1
‘وَاههه! اللَعَنَة… لِيُصبحَ المرءُ بطلًا رَجُلًا، لا بُدَّ أن يكون بهذه الجاذبيّة إذن.’
كان يملك وجهًا جميلًا جامد الملامح، وشعرًا أسودَ قاتمًا كخَشب الأبنوس.
وعينين بلون الورديّ القاتم تشعّان بأناقةٍ فاتنة وإغواءٍ خافت.
أطبقتُ شفتيّ بصعوبة كي لا تبقيا مفتوحتين بدهشة.
الرجلُ ذو الجمالِ المجنون الذي وقف حائلًا أمامي هو “كَاي هايدِن”.
إنّه الأميرُ الثالث لإمبراطورية هايدِن، والمُلقَّب بـ “كلب الصيد الخاص بالإمبراطورية”.
وهو كذلك بطلُ رواية «رومانسية لا تموت»، ذاك الرجلُ الرفيع المتكبّر.
لم أتخيّل يومًا أنّي سأرى البطلَ الذي حلمتُ به طويلًا… على هذه المسافة القريبة.
‘صَحيح! هكذا يكون نجاحُ المُعجبة الحقيقيّة!’
حدّقتُ في وجهِ كاي الساحر بعينين تلمعان حماسًا.
لم أفكّر في الحديث إليه أو حتى إلقاء تحيّة. فأنا، في النهاية، لستُ سوى كومبارس بلا جملة واحدة في هذا العالم.
كنت أريدُ فقط أن أستمتعَ بالنظر إليه كغبارٍ يطفو في الهواء… بهدوء… دون أن أُزعج أحدًا.
لكن، فجأة… أصابعٌ طويلةٌ قاسيةٌ انطبقت بقوّة على معصمي وسحبته نحوه بعنف.
“كُفّي عن المقاومةِ العبثيّة.”
“هـه؟ مُقاومة؟”
فوجئتُ لدرجة أنني نطقتُ بلا قصد بِلغةٍ غير مهذّبة.
فتجمّدَ وجهُ كاي أكثر، وتزايد الضغطُ المؤلم على معصمي.
“لا تظنّي حقًا أنكِ سترتكبين ما ارتكبتِ ثم تهربين بسلام.”
“…ما الذي ارتكبتهُ؟”
لم أفعل شيئًا سوى التفرّج على جمالك يا صاحب السمو… قسمًا.
تحسّستُ بارتباكٍ ساعةَ الجيبِ المعلّقة في عنقي، وحالما رأيتُ الوقت، قطّبتُ حاجبيّ بشدّة.
“لحظة، صاحبَ السمو كاي… لماذا أنتَ هنا أصلًا؟”
في هذا الوقت تحديدًا كان يجب أن يكونَ كاي في وسط السفينة يحضر الحفل الراقص.
هناك كان عليه أن يلتقيَ بالبطلة، يرقص معها، يشرب الخمر، ويأكل شفتيها أيضًا.
‘فلماذا تتعارك معي هنا يا حضرة البطل؟!’
رمشتُ متفاجئة وأنا أنظرُ إليه.
وبمجرّد أن التقت عينيّ بعينيه، ارتسمَ على شفتيه الحُمر خطٌّ منحنيٌ ساخِر.
سُخريةٌ واضحةٌ وصارخة.
“هاه… يا لها من جرذٍ وقِحٍ حدّ الاشمئزاز.”
مـ… ماذا قلت؟
جرذٌ…؟!
أنا؟ أنا التي أحببتك حدّ الجنون؟!
أنا التي عشتُ شهرًا كاملًا على الرامن فقط لأشتري الكاش وأدعمكَ في اللعبة؟!
نفختُ الهواء من أنفي غيظًا وحدّقتُ به، لكن ما إن واجهتُ جماله الساحق… حتى تبخّر غضبي كليًّا.
‘لا… لا أستطيع الغضب من كاي… أبدًا.’
فالمفضّلُ—الـ أوتاكو كوين—يكفي أن يتنفّس أمامكِ لتصفّقي كالفقمة.
دفعتُ شفتيّ إلى الأمام متجنّبة الشتائم.
“أظنّ أن هناك التباسًا ما. لستُ الشخص الذي تبحث عنه يا صاحب السمو.”
اذهب وابحث عن بطلتنا… أرجوك، فقط دعني أتفرّج من بعيد!
ثم حاولتُ التقدّم من جانبه هاربة.
أو… كنتُ سأفعل، لولا أن صريرًا معدنيًا دوّى في معصمي.
حلقةٌ باردةٌ فضيّة شدّت على جلدي بقسوة.
“…أصفاد؟”
“نعم.”
ابتسم كاي ابتسامةً ملتوية وهو يقيّدني.
ثم امتدّت يده الكبيرة تُمسك كتفي، واقتربت شفتاه الحمراوان من أذني وهمس:
“نِيتِي كيرتيس… لا تفكّري مجدّدًا بالهرب منّي.”
—
قبل هذا… بثلاثة أسابيع.
استيقظتُ فوق سفينةٍ يطوّقها البحر من كل الجهات.
ظننتُ في البداية أنني في حلم طويل. فقد كنتُ أعمل حتى العظم الليلة الماضية… فكيف وصلتُ إلى هنا؟
والأغرب… أنّ وجهي لم يكن وجهي.
المرآةُ كانت تعرض فتاةً شقراء لا أعرفها.
‘ههه… حلم تافه لا بدّ أنني سأستيقظ منه قريبًا.’
لكن… لم أستيقظ.
مهما مرّ الوقت… لم أخرج من هذا الحلم.
يومٌ… يومان… وعندما حلّ صباح اليوم الثالث، أدركت الحقيقة.
إنه عالم رواية «رومانسية لا تموت».
الرواية الرومانسية البالغة التي قرأتها أكثر من ثلاثين مرة.
لقد تجسدتُ داخل هذا الجحيم الورديّ الدامي!
بكيتُ من الصدمة أولًا. فهذه الرواية مليئة بالوحوش المفترسة التي تعيث فسادًا في كل مكان.
لكن بعد أيام… تغيّر رأيي تمامًا.
‘أليس هذا أفضل من حياتي السابقة؟’
كنتُ ابنةَ عائلةٍ فقيرة حدّ الانهيار، مُلاحَقة بالديون، أعمل ليل نهار.
تقريبًا جرّبتُ كل أنواع العمل الموجودة في كوريا.
‘ثم فجأة… أصبحتُ وريثة ثريّة؟!’
الجسد الذي اندمجتُ فيه—جسد “نِيتِي كيرتيس”—كان لابنة عائلةٍ ثريّة، و… جميلة أيضًا.
شعرٌ ذهبيّ كالعسل وعيونٌ زرقاء كالبحر.
كنتُ—بكل معنى الكلمة—سيدةً فاتنة.
هذا أفضل من ربح لوتو الدرجة الأولى!
وفوق كل هذا…
‘ههه… بطليّ المفضّل موجود على هذه السفينة أيضًا.’
وقعتُ في حبّ كاي لأكثر من عام كامل.
لا انسحاب عن المفضّل… فقط استراحة مؤقتة.
ومَن يستطيعُ تجاهل رؤية المفضّل… بالحجم الطبيعي… أمام عينيه؟
صحيح أنّ الوحوش ستظهر لاحقًا…
‘ولكن وما شأني أنا؟’
النهايةُ حتمًا سعيدة.
والأبطال سينقذون الجميع.
أما أنا فسأهرب من السفينة قبل ظهور المخلوقات.
الخلاصة:
‘سأستمتع، أتفرّج على مفضّلي… ثم أهرب!’
…أو هكذا كنتُ أظن.
لكن الآن—
‘كيف انتهى بي الحال إلى هذا؟’
شعرتُ بألمٍ هائلٍ في ذراعي التي كانت ممسكةً بقسوة.
ظهرت على بشرتي البيضاء آثارٌ حمراء من شدّة قبضته.
“أه… أرجوك، كاي! صاحب السمو!”
كنتُ أُسحَب كالجرو، فتمتمتُ بصعوبة.
توقّف كاي، ونظر إليّ ببرود.
“لا تُلوّثي اسمي بذلك الفم القذر.فهذا مُثير للاشمئزاز .”
مـاذا؟!
تجمّدتُ تمامًا.
‘ما الذي أصاب أميرنا اللطيف؟!’
في الرواية، كان كاي لطيفًا…
حاميًا للضعفاء…
فارسًا نبيلًا يحترم السيدات!
لم يكن يومًا هذا الخاطف الفظّ!
“صاحب السمو، على الأقل اشرح لي لماذا تفعل هذا بي!”
“…شرح؟”
“نعم، شرح! حتى لو كنتَ أمير، لا يحقّ لك إساءة معاملة مواطنة من إمبراطوريةٍ أخرى بهذه الطريقة!”
حاولتُ تحريك ذراعي، لكن الأصفاد لم تتحرّك قيد أنملة.
ضغط كاي على المفصل المعدني بغلظة.
“كفى. اتبعي أوامري بهدوء.”
“لكن… هلّا نزعتَ هذه أولًا…؟”
“إذا أردتِ التخلص منها… أستطيع جعلها غير ضرورية.”
“حـ… حقًا؟”
“فقدان ذراعٍ أو ذراعين لن يقتلك. هل تريدينه؟”
…أسحب كلامي.
مفضّلي الغالي… ليس إلا مبتدئًا في فنّ التهديد.
مهما كان جميلا… هذا كثير!
كنت على وشك رفع إصبعي الأوسط نحو مؤخرة رأسه… لولا أنه التفت فجأة.
“نِيتِي كيرتيس. أين غرفتك؟”
“…هاه؟”
“سألتك. أين الغرفة التي خُصِّصت لكِ؟”
“أ… ٤١٤.”
أجبت بلا تفكير… لا علاقة لجماله بهذا إطلاقًا. أبدًا.
ربّت كاي ذقنه، وحدّق بي مطوّلًا.
“كما توقّعت. أنتِ الفتاة التي كانت على سطح السفينة تلك الليلة.”
سقط قلبي.
أيّ… سطح؟
أيّ ليلة؟
هل هذا… ذلك الكليشيه؟
‘المفاجأة الكبرى: الرجل الذي قضيتِ الليلَ معه هو بطل العالم!’
ازدادت شكوكِي.
تصرّفاته… القبض عليّ… الأصفاد…
هل كانت لهذا الجسد علاقة به سابقًا؟
لقاءٌ سرّي؟ علاقةٌ خطيرة؟
أو ربما…
‘يا إلهي… هل كاي يحبّ الأساليب العنيفة؟!’
أُغرقت أفكاري باحتمالاتٍ لا نهاية لها.
ولم أنتبه لوجه كاي الذي اقترب—قريبًا جدًا—حتى فات الأوان.
“أ… آه….”
كانت تقاسيمه… مذهلة.
ظلُّ أنفه العالي،
رموشه الكثيفة،
عيناه الوردّيتان المتألقتان،
و…
يا ربّ. تلك الشفتان.
اقترب أكثر، ومرّ ساعده قرب عظمة ترقوتي.
‘يا ألهي… هل يُغْريني؟!’
تاهت أفكاري.
كتفاه العريضتان،
هيئته الممشوقة،
وصدره الذي بدا تحت القميص الأبيض…
لحظة.
دمٌ؟
هل هذا… بقعة دم؟
تراجعتُ خطوتين.
وبذات اللحظة—
“تِك.”
لمع أمام وجهي فوهةُ مسدس أسود.
“انتهت لعبةُ السخافات.”
وجّه كاي السلاح إلى جبهتي مباشرة.
وعيناه الورديتان تحوّلتا إلى لونٍ أحمر قاتم.
لامس البرد المعدني جلدي…
فتجمّد دمي.
ضاق نفسي، وتعرّق جبيني.
قلبي كان على وشك الانفجار.
“أ….”
لماذا؟
لماذا سلاح؟
لماذا نحوي أنا؟
رفعتُ نظري ببطء.
“لـ… لماذا تفعل هذا بي…؟”
“هاه، تتظاهرين بالبراءة؟”
“….”
“عندما يقع الجواسيس في الأسر… يمثلون دور الملائكة.
هذا تكتيكهم المعتاد.”
جاسوس؟!
أنا؟!
صوته البارد اخترق ارتباكي.
لا بدّ من توضيح الأمر.
رفعتُ يدي ببطء مستسلمة.
“مـ… مهلاً.
لنعقل الأمور… ألا يمكننا التحدّث بهدوء أولـ—”
بانغ!
“آآآآاااااه!”
أطلق النار! فعلها فعليًا!
صرختُ وأغمضتُ عيني بكلّ قوتي.
التعليقات لهذا الفصل " 1"