5
الفصل الخامس : إخوة
{كالشمس في كف أحمق ، توهمت أنني أستطيع النظر إليها دائماً ،لكنها احترقت وذابت بين يدي }
وعندما اقتربت بما يكفي، رأت أن من يجلس تحت المظلة ليس أحداً من كبار البلاط، ولا فارساً ولا نبيلًا.
بل كان هو.
ذلك الوجه الذي يحمل ملامحها ذاتها ، لكن بعيون أوسع وابتسامة لم تفسدها الحياة بعد.
اقتربت منه أكثر، فنهض بخفة واقترب بخطواته الواسعة إليها ثم انحنى بلباقة لوصية عرشه…
تبادلت الوصيفتان نظرات الإعجاب وحيّتا ولي عهد المملكة بفخر ،ثم تراجعتا إلى القصر لتمنحاهما لحظة أخوية بعد إشارة ليورڤيل الجادة لهما
ألقت كايينا نظرة مطولة إلى وجهه -المنتظر لرحيل الخادمتين تماماً – مترقبةً التغيير الذي سيطرأ عليه بعد واحد … إثنان وثلا -…
“أخيراً! “
أرخى جسده قليلاً عن وضعيته المشدودة ثم زفر بارتياح وانزل رأسه، ليبتسم فوراً، ابتسامة واسعة مشعة وكأنها الشمس في حديقة رطبة.
‘ ها هو أخي ليورڤيل الحقيقي ….
اللباقة غريبة جداً عندك… ‘
“تعالي، اجلسي. طلبت الكعك قبل مجيئك . لا شيء يحل المشاكل مثل كعك الليمون، أليس كذلك؟
ضاقت عيناها وهي تقترب:
“ما الذي تفعله هنا وحدك؟ ألست في دروسك الآن؟ “
ضحك وجلس بارتخاء :
“هربت، كأي أمير سليم العقل “
“في يوم ما قد أصبح أنا الوصية. تذكر هذا جيداً.”
رفع حاجبيه بشيء من السخرية وهز برأسه :
“حقاً ؟ أتعلمين … هذه محاولة فاشلة لجعلي أكمل دروسي ،وكأنني أستطيع نسيان الأمر ، أيتها الوصية الفخمة.دعيني أذكرك أنني أعرف كل أساليبك “
ثم مال للأمام وهمس وكأنه يخشى أن يسمعه أحد ، رافعاً حاجبه بتعجب درامي :
“هل تنوين الحكم بقسوة إلى أن أبلغ السن القانوني؟”
ردت بجفاف وهي تلتقط قطعة من كعك الليمون :
“طالما أنك تقرأ كتب التاريخ بالمقلوب، ربما…”
وأكملت “حاول فقط ألا تظهر حماساً زائداً “
ضحك بصوت عالٍ، وأزاح قدحاً نحوها :
“تفضلي، الشاي بارد منذ نصف ساعة لكنه ما زال أفضل من لا شيء .”
فكرت بإستهجان في رأسها ‘ لن أشربه ‘
ثم قال مستذكراً فجأة :
“اوه … صحيح ماذا ستفعلين بشأن المبعوثين “
“المبعوثين ؟ “
رمقها بدهشة محذرة ” المبعوثين من الإمبراطورية يا كايينا “
شهقت بصدمة “الإمبراطورية ؟! “
بادلها الاستغراب لكنه كان متفاجئاً من نسيانها لأمر كهذا ، نقر عدة مرات على الطاولة بجدية أثناء حديثه
“تجديد الاتفاقيات ، أكبر الورثة قادمون أيضاً معهم ، كما أن أمر الإشراف على تجهيز مبنى السفارة لامضاء وقتهم هناك قبل العودة متروكٌ لك كايني …”
اكبر ورثة هم ورثة الدوقيات الثلاث و… إيثان ولي العهد .
كانت على وشك السؤال قبل أن يقاطعها بلطف عالماً بما يدور في رأسها
“بقي أسبوع ، يا كايني “
تناولت الكوب بهدوء بين يديها ، وانسدلت خصلة من شعرها على كتفها. شعرت بنوع من السكون غير المعتاد، وكأن وجوده كان يطفئ شيئاً من ضجيج عقلها.
تعلم أنه يحاول مواساتها بطريقة غير مباشرة…
ولو كانت مزعجة كهذه لكن…
إيثان قادم وهذا ما يقلقه ، كايينا كانت بحالة سيئة بعد رؤيته آخر مرة … وهو الذي كان سبب كل ذلك.
لم تستطع إنكار الواقع… وحتى حقيقة أن هذا الرجل تمرد عدة مرات على الإمبراطورية كارهاً إيثان ،لكنه لم يظهر ذلك ولا لمرة واحدة
و لم يظهر حتى حزنه الدائم على اخته وأبقى الألم عالقاً في قلبه
وعندما كان يعمل معهم مرة- على مضض- اكتشف حقيقة موتها …
أدرك المؤامرة الكبيرة على تلك البريئة ، ولم يحتمل الحقيقة…
‘هو من حاول وحده أن يصدقها … حين استسلم الجميع للتهمة ‘
في الكتاب … قيل أنه ذكر في السجلات محاولة إغتيال إيثان المفاجئة من قبل الملك ليورڤيل ، بعد أيام من عمله معهم
و قد أعرب مساعد إيثان عن دهشته العميقة، لا من جرأة الفعل ، ولا لعدم إرسال مغتالين أو حتى افتقاده لأبسط أساليب التخفي … بل لأنه قام بمحاولته أثناء الإجتماع … أمام شهود ،وبيديه!
فقد سُمع صوت صراخ حانق من الغرفة ودخل المساعد على عجل ورأى الإمبراطور يتكئ على الأريكة ، ووجهه شاحب ، مصاباً في كتفه والخنجر مغروس في جانب جذعه
‘ ياليته مات فقط بعد ذلك … ‘
وليورڤيل الذي طرح أرضا بقسوة وثبت من الدوقين الشابين شييل وكالب و يصرخ بحنق و يصب جام غضبه وانفعاله مع دموعه المقهورة بينما يلقي سيلاً من الشتائم على إيثان المصاب وهو يحاول الفكاك بكل ما أوتي من عناد
لم يستغرق الأمر لدى المساعد ثوانٍ حتى أدرك أنها محاولة فاشلة لإصابة قلب إيثان
“اعترف !!!”
صرخ بها كأنه يشق الجدران
” بأي ذنب ؟ أيها الكاااذب !”
كانت الكلمات تخرج منه كأنها ممزقة من قلبه … روحه تتكسر وصوته اختنق ، وعيناه تشتعلان كأنها لا ترى أحداً سواه حتى آخر لحظة
أُعدم ليورڤيل بعد ذلك ، وانتشرت معلومة في يوم إعدامه أو بالأحرى… الحقيقة
كشفَ -قبل محاولته لاغتيال إيثان -للعديد من النبلاء كذبة خيانة كايينا
رغم أن مملكة ڤالورا ضُمت إلى الإمبراطورية وأصبحت من أراضيها إلا أن شعبها بأكمله كانوا أكثر من شارك في عملية الإنقلاب على إيثان
لم يكن ليورڤيل أول من أشعل رغبة الإنقلاب ، لكنه حرك شعبه بأكمله في ذلك الوقت فولاء شعب ڤالورا وفخرهم عميق للغاية ولن يهون قتل المَلِكان عليهم أو حتى ضمهم إلى قاتلهما
أوقف ليورڤيل سلسلة أفكارها ، بعدما بقي يتأملها في فترة تفكيرها:
“زرتكِ … قبل أيام… أنا وأمي”
أكمل ساخراً
” لكنك كنتِ في سباتٍ ملكي بالكاد تتنفسين.”
رفعت حاجبها، ولم تجبه مباشرة.
” فعدتُ اليوم لأراك. لا داعي للامتنان، أعلم أنني أمير مثالي.”
قال الجملة الأخيرة بنبرة ساخرة، وهو يعبث بالبروش على صدره قبل أن يأخذ لقمة أخرى من كعكته
نظرت إليه مطولاً، ثم همست:
“سبات ملكي؟”
‘أتُجمِّل الإهانة يا هذا ؟!’
أومأ ملوحاً بشكوته وهو يمضغ ما في فمه بعناية قبل أن يجيب
“نعم، كنتِ نائمة . لم أستطع إيقاظك حتى لو صرخت في أذنك… لكن أمي منعتني طبعاً .”
رمقته بنظرة جانبية، وقالت بجفاف
“وهل تعتقد أن هذه زيارة تعويضية؟”
رفع حاجبيه، ثم شبك ذراعيه وتظاهر بالتفكير
“ممم… لنقل أنها زيارة طارئة بعد تحسن حالتك. لا أحد يحب أن يعود القصر كئيباً، أليس كذلك؟”
هز كتفيه باستلام و أردف
“بما أنني لست في حالة يمكن فيها إظهار طبيعتي”
صمتت لحظة… نظرت إليه طويلاً، ثم قالت بتهكم خفيف:
“كم عمرك الآن؟ خمسة عشر أم ستة عشر؟”
“ستة عشر، لكني أكثر نضجاً من نصف المجلس مجتمعين.”
“وقليلٌ من التواضع لن يقتلك.”
ابتسم ناظرا لعينيها وهو يشير إلى كوبها باستهزاء
“لو كان التواضع دواءً، لكانوا وضعوه في كأس شايكِ ذاك.”
نظرت إلى الكوب الذي أمامها وضحكت رغماً عنها، ثم نظرت إليه نظرة أكثر دفئاً
“ليو…”
قالت بصوت منخفض هذه المرة، دون حدة.بل كانت ممتنة لكل لحظة كان هو يدعمها فيها
نظر إليها بدهشة خفيفة.
“نعم؟”
“شكراً على مجيئك… حتى في لو أسوأ توقيت ممكن.”
صمت مفكراً بجواب ملائم ، وقد بدأ توتره واضحاً من كلماتها ، حتى أجاب مازحاً
“كان يمكن أن أبعث برسالة، لكني خشيت أن تضيع في أكوام أوراقكِ الرسمية.”
تنهدت ، وقد راوغ على إجابته كعادته ، ثم أجابت وهي تجاريه
“لم أفتح الرسائل منذ أسبوع على الأقل… ربما كنت سأجدها بعد وفاتك بسنين.”
رد مبتسماً وهو يعقد ذراعيه أمام صدره “أرأيت ؟ لهذا جئتُ بنفسي .”
ثم أكملا حديثهما بشؤون أخرى حتى قدمت الوصيفتان للسؤال إن كان هناك ما يريدانه غير الشاي وقد توضح لكايينا أنه قد طلب شاياً آخر سابقاً
عدلت وشاحها الحريري الأبيض ورتبت أطرافه، بينما أخذ ليورڤيل من الوصيفة إبريق الشاي وتحوّل فجأة من ذاك الفتى الساخر إلى شاب يافع بنبرة صوت أرستقراطية
انحنت الوصيفة فوراً، وغادرت بخطى هادئة، بينما رمقته كايينا بنظرة جانبية.
“أوه… الأمير المهذب عاد.”
قال بابتسامة جانبية وهو ويصب لها الشاي بيداه اللتان ستحملان الخنجر انتقاماً لها :
“طبعاً ، عليّ أن أحافظ على صورة العائلة الملكية، أليس هذا واجبي ؟”
“غريب، لأنك منذ دقيقة كنت تتحدث عن شيء مشابه لتحويل القصر إلى صالة ألعاب.”
“ذلك كان في عالم موازٍ حيث لا توجد شائعات .”
نقرت على لسانها بسخرية
“لو يعرف الشعب ما تخفيه خلف تلك البسمة المتزنة… لرموك بالتاج وأغلقوا القصر عليك.”
قال غامزا
“بالطبع لن أفعل…” ثم صمت قليلاً وأضاف بابتسامه حزينة :
“ليس قبل أن أتأكد أن أختي الكبيرة ستبقى هنا دائماً.”
توقفت يدها عن رفع الكوب، ونظرت إليه بهدوء.
“ماذا تقصد “
” بدأت أخشى أبقى وحدي مع أمّنا فقط !”
رفعت حاجباً واحداً بسخرية ليلوح بكلتا يديه باحتجاج :
“كنتُ قلقاً ! أمي جعلتني أصدق أنك في طريقك إلى لقاء الأسلاف.!!”
“يا ليو…”
رد ببراءة “نعم؟”
“…اخرس.”
نهض بضيق مصطنع وقال بدرامية قبل أن يغادر
“كما تأمرين، صاحبة السمو…”
صاحت خلفه دون أن تنهض
“لا تعد مجدداً !”
لوّح لها دون أن يلتفت.
حدقت بظهره وشعرت بامتنان كبير ،لكنها لم تستطع كتم الابتسامة الصغيرة التي انسلت على زاوية شفتها
لم ينه شايه معي بعد …
“ياله من مزعج…”
وياله من سند لا يعترف بالانسحاب
****
( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنينَ )
-
سُبحان اللّٰه
-
الحَمد للّٰه
-
لا إله إلا اللّٰه
-
اللّٰه أكبر
-
أستغفِرُ اللّٰه
-
لا حَول ولا قوة إلا باللّٰه
-
سُبحان اللّٰه وبحمده
-
سُبحان اللّٰه العظيم
-
اللهُمَ صَلِّ وَ سَلِّمْ وَ بَارِك على نبينا مُحمد
لا تنسوا الدعاء لإخواننا وأخواتنا في فلسطين 🍉✊
*الكاتبة :
انا آسفة جداً على التأخير 😔
بطريقة ما ، نقلت النص لكن بصعوبة
وبتمنى تتقبلوا قصر الفصل والتمطيط الحالي وتتفهوا التأخير
( الأفكار عم تزيد على الرواية والشي مفاجئ وما كنت متوقعته… لهيك عم اطور اكتر واعمق القصة بشكل أفضل )
رح اقدم تحفيز/تلميح يلي بدكم
” وفي كلا حياة الفتاتين في هذا الجسد لاتزالان عالقتين بين ذات النارين و حتى لو ظنت احداهن أنها غيرت شيئاً… فالدمار سيلاحقهما أينما ذهبتا “
من كايينا … همم. لا ، سأدعوها كايني كما يفعل المقربون منها… أشكركم من القلب (╥﹏╥)♡♡
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 7 - حفلة منذ 3 أيام
- 6 - وفد 2025-06-24
- 5 - إخوة 2025-06-20
- 4 - رسالة 2025-06-15
- 3 - خاتم الأكوامارين 2025-06-09
- 2 - هل ابتلعني التاريخ إذاً ؟! 2025-06-05
- 1 - الظلام 2025-06-03
التعليقات لهذا الفصل " 5"