جلس جان على أحد مقاعد الانتظار الباردة، مسنداً ظهره إلى الجدار الزجاجي، وعيناه معلّقتان بقدمه اليسرى التي لا تزال مجبّرة، والساق ممدودة قليلاً إلى الأمام.
بين يديه، كانت ضمادة أخرى تقيّد معصمه الأيسر، يمرر أصابعه الأخرى فوقها برفق، كأنّه يراجع الألم، أو يستعيد شيئاً مما لم يُقل. الضوء الفجري الرمادي ينسكب من زجاج المطار، يغمر ملامحه الهزيلة، كأنّه يُعلن ولادة يومٍ جديد… لا يعرف اسمه بعد.
اقترب أوزان بخطى ثابتة، يحمل كوبين من القهوة الساخنة، ووجهه مشدود بعناية رغم ما يخفيه من قلق.
أوزان (بصوت خافت وهو يقدّم له الكوب) “سيتحرّكون إلى البوابة بعد قليل. تذكّر… من الآن، اسمك سنان ديمير. لا تتردّد، لا تتلعثم.”
أخذ جان الكوب بصمت، لكن عينيه ظلّتا معلّقتين بضماد معصمه. ردد أوزان : جان؟!! رفع رأسه ونظر إلى أوزان، وصوته خرج هادئاً، خالياً من أي مقاومة
جان “فهمت.”
لم تكن نبرة موافقة… بل استسلام.
جلس أوزان إلى جواره، لم يتكلّم، فقط نظر إلى المدى الرمادي الممتد خلف الزجاج. الطائرات تلمع في البعيد، وأصوات النداءات تتردد بنغمة آلية، كأنّ العالم بأسره يهمس لهما: “ارحلا.”
بعد لحظات، وضع أوزان كوبه جانباً، ثم التفت إليه وسأله بلطفٍ حذر
أوزان “هل تحتاج إلى مساعدة؟”
أومأ جان بصمت، ثم قال دون أن يلتفت “فقط حين أقف.”
نهض أوزان أولاً، ثم مدّ له يده. مدّ جان يده الأخرى، تلك المغطاة بالضماد… كانت حركته بطيئة، مترددة، كأن اللمس نفسه مؤلم.
تشابكت أصابعهما، وساعده أوزان على الوقوف. تأرجح جان قليلاً، متكئاً على قدمه السليمة، أنفاسه ثقيلة.
وبصوت بالكاد سُمع، قال “وداعاً… اسطنبول .”
ثم سارا معًا نحو البوابة. لم يحمل جان شيئاً من الأمتعة، لكنّه كان يُجرّ خلفه وزناً من الصمت… لا تقيسه الحقائب.
»»»»»»»»»»»»»
«بعد غيابٍ دام شهراً، عادت الحياة لتدور في القصر كما أراد لها الجد… أو كما ظن.»
مساءاً قصر العائلة دخل مارت اولاً وهو يجرّ حقيبتي السفر، ثم تبعته إيليف بخطى متعبة، يدها تستند للحائط للحظة، ملامحها شاحبة، وعيناها غارقتان بالإرهاق.
مارت (بصوت منخفض وهو يلتفت إليها) “هل تريدين الصعود فوراً؟”
إيليف (بابتسامة باهتة) “سأستريح دقيقة فقط… ثم نصعد.”
يُفتح باب الصالة وتظهر الخادمة، خلفها يدخل الجد بخطوات هادئة، يراقبهما بنظرة متفحصة.
:الجد (بصوته الواثق المعتاد) “مرحباً بعودتكما… أرجو أن يكون شهر العسل قد أعاد إليكما بعض الاتزان.”
اقترب مارت منه مصافحاً أياه، لكن الجد لم يكن ينظر إليه، بل نحو إيليف التي بدت متعبة ويداها تتحسس بطنها بلطفٍ لا واعٍ.
الجد (بصوت منخفض لكنه مباشر) “إيليف… ما بكِ؟ هل أنتِ مريضة؟”
لم ترد، فقط خفضت عينيها.
مارت (بهدوء وهو ينظر إلى إيليف ثم للجد) “هي ليست مريضة… فقط تحتاج إلى الراحة.”
الجد (بتوجّس، ثم بلهجة أقرب للتيقّن) “هل هذا يعني…؟”
سكت لحظة، ثم أكمل بصوت أخفض “هل تنتظران مولوداً؟”
ساد صمت قصير. رفع مارت عينيه بثبات، وأومأ دون أن يخوض في التفاصيل “نعم، هناك طفل في الطريق.”
اتّسعت عينا الجد، وبدا عليه لأول مرة شيء من الرضا، حتى أن ابتسامة قصيرة مرت على فمه
الجد “ممتاز… ممتاز.”
أدار عينيه نحو إيليف، وقال بصوت ناعم “اهتمي بنفسكِ جيداً، عائلتنا تكبر.”
رفعت إيليف عينيها نحوه، لم تقل شيئاً، فقط أومأت بخفة، كأنها تتجنّب أي صدام.
أما مارت، فوضع يده خلف ظهرها وأشار بلطف “سأرافقها إلى الغرفة… تبدو مرهقة من الطريق.”
وغادرا ببطء، يعلوهما صمتٌ أكثر صدقاً من أي كلمات، بينما الجد جلس في مكانه… مطمئناً، معتقداً أن كل شيء يسير وفق خططه.
لكن الحقيقة… لم تكن كذلك
»»»»»»»»
نيويورك – كوينز الطابق الرابع – شقة صغيرة
> الشقة ليست فاخرة، لكنها كافية. غرفة المعيشة مفتوحة على مطبخ صغير، تدخلها الإضاءة الطبيعية عبر نافذة تطلّ على الشارع، حيث تصطفّ السيارات بجانب الأرصفة المغطاة بأوراق الخريف الصفراء. الجدران مطلية بلون كريمي هادئ، والأرضية الخشبية المعتنى بها يغطيها في المنتصف بساط داكن اللون. أريكة رمادية بسيطة تواجه طاولة خشبية منخفضة، وعلى الرف الجانبي بضع كتب ومصباح بإضاءة دافئة. المطبخ صغير ومرتب، فيه غلاية كهربائية وآلة قهوة وبعض الأطباق المرتّبة على رف خشبي. غرفتي نوم صغيرتان ، أحدهما غير مرتّبة تمامًا، والبطانية مطوية على عجل. بجوار السرير خزانة صغيرة تعلوها ساعة رقمية وصورة قديمة بحجم الجيب. الحمّام نظيف وضيّق، فيه مرآة دائرية ورف بسيط عليه معجون أسنان وبعض المستلزمات الشخصية. رائحة الشقة مزيج من الصابون، والقهوة الطازجة التي كان أوزان قد أعدّها للتو.
سكب أوزان القهوة في فنجانه وجلس يحتسيها بهدوء. ثم سمع خطوات حذرة تخرج من الغرفة… كان جان.
اقترب جان ببطء، وجلس إلى جانبه على الأريكة، مدّ ساقه قليلاً إلى الأمام، وراح يتحسسها بكف يده.
قال أوزان بصوت ناعم “صباح الخير.”
لم يرد جان، فقط نظر إليه بصمت، ثم أعاد عينيه إلى ساقه.
تابع أوزان “لا تقلق… الألم سيخفّ تدريجياً. لم يمضِ وقت طويل على إزالة الجبيرة.”
أومأ جان بصمت.
نهض أوزان وهو يسأل: “هل أنت جائع؟ هل ترغب في الفطور؟”
أجاب جان بصوت خافت “لا.”
تنهد أوزان قليلاً، ثم قال: “حسناً… الغداء في الثلاجة، سخّنه بالمايكروويف إن شعرت بالجوع.”
توجه إلى الطاولة، أخذ حقيبة ظهره، ثم التفت إليه:
“موعد جلستك اليوم مع الطبيب النفسي… حاول أن تتكلم معه هذه المرة، حسناً؟ ولا تستخدم الباص، خذ سيارة أجرة… لا ترهق نفسك.”
لم يعلّق جان. فقط ظلّ صامتاً.
اقترب أوزان منه، مرر أصابعه في شعره، ثم جلس للحظة على الطاولة المقابلة.
قال بنبرة أهدأ، أكثر قرباً : “جان…”
تكلم جان أخيراً، صوته واهن، بلا مقاومة: “حاضر… سأذهب.”
كان رداً أشبه بالاستسلام.
نهض أوزان بهدوء، واتجه نحو الباب: “سأعود مساءاً… لنتعشَّ معاً.”
ثم غادر
خرج أوزان من الشقة وهو يحمل حقيبة ظهره على كتفه، وخطواته متزنة رغم ثقل المسؤولية التي يثقلها في صدره. نزل إلى الشارع حيث تنبعث روائح الخبز الطازج من المخابز المجاورة، وصوت حركة المدينة يزدحم بالحياة مع بدء الصباح.
وقف على الرصيف ينتظر وصول الحافلة، وبعد قليل ظهر الباص، فصعد وجلس بالقرب من النافذة. وجهه متجه نحو الخارج، عيناه تتابعان الوجوه العابرة على الأرصفة، لكن عقله كان يسبح في بحر من القلق والهموم.
أخرج هاتفه المحمول من حقيبته، وتردد قليلاً قبل أن يضغط على زر الاتصال.
رن الهاتف عدة مرات، ثم جاء صوت الطبيب من الطرف الآخر، نبرة صوته هادئة: “مرحباً يا أوزان، كيف تسير أمور جان هذه الأيام؟”
تنهد أوزان ببطء، وصوته يحمل عبء التعب: “مرحباً دكتور، أردت فقط أن أخبرك أن هذا هو الطبيب الثالث الذي نعيّنه له، ومع ذلك لا يزال جان صامتاً ولم يتحدث مع أي منهم.”
صمت الطبيب للحظة، ثم قال بهدوء وتفهّم: “هذا ليس أمرًا غريباً في حالته. الصمت أحياناً يكون آلية دفاعية. المهم أن نستمر في المحاولة.”
أومأ أوزان رغم أن الطبيب لا يراه، ثم قال بقلق: “أخشى عليه، أشعر أنه يغرق في صمته أكثر من ذي قبل.”
رد الطبيب بنبرة حازمة وملؤها الاطمئنان: “سنواصل دعمه، و أشكرك على إبلاغي. لا تتردد في التواصل معي إذا لاحظت أي تغيّر.”
أنهى أوزان المكالمة، وضع هاتفه جانباً، ثم عاد ينظر من النافذة إلى صخب المدينة التي لا تهدأ، وسط وجوه غريبة وحياة تستمر رغم كل شيء.
بعد وقت قصير، نزل أوزان من الباص أمام واجهة المطعم الكبير في مانهاتن ، حيث التقط أنفاسه قبل أن يدخل الباب الخلفي المخصّص للعاملين. كان في انتظاره الشيف الرئيسي دانييل بابتسامة هادئة:
“صباح الخير، أوزان. هل أنت مستعد ليوم جديد؟”
أومأ أوزان وهو يربط مريول الطهي حول وسطه، ثم توجّه نحو المطبخ حيث بدأت حرارة النار وروائح البهارات تملأ المكان. ابتسم لنفسه وهو يستعد ليوم عمل جديد، مستذكراً أن هذا هو الطريق الذي اختاره، طريق البداية الجديدة
»»»»»»»»
خرج جان من الشقة بخطوات بطيئة، حذرة، كأنه يحمل وزناً غير مرئي على كتفيه. الهواء البارد يعانقه، ومدينة نيويورك المزدحمة تبدأ نهارها بصخبها المعتاد، لكنه بدا منفصلًا عن كل ذلك.
مشى على الرصيف باتجاه العيادة، وكل خطوة تزيد من ثقل كاهله. شوارع الحي لم تكن غريبة، لكن قلبه كان غريباً عن المكان، ينبض ببطء، كأنه يحاول مقاومة الانهيار.
وصل إلى العيادة الواقعة في مبنى صغير، دفع الباب، ودخل إلى غرفة الانتظار. جلس على الكرسي الخشبي الصلب، يحدق في الأرضية بلا هدف، بينما تتابع عيونه حركة الناس داخل العيادة، ينتظر دوره.
بعد دقائق، نادى الطبيب على اسمه بهدوء.
دخل جان غرفة الطبيب، حيث أضاء الضوء الناعم أركان الغرفة الصغيرة. جلس الطبيب على كرسيه، وفتح دفتر ملاحظاته، متحدثاً بنبرة هادئة :
“أهلاً جان، كيف تشعر اليوم؟”
ظل جان صامتاً، عينيه تحاول تفادي نظرات الطبيب.
كرر الطبيب السؤال بصبر: “هل تود أن تخبرني بما يدور في ذهنك؟”
لم ينبس جان ببنت شفة، بقي ساكناً كالصخرة.
نظر الطبيب إليه لثوان، ثم قال برقة: “لا بأس أن تظل صامتاً الآن، لكنني هنا عندما تكون مستعداً للكلام.”
أنهى الطبيب الجلسة بعد دقائق قليلة، وأشار برفق إلى باب الغرفة.
خرج جان من العيادة بنفس الخطوات الحذرة، وكأن الجدران تهمس له بصمتها.
عاد إلى الشارع، حيث صدى المدينة يلتهم صمته، لكن داخله ظل صوتاً خافتاً… يناديه أن يظل صامداً.
لم يعد جان مباشرة إلى الشقة. خرج من محطة المترو، وواصل السير، دون وجهة محددة، حتى قادته خطواته إلى مانهاتن الى الشارع الذي يحفظه جيداً.
توقف على الرصيف المقابل، ورفع عينيه نحو الواجهة الزجاجية النظيفة لمطعم أنيق، يحمل اسماً فرنسياً مكتوباً بخط ذهبي. أبواب زجاجية دوّارة، ومضيف أنيق يقف عند المدخل، يرحّب بالزبائن بابتسامة احترافية. الداخل لا يُرى بوضوح، فالنوافذ مزوّدة بزجاج نصف معتم يعكس السماء.
وقف جان هناك. لم يتحرك. كانت عيناه على الباب، كأنّه ينتظر أحدهم أن يخرج… أو أن يشعر به من الداخل.
في داخله، صوته الصامت يهمس:
كم مرة يجب أن أحاول قبل أن يعترف هو أيضاً أن لا جدوى؟ كم مرة عليّ أن أجرّ قدميّ، وأجلس أمام طبيب لا أملك له شيئاً سوى الصمت؟ أوزان… لماذا ما زلت تحاول؟
شدّ على الورقة في جيبه – عنوان العيادة التي خرج منها – حتى انكمشت بين أصابعه.
أشعر أنّني عبء عليك… عبء لا يزول. أتمنى فقط أن تستسلم. أن تتوقف. أن تراني كما أرى نفسي… هشّاً، محطماً، لا فائدة منه.
رمى نظرة أخيرة نحو الباب… ثم استدار.
غادر دون أن يراه أحد. وهكذا أراده أن يكون. غائباً… لا يطالب بشيء، ولا يُطالَب به أحد
»»»»»»»
أسطنبول -منزا عائلة آصلان – الصالون الداخلي مساءاً- بعد عودة مارت وإيليف من شهر العسل
جلست إيليف على أحد كراسي الصالون الوثيرة، يداها تستقران فوق بطنها بخفة، وكأنها تحاول احتضان ما لم تستوعبه بعد. كان الصمت يلف الغرفة، لا يقطعه سوى صوت عقارب الساعة، قبل أن يدخل الجد ومعه والدة إيليف.
أم إيليف تقدّمت نحوها بخطى سريعة، ملامح وجهها تحمل قلقاً لا تحاول إخفاءه.
الأم (بصوت منخفض لكنه شديد): “أخبروني الآن، أهذا صحيح؟ هل أنتما تنتظران طفلاً؟”
رفعت إيليف عينيها ببطء، لم تجب، فقط أومأت إيماءة خفيفة.
الأم (وقد وضعت يدها على جبينها): “يا إلهي… إيليف! كيف تفعلين هذا بنفسك؟ ما زلتِ في سنتك الأخيرة! من الثانوية هل فكرتِ في دراستك؟ في خططك؟ في مستقبلك؟”
صمتت إيليف، لم تجد الكلمات. كل ما في داخلها كان متشابكاً… شعور بالذنب، بالحيرة، وربما… ببعض الندم الذي لم تملك له تفسيراً.
الأم (بغضب مكتوم): “كنت أظن أنكِ أذكى من هذا… الزواج شيء، لكن الحمل؟ بهذه السرعة؟”
قبل أن تتفوه إيليف بأي حرف، جاء صوت الجد من مقعده خلفها، هادئاً لكن نافذاً:
الجد: “كفى، هذا يكفي.”
نظرت الأم نحوه بدهشة ثم قالت : أبي ! ، لكنه تابع بنفس النبرة:
“ما حدث قد حدث، ولن نسمح بأن يتحول الطفل القادم إلى وصمة أو عبء نفسي. دراستها؟ ستُكملها. راحتها؟ سنوفرها.”
ثم التفت إلى إيليف وقال بلطف لا يخلو من الحزم:
“وإذا كانت تحتاج مربية، فسنجلب لها لا واحدة… بل عشرة.”
صمتت الغرفة للحظة. كان صوت الجد أشبه بختم نهائي على النقاش.
نظرت الأم إلى ابنتها، ثم إلى الجد، ثم زفرت تنهيدة طويلة وجلست بصمت. أما إيليف، فحاولت رسم ابتسامة باهتة، لكنها سرعان ما اختفت وهي تطرق برأسها، لا تدري إن كانت مطمئنة… أم خائفة أكثر من ذي قبل. »»»»»»»»»»»»
إسطنبول – مساء فندق صغير في حي الفاتح
دخل مارت بهدوء إلى بهو الفندق، كانت رائحة العطور الثقيلة تملأ المكان، وصوت الموسيقى الكلاسيكية ينساب خافتاً من مكبرات الصوت.
توجه نحو مكتب الاستقبال، حيث كان موظف شاب يراجع بعض الأوراق.
مارت (بصوت هادئ لكن حازم): “مساء الخير. أبحث عن شخص قد يكون نزل هنا منذ أسبوعين تقريبًا. اسمه جان آصلان.”
رفع الموظف عينيه إليه، ثم نظر سريعاً إلى الشاشة أمامه.
الموظف: “اسم العائلة؟”
مارت: “أصلان.”
كتب الاسم بحذر، ثم حرّك رأسه بالنفي بعد ثوانٍ
الموظف: ” عذرًا، لا يوجد لدينا أي سجل باسم جان أصلان.”
مارت (بتردد): “هل أنت متأكد؟ قد يكون استخدم اسماً آخر، أو حجز عن طريق شخص آخر؟”
الموظف: “نعم، تأكدت للتو. لا يوجد نزيل بهذا الاسم أو ما يشابهه خلال الأسابيع الماضية.”
صمت مارت للحظة، كأن شيئًا ما في داخله انهار دون صوت.
مارت (بصوت منخفض، كأنه يحدث نفسه): “…لكنهم قالوا إنه كان هنا.”
نظر إليه الموظف باستغراب، ثم قال بلطف رسمي:
“ربما تحاول في فندق آخر؟ هل تحتاج مساعدة؟”
مارت (وهو يبتسم ابتسامة باهتة): “لا، شكراً.”
استدار وغادر بهدوء، خطواته ثقيلة، وقلبه أكثر ثِقلاً.
في الخارج، وقفت سيارات الأجرة تلمع تحت أضواء الشارع، والهواء البارد يلسع وجهه.
وقف مارت هناك لحظة طويلة، عينيه تحدّقان في المجهول.
“أين أنت، جان؟ هل كنت هنا فعلاً… أم أنني ألاحق شبحاً؟”
أخرج هاتفه من جيبه… حدّق في رقم حفظه عن ظهر قلب، لكنه يعلم أن لا فائدة من الاتصال به.
أعاده إلى جيبه، ثم مضى… و إسطنبول بدت له فجأة… أكبر، وأبعد مما يجب.
»»»»»»»»»»»»»»»»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 19"