أمسكت رأسها النابض بالألم و رمشت بعينيها، لكن السقف بدا لها غريبًا تمامًا.
“بيل ، أين أنا؟”
مدّت يدها لتتناول كوب الماء الذي تضعه عادةً على الطاولة الجانبية، لكن حلقها كان يحترق عطشًا لدرجةٍ مؤلمة.
“مريام، ناوليني بعض الماء.”
لكن مهما نادت، لم يُجبها أحد.
فنهضت بصعوبة وجلست على حافة السرير.
“هاه…”
في الغرفة المظلمة التي لم يُشعل فيها الضوء، كان هناك شخصٌ قريبٌ منها.
وصوتها المبحوح المليء بآثار السُكر خرج متشققًا.
“صـ … صاحب السمو لوكيوس؟”
“نعم، أنا.”
‘لماذا يقف سموّه بجانب السرير؟’
ربما كان هذا … حلمًا.
“هاكِ الماء.”
اقترب منها في الظلام، ووضع الكوب عند شفتيها.
شربت بجنون، ثم جلس هو إلى جانبها.
فمال السرير قليلًا إلى ناحيته، مما جعل جسدها ينحرف نحوه.
“أين نحن؟ لا يبدو كالقصر.”
كانت الغرفة صغيرة، وجدرانها الخشبية لا تشبه القصور المزخرفة بأي حال.
“هذا مكاني السري.”
“لكن … هل يُسمح لي بالمجيء إلى هنا؟”
حتى لو كان حلمًا، لم ترغب فريا أن تتورط في أسرار وليّ العهد.
فحياتها كانت معلقة بخيطٍ رفيع أصلًا.
“لأنكِ أنتِ … فلا بأس.”
‘بدأ مجددًا …’
وضعت يدها على رأسها الدوّار وتحدثت بحذر: “يا صاحب السمو، أعلم أن سؤالي غريبٌ جدًّا، لكن … هل تُحبّني؟”
كانت نظرته إليها مليئة بالدفء وكأنها كنزٌ لا يُقدّر بثمن، ما يجعل أيّ أحدٍ يسيء الفهم.
تساءلت عن ذلك من قبل، لكنه هذه المرة أجاب بطريقةٍ غير متوقعة.
“وأنتِ … كيف ترينني؟”
“أنا؟ لا يحقّ لي أن أُفكّر في سموّك أصلًا.”
كان بينهما نهرٌ لا يمكن عبوره أبدًا.
“لو لم أكن وليَّ العهد؟”
بدا في عينيه إصرارٌ غريب على سماع الإجابة.
“لكن سموّك هو وليّ العهد فعلًا، لذلك لا أستطيع تخيّل غير ذلك.”
“وماذا عن وجهي؟”
كان في جرأته تلك ما يجعلها تراه لطيفًا بطريقةٍ ما.
واستغلت كونها في حلمٍ لتقول ما لم تكن لتجرؤ عليه في الواقع.
“سموّك يشبه القطّ كثيرًا.”
“القط مجددًا؟”
مدّت يدها ولمست شعره.
وكان الإحساس تمامًا كما تخيّلته.
‘هل ستكون أشعة الشمس في الربيع دافئةً هكذا إن أمسكتها بيدي؟’
“يا صاحب السمو، لقد شربتُ الكثير اليوم.”
“قلتُ لكِ ألا تشربي، أليس كذلك؟”
كان صوته يحمل خجلًا غريبًا.
فحبست شعره الذهبي بين أصابعها وقالت: “كان يومًا مؤلمًا جدًّا … لم أستطع إلا أن أشرب. هناك أيامٌ هكذا في الحياة، أليس كذلك؟”
كانت كلماتها متعثّرة من أثر الخمر، لكنها حاولت تبرير فعلها.
“فريا، فريا.”
“عندما تناديني باسمي … أشعر بالسعادة.”
“ومتى أيضًا تشعرين بالسعادة؟”
“عندما تجلب لي شيئًا حلوًا … خصوصًا الكعك.”
تمتمت بصوتٍ حالِمٍ وهي تُغلق عينيها ببطء.
امتلأت الغرفة الصغيرة برائحة الخمر، وظهر على وجنتَي لوكيوس احمرارٌ واضح.
“فريا … أظن أنني سكرتُ أيضًا بسببكِ.”
“هاه؟”
وقبل أن تتمكن من الفهم، انحنى لوكيوس وقبّل شفتيها.
لو لم يكن هذا حلمًا، لما أغمضت عينيها أبدًا.
ارتجفت فريا وهي تشعر بلمس شفتيه الساخنتين.
إنها … حارّة!
كانت شفاهه حارّة كجمرةٍ في موقدٍ مشتعل.
وعندما حاولت الابتعاد، أمسك برقبتها بيده الكبيرة.
“عليكِ أن تتحمّلي مسؤولية سرقة شفتي.”
“سموّك ، أنا لم أفعل شيئًا الآن!”
“في الكهف … أتذكرين؟”
اتّسعت عيناها.
لقد كان يعاني من الحُمّى وقتها، فلا يمكن أن يكون تذكّر!
‘هل يقول هذا فقط لأنه حلم؟’
“أنا لا أعرف شيئًا عن كهف. لم أذهب إلى أيّ كهف.”
بدأت تنكر.
“فريا، أنتِ سيئةٌ جدًّا في الكذب.”
“سموّك، أرجوكم توقفوا. لسنا في علاقةٍ تسمح لنا بهذا الحديث.”
لو عُرف أنّها قبّلت أحد أفراد العائلة المالكة، فقد تُعاقَب بأشدّ العقوبات.
لقد تعلّمت بعد مجيئها إلى القصر كم هو عالمٌ مخيف.
من يُذنب بحقّ الملوك، يُزَجّ به في السجن السفلي إلى الأبد.
‘يجب أن أبتعد عنه … تمامًا.’
هزّت رأسها لتستعيد وعيها، لكن نظرته كانت تزداد عمقًا.
“فريا، أظن أنني لا أستطيع ترككِ بعد الآن.”
“مـ … ماذا تعني؟”
وضعت يدها على فمها، وجسدها يرتجف.
هذا يناقض اتفاقهما تمامًا!
لقد عقدا عقدًا واضحًا:
لمدة عام، تكون فريا موظفةً لديه فقط.
ولهذا السبب كانت تتقمص شخصية “السيدة فريا دوبوا” المضحكة.
“بقي ثلاثة أشهر فقط.”
حين قالتها، شعرت بوخزٍ في صدرها.
ربما كانت تعدّ الأيام دون وعيٍ منها.
‘ليت الزمن يتوقف … أو ليمضِ بسرعةٍ كي أنسى كل شيء.’
لم تعد تعرف ما الذي تريده حقًّا.
‘هل يُعقل أنني لا أفهم قلبي أنا؟’
أرادت أن تنسى دفء حضنه، وابتسامته الخفيفة التي تكسر بروده للحظة.
كرهت قلبها الذي يخفق بجنونٍ عند تلك اللمسات الصغيرة.
‘نعم … هذا حلم فقط.’
أنزلت يدها عن فمها ونظرت إليه بثبات.
“فر …”
“بما أنه حلمي، يحقّ لي أن أفعل ما أريد، أليس كذلك؟”
“فريا، هذا ليس حلمًا.”
“كاذب.”
حتى وإن كانت مخمورة، لم تكن غبية إلى درجة ألا تفرّق بين الواقع والحلم.
مدّت يدها ولمست خده.
لطالما أرادت أن تفعل ذلك.
“لو فعلتِ هذا أكثر … لن أستطيع تمالك نفسي.”
خرج صوته خشنًا كأنه يكتم شيئًا منذ زمن.
لكنها تجاهلت كلامه وتتبعت بيديها ملامحه.
“لو لم تكن وليّ العهد …”
لو كان مثل لوس ، ذاك اليتيم الذي عرفته في الميتم …
“فماذا كان سيحدث؟”
تجنبت الإجابة بسؤالٍ آخر وهي تقترب منه.
ثم احتضنته فجأة، وضمّت رأسه إلى صدرها.
‘يا إلهي …’
خفق قلبها بشدّة تحت تأثير رائحته.
شعرت أنها على وشك البكاء.
لم تكن تعرف أنها تحمل له هذا القدر من المشاعر.
“سموّك …”
“نعم، فريا. قولي ما تشائين.”
كان جسده يرتجف بين ذراعيها.
“أنا … لا أحبّك أبدًا.”
“لا بأس.”
همس بصوتٍ خافتٍ جدًا: “لأنكِ لا تحبينني … ولأن هذا مجرد حلم.”
وضعت كفّيها على خديه، وانخفضت قليلًا حتى التقت عيناهما في الظلام.
“فريا، أنتِ تكرهينني.”
“صحيح.”
تمتمت وهي تحدّق بشفتيه نصف المفتوحتين، ثم طبعت قبلةً خفيفة على وجنته.
لكنها لم تستطع إبعاد عينيها عنه.
“يا صاحب السمو …”
“ناديني لوكيوس.”
“لو …”
لكنها لم تستطع إكمال الكلمة.
وفي تلك اللحظة، غمرها لوكيوس بقبلةٍ جديدة.
***
تسللت أشعةٌ صغيرة من النافذة لتداعب جفنيها.
تقلبت محاولةً الهرب من الضوء، لكن جسدها كان متيبسًا كأنها خاضت معركة.
آه … كأنني تشاجرت، لا كأنني شربت فقط.
كل جزءٍ منها كان يؤلمها، حتى عنقها لا تستطيع تحريكه.
“مريام، لقد استيقظت.”
“منذ البارحة وأنتِ لا تنادين إلا ذلك الاسم.”
“هاه؟!”
تجمدت حين سمعت صوته المنخفض قربها.
لم تنم بجوار أحدٍ منذ أيام الميتم، وحتى حينها كان بسبب ضيق المكان فقط.
‘ما الذي يحدث هنا؟’
التفتت قليلًا، فرأت لوكيوس ممددًا نصف عارٍ بجانبها.
أفاقت من سُكرها تمامًا وارتبكت.
“سـ … سموّك، لماذا أنت هنا؟”
“لأن هذا مكاني، أولًا.”
“لكن … لماذا أنا في مكانك؟!”
فريا، خطوةً بخطوة.
نظرت حولها، فرأت الفراش مبعثرًا والثياب في فوضى.
وكان قميصها الداخلي قد تمدد عند الصدر حتى كاد يكشف ما تحته.
‘ما الذي حدث؟!’
أمسكت بالبطانية بسرعة وغطّت جسدها.
“لماذا … لماذا أنت بلا ملابس؟!”
“أنا أنام هكذا دائمًا.”
قالها ببرودٍ تام.
كان يشعر دومًا بخيبةٍ لأن فريا لا تراه رجلًا، لكن بعد ما حدث البارحة … خفَّ ذلك الشعور قليلًا.
وربما، فقط ربما … بدأت فريا تُكنّ له بعض المشاعر أيضًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 68"