“بما أنّكما تتعلّمان الرقص لأوّل مرّة، فمن الصعب أن تُظهرا أداءً كاملًا في الحفل مهما اجتهدتما. ولهذا على الشريكين أن يعرفا مواضع النقص في الآخر كي يكمّله.”
“لكن…….”
“هيّا! لا وقت نهدره في الأحاديث! قِفوا أمام شركائكم وانحنوا للتحيّة!”
مع تصفيق ماركيزة ليسير، اعتدلتُ واقفةً بجوار الآنسة فانيسا.
وبعد لحظات وقف أمامنا كلٌّ من الدوق وإيان، تاركين مسافة محدّدة.
وبينما كنتُ أقبض على أطراف ثوبي الطويل غير المعتاد عليّ، انحنيتُ بخجل تجاه الدوق.
هو أيضًا، وضع يدًا على صدره، وانحنى بأناقة ثم مدّ يده إليّ.
وضعتُ يدي اليُمنى على كفّه الأيسر، ثم أمسكتُ بمرفقه وكتفه بيدي الأخرى. عندها دوّى صوت ماركيزة ليسير عاليًا:
“فلنجرّب الخطوات الأساسيّة أوّلًا! واحد، اثنان، ثلاثة! واحد، اثنان، ثلاثة!”
لعلّها شعرت بتوتّري، إذ شدّ الدوق قبضته قليلًا ليقودني.
سرتُ كما يوجّهني، وظهري مشدودٌ مستقيم.
وبصراحة، لم أعد أعلم إنْ كنتُ أتحرّك بشكل صحيح أم لا.
“آيري، هل تُتابعين تنفّسك؟”
اقتربت شفتا الدوق من أذني، وهمس بصوت منخفض.
ارتجفتُ من دفءِ أنفاسه المفاجئة، وكدتُ أ踩 على قدمه. لكنّي تذكّرت كلامه، فتنفّست بعمق.
“يا آنسة! قامتكِ انحنت! شدي ظهرك!”
“شدّيه!”
ضحك الدوق بخفّة وهو يراني أتيبّس فجأة.
“إنّه تدريب لا أكثر. لا تُجهدي نفسكِ، كوني أكثر راحة.”
“……لا أستطيع…….”
كان الثوب وحده عذابًا. أثقل بعدّة مرّات من ثيابي المعتادة، وبحاجةٍ إلى ظهرٍ حديدي كي أحافظ على استقامته.
‘إذا كان هذا حالي، فكيف بالآنسة فانيسا…….’
وبالفعل، جاء صوت ماركيزة ليسير الصارم:
“آنسة فانيسا! وضعكِ فوضوي تمامًا! افردي جسدك!”
“الثوب…… ثقيل…… والحذاء…… مؤلم…… إنّه…… صعب…….”
“آنستي، استندي إليّ.”
قال إيان ذاك، لكن يبدو أنّه لم يكن عونًا كبيرًا لها.
“هل…… علينا حقًّا أن نرقص في الحفل……؟”
“آنسة فانيسا! ظهركِ!”
“كفى! لا تناديني مجدّدًا…….”
وفي النهاية جلست فانيسا أرضًا عاجزة.
ولم يكن تمثيلًا؛ فقد شحب وجهها بشدّة. عندها أعلنت ماركيزة ليسير انتهاء الدرس.
“كما قلتُ، يجب أن تدرّبي قوّتكِ أوّلًا. ولو قليلًا يوميًّا. فهمتِ؟”
“نـ، نعم…….”
جلست على السجّادة تلتقط أنفاسها، ثم فجأةً انفجرت بالبكاء.
أخفت وجهها بين كفّيها، فارتبكت الماركيزة:
“آنسة؟ هل كان التدريب بهذه المشقّة؟”
“لا…… بل إنّني سعيدة بالتعب. كنتُ دائمًا مستلقيةً بلا حراك، أمّا الآن فشعرتُ بالإرهاق لأنّي رقصت…… وهذا أعجبني…….”
اقترب منها إيان وعانقها بقوّة، ثم رفعها بحذر بين ذراعيه.
“سأرافقكِ إلى غرفة الاستراحة.”
فأجابت بصمت، ودفنت وجهها في صدره.
أما ماركيزة ليسير، التي بدت كنمرة أثناء التدريب، فقد صار وجهها الآن كالهامستر الخجول وهي تراقب الوضع. ابتسمتُ لها وقلت:
“آه…… نعم! سأعود في الموعد ذاته غدًا. والآن أستأذن.”
انحنت برشاقة ثم غادرت مسرعة.
وحين استوعبت الموقف، أدركت أنّه لم يبقَ في القاعة سوى أنا والدوق.
“ما زال لدينا بعض الوقت…… آيري، هل نراجع قليلًا؟”
“مراجعة؟ ……لمَ لا!”
كنتُ شريكة الدوق في الحفل القادم. ولم أتمنَّ شيئًا أكثر من ألّا أُسبب له الإحراج.
“لم تتعلّمي أيّ مقطوعة بعد، صحيح؟”
“نعم. الماركيزة قالت إنّنا سنتدرّب على الألحان فقط بعد أن نتقن الخطوات الأساسيّة بلا خلل.”
بقي على الحفل أسبوعان فقط، ولم أكن واثقة من قدرتي على إتقان ثلاث مقطوعات كما هو الهدف.
“إنْ لم ننجح، سنكتفي بمقطوعة واحدة لكلٍّ منّا. فانيسا ترقص الأولى، وأنتِ الثانية.”
“هل اخترتم المقطوعات؟”
“ليس بعد. هل لديكِ واحدة؟”
كنتُ أسأل باحتمال ضئيل.
“أجل، لديّ.”
“ما هي؟ إنْ قلتِ لي العنوان فسأطلب من الماركيزة أن تعلّمنا إياه.”
“هل ستقبلين به قبل أن تعرفيه أصلًا؟”
“أنا لا أفهم بالرقص كثيرًا. ما ترغب فيه، سأتبعه.”
“إذن…… هل نجرّب هذه الرقصة سويًّا ونرى؟”
مدّ الدوق يده نحوي، فارتبكت.
“لكن…… كيف؟ لم أتعلّم سوى الخطوات الأساسيّة.”
“يكفي أنْ تتركي جسدكِ لأقوده. هذه الرقصة أستطيع قيادتها بمفردي.”
“حقًّا؟”
‘إذن سأربح رقصة كاملة من دون جهد!’
تحمّستُ، وأمسكتُ بيده.
“إذن، سأعتمد عليك، يا دوق.”
ابتسم ابتسامة ساحرة، ثم جذبني فجأة بقوّة.
في لحظة وجدتُ نفسي بين ذراعيه، محاطةً بساعده القوي.
“اسم الرقصة هو: (بلومينغ فيفر).”
لم أستوعب المعنى بعد، حتى أخذ يعدّل وضعيّة يدي بنفسه.
رفع يدي اليسرى إلى كتفه، وشبك يدي الأخرى بكفّه.
ثم قرّب شفتيه من أذني، وبدأ يهمهم بالنغمات.
كنتُ أرتدي ثوبًا ثقيلاً، وهو أيضًا يرتدي زيًّا رسميًّا سميكًا.
لكنّ الحرارة التي انتقلت عبر أجسادنا المتلاصقة جعلت الهواء مشبعًا بالشرارات.
اشتدّت قبضته على خصري، حتى شعرتُ بدقّات قلبه القويّة تتسارع قُرب صدري.
وفي يدينا المتشابكتين، ضغط أصابعه أكثر فأكثر، كأنّه لا يسمح بأيّ مسافة بيننا.
“هذه الرقصة لا تسمح أنْ نبعدَ نظرنا عن بعضنا.”
همس بصوت منخفض، دافئ، فارتعش وجهي.
“أظنّ…… أنّني لن أستطيع…….”
اقترب أكثر، حتى كادت جبهتانا تلتصقان.
“آيري.”
“نـ، نعم……؟”
انعكست صورتي في عينَيه الذهبيّتين اللامعتين، ولم أجد لنفسي مخرجًا.
“منذ فترة وأنا أرغب بسؤالكِ شيئًا…….”
كنتُ أحاول التماسك، لكن بصري انجذب لا إراديًّا إلى شفتيه.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 51"