“”أنا آسف يا سيدتي، أنتِ لستِ حاملاً، ولن تكوني كذلك في المستقبل أيضاً”.، قال الطبيب في زيارتي التالية بتعبير حزين على وجهه.
“لكن أعراضي؟”، قلت بصوت متصدع.
“يا سيدتي، رحمك وأعضاؤك الأخرى تضررت بشكل لا يمكن إصلاحه، بسبب السم الذي كنت تتناولينه”، أضاف الطبيب.
“سم؟”، تمتمت في حيرة.
“نعم، دمك يظهر مستوى عالٍ من السم الذي تراكم مع مرور الوقت في جسدك، للأسف بسبب مواردي المحدودة لا أستطيع معرفة أي نوع من السم هو”، قال الطبيب وهو يمسك يدي محاولاً تحضيري لأخبار سيئة أخرى.
لبقية المحادثة لم أستطع التركيز على ما كان يقوله الطبيب.
كل ما سمعته هو صراخ لينا وهي تنكر الأمر، ثم تتوسل إلى الطبيب أن يشفيني.
وسط الصراخ وخدر قلبي نظرت إلى بطني المسطح.
‘لكن ماذا عن الطفل؟ طفلي؟’
‘ماذا عن قائمة الأشياء التي كتبتها الليلة الماضية؟’
‘ماذا عن الأسماء التي اخترتها في حال كان الطفل فتاة أو ولد؟’
‘وماذا… سيحدث لي؟’
لم أستطع تحمل دقيقة أخرى في العيادة، لذا نهضت وخرجت دون قول أي شيء.
“سيدتي، لا تستمعي إليه، لن تموتي”، بكت لينا وهي تمسك يدي وتتبعني.
نظرت إليها دون أن أنبس بكلمة.
“يا سيدتي، قولي شيئاً من فضلك؟”
“أريد أن أكون وحدي، من فضلك اتركيني”، قلت بنبرة هادئة، وأزلت يدها.
فتحت باب العيادة، فغمرني ضجيج السوق الصاخب وصراخ الأطفال وضحكاتهم.
بدأت أمشي متجاوزة إياهم ومتجاوزة العربة التي استأجرتها.
مشيت ومشيت دون توقف، متمنيةً أن أستيقظ في أي لحظة من هذا الكابوس.
لكن الضيق في صدري والألم في ساقي ذكّراني بواقعي المرير.
مشكلتي في تلك اللحظة لم تكن الحمل الكاذب، بل هوية الشخص الذي سممني.
أعرف بالتأكيد أن هناك شخصاً واحداً فقط يمكنه تسميم طعامي، ولم أرد تصديق ذلك.
خلال العام الماضي، وبسبب سفري، تناولت الطعام في أماكن مختلفة، وكان الطعام مُعدًّا من قِبل أشخاص مختلفين.
الشيء الوحيد الذي ظل ثابتًا هو وجود ثيودور معي.
لكن هذا لا يمكن أن يكون صحيحاً، لأن ثيودور يحبني.
فقط للتأكد، سأختبره مرة واحدة…
“ليندا، أحضري أدوات المائدة الفضية التي اشتريناها اليوم من السوق”، قلت لليندا قبل العشاء.
أنا متأكدة أن هذا اختبار سخيف، ولا يُمكن أن يكون ثيودور على علم بوجود السم في طعامي.
لكنه كان يعرف…
تعبيره القلق عندما ذكرت الفضة التي تتفاعل مع السم والطريقة التي حاول بها جعلي أعيد التفكير في القرار جعل الأمر مؤكداً أنه يعرف كل شيء بالفعل.
لكن لماذا؟
أعرف أنه أُجبر على الزواج مني في البداية، لكن ألم يبدأ في الوقوع في حبي منذ فترة؟ أم كان ذلك مجرد تمثيل حتى لا يشك أحد فيه عندما أموت؟
منذ متى كان يخطط لهذه اللحظة؟
وكم يكرهني لاستخدام مثل هذا السم القوي.
هل لديه شخص آخر؟ أم أن هناك شيئاً لا يستطيع فعله إلا إذا كنت ميتة؟
الشخص الوحيد الذي لديه إجابة على هذا السؤال هو ثيودور، فكرت بينما أنظر إلى وجهه النائم المسالم تلك الليلة.
“ماذا يجب أن أفعل يا ثيودور؟”، تمتمت لنفسي بصوت منخفض لأنني كنت منهكة بعد ما حدث اليوم.
كان اليوم يوماً طويلاً، والليل أيضاً بدا لا نهائياً.
بما أنني لم أستطع النوم لحظة واحدة، استمررت في التفكير والتفكير فيما يجب فعله بعد ذلك.
وماذا يمكنني أن أفعل بشأن الوضع دون أن تتأذى سمعة ثيودور.
موتي لا مفر منه في هذه المرحلة، لكنه سيعيش بعدي، ولا أريده أن يُكره من قبل عائلتي أو أي شخص.
هذا يجعل الطلاق الخيار الوحيد.
نظرت إلى النافذة الكبيرة على يميني ورأيت أن الشمس قد أشرقت بالفعل.
أخيراً انتهى ذلك اليوم الرهيب، فكرت وابتسمت لأشعة الشمس التي أنهت الظلام الطويل.
استيقظت قبل ثيودور وارتديت ملابس جميلة، حتى أنني أخبرت الطاهي بما يجب أن يحضّر من بعض أطباق ثيودور المفضلة.
“أناستازيا، لماذا استيقظت مبكراً هكذا؟”، سأل ثيودور في حيرة لأنني كنت أنتظره في غرفة الطعام.
عادة أستيقظ متأخرة بسبب صحتي، مما يعني أننا عادة لا نتناول الإفطار معاً، لهذا السبب هو في حيرة.
“اليوم مميز لهذا أردت أن أتناول الإفطار معك”، أجبت بابتسامة وأشرت إلى الخادمة لتسكب الشاي.
بدأنا بالأكل وسألته عن جدوله لهذا اليوم، ومحادثات صغيرة أخرى عن أحدث قسم افتتح في برج السحر.
هذه آخر وجبة لي مع ثيودور، وأردت أن أستمتع بكل لحظة منها، دون القلق بشأن أي شيء.
حتى أنني مشيت معه خارج القصر حتى وصلنا الى عربته.
“ثيودور…”، قلت فجأة قبل أن يصعد إلى العربة.
استدار منتظرًا أن أُكمل جملتي.
“وداعاً، وأتمنى لك يوماً سعيداً”، قلت ولوحت بيدي له.
لوّح لي بابتسامة دافئة وصعد إلى العربة.
‘وداعاً يا حبي’، تمتمت لنفسي بنبرة منخفضة حتى لا يسمعني.
بمجرد أن ابتعدت العربة، أخذت نفساً عميقاً وعدت إلى منزلنا.
مررت عبر الممر، صورة زفافنا على الحائط، ثم بدأت أصعد الدرج إلى غرفتنا.
بعد الدرجة الثالثة بدأت دموعي تتساقط ببطء.
عندما وصلتُ إلى منتصف الدرج، انهمرت دموعي بغزارة وانفجرتُ بالبكاء.
لحسن الحظ لم توقفني لينا واستمررت في عصر طرف فستاني وأبكي أكثر.
عندما وصلتُ إلى غرفة نومنا، جلستُ على السرير أنظر إلى الحائط بشرود، بينما كانت ليندا تُحزم أغراضي واحدة تلو الأخرى.
طلبت منها أن تحزم فقط الأشياء التي أحضرتها معي قبل أن أتزوج، ولا شيء من الهدايا والفساتين التي أهداني إياها ثيودور، وألا تحزم أي صورة لنا.
إذا أردت أن أبقى قوية ولا أعود إليه راكضة، يجب أن أحاول محو وجوده ببطء من حياتي، وأعيش أيامي الأخيرة في سلام.
ما إن جهزتُ حقائبي حتى رأيتُ كبير الخدم ينتظر بقلق خارج الباب.
“أريد الطلاق، أخبر ثيودور، لا أعني أخبر سيدك أنني أريد الأوراق أن تكون جاهزة في أقرب وقت ممكن”، أخبرت الخادم الذي انحنى ردا على طلبي.
لينا كانت تحدق فيه بغضب، و بسبب مظهري و عيني الحمراوين لم ينطق بكلمة.
التعليقات لهذا الفصل " 38"
قبل 30 ثانيه!!!