نيويورك – نادي الملاكمة المحلي – بعد بضعة أيام، في ساعة متأخرة من المساء
الأنوار خافتة، والجدران تهمس بصدى العرق والركلات القديمة.
صوت المكيف يتردد كأنفاس منهكة، وسلاسل الأكياس الثقيلة تتأرجح برنين خافت يشبه دقات قلب نائم.
دخل جان وأوزان بهدوء.
خطواتهما فوق الأرض الإسفنجية أحدثت صريراًخافتاً ، كأن المكان يعترف بعودتهما.
كان أوزان يحمل حقيبة رياضية، بينما جان لم يحمل شيئاً… سوى جسده الذي بدأ، أخيراً، يُعلن صلحاً مع الألم.
أوزان (وهو يفتح الباب الداخلي):
“قلت لك… الوقت مثالي. لا جمهور، ولا شفقة. فقط أنت… وظلك.”
لم يرد جان.
عيناه علقتا على الحلبة في الزاوية.
نفس الحلبة التي كان يقف فوقها شامخاً … قبل أن تنهار كل الأشياء .
اقترب بخطى ثابتة، ثقيلة، لكن ليست مترددة.
توقف أمام كيس اللكم. لم يلمسه… فقط حدّق به طويلاً، كأن بينهما تاريخاً شخصياً .
في الخلف، أخرج أوزان لفافات اليد وبدأ يفكّها بهدوء.
أوزان (وهـو يقترب):
“لا تفكر كثيراً… لفّ يديك، واضرب. نحن هنا لنستعيد الإحساس… لا نعيد التاريخ.”
أخذ جان اللفافات، وبدأ يلفّ معصميه بصمت.
جان (بصوت خافت، بينما يشد القماش):
“عندما عدتُ أول مرة… كل حركة كانت خيانة.
كأني أقول لجسدي: انسَ من كنت.”
أوزان (دون أن يرفع صوته):
“ومن قال إنك ما زلت كما كنت؟
الحلبة لم تتغيّر… لكنك اليوم فيها لأجل نفسك، لا لأجل أي أحد آخر.”
جان بصوت خافت: كنت اتدرب لأحمي مارت…. لأكون درعه
أنهى جان لفّ معصميه، ثم ارتدى القفازات.
تقدّم من الكيس.
لحظة صمت مشدودة.
ثم…
ضربة.
ثم أخرى.
ثم سلسلة… ليست سريعة، لكنها واضحة. عنيدة.
صوت القماش وهو يُضرب بالمطاط يملأ المكان.
صوت صادق، لا يحتاج تفسيراً .
ابتسم أوزان بخفة، وجلس على مقعد خشبي جانبي، يراقبه كمن يرى جزءاً من الماضي يعود حياً.
جان (يتوقف، يلتفت نحوه):
“شكراً… لأنك لم تدعني أختبئ للأبد.”
أوزان (بابتسامة دافئة):
“كنت ستختبئ حتى تنسى من أنت.
وأنا… لن أسمح لك بذلك.”
جان تنفّس بعمق، ثم عاد يضرب.
أوزان (بصوت هادئ، وهو يراقب):
“أول مرة دخلنا نادي ملاكمة… ظننتك ستقتل أحدهم.”
جان (يبتسم نصف ابتسامة، دون أن يتوقف):
“وقتها… كنت أهرب من نفسي.
أما الآن؟ فأبحث عنها.”
أوزان:
“ولهذا السبب أنا هنا.”
الضوء الخافت ينعكس على وجه جان المتعرّق، كأن كل لكمة يقول فيها:
“أنا ما زلت هنا. ما زلت حياً.”
…
باب داخلي يُفتح.
يدخل المدرب، ملامحه جامدة كالمعتاد، لكن عينيه فيها شيء من الدفء.
المدرب (ينظر نحوهما):
“جان… لم أرك منذ أيام.”
جان (يتوقف، يلتفت إليه):
“كنت سأترك النادي… لكن صديقي هذا كان له رأي آخر.”
(ينظر إلى أوزان)
المدرب (بنظرة تقدير):
“من الجيد أن له رأي… مرحباً بك.”
نهض أوزان من على المقعد، صافحه باحترام.
أوزان:
“تشرفت… سيدي.”
المدرب:
“هل سبق أن تدربت؟”
أوزان:
“كنت أرافق جان في اسطنبول … وتدرّبت معه أحياناً .”
المدرب:
“إذاً… انضم له.”
أوزان ينضر لجان بأبتسامة :
“هذا ما سأفعله.”
…
وفي صمت النادي، تلاقت قبضتان على كيسٍ قديم.
لكمتان مختلفتان… لكن الهدف واحد: أن لا تُهزم الروح، حتى حين يسقط الجسد.
»»»»»»»»»»»
إسطنبول – عيادة الطبيب – صباح هادئ
ساد الصمت أرجاء العيادة، إلا من همسات جهاز التكييف ورائحة المعقّمات التي تملأ المكان. جلست إيليف على أحد المقاعد تنتظر، يداها تستقران على بطنها، وعيناها تتابعان عقارب الساعة كأنّها تخشى من مرور الزمن.
إلى جوارها جلس مارت، صامتاً كعادته، يداه متشابكتان في حضنه، ونظرته معلّقة بالأرض.
انفتح باب الطبيب أخيراً، وظهر وجهه المألوف بابتسامة هادئة.
الطبيب:
“تفضّلي يا سيدة إيليف.”
نهضت إيليف بتروٍ، وسارع مارت إلى مساعدتها، يمدّ يده لها دون تردد، ثم سار إلى جوارها بخطوات ثابتة وهادئة.
دخل الاثنان غرفة الفحص، وتمددت إيليف على السرير. أمسك الطبيب بجهاز السونار، وما إن بدأ الفحص حتى ارتفع صوت نبضٍ منتظم… قويّ، ثابت… كأنّ قلباً صغيراً يقرع الأمل في الفراغ.
الطبيب (بصوت مطمئن):
“كل شيء على ما يرام. الجنين ينمو بصورة سليمة، ونبضه ممتاز.”
أغمضت إيليف عينيها للحظة، تحبس دمعة ثقيلة كادت تنفلت، بينما قال مارت بنبرة خافتة:
مارت:
“نبضه قوي… تماماً كما كان جان.”
لم تجبه، بل بقيت عيناها معلّقتين على الشاشة، حيث تنعكس صورة رمادية لجنين لم يرَ النور بعد، لكنه أصبح مركز عالمها بأكمله.
إيليف (بهمسٍ خافت):
“لو كان جان هنا… لما ترك يدي لحظة.”
مارت (وهو يحدّق في الشاشة):
“لكنه ليس هنا… وأنا لن أترك يدك، ما دمتِ بحاجة إلى الثبات.”
غادر الطبيب الغرفة بعد أن قدّم ملاحظاته الأخيرة، تاركاً وراءه سكوناً فيه شيء من الامتنان، وشيء من الثقل الذي لم يُفصح عنه أحد.
ساد الصمت مجدداً، لكنّه لم يكن خالياً، بل مشحوناً بما لا يُقال. مارت بنبرة دافئة:
“أنا هنا، لا كزوج… بل كأخٍ لهذا القلب الصغير، وكصديقٍ لك. … نحن فقط نُكمل الطريق، كي لا يسقط أحدنا.”
نهضت إيليف ببطء، فأسرع مارت إلى إسنادها، ممسكاً بيدها بحنانٍ لا يتعدّى حدوده.
إيليف (بنظرة قلقة):
“مارت… لا تبدو بخير في الآونة الأخيرة.”
مارت (يبتسم محاولاً طمأنتها):أنا بخير… فقط اعتني بنفسك، وبجان الصغير … .”
أومأت إيليف بصمت، ثم غادرا العيادة معاً، يتقاسمان الحمل ذاته، وإن اختلفت أسبابه.
»»»»»»»»»»»
مضت الأيام، وجان لا يزال يكافح للنهوض من كبوته، محاولاً العودة إلى الحياة التي كانت يوماً ملكه. أما أوزان، فقد كان يشعر بسعادة خفية وهو يرى صديقه يتحسن يوماً بعد يوم، ويتفاعل تدريجياً مع من حوله في المطعم، كأنّ الظلمة تتلاشى رويداً رويداً من عالمه.
في إسطنبول، ظل الجد يصر على البحث عن جان، غير أن محاولاته للتواصل مع مارت توقفت فجأة. استقر اليأس في قلبه، وشعر كما لو أنّه خسر مارت إلى الأبد.
أما مارت، فغدا معزولاً تماماً عن الجميع. كانت الكوابيس تلاحقه بلا هوادة، تحاوطه بظلال الحقد والكراهية، حتى على نفسه. أحتقر صمته حين كان يرى الجميع يعاملون أخاه بقسوة، وهو لم يستطع أن يفعل شيئاً.
“يحمل في داخله ذنباً ثقيلاً : موت أخيه. لا يكفّ عقله عن الهمس بأنه السبب… بأنه القاتل. كلمة “قاتل” تتردد في أذنه كشبحٍ لا يراه أحد سواه، لكنها تسكنه… تؤلمه… وتفتك بما تبقى منه.
لكن شيئاً واحداً فقط كان يمنحه سبباً للبقاء واقفاً : إيليف… وطفلها الذي لم يولد بعد، كان يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يتماسك أمامها، محاولةً تعويض أخيه من خلالها.
أما إيليف، فكانت تحاول أن تبدو صامدة، لكنها كانت هشة تماماً في داخلها، تسبح في بحر من المشاعر المتضاربة والقلق العميق على مستقبل الجنين وحياتها.
نيويورك – النادي – منتصف الليل
أنهى جان بعض تمارينه ،جلده يتلألأ بالعرق، وعضلاته متوترة من التعب والإصرار. جلس على المسطبة، أنفاسه متقطعة، ورفع زجاجة الماء ليشرب
خطوات خفيفة اقتربت خلفه، ثم-ضربة خفيفة على رأسه من أوزان أفلتت الزجاجة وسكبت الماء على ملابسه
جان (بغضب):
“اللعنة عليك، أوزان! لقد بللتني! متى ستتوقف عن هذه العادة السخيفة؟”
أوزان (بعتاب):
“لماذا تركتني نائماً؟”
جان (بجدية):
“كنت تغطّ في نوم عميق… بدا عليك الإرهاق، لذا لم أوقظك.”
أوزان (ضاحكاً ):
“لديك عذر دائماً.”
ينظر جان إلى المدرب خلف أوزان ويشير له بعينيه، لكن أوزان لا يفهم.
يأتي صوت المدرب من الخلف:
“أوزان!”
أوزان (بارتباك):
“نعم، أيها المدرب؟”
المدرب (بصوت صارم):
“أتيت متأخراً، وفوق هذا تثرثر.”
أوزان:
“أجل…”
المدرب:
“ابدأ بتمارين الإحماء فوراً.”
أوزان:
“حاضر.”
يلتفت إلى جان، الذي يحاول كتم ضحكته ،يشيح بنظره بعيداً وهو يقرّب زجاجة الماء لفمه.
يقترب منه أوزان ويهمس:
أوزان:
“توقّف عن الضحك، أيها…”
ثم يضرب بطرف يده زجاجة الماء مجدداً .
يغصّ جان بالماء ويسعل بشدة
جان ( بسعال متقطع):
“تباً لك! …. فقط دعني أشرب بسلام!”
يستمر بالسعال، بينما يضحك أوزان بخفة:
أوزان:
“تستحق ذلك.”
في ذلك الضحك الصغير، بين السعال والماء المنسكب، كانت بذور الحياة تُزرع من جديد… على أرضٍ لم تنسَ طعم الألم
.”
»»»»»»»»»»»»»»
إسطنبول – حي بشكتاش – شقة ساردار – الساعة 6 فجراً
نهض ساردار على صوت طرقات على باب شقته.
فتح الباب وتمتم، وقد بدا عليه الذهول:
“جدي…؟”
دخل الجد دون أن ينبس بكلمة، وعلى وجهه ملامح حيرة عميقة، ثم جلس على الكنبة بصمت.
امتثل ساردار فوراً، وجلس أمامه، يحدّق إليه باهتمام وحذر.
مرت لحظات من السكون، قبل أن يتنهد الجد بعمق، ويكسر الصمت:
الجد:
“ساردار… مارت ليس بخير.
أنت تعلم أنه قاطعني ولا يكلمني…
لكنك قريب منه… يجب أن تساعده.
لا أريده أن يكلمني، لا بأس… فقط ليكن بخير.”
نظر إليه ساردار، بعينين امتزج فيهما الحزن والخذلان:
ساردار:
“مارت لا يتحدث معي أيضاً، جدي.
حاولت، والله حاولت… لكنه صدّني وقال إنه لا يثق بي.”
ثم أنزل عينيه للحظة، قبل أن يتابع بصوت متهدج:
“قال: إذا كان جدي طعنني… فكيف أثق بالباقين؟
لقد جُرح منك بشدة… لأنه أحبك بشدة.”
نزلت دمعة صامتة من عين الجد، مسحها بسرعة بكفّه.
تجمد ساردار في مكانه…
في حياته كلها، لم يرَ دمعة من هذا الرجل.
لطالما كان الجد قوياً، صارماً، لا يهتز…
لكن تلك الدمعة، كسرت شيئاً في داخله.
الجد:
“والحل؟ …هل سيبقى هكذا؟”
ساردار:
“هو لم يقاطع إيليف، جدي…
لا يزال يعاملها كأنها أميرة.
لدي أمل… عندما تلد طفلهما، سوف يتحسن.”
نظر إليه الجد بصمت، ثم قال بهدوء:
“أتمنى ذلك.”
»»»»»»»»»»»
بعد بضعة أيام
نيويورك – مانهاتن – خارج المطعم – مساءً
وقف جان على الرصيف قرب الباب الخلفي للمطعم، يده في جيبه وعيناه تراقبان المارة بفتور. بعد دقائق، خرج أوزان وهو يلوّح ببضع ورقات نقدية من فئة المئة دولار، والابتسامة تملأ وجهه.
أوزان (رافعاً النقود):
“حصلت على مكافأة… ما رأيك بعشاء فخم في مطعم خمس نجوم؟”
جان (بدأ يمشي أمامه):
“لا… دعنا نأكل في مطعم وجبات سريعة.”
أوزان (يمشي خلفه بخفة):
“هممم… وماذا تريد أن تأكل؟”
جان (بابتسامة خفيفة):
“همبرغر… مع أصابع فنكر، وبيبسي كبير.”
أوزان (مستغرباً ):
“والتمارين؟!”
جان (بهدوء):
“لن نذهب إلى النادي الليلة… نأخذ استراحة.”
أوزان (بابتسامة مستسلمة):
“حسناً … الليلة أنت القائد.”
»»»»»»»»»»»
نيويورك – داخل مطعم وجبات سريعة – مساء
وضع النادل صينية الطعام أمامهما، ثم نظر إلى الطاولة باستغراب.
أمام جان كانت هناك وجبتان من البرغر، أصابع فنكر، وبيبسي كبير.
أما أوزان، فقد اكتفى بطبق سلطة سيزر متواضع.
رمق جان طعام صديقه باستغراب، ثم التقط أول لقمة من البرغر، يمضغها بهدوء، قبل أن ينظر إلى أوزان بنبرة جادة:
جان:
“طباخ السم لا يأكله؟”
غصّ أوزان بالمفاجأة، وسعل قليلاً إقبل أن ينفجر ضاحكاً .
أوزان (مشيراً إلى طبقه):
“هذا أكل صحي، يا سيد التغذية العكسية.”
جان (ببرود ساخر):
“إنها سلطة… مقبّلات.”
ثم رفع البرغر ببطء، يشمّه، ويتكلم كأنه يروّج لإعلان مغرٍ:
جان:
“رائحته شهية… ويبدو لذيذاً جداً… أعتقد أن طعمه لا يُقاوم.”
أنزل أوزان الملعقة، تنهد، وحدّق به بتعب.
أوزان:
“ما الذي تريده، جان؟”
جان:
“تناول البرغر معي.”
أوزان:
“ولهذا طلبت اثنين؟”
جان:
“بالضبط. يجب أن نتناول نفس الطعام.”
أوزان:
“هذا عندما نكون في المنزل… أما هنا، فكلٌ يختار حسب ذوقه.”
جان (بمكر):
“هل تتوقع مني أن أصدق أنك تحب السلطة فجأة؟”
تنهّد أوزان باستسلام، ثم مدّ يده نحو البرغر:
أوزان:
“حسناً، سأكله… فقط كف عن هذا العرض المسرحي.”
ضحك جان بخفة، وهو يراقبه يأخذ أول قضمة:
جان:
“كان عليك أن تأخذه منذ البداية.”
»»»›»»»»»»»»»»»»»»
إسطنبول – منزل عائلة آصلان – غرفة الطفل الجديد – الظهيرة
كانت الشمس تتسلل من نافذة الغرفة، تلقي بظلال ناعمة فوق الجدران المزينة برسومات طفولية: غيوم، ونجوم، وبالونات بألوان هادئة.
وقفت إيليف أمام الخزانة الصغيرة، ترتّب ملابس الطفل بدقة…
بينما كان مارت يجثو على الأرض، يحاول تركيب قطعة من سرير الطفل، متجاهلًا كتيب التعليمات.
إيليف (وهي تطوي قميصاً صغيراً بابتسامة):
“أظنّ هذا القميص سيصبح صغيراً عليه بعد أسبوعين فقط.”
مارت (من دون أن يرفع رأسه):
“الأطفال يكبرون بسرعة… أسرع مما نتخيل.”
ساد صمت قصير.
استمر مارت في العمل، لكن يده كانت أبطأ من المعتاد، وكأن ذهنه في مكان آخر.
إيليف (تراقبه بنظرة دافئة):
“لم أرك تحاول تركيب شيء منذ… زمن طويل.”
مارت (بصوت منخفض، وهو يشدّ إحدى البراغي):
“أردتُ أن أفعل شيئاً بيدي… لأجله.”
اقتربت إيليف، وجلست إلى جانبه على الأرض، تنظر إليه بصمت.
مارت:
“سيكون بخير… وسنجهّز له كل شيء.
ربما لن أكون أباً حقيقياً … لكنني لن أكون غائباً .”
إيليف (تضع يدها على يده):
“أنت تفعل أكثر مما تتخيّل، مارت.”
نظر إليها للحظة… كأنّه يريد أن يقول شيئاً، يعترف، ينفجر…
لكنه فقط ابتسم بصعوبة، ثم عاد لتثبيت آخر برغي في السرير.
»»»»»»»»»»
نيويورك – حي كوينز – شقة أوزان – صباحاً
كان الضوء الرمادي الخافت يتسلل من بين الستائر، يعلن عن بداية نهار بارد.
استيقظ أوزان على غير العادة قبل المنبه.
جلس على طرف سريره، يمرر يده في شعره، ثم نهض بخطوات هادئة نحو غرفة الجلوس.
رأى جان نائماً على الكنبة، رأسه مائل إلى جانب واحد، وغطاء خفيف ينسدل عن ساقيه.
على الطاولة أمامه، وُضعت مجلة مطوية بعناية… وكأنّ أحدهم كان يقرأها بتركيز.
اقترب أوزان بهدوء، التقط المجلة، فتحها.
بعض الإعلانات كانت محددة بدائرة قلم حبر أزرق.
وظائف متنوعة: مطاعم، متاجر، مساعد إداري…
حدّق أوزان في الصفحات، ثم نظر إلى جان.
ملامحه كانت هادئة، لكن تحتها شيء تغيّر.
أوزان (في نفسه، بشرود):
هل يبحث عن عمل…؟
لم يقل شيئاً.
أعاد المجلة إلى مكانها تماماً كما كانت، ثم غطى جان بالبطانية.
فتح جان عينيه: “صباح الخير.”
أوزان:
“صباح الخير… هل ستأتي معي للمطعم؟”
جان:
لا …ربما ألحق بك لاحقاً …””
أوزان وهو يتحرك نحو المطبخ، يخطو بخفّة على أرضية الخشب حتى لا يوقظه تماماً:
أوزان: “حسناً… سأعد الغداء لك. عندما تجوع، سخّنه بالمايكروويف.”
جان (متوجهاً إلى الحمام): “لا داعي، أوزان… اذهب أنت إلى عملك، أنا سأتدبر أمري.”
أوزان (بضحكة خفيفة وهو يفتح باب الثلاجة):
“أنت لا تعرف حتى كيف تسلق بيضة.”
جان (واقف عند الباب، يده على المقبض): “سأتناول شطيرة جبن.”
أوزان يخرج بعض الخضروات، يضعها على الطاولة الخشبية الصغيرة، صوته يتحوّل إلى الجدية:
أوزان: “ما بك، جان؟”
جان (يضغط على مقبض الباب): “لا شيء… فقط لا أريد أن أتعبك أكثر.”
أوزان يمد يده إلى السكين ويبدأ بتقطيع الطماطم، ينظر إليه :
أوزان: “أنا لم أشكُ لك.”
جان: “ولن أنتظر شكواك.”
أوزان يضع السكين على اللوح، يلتفت نحوه، صوته ثابت:
أوزان: “فقط توقف، جان… توقف عن التصرف بهذه الطريقة.”
جان (يتقدم خطوة نحوه): “أنت توقف، أوزان… إلى متى ستبقى تعتني بي كأنني طفل؟”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 28"