ديرَايلا أتوود كانت الآنسة الأكثر أناقةً بين نبيلات إمبراطوريّة أستير.
هذا إذا لم يتعلّق الأمر بلوكاس فلينت، بالطّبع.
طوال الزّمن الطّويل الذي كان فيه لوكاس يتودّد إلى إيثيل، كانت ديرَايلا تكرهها.
في صغرها، كانت تتسامح وتلعب مع الجميع، لكنّها سرعان ما توقّفت، ربّما لأنّ رؤية لوكاس يلاحق إيثيل كانت تُرهقها.
بدلاً من ذلك، كانت تُفضّل، في كلّ مرّة تُواجه فيها إيثيل، أن تبتسم بمكر وتُثير أعصابها بتلك الطّريقة.
“لم أكن أتوقّع أن أكون أنا من يُنظّم تلك الحفلة. لقد كان التّكليفُ بذلكَ مفاجئًا جدًّا.”
“أوه، حقًّا؟ لا أعلم كيف عرف سموّ الدّوق الأكبر بكِ… لكن يبدو أنّ وصفاتكِ قد أعجبته كثيرًا.”
‘ما لم تكوني أنتِ من تقدّمت لتنظيم الحفلة، فكيف لدوقٍ منعزلٍ في نورتون أن يعرف بكِ ويُكلّفكِ؟’
لقد عبّرت عن هذا بأناقةٍ بالغة.
كانت ديرَايلا تُتقن نقل نواياها بمجرّد اختيار كلماتٍ عاديّة وتنغيمها بإيقاعٍ متقن.
‘كنتُ أتمنّى لو كانت كايرا هنا.’
في المقابل، كانت إيثيل ضعيفةً في فنّ الحديث النّبيل.
تعلّمت أساسيّاته في صغرها، لكنّ طباعها المباشرة جعلتها غير ميّالةٍ للّف والدّوران.
“حقًّا. والحمد لله، فقد زاد ذلك من أرباح الشّركة.”
“حقًّا؟ هذا رائع. كنتُ قلقةً لأنّكِ لم تتمكّني من افتتاح المطعم.”
“بُفت.”
ما إن انتهت ديرَايلا من جملتها حتّى سُمع صوت دوريس وهي تكتم ضحكتها.
كلّ من حول طاولة الشّاي هذه يعرف.
كانت إيثيل تعلم جيّدًا سبب عدم تمكّنها من فتح المطعم الذي طالما حلمت به.
“كان ذلك شيئًا كنتِ متحمّسةً له جدًّا، أليس كذلك، إيثيل؟”
“أجل، كان كذلك.”
وضعت إيثيل فنجان الشّاي على الطّاولة وردّت بلامبالاة:
“لكن لا بأس. كنتُ مشغولةً على أيّ حال، والآن يمكنني التّركيز أكثر على الشّركة، فهذا جيّد.”
“صحيح، ألستِ تُجهّزين سفينة تجاريّة؟”
“آه، تقصدين تلك السّفينة الضّخمة في الميناء؟”
تدخّلت دوريس، التي كانت تُلقي نظراتٍ ساخرةً على إيثيل وتكتم ضحكتها.
“لكن، هل ستطفو حقًّا؟ تبدو ضخمةً جدًّا، كأنّها ستغرق!”
“يا إلهي، دوريس، لا تقولي شيئًا مخيفًا كهذا. هل تظنّين أنّ ميشلان كوتش بيلدر سيصنع سفينةً رديئةً؟”
“حسنًا، ربّما.”
تقلّصت شفتا دوريس الرّقيقتان بابتسامةٍ ساخرة. يبدو أنّها تستمتع بالتلميح إلى أنّه، مهما فعلت إيثيل أو حتّى لو صنع الكونت ميشلان أكبر سفينةٍ في تاريخ الإمبراطوريّة، فهو في النّهاية مجرّد صانع عربات.
” عاملو ميشلان بارعون في هذا. لا يوجد أحدٌ هنا لا يملك عربةً من صنعهم، أليس كذلك؟”
“بالمناسبة، الكونت نيوبيل من زبائننا الدّائمين. إذا حسبنا العربة الثّنائيّة التي اشتراها مؤخّرًا… يصبح لديه سبع عربات، أليس كذلك؟”
عندما سألت إيثيل، التي كانت تستمع بهدوءٍ إلى حديثهما المرِح، تردّدت دوريس في الإجابة.
نظرت إيثيل إلى خدّيها اللذين بدأتا تتلوّنان بالحرج، وأضافت:
“لقد طوّرنا عجلاتٍ جديدةً للرّحلات الطّويلة. سنطلب من زبائننا الدّائمين تجربة القيادة أوّلاً. هل يمكنكِ إخبار الكونت بذلك مسبقًا؟”
كان من الواضح أنّها تتساءل من قد يستثمر في مشروعٍ تخلّى عنه حتّى الدّوق فلينت.
“الدّوق الأكبر نورتون.”
لكن، لرفض عرض الدّوق الأكبر جزئيًّا، كان على إيثيل أن تحصل على استثماراتٍ من هؤلاء الأشخاص الذين يحتقرونها علنًا في هذا المجتمع الرّاقي.
حتّى لو اضطرّت لاستعارة هيبة الدّوق الأكبر.
“كما قلتِ، يبدو أنّ وصفاتي أعجبته كثيرًا.”
“حقًّا؟ كنتُ قلقةً أنّنا تسبّبنا لكِ بمتاعب.”
تحوّل موضوع الحديث ببراعةٍ مرّةً أخرى. كانت ديرَايلا تؤكّد علاقتها بلوكاس باستخدام “نحن” للإشارة إليهما معًا.
أدركت إيثيل نواياها، وابتسمت لأوّل مرّةٍ بحرارةٍ منذ جلست على هذه الطّاولة.
“بالمناسبة، تهانيّ الحارّة على الخطوبة. أتمنّى لكما السّعادة دائمًا.”
“…شكرًا. لم أتوقّع أن تُهنّئيني هكذا.”
“لماذا تقولين هذا؟ إنّه خبرٌ رائعٌ حقًّا.”
ضغطت إيثيل على كلماتها بصدقٍ عميق.
لم تستطع إضافة أمنيتها الحقيقيّة بأن تبقي ديرَايلا لوكاس بعيدًا عنها لأطول فترةٍ ممكنة، لكنّها تمنّت أن تصل الرّسالة.
“أم…”
فجأة، تدخّلت فتاةٌ نحيفةٌ كانت تجلس في طرف الطّاولة بصوتٍ خافت.
كانت تنظر إلى إيثيل بعينين لامعتين.
“هل ذكر سموّ الدّوق الأكبر شيئًا عن البحث عن دوقةٍ كبرى؟”
“…ماذا؟”
“أقصد، لقد وقعتُ في حبّه من النّظرة الأولى…”
أدركت إيثيل في تلك اللّحظة من تكون الفتاة.
كانت الابنة الثّانية للكونت سيرتيس، أحد أتباع عائلة فلينت.
ما إن بدأت تتحدّث حتّى انطلقت أصواتٌ متأوّهةٌ من هنا وهناك.
“أنا أيضًا. لم أتخيّل أبدًا أنّ سموّه بهذا الجمال.”
“أن يختبئ شخصٌ بمثل هذا الجمال في الشّمال البارد…”
“ليس جماله فقط، بل طريقة وقوفه المستقيمة، كتفاه، ظهره…”
كنّ الآنسات يتلهّفن، يغطّين وجوههنّ بالمراوح أو أيديهنّ، ويتلوّين بحماس.
يبدو أنّهنّ كنّ يتظاهرن باللامبالاة، لكنّهنّ كنّ يراقبن الدّوق الأكبر طوال الحفلة.
بعد أن أمطرنه بمديحٍ طويلٍ عن جماله وقوّته وغموضه، تقدّمت إحداهنّ بحزم:
“لنتنافس على قلبه بصدقٍ ونزاهة.”
“حسنًا، من ستفوز منّا بلقب الدّوقة الكبرى، سنُهنّئها بصدق.”
“لكن، من لديها خطيبٌ بالفعل يجب أن تُستثنى…”
نظرت ابنة الكونت سيرتيس بنظرةٍ حذرةٍ إلى بعض الفتيات بين المتحمّسات، فسارعت ديرَايلا برفع يدها:
“استثنوني من فضلكنّ. كما قالت ابنة الكونت سيرتيس، لديّ خطيبٌ رائعٌ جدًّا.”
“يا إلهي.”
“كم هذا رائع!”
رأت إيثيل اهتمام الجميع يتحوّل إلى ديرَايلا مرّةً أخرى، فارتشفت من شايها.
فجأة، تساءلت عن ردّة فعل الدّوق الأكبر إذا عرف أنّه أصبح موضوع نقاشٍ وتسليةٍ في هذا المكان.
بما أنّه شخصٌ نادرًا ما يُظهر تقلباتٍ عاطفيّة، ربّما لن ينزعج كثيرًا.
‘ربّما سيقول: أوه، حقًّا؟’
كان رجلًا صلبًا، يكفي أن ترى كيف يرتدي ملابسه بعنايةٍ من رأسه إلى أخمص قدميه في كلّ مرّة.
‘لماذا يتصرّف رجلٌ كهذا فجأةً هكذا…’
أخرجها من أفكارها صوت دوريس الحادّ: “إذن، في مسابقة الصّيد، هل سنتذوّق ذلك الفلفل الحلو؟”
“يا إلهي، حقًّا، آنسة الماركيز؟”
“بما أنّها مناسبةٌ خاصّة، قرّرنا في عائلتي إعداد وليمةٍ وفيرة.”
أجابت ديرَايلا بتأكيد، فزادت دوريس من حماسها: “كم هذا ثمين!”
“في المرّة الأخيرة، جرّبتُ ما أرسلتموه، كان ناعمًا ولذيذًا جدًّا.”
“أنا أحتفظ به، لذيذٌ جدًّا!”
كان الحديث عن جوزة الطّيب التي جلبها فريق أتوود الاستكشافيّ.
أومأت إيثيل برضاٍ عن ردود الفعل الإيجابيّة.
لكن، برزت ملاحظةٌ أثارت قلقها.
“شارلوت كانت تعاني من غثيان الحمل ولم تتمكّن من تناول شيءٍ لفترة، لكن بفضل ذلك تحسّنت. قالت إنّ مضغه يُخفّف من ذلكَ.”
“حقًّا؟ هذا رائعٌ أنّها أصبحت تتناول شيئًا. سأرسل المزيد إلى القصر. هل يمكنكِ إيصاله إلى شارلوت؟”
“حقًّا؟ شكرًا، ديرَايلا، شكرًا جزيلًا.”
كانت دوريس ممتنّةً جدًّا لإرسال جوزة الطّيب إلى أختها شارلوت.
لكن إيثيل لم تستطع التّخلّص من شعورٍ مزعجٍ يراودها.
‘أتمنّى ألّا تتناول الكثير منه.’
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 23"