سطر واحد مرعب جعلنا نحزم أغراضنا على الفور دون تردد.
“في الوقت الحالي عودي إلى عائلتك وابقي آمنة، سأحاول العودة في أقرب وقت ممكن.” قال ثيودور وهو يحزم أغراضه.
“لا.”
“ماذا تعنين بلا؟”
“لن أعود إلى عائلتي، هل نسيت أنني زوجتك الآن، أنا البارونة مورسن.”
“إذاً تريدين العودة إلى منزلنا والبقاء هناك وحدك؟.”
“لا، لن أعود إلى عائلتي أو منزلنا، سآتي معك إلى المخيم الحربي.”
“هل جننت؟ ماذا ستفعلين هناك؟” قال ثيودور بنبرة غاضبة.
“أي شيء… سأفعل أي شيء، لا يمكنني الانتظار في مكان آمن بينما أموت كل يوم لمعرفة ما إذا كنت آمناً أم مصاباً.
خلال المعارك تتأخر الرسائل لأسابيع وأحياناً لأشهر، بحلول الوقت الذي أسمع فيه منك، قد يكون شيء ما قد حدث، لذا سأنضم إليك.” قلت لثيودور بينما أنظر مباشرة في عينيه لأعلمه أنني لن أغير رأيي على الإطلاق.
“سأسمح بأبعد مخيم عن ميدان المعركة فقط”
“حسناً.” رددت بابتسامة وبدأت بحزم أغراضي بأسرع ما يمكنني.
وهكذا انتهى شهر العسل، استمر ثلاثة أيام إذا حسبنا اليوم الأخير الذي قضيناه في حزم أغراضنا وتوديع الخدم و سكان الجزيرة، وسرعان ما عدنا إلى فاليريا.
في ذلك الوقت لم تكن لدي أي فكرة أن القتال سيستمر لهذه المدة الطويلة.
أنا وثيودور قضينا 6 أشهر في مخيم ميدان المعركة.
كان كل يوم يبدأ بنفس الطريقة، كنت أعانق ثيودور وأراقبه يذهب إلى المعركة مع الجنود الآخرين.
ثم أتفقد ساعتي من وقت لآخر لأحسب كم من الوقت مضى منذ رحيله، وما إذا كان سيعود جريحاً.
حتى ثيودور الذي هو واحد من أقوى السحرة في القارة كان يعود منهكا ، ولم أكن أعرف كيف أواسيه.
لذا كنت أجلس بجانبه وأمسح التراب والدم من يده وأستمر في قول أن كل شيء على ما يرام وأن الحرب قد تتوقف غداً… لكنها لم تتوقف.
على الرغم من وجود أليكس في صفنا كنا لا نزال نكافح في المعركة.
في بعض الأحيان لا أزال أتساءل لماذا و كيف بدأة معركة بهذا الحجم ، لكن ليس هناك سبب واضح.
كل ما نعرفه هو أنه أمة راكبي التنين، الذين كانوا مسالمين في الماضي قرروا فجأة مهاجمة وغزو كل بلد في طريقهم.
واستولوا بسهولة على أي أرض وضعوا أعينهم عليها، لأن التنانين ليست سهلة القتال.
لديهم جلد سميك لا يُكسر بسهولة بالحراب أو الهجمات السحرية، كما أن قدرة التنانين على الطيران تجعل نصف جيشنا عديم الفائدة.
قال ثيودور ذات مرة أن قتال تنين واحد يعادل 150 رجلاً.
إنهم سريعون، يمكنهم الطيران لمسافات عالية، يرمون كرات نارية، وراكبو التنانين يستخدمون أسلحة مما يجعلهم من أقوى الجيوش التي هاجمت فاليريا في السنوات القليلة الماضية.
لحسن الحظ بفضل ثيودور وأليكس وحتى الملك، لم تتقدم أمة التنين كثيراً في أراضينا.
لكن إلى متى يمكننا الصمود هكذا؟
على الرغم من أن فاليريا غنية ولا ينقصنا الموارد، لكن الناس متعبون و مصابون ويفتقدون عائلاتهم.
يمكنني بسهولة أن أشعر بطاقة الجنود تتلاشى يوماً بعد يوم، وبدأ ذلك يؤثر حتى على ثيودور.
لهذا السبب حتى أنا أحاول بذل قصارى جهدي والمساعدة بأي طريقة ممكنة.
إلى جانب المساعدة في اعداد ميزانية الطعام المعتادة والأشراف على التوزيع، وفي وقت فراغي أساعد الممرضات اللواتي علمنني كيفية أداء الإسعافات الأولية.
وكل ليلة أساعد الجنود الجرحى على كتابة رسائل إلى أحبائهم.
وبعض تلك الرسائل تحطم قلبي، تماماً مثل التي كتبتها اليوم.
“عزيزتي دانيلا، أنه أنا والدك
أريد فقط أن أخبرك أنني أسرت تنيناً من أجلك وأجبرته على إعطائي أحد أسنانه كهدية.
إذا أمسكتي السن بيدك وتحدثتي، سأتمكن من سماع صوتك حتى عندما أكون بعيداً.
آسف لأنني لم أستطع أن أكون هناك في عيد ميلادك.
أفتقدك بشدة و أتمنى ان نلتقي بأقرب وقت عندها سأخذك لمتجر السكاكر الذي تتحبينه كتعويض.
اهتمي بوالدتك و أخوكي الصغير الى أن أعود اليكم.
مع كامل حبي, والدك”
كانت الرسالة من رجل مصاب بجروح بالغة قد لا ينجو الليلة.
لم يصرخ رغم جروحه القاسية، طلب مني فقط أن أوصل الرسالة بأسرع ما يمكنني لأنه فاته عيد ميلاد ابنته.
“الحرب جحيم” الآن أعرف معنى هذه الجملة ، لأنني أشهد ذلك كل يوم في عيون الناس من حولي.
لكن علينا الاستمرار في القتال لأن الاستسلام ليس خياراً.
“يمكننا فعل ذلك” هذا ما أقوله لنفسي كل يوم عندما أنظر في المرآة، ثم أذهب لأبدأ يومي.
لكن اليوم كان مختلفاً، وحدث شيء فظيع.
هاجمت مجموعة صغيرة من التنانين المخيم الذي كنت أقيم فيه فجأة.
يبدو أنه بينما كنا نراقب السماء، سافرت التنانين عبر البر ووصلت إلى المخيم.
ربما أرادوا مهاجمة أضعف نقطة في الجيش لأن هذا المخيم في الخلف مليء في الغالب بالطاقم الطبي والجنود الجدد غير المدربين.
في غضون دقائق كان الجميع يصرخون ويركضون.
كانت التنانين تهاجم بلا رحمة.
فتحت بسرعة الزجاجة الصغيرة التي كنت أحتفظ بها في حقيبتي طوال الوقت وركضت نحو خيام الطهاة حيث تشتعل النار طوال الوقت للطبخ وتحضير الماء الساخن.
ورميت الزجاجة في النار وسرعان ما تحول الدخان إلى أحمر.
أقرب مخيم لنا على بعد 15 دقيقة على ظهر الحصان وأعرف أنهم سيأتون لإنقاذنا بمجرد أن يروا الدخان الأحمر.
حتى ذلك الحين كان علي الاختباء جيداً.
“خمسة، ستة، سبعة تنانين.” استمريت في العد بينما أختبئ خلف شجرة بعيدة.
أعتقد أن فرقة الإنقاذ يمكنها التعامل مع هذا العدد الصغير.
“من لدينا هنا؟” قال صوت خشن.
استدرت و رأيت راكب تنين على ظهر تنينه الأسود العملاق.
“ثمانية.” تمتمت لنفسي، يبدو أنني لم أرَ هذا التنين.
رؤية المخلوق العملاق عن قرب كانت مخيفة للغاية، وحاولت التراجع، لكن لم يكن هناك مكان للهرب.
‘ربما لن أرى ثيودور مرة أخرى’ فكرت في نفسي بينما كان التنين يقترب أكثر فأكثر مني.
لأنني كنت غاضبة لم أغمض عيني وهذه المرة أردت مواجهة نهايتي بشجاعة.
“عيون وردية؟” قال راكب التنين من العدم. “أنت صيد نادر، سيكون من العار قتلك هنا.”
ثم نزل وأسرني رغم كفاحي ووضعني على ظهر التنين.
“الملك بالتأكيد سيحب هذه الهدية.” ضحك راكب التنين بينما طار بعيداً عن المخيم.
التعليقات لهذا الفصل " 31"