4
الفصل 4 :
* * *
لحسن الحظّ، تمكّنتُ من الدخول إلى منطقة الكتب المحظورة دون أن يراني أحد.
كانت هذه المنطقة تحتوي على سجلات حول أصل مملكة تونيارت وتاريخ الأسرة الإمبراطورية عبر العصور.
تجوّلتُ في الداخل قليلًا ثمّ أخرجتُ كتابًا تاريخيًّا يُفصّل نشأة العائلة الإمبراطوريّة لتونيارت.
كانت قناعتي دائمًا أن على المرء أن يبدأ من البداية في كلّ شيء.
فتحتُ الصفحة الأولى من الكتاب.
“أوّل إنسانٍ امتلك القوّة المقدّسة كان الإمبراطور الأوّل، إيل تونيارت، الذي صنعه الحاكم توينا بعنايةٍ فائقة.”
كان الإمبراطور الأوّل لهذه المملكة هو الإنسان الأحبّ إلى الحاكم توينا، لأنّه كان أكثر من يُشبهه.
وبما أنّي أعرف هذه المعلومات من قبل، فقد قلّبتُ الصفحة التالية.
“لقد وعد الحاكم بحماية العائلة الإمبراطوريّة لتونيارت، وحرّرهم من جميع الأمراض التي تُصيب البشر. كما منح قوّته المقدّسة لأكثر من يُشبهه، وكان من الطبيعيّ أن يكون هو سيّد تونيارت.”
كعلامة على ذلك، منح الحاكم قوّته المقدّسة لورثة العرش فقط، وبهذا استطاعت إمبراطوريّة تونيارت أن تنتقل فيها السلطة بسلاسة دون صراعات.
فمن لم يمتلك القوّة المقدّسة لم يكن يملك أصلًا أهلية وراثة العرش.
وكان من يرث العرش يتلقّى وحي الحاكم، ولهذا اعتاد الناس أن يطلقوا على إمبراطور تونيارت لقب “ممثل الحاكم”.
فإن غضب، اعتُبر أنّ الحاكم قد غضب، وإن حزن، ظنّوا أنّه من حزن.
لكن ما كان يُقلقني في هذه النّقطة، هو الإمبراطور الحاليّ لتونيارت، كاروس.
“لم يُعلن عن أيِّ وحيٍّ حتى الآن.”
هل السبب أنّ الأوضاع هادئة أكثر من اللازم؟
رأيتُ كاروس مرةً واحدة فقط في حياتي، وكانت تلك المناسبة عيد ميلاد إيتيريون.
“الحاكم لم يرغب بأن يتلوّث عرش تونيارت بالدّم. لقد لبّى سيّد تونيارت الجديد نداء الحاكم، وأضاء مستقبل الإمبراطوريّة.”
وهذه كانت اللحظة التي فقد فيها إيتيريون قوّته المقدّسة.
لقد انبهر ببصره ببطلة القصة، سيتا، واستولى على العرش بالقوّة، فانتزع منه الحاكم تلك القوّة.
أعدتُ الكتاب إلى مكانه، وبدأتُ أبحث عن المجلّد الذي يُسجّل الوحي.
كانت نبوءات الحاكم نادرةً جدًّا، لذلك لم تكن كثيرة. وكان الكتاب الذي حواها رقيقًا للغاية.
حين فتحتُ صفحاته، رأيت شيئًا غريبًا جدًّا.
“هممم؟”
“سيعودُ مستقبل تونيارت مشرقًا من جديد.”
لم يُسجّل أيّ وحيٍّ آخر بعد هذه العبارة، التي نُقلت قبل ألف عام بالضبط.
“ما هذا؟ … أليس من المفترض أنّ سيّد تونيارت الجديد قد لبّى نداء الحاكم؟”
كان “نداء الحاكم” يعني الوحي.
فلماذا لم يُسجّل شيءٌ منذ ألف عام؟
لكنّ الحماية المقدّسة لم تختفِ، فما زال في العائلة الإمبراطوريّة من وُلد بالقوّة المقدّسة.
“من هو أوّل إمبراطور انقطع عنده الوحي؟”
أخرجتُ سجلّ نسب العائلة الإمبراطوريّة.
طالما أنّ الوحي انقطع قبل ألف عام، فسيكفي أن أعرف من كان الإمبراطور في تلك الفترة.
كان الإمبراطور آنذاك هو…
“ديلينت شان تونيارت (1505~1595)”
رُسمت له صورةٌ يظهر فيها بشعرٍ فضيّ وعيونٍ زرقاء، يحدّق إلى الأمام بوجهٍ خالٍ من التعبير.
تحتها كُتبت سيرة حياته.
“لماذا لم يتلقَّ الوحي منذ ذلك الوقت؟”
قلّبتُ الصفحات بلا اهتمام، ثمّ توقّفت فجأة.
“أريسا تونيارت (1485~1505)”
العائلة الإمبراطوريّة لتونيارت التي من المفترض أن تكون محصّنة ضدّ جميع أمراض البشر…
لماذا توفّيت أريسا في عمر العشرين فقط؟
لم يكن هذا ضمن توقّعاتي إطلاقًا.
“…هل هناك خطأ في التوثيق؟”
تحقّقتُ سريعًا من صور باقي أفراد العائلة الإمبراطوريّة.
“بلّونا ليف تونيارت (1616~1687) … تريبيسا تيني تيوينات (2352~2372)”
…لكن مع مواصلة البحث، بدا أنّ الأمر ليس مجرّد خطأ.
والأغرب أنّ هذه الحالات كانت تخصّ الأميرات فقط.
أما بقيّة أفراد العائلة فماتوا بعد أن عاشوا حياتهم كاملة.
وبدأت الخيوط تتّضح أمامي شيئًا فَشيئًا.
ارتعشت يداي من شدّة الصدمة.
“م… ما هذا…؟”
لم تخلُ العائلة الإمبراطوريّة لتونيارت يومًا من أميرة واحدةٍ على الأقلّ.
لكن دون استثناء، ماتت كلّ واحدةٍ منهنّ قبل أن تبلغ العشرين.
وإن كان هذا صحيحًا، فذلك يعني أنّ ما تبقّى من حياتي لا يتجاوز الشهرين…؟
طَق.
سقط الكتاب من يدي على الأرض.
أميرةٌ واحدةٌ تولد في كلّ مرة.
وليّ العهد إيتيريون، العاجز عن التحكّم في القوّة الإلهيّة.
وأنا… الأميرة الوحيدة القادرة على تهدئته.
“وقد منح قوّته المقدّسة لمن يُشبهه أكثر.”
ماذا لو كانت تلك “الأكثر شبهًا به” تعني الأميرات؟
فهذا يعني أنّ تونيارت كانت تُخالف مشيئة الحاكم منذ ألف عام…؟
“…كذب.”
سواء نُقلت القوّة المقدّسة بوسيلةٍ مشروعة أم لا، لم يكن ذلك مهمًّا.
المهمّ أنّ العائلة الإمبراطوريّة نجحت في ذلك، والآن، حان دوري لأكون الضحيّة.
استعدتُ وعيي متأخّرة، وانطلقتُ راكضةً نحو قصر الأميرة.
تجاهلتُ جميع قواعد القصر، ورفعتُ فستاني عاليًا لدرجة ظهر معه كاحلي، وركضتُ دون تفكير.
“أين كنتِ يا أميرة؟! يا إلهي، ما هذه الهيئة؟! كاحلاكِ ظاهران تمامًا!”
ليزا، إحدى الخادمات التي صادفتني في الحديقة، شحب وجهها من الصدمة.
فقد كانت قوانين العائلة الإمبراطوريّة في تونيارت تمنع كشف الجلد أبدًا.
دخلتُ القصر وصرخت:
“هناك أمرٌ عاجل! أريد أن أبقى وحدي قليلًا، لا يدخل أحد إلى غرفتي!”
“هاه؟!”
ركضتُ إلى غرفتي دون توقّف، وصعدتُ الدرجات بلا توقّف، ثمّ التقطتُ تقويم المكتب.
“ساييرد أتريشيا أصبح وليّ العهد أثناء احتفالات تأسيس المملكة.”
وبما أنّ التقويم يتضمّن جميع المناسبات السنويّة في القارّة، فقد استطعتُ تقدير بداية الأحداث الأصليّة بسهولة.
قلبتُ الصفحات واحدةً تلو الأخرى، حتّى توقّفت يدي.
كان يوم تأسيس إمبراطوريّة أتريشيا بعد شهرين تمامًا.
وبالمصادفة، كان عيد ميلادي قبلها بأسبوعٍ واحد فقط.
خارت قواي، وانهرتُ على الأرض.
ظننتُ أنّ لديّ متّسعًا من الوقت لأنّ عائلة تريا ما زالت في مرتبة الكونت.
لكنّي كنتُ مخطئة.
بقي أمامي شهران فقط.
* * *
الآن فقط بدأتُ أُدرك أنّني سأموت قبل بداية أحداث الرواية الأصليّة.
ساييرد أتريشيا، أحد الأبطال الذكور في القصّة الأصليّة، كان أميرًا ذا دمٍ غير نقيّ.
لكنّه كان يتمتّع بقدراتٍ قتاليّة فائقة وذكاء خارق منذ صغره، ولهذا أصبح هدفًا لمراقبة الإمبراطورة.
فقد كان عقبة أمام خطّتها لجلوس ابنها، وليّ العهد الأول، على العرش.
وبالتالي، تمّ نفيه إلى الحدود في سنٍّ مبكّرة، ليُمنع من التدخّل في أيّ شأن من شؤون العاصمة الإمبراطوريّة.
لكنّ قدراته انتشرت سُمعَتها حتّى وصلت إلى الإمبراطور نفسه.
وكان النبلاء المركزيّون الذين استمالهم يُطالبون بعودته باستمرار.
“…وبمجرّد عودته، بدأ بغزو مملكة لارييت، موطن البطلة سيتا.”
ومن هنا، بدأت أحداث الرواية الأصليّة.
فقد استيقظت البطلة في جسد سيتا في تلك الفترة تقريبًا.
وبينما كانت مملكتها قد انهارت بين ليلةٍ وضحاها، وقعت أسيرة لدى ساييرد، وواجهت خطر أن تُصبح خطيبته.
أدرك ساييرد أنّ مكانته كوليّ عهد ستكون غير آمنة بسبب دمه غير النقيّ، فاختار الزواج منها.
فمملكة لارييت كانت عريقة، ويمكن أن تُعزّز نسبه.
كما أنّه بالحصول على حجر المانا النقيّ المدفون تحت أراضي المملكة، بالإضافة إلى القناة التي تربط القارّة، سيكون له موطئ قدمٍ قويّ.
لكنّ المشكلة كانت أنّه لا يمكنه حشد جيشٍ كافٍ بسبب وجود الإمبراطورة.
لذلك، قبيل عودته إلى العاصمة، تواصل مع لاهيتريان إيكارسين من مملكة السحر.
اقترح عليه غزو لارييت، فوافق لاهيتريان على الفور.
“…أشعر وكأنني تلقّيتُ طلقةً تؤكّد مَوتي.”
أسندتُ ظهري إلى الجدار ودفنتُ وجهي بين ركبتي.
لو كنتُ ما زلتُ على قيد الحياة آنذاك، لما احتاج ساييرد إلى غزو مملكة لارييت.
فأنا، إليزابيث، من نسل الحاكم، ذات نسبٍ مثالي، وظَهرٍ إمبراطوريّ، كنتُ لأكون خيارًا لا يُقاوَم.
بل إنّ الرواية أوضحت أنّ ساييرد لم يكن يرغب في الحرب أصلًا.
-“بمجرّد عودتي إلى العاصمة، أُجبِرتُ على الحرب فورًا. لقد سئمتُ من كلّ شيء. أشعر بالأسف تجاه لارييت.”
فقد أنهكته الحرب حتّى قبل أن يبدأ القتال.
استلقيتُ على السرير منهارةً، أحدّق في السّقف، ثمّ انتفضتُ واقفة.
تذكّرتُ ذلك الرجل.
ريموند.
الرجل الغريب الذي قابلتُه في المكتبة، والذي كان له مظهرٌ غير مألوف.
“…أميرات توينارت لا يتعلّمن اللغة القديمة.”
قفزتُ واقفة.
“كان يعرف كلّ شيء!”
كان يعرف الحقيقة التي حاولت العائلة الإمبراطوريّة إخفاءها عنّي.
لم يكن يسخر منّي، بل كان مقتنعًا حقًّا بأنّي أجهل اللغة القديمة.
لأنّ الأميرات في تونيارت… لم يتعلّمنها من قبل.
يجب أن أراه مجدّدًا.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 4"