركضون والوجوه التي تودّع أو تستقبل.
وقف جان بثبات قرب بوابة المغادرة، حقيبة صغيرة على كتفه لا تحتوي سوى جواز سفر وبعض المال. أمامه أوزان، يداه في جيبيه، لكن عينيه لم تنزاحا عن وجه جان لحظة.
أوزان (بقلقٍ خافت):
“تذهب وتعود مباشرة… لا تتأخر.”
جان (بابتسامة مطمئنة):
“لا تقلق. حجزت تذكرة ذهاب… وتذكرة إياب بعد ثلاث ساعات فقط. طائرة أخرى، شركة مختلفة.”
أوزان:
“ولم تستخدم جواز جان… صحيح؟”
بهدوء، أخرج جان جواز السفر من جيبه، رفعه أمام أوزان.
جان:
“سِنان ديمير.”
صمت أوزان لحظة، عيناه تراقبان المارة من حولهما، ثم عاد بنظره نحو جان
، وتحدث بنبرة خافتة يملؤها الغضب المكتوم:
“تعمدت هذا… أليس كذلك؟ حجزت تذكرة لنفسك فقط.”
جان (بابتسامة هادئة):
“أوزان، اهدأ… لم آخذ حتى حقيبة سفر. لا ملابس، لا شيء. سأذهب وأعود بسرعة.”
أوزان (يخفض صوته، لكن عينيه تلمعان بالقلق):
“عد بخير.”
جان (بهمس):
“أعدك… لن ألمس جسدي بأذى،و لا حتى شعرة.”
انطلق النداء الأخير لرحلته عبر المكبرات، كأنه ختم زمني لا يقبل التراجع.
اقترب جان، عانق أوزان بقوة قصيرة، صامته، ثم تنحى… ومضى.
كان يمشي نحو البوابة بخطوات ثابتة، لا تردد فيها.
وأوزان… بقي واقفاً في مكانه، كأن شيئاً ما فُرغ من صدره لتوه، يراقب الظل يبتعد… بلا حقيبة، بلا وداعٍ طويل، فقط بوعد صغير… أن يعود.
»»»»»»»»»»»»»»»»»»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 32"