“حفل إعلان زواج الآنسة فانيسا…”
“هذه أول دعوة تحمل ختم آيريس.”
ضحكت زوجة الكونت كيل بهدوء، مشيرة إلى أنّ خط الدعوة لطيف، ثم سألت الكونت كيل:
“كيف هي خطيبة الدوق المستقبليّة؟
هل التقيتَ بها من قبل؟”
“لا.
سمعتُ الكثير من الشائعات، لكن لم أقابلها وجهًا لوجه.”
“لماذا؟ ألم يُقسم الماركيز فينيان والكونت بولاني بالولاء لها؟
ألستَ فضوليًا بشأنها؟”
“فضولي بالطبع،
لكن إذا تحرّكتُ وانتشرت شائعة كاذبة أنّ كيل أقسم بالولاء أيضًا، سيكون ذلك مزعجًا.”
لم تُسمَّ العائلات الأربع التي تدعم عائلة الدوق بالأعمدة الأربعة عبثًا.
في حالة غياب الدوق أو وقوع مشكلة طارئة،
يتّخذ رؤساء العائلات الأربع قرارات بشأن شؤون عائلة الدوق بالأغلبيّة.
لذا، حصول خطيبة الدوق المستقبليّة على ولاء عائلتَيْن من الأربع ،
كان كافيًا لتكوين قاعدة دعم قويّة لها.
“لا أعرف إن كان قسم الولاء من الماركيز فينيان والكونت بولاني
نابعًا من القلب أم بأمر من الدوق،
لكن… المبالغة قد تكون بمثابة سمّ.”
“أوه، هل تخشى أن تقسم بالولاء لخطيبة الدوق المستقبليّة
حتّى قبل لقائها؟”
“ليس خوفًا،
بل قلق من أن يتصاعد الدخان من مدخنة لم تُشعل.”
“لن تقول فجأة يومًا ما إنّكَ قرّرتَ قسم الولاء لخطيبة الدوق المستقبليّة،
أليس كذلك؟”
لوّح الكونت كيل بيده وكأنّه يطلب من زوجته، التي سألته بنظرة ضيّقة،
أن تقول شيئًا منطقيًا.
“ما الذي يمكن أن يُثير إعجابي لدرجة أن أقسم بالولاء لخطيبة الدوق المستقبليّة؟”
“من يدري؟
لقد أُعيد إحياء شجرة البرقوق،
فربّما يعود الكائن المقدس أيضًا.”
ضحك الكونت كيل بخفّة على كلام زوجته.
“إذا عاد الكائن المقدس، فما هو قسم الولاء؟
سأحمل خطيبة الدوق المستقبليّة على ظهري وأدور حول قصر الدوق!”
“لا تنسَ هذا الوعد.”
هدّدت زوجة الكونت كيل بأنّها ستنشر هذا الكلام،
لكنّها اعتبرت هذا الحديث مجرّد مزحة عاديّة بين الزوجين.
“إذًا، لم تلتقِ بعد بخطيبة الدوق المستقبليّة؟
سأكون أول من يلتقي بها وأخبركَ عنها.”
“أتطلّع لذلك.
بصركِ لا يُضاهى في فينينغتون.”
“فينينغتون فقط؟
إذًا، هل هناك من يفوقني في العاصمة؟”
“ههه! لا أعرف.
لم أذهب إلى العاصمة من قبل.”
“يا إلهي، حتّى لو كنتَ لا تعنيها، كان عليكَ أن تقول إنّ زوجتكَ الأفضل في القارّة…”
نظرت زوجة الكونت إلى زوجها بنظرة خاطفة،
ثمّ انفجرت ضاحكة.
بعد عشر سنوات من الزواج، وبوجود طفل في السابعة،
لا يزال الجو بينهما مليئًا بالمودّة كما لو كانا عروسَيْن جديدَيْن.
* * *
“تشرّفتُ بلقائكِ لأوّل مرّة، خطيبة الدوق المستقبليّة.
زوجة الكونت كيل تُحيّيكِ.”
انحنت زوجة الكونت كيل بأناقة وابتسمت لي.
“كما سمعتُ، أنتِ سيدة فائقة الجمال.
عيون خضراء نقيّة كهذه تذكّرني بحجر الزبرجد.”
“الزبرجد؟”
“نعم.
هل تعلمين، خطيبة الدوق المستقبليّة، أنّ النجوم تسقط أحيانًا إلى الأرض؟
الجوهرة التي تُكتشف أحيانًا في تلك النجوم هي الزبرجد.”
رفعت زوجة الكونت كيل يدها بإيماءة مسرحيّة وتحدّثت بحيويّة:
“من أجلكِ، سأقطف نجمة من السماء!
اعتراف شائع في الروايات الرومانسيّة، أليس كذلك؟
لكن لا يوجد بطل واحد قطف نجمة فعليًا.
لكن! لحسن الحظ، لديّ زبرجد كبير ونابض بالألوان اكتُشف في نجم سقط إلى الأرض…”
“زوجة الكونت، كفى.”
فتحت السيدة الكبرى مروحتها بنقرة ونظرت إلى زوجة الكونت كيل بنظرة باردة.
لكن زوجة الكونت كيل لم ترمش حتّى، بل ضحكت بصوت عالٍ: “أوهوهو!”
“لقد أظهرتُ نفسي بمظهر غير لائق أمام خطيبة الدوق المستقبليّة.
أرجو أن تتغاضي عن ذلك.”
“آه، لا بأس.
لم أسمع من قبل عن جوهرة تُكتشف في نجمة ساقطة.
هذا مذهل حقًا!”
“ههه، ليس فقط الزبرجد، هناك الكثير من الجواهر الرائعة والجميلة.
أيها العاملون!”
صفقت زوجة الكونت كيل بيدَيْها، فتحرّك الموظّفون الذين يرتدون زيًا موحّدًا بتناسق تام.
غُطّيت طاولتان طويلتان بقماش حريري أحمر،
ووضعت عليهما عشرات الجواهر في علبها.
الطاولة الأماميّة كانت تحمل قلادات، أقراط، وأساور مكتملة الصنع.
أمّا الطاولة الخلفيّة فكانت تحمل أحجارًا خامًا قبل الصياغة.
“أضمن جودة أيّ منها.
هيّا، اختاري واحدة.”
برقت عينا زوجة الكونت كيل كما لو كانت تتطلّع لمعرفة أيّ جوهرة سأختار.
‘هل تريد زوجة الكونت اختباري أيضًا…؟’
على أيّ حال، كان لديّ خطّة وضعتها مع الدوق الليلة الماضية.
”زوجة الكونت كيل تاجرة، أليس كذلك؟
عندما يلتقي التاجر بشخص جديد، من الواضح ما سيتساءل عنه:
كم ثروة هذا الشخص؟ وكم يمكنه إنفاقه؟”
”أمم، ليس لديّ مال…”
”لماذا لا تملكين مالاً، آيري؟
لديكِ خطيب ثري مثلي.”
”أنتَ من لديه المال، ولستُ أنا.”
”آيري، كما قلتُ من قبل، يُقاس قدر الرجل بمقدار ما ينفقه على خطيبته.
لا أريد أن أكون رجلاً بخيلاً يقتصد على خطيبته، لذا انفقي ببذخ.”
”ببذخ بأيّ درجة؟”
”بما يكفي لتُذهلي زوجة الكونت كيل.
سأعلّمكِ تعويذة سحريّة. إنّها…”
كنتُ أفكّر إن كان من الجيّد إنفاق مال الدوق هكذا،
لكن قرّرتُ اعتبار هذا جزءًا من عمليّة الحصول على ظرف النقود من السيدة الكبرى.
…على الرغم من أنّني أعتقد أنّني أنفق على هذا الحفل أكثر من تكاليف علاج جدّتي.
‘على أيّ حال، يمكنني ترك الجواهر في قصر الدوق عندما أغادر.’
كان من حسن الحظ حقًا أنّني لستُ بطلة هذا الحفل الذي يُعدّ بحرق مبالغ طائلة.
قبل أن أنطق بالتعويذة السحريّة، نظرتُ إلى الآنسة فانيسا.
كانت تشاهد الجواهر بخدَّيْن متورّدَيْن.
“أختي فانيسا، ما الذي يعجبكِ؟”
“لا أعرف بعد.
كلّ شيء جميل جدًا.”
كان ذلك صحيحًا بالتأكيد.
تفحّصتُ الحليّ على الطاولة، ثم أشرتُ إلى مجموعة ألماس.
كانت الوحيدة التي تحتوي على تاج صغير.
“ماذا عن هذه؟
بما أنّكِ بطلة الحفل، أعتقد أنّ ارتداء تاج كهذا سيكون مناسبًا.”
“أنا وحدي؟
لكن هذا اليوم هو أيضًا يوم تقديمكِ رسميًا، أليس كذلك؟”
“همم، سيكون لديّ فرص كثيرة لأكون بطلة في المستقبل.”
أيتها سيدة كبرى! هل تسمعينني؟
“هذا الحفل لإعلان تعافيكِ أيضًا،
لذا أريد أن تكوني أنتِ محطّ الأنظار.”
“نعم، نعم.
الفتاة محقّة.
زوجة الكونت، ساعديها على تجربة التاج.”
“حسنًا، سيدتي الكبرى.”
دعمت السيدة الكبرى كلامي بسرعة وأصدرت تعليماتها إلى زوجة الكونت.
كانت زوجة الكونت تستمع بهدوء إلى حديثنا،
ثم أشارت إلى موظّفيها لوضع التاج على رأس الآنسة فانيسا.
“انظري إلى المرآة.
هل أعجبكِ؟”
“يا إلهي، إنّه رائع…!
ماذا تعتقدين، آيري؟”
“أم… إنّه جميل الآن،
لكن أعتقد أنّ شيئًا أكبر وأكثر فخامة سيبدو أفضل.”
“نعم، نعم.
شعركِ غامق وكثيف، لذا قد يبدو التاج بسيطًا إن لم يكن أكثر فخامة.
زوجة الكونت، هل لديكِ تيجان أخرى؟”
“بالطبع. هيا تقدموا!”
صفقت زوجة الكونت مرّة أخرى،
وخلال لحظات، تحوّلت المنطقة أمامنا إلى عرض للتيجان.
بعد عدّة تجارب، اتّفقنا جميعًا على تاج يناسب الآنسة فانيسا تمامًا،
وقلنا: “هذا هو!”
“الياقوت المرصّع كنقاط مميّزة رائع جدًا.”
“يجب أن نختار الحليّ الأخرى بألماس كرئيسيّ مع نقاط من الياقوت.”
ما إن انتهت السيدة الكبرى من كلامها،
حتّى تحوّلت المنطقة إلى عرض آخر للحليّ.
كان من المذهل أنّ الحليّ من نفس الجواهر كانت بتصاميم مختلفة تمامًا،
مما جعل تصفّحها ممتعًا.
فجأة، لفتت انتباهي مجموعة من الحليّ.
التعليقات لهذا الفصل " 47"