“كانت تلك القرية معزولة تمامًا عن العالم الخارجي. لذا تأخّر وصولنا إليها.”
كان تأثير مقتل الكائن المقدس على دوق لوديان كبيرًا، إذ ظلّ فاقدًا للوعي لمدّة شهر تقريبًا.
طلب الإمبراطور من روح شجرة العالم مساعدته في العثور على الإمبراطورة، وقاد بنفسه عمليّات البحث في الغرب.
لحسن الحظ، تمكّن من العثور على الإمبراطورة مختبئة في قرية ريفيّة صغيرة، وإلاّ كان من الممكن أنْ تُعاقَب عائلة لوديان لفشلها في حمايتها.
بل، بمعنى ما، هذا ما حدث بالفعل.
“أنجبت الإمبراطورة طفلها بسلام في تلك القرية… لكن روح شجرة العالم، التي بذلت جهدًا كبيرًا في البحث عنها، غرقت في سبات. لذا، لَمْ تحظَ الأميرة الثالثة ببركة الروح.”
هل كان ذلك بسبب المصاعب التي مرّت بها قبل الولادة؟
على عكس أخوَيْها الأكبرَيْن، اللذَيْن وُلدا بقوّة فطريّة، كانت الأميرة الثالثة ضعيفة جدًا.
(ميري : الحمدلله خفت بطلتنا تكون هي الإبنة الثالثة أو توأم لها )
وفي النهاية، توفّيت قبل أنْ تبلغ عامَيْن.
غرقت الإمبراطورة في الحزن.
لكن بدلاً من تعاطف الناس معها، وجّهوا إليها اللوم.
“بسبب محاولة العثور على الإمبراطورة المفقودة، غرقت روح شجرة العالم في سبات. إذا لَمْ تستيقظ، فماذا سنفعل؟”
كان زواجها من الإمبراطور، رغم أصلها العامّي، ممكنًا بفضل إنجازها في إنقاذ العديد من الأشخاص.
لكن عندما غرقت روح شجرة العالم في سبات، عادلت أخطاؤها إنجازاتها.
لو أنّها أدّت واجباتها كإمبراطورة بعد ذلك بشكل جيّد، لربّما تغيّرت آراء الناس.
لكن الإمبراطورة، التي ألقت باللوم على نفسها في وفاة طفلتها الثالثة، انغرقت في الحزن واعتزلت الحياة العامّة.
منذ ذلك الحين، أصبحت الإمبراطورة مادة للسخرية في الأوساط الاجتماعيّة، مُتّهمة بأنّها دفع ثمن طمعها بمنصب لا يليق بأصلها العامّي.
“لو كانت الإمبراطورة ابنة دوق، أو حتّى ماركيز، هل كانت لتُسخر منها بهذا الشكل؟”
“…”
“حتّى لو لَمْ يكن ذلك الحدث، لكانت الإمبراطورة قد واجهت اختبارات مستمرّة لأهليّتها، فقط لأنّها من أصل عامّي!”
“هل تقصدين أنّه إذا أصبحت آيري زوجة دوق، فستواجه الشيء نفسه؟”
“نعم! فينيان وبولاني أقسما بالولاء، فماذا في ذلك؟ هل هما العائلتان الوحيدتان المواليتان لرويان؟ وهل الناس في الغرب قليلون؟”
ربّما يرحّبون في البداية بفضيحة أنْ تصبح فتاة من أصل عامّي زوجة دوق. فالناس عادةً ينجذبون إلى القصص المثيرة.
لكن إذا أخطأت آيري، ولو خطأً صغيرًا، سيشيرون إليها قائلين إنّ العامّيين لا يصلحون لهذا.
أليس هذا ما أثبتته الإمبراطورة، ثاني أعلى منصب في الإمبراطوريّة؟
“هل تستطيع تلك الفتاة تحمّل مسؤوليّات زوجة الدوق، إلى جانب الانتقادات والإشارات بالأصابع؟
مستحيل! ستأتي يومًا وتهرب. من الأفضل ألاّ تصعد إلى هذا المنصب من الأساس!”
انتهى خطاب السيدة الكبرى الطويل. تلخّصت فانيسا كلامها بعبارة واحدة:
“في النهاية، أنتِ قلقة على آيري، أليس كذلك؟”
(ميري : عشان أنا أقول لكن انها شخص طيب تصدقوني )
“ماذا؟ هل استمعتِ إلى كلامي جيّدًا؟”
“نعم، استمعتُ جيّدًا. أنتِ قلقة ليس من قدرة آيري على أداء مهام زوجة الدوق، بل من أنّ الناس، إذا أخطأت، سينتقدون أصلها بدلاً من أفعالها.”
ابتسمت فانيسا، ابتسامة نقيّة خالية من أيّ شائبة.
“هذا…! بالطبع لن تتمكّن من أداء المهام! لَمْ أتوقّع منها ذلك من الأساس!”
“حقًا؟ إذًا هذه مشكلة…”
“ماذا؟”
“حفل إعلان زواجي، من الطبيعي أنْ تكون آيري هي المُنظّمة له.”
تردّدت السيدة الكبرى للحظة.
كانت فانيسا محقّة. مهما كان حجم الحفل أو أهميّته، كان على آيري أنْ تكون المنظّمة لأيّ حدث يُقام في قصر الدوق.
ما لم يكن مفتاح اللازورد في يد السيدة الكبرى.
“إنه الحفل الذي سأظهر فيه لأوّل مرّة في الأوساط الاجتماعيّة الغربيّة…
الحفل الذي سيُعلن رسميًا عن زواجي…
إذا فشلت آيري في تنظيمه، ألن يُحرجني ذلك؟”
كانت فانيسا محقّة.
في قرارة نفسها، ربّما تمنّت السيدة الكبرى أنْ تفشل آيري في تنظيم الحفل الأوّل وتتعرّض للتوبيخ فتهرب، لكن ذلك سيؤثّر سلبًا على فانيسا أكثر من أيّ شخص آخر.
“أمي، ألا يمكنكِ مساعدتها؟ هذه المرّة فقط.”
“…هل تظنّين أنّ تلك الفتاة الجريئة ستستمع إلى نصيحتي؟”
“بالطبع! آيري لا تعرف شيئًا. ستعتمد بالتأكيد على نصيحتكِ.”
ابتسمت فانيسا بمرح.
“عظيم! إذًا سأعتمد عليكِ، أمي!”
كانت ابتسامة ابنتها النقيّة جميلة جدًا، لدرجة أنّ السيدة الكبرى لَمْ تستطع التفكير في الأمر.
لم تُدرك السيدة الكبرى، التي كانت ذات يوم زوجة دوق، أنّ وقوفها بجانب خطيبة الدوق المستقبليّة لتقديم النصائح حول تنظيم الحفل، سيبدو غريبًا في أعين الآخرين.
التعليقات لهذا الفصل " 43"