الفصل السابع والثلاثون: عيد ميلادي العشرون
“عيد ميلاد سعيد…
عيد ميلاد سعيد يا آنا
عيد ميلاد سعيد….”
*تصفيق*
*تصفيق*
عيد ميلادي العشرين كان مختلفاً عن أعياد ميلادي الأخرى.
لأنه أول عيد ميلاد أقضيه مع زوجي وعائلتي.
أنظر أمامي وأرى الأشخاص الذين يحبونني من كل قلبهم و هذا يجعلني أبتسم…
ابتسمت لأنني محظوظة، كان هناك وقت في حياتي اعتقدت فيه أنني قد لا أعيش لأرى هذا اليوم.
لكن انظروا إليّ الآن أقطع كعكة عيد ميلادي العشرين بسعادة؟
تناول كعكة حلوة في تجمع مبهج كهذا يجعل كل شيء يبدوا مثالياً، تقريباً…
هناك جانب واحد فقط من حياتي يستمر في التدهور، وهو صحتي…
أدويتي التي اعتادت السيطرة على جميع أعراضي، بالكاد تعمل الآن.
كل شيء أصبح أصعب…
إذا أكلت كثيراً، تؤلمني معدتي…
ركبتاي لم تعد قادرة على حمل وزن جسدي كما اعتادت.
ومن وقت لآخر أشعر بضيق في التنفس…
هل أجهدت نفسي كثيراً؟
لقد مر عام منذ انتهت الحرب مع أمة التنانين.
و لم استرح و لو ليوم واحد…
بقيت لعدة شهور على الحدود لاشرف على لإعادة بناء الجدار.
ثم بدأنا في إعادة بناء القرى القريبة من الحدود التي دُمرت تماماً.
بناء المنازل والطرق استغرق وقتا طويلا.
غير ان اعادة توطين الناس و توزيع الأيتام عبر دور الأيتام في جميع أنحاء البلاد عملية معقدة.
بسبب كل هذه التفاصيل، طوال العام الماضي كنت أتنقل ذهاباً وإياباً بين موقع المخيم ومنزلي، و أزورعائلتي أحياناً.
ربما هذا هو سبب تعبي…
التنقل المستمر، العمل المتواصل ادى الى هذه النقطة.
المشكلة أنني لا أستطيع الوقوف ومشاهدة الناس المحتاجين دون فعل أي شيء.
لذا قبلت كل المهام التي كلفني بها الملك، بل و ساعدت الآخرين أينمى استطعت على امل إعادة بناء ما فُقد بسبب الحرب.
لكن كل هذا يجب أن يتوقف الآن، لأنني دفعت جسدي إلى حدوده.
تحت ذريعة عيد ميلادي واشتياقي لعائلتي، سلمت عملي لأشخاص آخرين وعدت للراحة في قصرنا.
ثيودور ما زال يخرج خلال النهار لكنه يتأكد من تناول وجبة واحدة معي على الأقل، وهذا يجعلني سعيدة.
رغم انشغاله يهتم بي بطريقته الخاصة.
“آنا، مؤخراً تبدين شاردة الذهن؟ هل أنت بخير”، سأل ثيودور ذات ليلة بينما كنا مستلقين في السرير.
فجأة وضع كتابه جانباً ونظر إليّ بتعبير قلق.
“لا، لا تقلق، أنا بخير”، كذبت ثم ادرت ظهري له لتجنب المزيد من الحديث.
رغم سوء صحتى لا يسعني سوى الانتظار لأن طبيبي الشخصي حالياً في عمل تطوعي في قرية بعيدة.
ولا أريد أن اذهب الى أي طبيب آخر الى في حالة الطواريء.
همم، دعنا نفكر في ماهية أعراضي بالتحديد.
لا أشعر برغبة في تناول الطعام و أحيانا حتى النظر لى الطعام يجعلني أشعر بالغثيان.
أشعر بالتعب ونقص الطاقة معظم الأوقات.
و….
مهلا؟ متى كانت آخر دورة شهرية لي؟ هل يمكن أن يكون؟
وضعتُ يدي على فمي في حالة من عدم التصديق.
هل يمكن أن أكون حاملاً؟
حسناً، هذا بالتأكيد احتمال بعد كل تلك الليالي التي قضيتها مع ثيودور…
‘طفل؟’ فكرت بينما ألمس بطني.
حتى مجرد التفكير في الأمر جعلني أبتسم.
طفل يشبهني ويشبه ثيودور، طفل يكمل عائلتنا.
أعلم أنه بسبب مرضي لم تكن دورتي الشهرية منتظمة أبداً، وقد أكون مخطئة، لكن الأعراض التي أعاني منها يمكن أن تكون مؤشراً على أنني حقاً أحمل طفلاً.
فجأة شعرتُ بالتفاؤل وغفوتُ والابتسامة تعلو وجهي.
“لينا، جهزي عربة لي سراً، سأذهب إلى وسط المدينة”، همست في أذن خادمتي في الصباح.
بصراحة أنا الآن متحمسة جداً ولا استطيع الأنتظار حتى يعود طبيبي، و ايضاً لا أريد أن أذكر اموضوع الحمل لثيودور أو عائلتي دون أن أكون متأكدة.
لذا الخطة هي زيارة عيادة محلية في وسط المدينة والخضوع لفحص.
إذا كنت حاملاً سأخبر ثيودور بالأخبار السارة…
و ان لم أكن سأنتظر حتى يعود طبيبي و يغير لي ادويتي.
صباح يوم الاثنين ارتديت ملابس عادية حتى لا يعرف أحد هويتي ودخلت العيادة المحلية مع خادمتي لينا.
“إذن تريدين فحص حمل”، قال الطبيب.
“نعم”
“حسناً، لكن هل هناك أي شيء أحتاج معرفته عنك قبل أن أسحب الدم؟”
نظرت إلى لينا بوجه قلق ثم أخبرت الطبيب عن حالتي.
عن جسدي الهش و قلبي الضعيف.
“همم، إذن إذا لم تمانعي سأجري فحوصات متعددة على دمك فقط للتأكد من أن جسدك يمكنه تحمل شيء خطير مثل الحمل”، أجاب الطبيب واستمر في الإجراء.
في طريقي إلى المنزل، أمسكت خادمتي لينا يدي وابتسمت، محاولة جعلي أشعر بالراحة لأني كنت متوترة.
لقد كانت تساعدني في إخفاء حالتي منذ أن تزوجت.
تخفي دوائي في جيبها، تختلق الأعذار لي عندما لا أستطيع النهوض من السرير، تكذب على ثيودور والجميع.
بدونها كان سري قد اكتُشف منذ زمن طويل.
ابتسمت لها ومشينا في السوق.
قال الطبيب إنه سيستغرق ثلاثة أيام للحصول على نتائج الفحص.
لأن عيادته صغيرة، لا يستطيع إجراء كل الفحوصات التي يريدها، لكنه سيجري الضرورية منها.
“سيدتي، يمكنك شراءها إذا أردت”، قالت لينا لأنني كنت أنظر إلى خشخيشة للأطفال في السوق المحلي.
لم تكن شيئاً مميزاً، فقط خشخيشة خشبية على شكل جوزة البلوط.
عادة يشتري النبلاء خشخيشات مصنوعة من مواد باهظة الثمن، لكن هذه لفتت انتباهي.
“لا بأس، سأشتريها إذا كان تشخيص الطبيب صحيحاً”، قلت للينا ووضعت الخشخيشة مكانها.
لا أريد أن أعطي نفسي الأمل فقط ليتحطم.
لكن رغم ذلك استمررت في النظر إلى الوراء عدة مرات.
‘سأشتريها في المرة القادمة’ أقنعت نفسي وعدت إلى المنزل.
تفاؤلي قوبل بأسوأ سيناريو.
لم أكن حاملاً، بل في الواقع كان جسدي على وشك الموت.
و من هذه النقطة بدأ عالمي المثالي ينهار شيئاً فشيئاً.
*****
Instagram: Cinna.mon2025
التعليقات لهذا الفصل " 37"