بعد أن استعادها، لم يكن في نيّته أن يتركها مجدّدًا.
“فريا، لا تقلقي بشيء.”
بعد تردّد طويل، حملها لوكيوس بين ذراعيه بلطف، وسار بها إلى غرفته.
“أه …”
تدلّت يدها لتلامس ذراعه، فاشتعلت أذناه حمرة.
حاول أن يحيد ببصره، لكنّه لم يستطع منع عينيه من التعلّق بشفتيها النائمتين.
ذكريات تلك الليلة الماطرة، وذلك اللهيب، أخذت تعود بقوّة.
‘لوكيوس! تمالك نفسك.’
أسرع يهزّ رأسه ليطرد خواطره، ثمّ عبر بها إلى ما وراء الستار الذي يفصل غرفته، مكان لم يسمح لأي امرأة بدخوله من قبل.
“أنتِ الأولى يا فريا.”
همس وهو يضعها على السرير بحذر.
لكنها تقلبت مبتعدة عن حافة السرير وتمتمت: “سأسقط …”
ابتسم مرغمًا، وعدّل وضع جسدها، وأحكم اللحاف عليها حتى ذقنها. ثمّ استدار، لكن زفرة حارّة انفلتت من صدره.
‘كنتُ أظن أنّ استعادة ذكرياتي سيجعل كل شيء سهلًا…’
عاد ليتمدّد بجوارها.
عيناه لم تفارقا ملامحها الغافية.
‘هل ازددتِ طولًا قليلًا منذ ذلك الحين؟’
تذكّر صوتها حين كانت تقول بتفاخر إنّها في الثالثة عشرة.
‘أما أنا فكنتُ قد بلغت السادسة عشرة.’
ذكرى جدال طفولي، حين ثارت ثائرته لأنّها كانت تعاملُه كصغير، عادت لتجعله يبتسم.
‘حتى وأنتِ نائمة … أنتِ الوحيدة القادرة على جعلي أبتسم.’
لكن ابتسامته سرعان ما ذوت.
‘لولا آثار الترياق …’
لكان قد ذهب إلى الميتم فورًا وأخذها.
ثلاث سنوات مضت هباءً، وهذا ما كان يمزّقه من الداخل.
كم من الوقت انتظرته؟
كم قاست وحدها بين أنياب الجحيم؟
كلّما فكّر في ذلك، غلَت دماؤه.
‘لكن لا بأس. ما تبقّى من العمر أكثر.’
حين أقنع نفسه بذلك، هدأ قلبه قليلًا.
‘أنتِ وحدكِ عالمي، يا فريا.’
لطالما كانت كذلك، وهو لم يدرك.
***
في صباح اليوم التالي، استيقظت فريا تشعر بخفّة عجيبة في جسدها.
تمطّت، فتحت ذراعيها، ثمّ شدّت شيئًا ناعمًا بين يديها.
“… ناعم؟”
في خيمة آرتشر، لم تكن تلمس في العادة سوى العظام والثمار الفاسدة.
لكن هذه المرّة … كان الملمس مختلفًا.
انتفضت جالسة فجأة.
“يا إلهي! هذا غير معقول.”
لقد كانت على السرير الذي أقسمت ألّا تنام عليه أبدًا.
“متى وصلتُ إلى هنا؟”
تذكّرت كيف كان آرتشر يسخر من عاداتها في النوم، وقال إنّها تتجوّل أثناء نومها.
‘هل يمكن أنّني تهت نائمة؟’
ارتجفت.
“لا أكون قد فعلت شيئًا مخزيًا …؟”
خيالها رسم لها صورة وهي تطالب لوكيوس بالمزيد من اللحم، أو تثور عليه كما تفعل مع آرتشر.
هزّت رأسها بعنف.
“لا، مستحيل.”
رغم ذلك، ابتلّت ملابسها بالعرق.
أدارت عينيها حولها فرأت أنّ سرير الأمير فارغ.
“عليّ أن أسرع!”
إن تأخرت أكثر، فستلقى توبيخًا شديدًا.
‘ألا تشعرين بالخجل؟ كيف تكونين خادمة وليّ العهد وأنتِ هكذا؟’
كلامه القاسي رنّ في أذنيها.
سارعت بترتيب السريرين وضبطت ملابسها، ثمّ سمعت أصواتًا من خارج الخيمة.
‘هل بدأوا العمل باكرًا؟’
اقتربت من الستار وهي متردّدة.
“هذه المرّة لن يقدر الإمبراطور على الاعتراض.”
“لقد رأى الجميع ما فعله الأمير، وكيف سحق الأعداء في الحدود.”
كان ذلك صوت هيرو و جيميني.
شدّت الستار بخفّة لتسمع أوضح.
“لكن، هناك عقبة أخرى.”
كان صوت لوكيوس هذه المرّة، غريبًا، وكأن فيه نبرة خفيّة من السرور.
“إنها معاملة جائرة، يا سموّك! كيف يفرضون الشروط على وريث شرعي؟”
ثار هيرو في غضب، حتى إنّ جيميني اضطرّ لقرع سيفه بالأرض أكثر من مرّة.
“كفّ عن هذا. لن يفيد الأمير أن تهاجم الإمبراطور.”
“أعرف ذلك لكنني لا أحتمل …”
تجمّدت فريا خلف الستار.
‘إذن وليّ العهد منبوذ في القصر.’
تذكّرت كيف أنّ أحدًا من العائلة الإمبراطورية لم يكلّف نفسه عناء النزول لتكريمه رغم إنجازاته.
‘بل وكاد يموت أكثر من مرّة …’
رأت بعينيها كيف نزف حتى أوشك على الموت.
لكنها سرعان ما هزّت رأسها.
‘لا فائدة من القلق عليهم. عنده هيرو الساحر، وعنده جيميني الفارس. القلق الحقيقي عليّ أنا.’
وقبل أن تنسحب، فُتح الستار فجأة، فاختلّ توازنها وسقطت نحو الأمام.
“أه …!”
قبل أن تهوي، أمسكت بها يد قوية شدّت خصرها ومعصمها.
رفعت عينيها فالتقت مباشرة بعيني لوكيوس.
“التنصّت عادة قبيحة.”
“لم … لم أقصد …”
ارتبكت، وتدفّق الدم إلى وجهها.
لكن أصوات الخارج لم تمهلها.
“فريا! أنتِ هنا؟”
لوّح لها هيرو بسرور.
“أه … أهلا.”
تمتمت متلعثمة، خجلة من انكشاف أمرها.
ثمّ أدركت أنّ لوكيوس ما زال ممسكًا بمعصمها.
“سموّك … يدك.”
لكن قبضته ازدادت إحكامًا.
“ابقي هكذا. سيبدأ النقاش المهم الآن.”
وأومأت دون وعي، لتراه يبتسم ابتسامة مباغتة وهو يرفع يدها المتشابكة معه.
“أودّ أن أعرّفكم على خطيبتي المستقبلية.”
“… ها؟”
دوّى صوت هيرو حتى ارتجّت الخيمة.
حتى جيميني، المعروف بجموده، لم يملك إلا أن يسأل بذهول: “من هي؟”
لوكيوس أطلق ضحكة قصيرة، ثمّ دفع فريا قليلًا إلى الأمام.
الشعر البني الطويل انسدل على كتفيها، وعيناها الخضراوان المرتبكتان تلمعان بالذهول.
“هذه هي. فريا دوبوا”
“…نعم؟”
لم يصدّق أحد ما سمعه.
حدّقت فريا بنفسها، وأشارت بإصبعها المرتعش إلى صدرها.
“سموّك ، تقصد … أنا؟”
“أحسنتِ التوقّع.”
ابتسم راضيًا، فيما هرع هيرو ليقاطع: “لكنها ليست من النبلاء!”
رفع لوكيوس وثيقة مختومة بيده.
“اعتبارًا من اليوم … أصبحت كذلك”
ولم يعد هو ذاك الصبي الذي كان يرتجف خوفًا من محاولات الاغتيال.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 37"