5
الفصل 5 :
لكن عندما عدتُ إلى المكتبة، كان الأوان قد فات بالفعل. لم أستطع العثور على المدعو ريموند في أيّ مكان.
يبدو أنّه غادر المكان منذ زمن. والأسوأ من ذلك…
“اسمه غير موجود في سجل الزوّار؟”
“نعم، صحيح. لا يوجد أيُّ زائرٍ بهذا الاسم اليوم.”
“…أتراه استخدم اسمًا آخر عند التسجيل؟”
لا وجود لأيّ سجل لزيارته.
عضضتُ شفتي بقلق. شرحتُ للمسؤول عن المكتبة مظهر ريموند.
“لا يمكن أن أكون مخطئة. لقد التقيتُ به في المكتبة. كان رجلًا ذا شعرٍ أحمر وعيونٍ حمراء.”
“…أعتذر، لكن لو كان هناك من يملك هذا المظهر، لعلِق في ذاكرتي بالتأكيد… لا أتذكّر أحدًا كهذا مهما حاولتُ.”
بدأ جبين المسؤول يتقطّب وكأنّه يُجهد ذاكرته.
وهكذا، تلاشى آخر بصيص أمل. شعرتُ بخيبة أملٍ شديدة خارت لها قواي.
عندما لم أستطع مغادرة المكان بسبب التردّد، قال الموظف بحذر:
“لقد أظلم الجوّ، إلا تعودين إلى المنزل الآن؟ إن حضر الشخص الذي ذكرته سموّكِ، سأبلغكِ على الفور.”
“…حسنًا. فهمت.”
استدرتُ على مضض.
هل يُعقل ألا أتمكّن من رؤية ريموند مجددًا؟
شعرت وكأنّي فقدتُ الفرصة الوحيدة لتجنّب أحداث الرواية الأصلية، فغصّتُ في قلبي.
تنهدتُ بهدوء بينما كنتُ أركل حجرًا بقدمي في طريقي للعودة، حينها لاحظت ظلًّا يتبعني.
‘…ظل؟’
توقّفتُ للحظة، ثم تابعتُ المشي متجاهلة الأمر.
كان الظل يطابق سرعتي تمامًا.
نظرتُ حولي سريعًا، لم يكن هناك أحد في الطريق المؤدّي إلى القصر.
لو كان ينوي إيذائي، لكان فعل ذلك منذ زمن.
استدرتُ بسرعة إلى الخلف، وفي نفس اللحظة كان ريموند يلوّح لي مبتسمًا.
“نلتقي مجددًا.”
“أنتَ…!”
“كنتِ تبحثين عنّي؟”
“…من أنتَ؟”
كنتُ أبحث عنه بيأس، لكنّي واجهته هذه المرّة بحذر.
ففي المكتبة، لم أشعر بذلك الجوّ المريب الذي أشعر به الآن.
أمال ريموند رأسه بابتسامة وكأنّ الأمر لا يهمّ:
“من أكون؟ أنا الشخص الذي ستتعلّقين به من الآن فصاعدًا، يا سموّ الأميرة.”
“…..”
“أنتِ تريدين أن تعيشي، أليس كذلك؟”
كلماته كانت مغرية للغاية.
للحظة، شعرتُ أنّه لو توسّلت إليه، فسيُنقذني حقًا.
ومع ذلك، لم أستطع الوثوق بنيّته، فغلبني الحذر بدلًا من الفرح.
“لماذا اقتربتَ منّي؟”
“رغم اختلاف أهدافنا، يمكن لكلٍّ منّا أن يُحقّق ما يريد.”
“…تعني أنّ لديك ما تريده منّي؟”
“نعم.”
تقطّبت ملامحي وهو يعلن بوقاحة أنّه سيستخدمني كوسيلة.
ألا يعني ذلك أنّه سيتخلّى عنّي بمجرد أن أنتهي من أداء دوري؟
تردّدتُ، فاقترب ريموند أكثر.
“أنتِ ترغبين في الهرب من القصر الإمبراطوري، أليس كذلك؟”
“…..”
“أنا أستطيع أن أحقّق لكِ ذلك.”
“بأيّ حقّ أُصدّقك؟ هل تُقسم أنّك ستساعدني حتى النهاية؟”
ضحك ريموند فجأة:
“ما أستطيع فعله هو إخبارك فقط بكيفيّة النجاة بعد مغادرة العاصمة الإمبراطورية.”
“…..”
“النجاة نفسها… عليكِ أن تحقّقيها بنفسكِ.”
بمعنى أنّ دوره ينتهي بمجرد خروجي من العاصمة.
فهل هدفه هو أن أنفّذ ما يُخبرني به بعد الهروب فحسب؟
رمقته بنظرة حادّة.
من نبرة صوته، كان واضحًا أنّ نيّته لم تكن نقيّة.
لكن طالما أنّه لا ينوي إيذائي، فربما يمكنني الوثوق به مبدئيًّا؟
تمامًا كما يحاول هو استخدامي، يمكنني أيضًا استخدامه.
رغم أنّ هدفه لا يزال مجهولًا، إلّا أنّه وعد بإخباري بكيفية النّجاة، وهذا يعني على الأقل أنّ حياتي ليست هدفه.
“إذًا، أرجوك ساعدني يا ريموند.”
حتى لو كان حبل نجاته هشًّا، قرّرتُ أن أتشبّث به.
كان من الضروري النجاة من الخطر الماثل أمامي أوّلًا.
* * *
“سموّ الأميرة! لقد طلع الصباح. إن لم تريدي تفويت الفطور، فعليكِ أن تستيقظي الآن!”
أشرقت الشمس.
بعد لقائي مع ريموند ليلة البارحة، يبدو أنّ توتّري قد هدأ، فنمتُ فور عودتي كما لو أنّني فقدتُ الوعي.
كنتُ قد عانيت من قلّة النوم لمدّة يومين، لذا لم يكن الأمر غريبًا.
“…ليزا، كم الساعة الآن؟”
“تجاوزت الثامنة بالفعل. واليوم هو يوم الدروس، أليس كذلك؟”
“آه… اليوم خميس، صحيح؟”
“نعم.”
استفقتُ من النوم بذهني المشوّش.
كانت ليزا قد جهّزت الملابس أمامي وتنتظرني.
كم من الوقت عليّ ارتداء تلك الملابس؟
بمجرّد أن أهرب من القصر، لن أنظر حتّى إلى هذه الأزياء.
هناك أكثر من خمس طبقات من الثياب متراكمة.
وكان ارتداؤها معقّدًا وصعبًا للغاية، فلا يمكن ارتداؤها دون مساعدة.
لكن بما أنّها ملابس مخصّصة للعائلة الملكية، فليس من المفترض ارتداؤها وحدي أصلًا.
اغتسلتُ بسرعة وارتديتُ الملابس.
كانت الثياب البيضاء المطرّزة بخيوطٍ ذهبيّة تعكس فخامة ناعمة.
“تبدين رائعة كعادتكِ، يا سموّ الأميرة.”
“…..”
“سأذهب لتحضير الإفطار.”
خرجت ليزا، وبقيتُ أحدّق في المرآة وأنا أتنهد.
كما قالت، كان في المرآة فتاةٌ جميلة للغاية.
شعرٌ فضّي طويل يصل إلى الخصر، وعينان زرقاوان تبعثان هالة غامضة.
ومع هذه الملابس، أصبحت الهالة أكثر عمقًا.
وما نفع الجمال؟
قدرُ هذه الجميلة هو أن تفكّر كيف تنجو من الموت القادم.
“سموّ الأميرة، لقد جلبتُ الإفطار.”
“آه، شكرًا.”
“الإفطار اليوم هو باكون وبيضٌ مقلي وخبز.”
وبينما كانت ليزا تُقدّم الطعام، سألتني بحذر:
“أممم… سموّ الأميرة؟”
“همم؟”
“هل لي أن أسألكِ عن مكان ذهابكِ البارحة؟”
توقّفتُ للحظة.
عادةً كنتُ سأجيب دون تردّد، لكن حاليًا لم أعد أثق بأحدٍ من العائلة الملكية.
نية السؤال كانت مريبة.
“أين سأذهب؟ فقط تمشّيتُ قليلًا في مكانٍ قريب.”
“إذًا لماذا عدتِ راكضةً بينما كنتِ تمسكين بطرف فستانكِ؟”
“…أردتُ فقط أن أجرّب ذلك.”
“ماذا…؟”
“أعني، أردتُ أن أجرب الركض بينما لا يراني أحد. لم أفعل ذلك من قبل.”
بدت ليزا مرتبكة.
لكنّني أجبتُ ببساطة، لذا لم يكن من السهل عليها الضغط أكثر، فاكتفت بابتسامةٍ محرجة.
كنتُ واثقةً أنّ ليزا شخصٌ وضعته العائلة الملكيّة لمراقبتي.
لو كنتُ مكانهم، لفعلتُ الشيء ذاته.
ومن بين الجميع، فإنّ ليزا كانت الأنسب لذلك الدور.
‘فضلًا عن ذلك، كانت ليزا قد غابت لفترةٍ وجيزة البارحة…’
إلى أين ذهبت؟
ربّما التقت بشخصٍ رفيع المستوى لتبلّغه بتصرّفاتي.
وإذا كانت عائلة تريا يتعاونون مع العائلة الملكيّة، فقد يكون من المنطقي أن يُرفَّعوا إلى دوقيّة.
وبقي على ذلك أقلّ من شهرين. توقيتٌ مثالي…
‘انتظري لحظة.’
اتسعت عيناي.
“ليزا.”
“نعم؟”
“…كم عدد الدوقات في إمبراطوريّة تونيارت؟”
“ثلاثة.”
“هل يمكن أن يزيد عددهم؟”
في إمبراطوريّة تونيارت، عدد النبلاء محدّدٌ مسبقًا.
وكلّما ارتفع المنصب، أصبح العدد أكثر صرامة.
هذا من أجل إدارة الأراضي وتوزيع السلطات، وأيضًا للحدّ من توسّع النبلاء بلا ضوابط.
أمالت ليزا رأسها قليلًا ثم قالت:
“لا. حسب قانون الإمبراطوريّة، الدوقات محصورون بثلاثة فقط.”
“صحيح، ثلاثة فقط…”
تمتمتُ بشرود. كيف لم أُدرك هذا من قبل؟
انشغلتُ بوضعي الخاصّ حتى نسيت أن أراقب ما يجري من حولي.
ترقية عائلة تريا إلى دوقيّة تعني أنّ إحدى العائلات الدوقيّات قد أُبيدت بالكامل.
في الرواية الأصليّة، لم تكن إليزابيث هي الوحيدة التي اختفت.
دق، دق.
“سموّ الأميرة، إنّه لويد.”
بمجرّد أن سمعتُ الصوت المألوف، سارعت ليزا لجمع الأطباق من الطاولة.
“يبدو أنّ السيّد لويد قد وصل. سأخرج الآن.”
غادرت ليزا، ودخل شابٌ يملك شعرًا بلون السماء وعينين بلون الأزرق الفاتح.
حدّقتُ فيه بصدمة.
لويد وينزر.
هو الآخر… لم يكن موجودًا في الرواية الأصليّة.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 5"