1
الفصل 1 :
فَتَحْ.
فُتِحتْ عَيناي.
استيقظتُ من نومٍ عميق، ونظرتُ إلى السّقف الأبيض العتيق الّذي بدا ضبابيًّا أمامي، وتمتمتُ بفتور:
“يا لهذا الهراءِ…”
…أنْ يحدث لي هذا الشّيء.
تقطّعتْ كلماتي لأنّ صوتي كان مبحوحًا من طول النّوم.
طَقّ.
‘ما هذا؟’
بينما كنتُ لا أزال مستلقيةً على السّرير، نظرتُ إلى المنشفة المبلّلة الّتي سقطت على جسدي، ثمّ أدرتُ بصري.
وهناك، كانت الخادمة ليزا متجمّدةً في مكانها، رافعةً يدها في الهواء، وعلى وجهها ملامح الذّهول.
يبدو أنّ تلك المنشفة سقطت من يدها.
كانت ليزا تحدّق بي بعينين مضطربتين واهتزازهما يدلّ على فزعها.
“ص، صاحبةُ السّموّ…! ه، هل استيقظتِ؟ آه…! هل تشعرين بأيِّ ألم؟”
“آه…”
قطّبتُ حاجبيّ من ألمٍ خافتٍ في رأسي.
“رأسي يؤلمني.”
حين رفعتُ يدي نحو رأسي، أوقفتني ليزا بسرعة.
“لا تلمسيه، من فضلكِ. الجُرح الّذي تسبّب به سموّ وليّ العهد عندما ضربكِ بحامل الشّموع لم يلتئم بعد.”
آه، صحيح. لقد حدث ذلك.
ولهذا فقدتُ وعيي.
أنزلتُ يدي بهدوء، وابتسمتُ بمرارة.
‘ما الّذي يحدث بحقّ الجحيم؟’
لماذا يحدث كلّ هذا لي أنا تحديدًا؟
“هل يُعقل هذا؟”
“……عفوًا؟”
“لا يُعقَل أبدًا.”
لكنّ هذا “غير المعقول” قد وقع بالفعل.
لقد ضَرَبَني إيتيريون، الّذي فقد صوابه، بحامل شموع، و… استعادت ذاكرتي من حياتي السّابقة.
شعرتُ وكأنَّ حياتي الّتي عشتُها طوال التّسعة عشر عامًا الماضية تحت اسم ‘إليزابيث أنيشا تونيارت’ قد نُسِفَت من الأساس.
“يا لهذا الجنون، جنون، جنون.”
تراجعت ليزا خُطًى إلى الوراء حين خرجت تلك الكلمات البذيئة من فمي، وهي كلمات لم أنطق بها قطّ من قبل.
لكن لم يكن لديّ وقتٌ لأهتمّ بذلك.
‘ولِمَ كانت حياتي السّابقة بهذا القُبح؟’
في حياتي الماضية، اضطررتُ إلى أن أُقتَل على يد أخي غير الشّقيق.
حين قيل له إنّي لن أعيش طويلًا ويجب عليه الاستعداد، اعتنى بي كثيرًا.
لكن لمّا بدأتُ أستعيد صحّتي شيئًا فَشيئًا، تغيّر سلوكه فجأة.
لم يتحمّل أن يُشاركني ما كان يستأثر به وحده.
“كان ينبغي أن تكون لي من البداية.”
نظراته تلك لا تزال محفورةً في ذهني، لا تُمحى.
آه، لكنّ المشكلة الحقيقيّة ليست في هذا.
صحيح أنّني استيقظتُ بسبب صدمة اللّحظة الأخيرة، لكنّ الكارثة الأكبر هي…
“بما أنّ صاحبة السّمو قد استيقظت، سأذهب فورًا لاستدعاء الطّبيب الملكيّ.”
“…الطّبيب؟”
“لقد بقيتِ مُغمًى عليكِ لأكثر من أسبوع.”
“أكثر من أسبوع…؟”
“سأعود بسرعة.”
يبدو أنّ ليزا شعرت بأنَّ حالتي ما زالت غير جيّدة، فغادرت الغرفة بسرعة.
تأكّدتُ من أنّها خرجت، ثمّ تنفّستُ تنهيدةً ثقيلةً كأنَّ الأرض ستنهار تحتها.
“هاه… أهذا هو العالم الّذي أعرفه؟”
إنّه نفس العالم الّذي كان في الرّواية الّتي قرأتُها في حياتي السّابقة، سواء أصلها أو نسخة الويب.
فتحتُ أصابعي الّتي كنتُ أغطّي بها وجهي، وألقيتُ نظرةً على الغرفة.
على الرّغم من أنّني عشتُ فيها تسعة عشر عامًا، فقد بدتْ غريبةً عليّ فجأة بعدما أدركتُ الحقيقة.
البناية البيضاء الّتي تُشبه الهياكل الدّينيّة، تماثيل منحوتة على الجدران، والزّخارف الذّهبيّة الّتي ترمز إلى الحاكم المنتشرة في كلّ مكان.
“هاه… سأُجنّ، لقد رأيتُ كلّ هذا من قبل.”
أغمضتُ عينيّ بمرارة.
ما الّذي عليّ فعله الآن؟
لا يمكنني توقّع ما سيحدث بعد الآن في حياتي كإليزبيث.
لأنّني، ببساطة، لم أكن أظهر أصلًا في العمل الأصلي.
* * *
“الجُرح يلتئم بشكلٍ جيّد. بعد عدّة أيّام يُمكن إزالة الضّماد.”
“…هل الجرح كان بهذه الخطورة؟ لهذا السبب ربّما… صاحبةُ السّمو…”
توقّفت ليزا عن الكلام وهي تنظر إليّ بتردّد.
أجل، لا يمكنها أن تقول أمامي إنّني أبدو وكأنّني أحتاج إلى علاجٍ نفسيّ.
حين تلاشت كلماتها، سأل الطّبيب:
“تبدو كيف بالضّبط؟”
“…ليست كما كانت.”
“وفي أيّ جزءٍ بالتّحديد؟”
كان الطّبيب يُعقّم الجرح ويُغيّر الضّماد الّذي على رأسي.
فتحت ليزا فمها عدّة مرّات كأنّها ترغب في الشّرح، لكنّها في النّهاية هزّت رأسها.
“من الطّبيعيّ أن تكون كذلك بعد أسبوعٍ كاملٍ من الغيبوبة.”
“أهكذا هو الأمر؟”
بدت ليزا مرتاحة بعد سماع تلك الإجابة، وأومأ الطّبيب لي وقال:
“إذًا، لا تُجهدي نفسكِ، واستريحي جيّدًا، صاحبةَ السّموّ إليزابيث.”
أومأتُ برأسي في هدوء.
وحين غادر الطّبيب، عادت ليزا تسألني بنبرةٍ أكثر إشراقًا.
“هل أُحضّر لكِ الطّعام؟”
“نعم، سيكون ذلك جيّدًا.”
كان صوتي رقيقًا وعذبًا. لوهلةٍ بدا غريبًا، فلامستُ شفتيّ. كانت خصلاتُ شعري الفضّيّ تتدلّى من كتفيّ.
“إذًا، ابقي مستلقية!”
أسرعت ليزا في الحراك مجدّدًا.
وأنا أدرتُ بصري نحو النّافذة.
من خلف النّافذة المقوّسة، ظهرت قصور بيضاء عظيمة. حتّى طرقات القصر الإمبراطوريّ كانت بيضاء.
حين أفكّر في الأمر، لطالما شعرتُ بالألفة مع هذا المكان رغم أنّني لم أره من قبل، وكنتُ أظنّ أنّ السّبب هو أنّني أعيش فيه، لكن يبدو أنّني كنتُ أتذكّر ما رأيته في الويب تون دون أن أشعر.
ارتسمت على وجهي تعابير الحزن.
استعدتُ ذاكرتي، لكن…
“هل يُفترض أن أفرح؟ أم أجزع؟”
في حياتي السّابقة، كنتُ قارئةً متحمّسةً للرّواية والويب تون على حدٍّ سواء.
ولهذا، ورغم أنّني لا أتذكّر كلّ التّفاصيل، إلا أنّني كنتُ أُدرك شخصيّات الرّواية الرّئيسيّة جيّدًا.
وكان هذا يُمثّل كارثة.
“إليزابيث أنيشا تونيارت.”
نفس لقب أحد أبطال الرّواية الذّكور.
لكنّني لم أرَ اسم “إليزابيث” أبدًا في العمل الأصلي.
وهذا يُمثّل مشكلةً كبيرة.
ففي روايات هذا النّوع، تتناسب أهمّيّة الشّخصيّة طرديًّا مع مكانتها.
وإليزابيث حاليًّا هي بالفعل شخصيّةٌ موجودة في الواقع.
أنا الدّليل على ذلك، فقد وُلدتُ كأميرةٍ للإمبراطوريّة المقدّسة تونيارت.
ومع ذلك، لم أظهر في الرّواية ولو مرّة.
وهذا يعني…
“لا، تماسكي، إليزابيث. لماذا تتوقّعين الأسوأ منذ الآن؟”
رفعتُ يدي لأشدّ شعري، لكنّني تذكّرتُ الضّماد على رأسي، فقبضتُ عليها بإحكام.
كيف لي أن أتماسك؟!
أنا أخت أحد الأبطال الذّكور، إيتيريون، ومع ذلك لم يُذكَر اسمي قط!
وهذا لا يُشير إلّا إلى أمرٍ واحد…
أنّني سأموت قبل بداية الرّواية!
“…ليتَ الأمر مجرّد ثغرةٍ من الكاتبة.”
أو ربّما نَسِيَتني…
“لكنّ هذا تفاؤلٌ مفرط.”
الأرجح أنّ هناك حبكةً لم تُكشَف بعد.
ويُمكن التّوصّل إلى ذلك من خلال حالة إيتيريون الحاليّة.
فهو مختارٌ من قِبل الحاكم، وقد وُهِب القوّة المقدّسة، وسيكون الإمبراطور المقبل.
لكنّه لا يُجيد السّيطرة على تلك القوّة.
والشّيء الغريب أنّ الشّخص الوحيد القادر على تهدئته وقت نوبات القوّة هو إليزابيث… أنا.
ممّا يعني أنّ الكاتبة لم تُنشئ شخصيّة إليزابيث عبثًا.
أنا على يقينٍ بأنّ نهايتي لن تكون سعيدة.
الأمر واضحٌ حين نُدرك نوع القصّة.
إنّه عملٌ للكبار تحت ستار “الرّومانسيّة الحادّة” لكنّه في الحقيقة رواية سوداويّة بشدّة.
* * *
رغم أنّ عنوان الرّواية “زهرة القفص لا تذبل” قد يبدو مُبتذلًا، إلا أنّه يُوحِي بإمكانيّة نهايةٍ سعيدة.
الشّخصيّة الرّئيسيّة في الرّواية هي ‘سيتا’ الّتي استيقظت داخل جسد البطلة.
كما خمنتم، إنّها رواية تجسيد.
ما إن استيقظت سيتا، حتّى وجدت المملكة منهارة، وفهمت أنّها داخل عالم رواية.
وبتصرّفاتها الّتي لا تُناسب العصر وأفكارها المنفتحة، بدأت تُسحر الأبطال الرّجال واحدًا تلو الآخر.
وكانت مكانتهم رهيبة.
أمير إمبراطوريّة أتريشيا العسكريّة القويّة: ‘ساييرد أتريشيا’.
الإمبراطور المستقبليّ للإمبراطوريّة المقدّسة: ‘إيتيريون فان تونيارت’.
وصاحب برج السّحر، القادر على تدمير دولةٍ بمفرده: ‘لاهيتريان إيكارسين’.
جميعهم امتلكوا ما يجب أن يمتلكه الأبطال الرّجال.
واستخدموا كُلّ ذلك للفوز بالبطلة.
ولم يتردّدوا في الوسائل.
فهذا عنصرٌ لا يتجزّأ من القصص المظلمة.
“…كان الأمر ممتعًا وأنا أقرأ. لكن حين أعلم أنّني سأعيش وسطهم، أشعرُ بالجنون.”
لم يكن فيهم أحدٌ طبيعيّ، ولذلك أحببتهم، لكن الآن لا مجال لذلك.
حتّى لو نجوتُ بعد نهاية الرّواية…
“سيتا ستأتي إلى هنا.”
حين تفاقم الوضع، قرّرت سيتا الهرب، ولجأت إلى هذه الإمبراطوريّة، تونيارت.
رغبتها؟ لقاء الحاكم وطلب العودة إلى عالمها الأصليّ.
وقد نجحت، فنالت نهايةً سعيدة… لها وحدها.
لكنّ الأبطال لم يسمحوا بذلك.
حاول ساييرد ولاهيتريان منعها.
“وقبل ذلك، تسبّب إيتيريون بانقلاب.”
كان لديه خطيبة، لكنه قتل كلّ أفراد العائلة الملكيّة وخطيبته من أجل البطلة.
وأوهمها بلقاء الحاكم ليُبقيها بقربه.
لكنّ الحاكم تخلّى عنه، ففقد قوّته، وسقطت الإمبراطوريّة في التّاريخ.
“اللعنة…”
في كلّ الأحوال… الموت هو مصيري.
وكانت لحظات النّجاة قليلةً جدًّا.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"