“حسناً كما ترى من الإحصائيات والمستندات التي أعطيتها لك، هذه هي الخطوات التي يمر بها الأزواج حتى زفافهم، سهرت الليلة الماضية لإعداد هذا التقرير لك.” رددت على ثيودور.
أعرف أن ثيودور جديد على عالم الرومانسية، لذا كان علي أن أعطيه دليلاً وشرحاً خطوة بخطوة لما هو متوقع.
“أليس هذا كثيراً؟ ألا يتزوج معظم الناس بسبب المصالح العائلية؟ ” قال ثيودور بينما يقرأ القائمة مراراً وتكراراً.
“إذا لم تستطع مناداتي باسمي أو مسك يدي، كيف ستؤدي الواجبات الزوجية؟” قلت ومشيت أمامه.
بما أنه لم يرد وبقي صامتاً، نظرت للوراء ورأيت أن وجهه أحمر بالكامل.
لطيف!!! انه لطيف حقا!
“هاهاها لا تقلق كنت أمزح، القائمة هي اقتراح وليس لدينا جدول زمني محدد لاتباعه، يمكننا فقط أن نفعل كل شيء بوتيرتنا الخاصة.”
كان بإمكاني الاستمرار بمضايقته، لكنني اخترت التوقف، لا أريد أن أضغط عليه أكثر، من الآن فصاعداً يجب أن يكون هو من يبادر بالتصرفات الرومانسية.
وبذلك بدأنا موعدنا الأول الذي كان عبارة عن نزهة في حديقة هايد.
الحديقة هي وجهة مواعيد شائعة للنبلاء، لذا لم نكن الوحيدين هناك، لكننا بدونا محرجين حقاً.
إيقاع مشينا كان متقطعاً، وفي بعض الأحيان كان ثيودور يمشي أسرع مني لأننا لم نكن نمسك بأيدي بعضنا.
وبعد قول المحادثات العادية النموذجية مثل”الطقس جميل اليوم”، لم نعرف عم نتحدث.
لحسن الحظ تحسن مزاجنا بمجرد أن رأينا البجع في البحيرة، ولأنني بدوت مهتمة بهم، ذهب ثيودور وأحضر لي بعض الخبز لأرميه للطيور.
‘إذاً ثيودور منتبه، وأدرك ما أحتاجه في هذه اللحظة’ هذا رائع، فكرت في نفسي وابتسمت، بينما استمررنا كلانا في إطعام البجع.
على الرغم من أنه لم يحدث شيء رومانسي، أعتبر الموعد ناجحاً، لأننا أصبحنا مرتاحين حول بعضنا البعض.
الموعد التالي سار بسلاسة أكثر، كان لدى المعرض العديد من القطع المثيرة للاهتمام وتوقفنا عند كل واحدة منها لنتأملها.
ناقشنا اللوحات المفضلة لدينا واستمتعنا بالتجول، وانتهى بنا الأمر بقضاء حوالي ثلاث ساعات هناك.
لكن لوحة واحدة أربكتنا كلينا، كانت لفنان جديد رسم شىءً غريباً.
لوحة بيضاء بالكامل مع دائرة سوداء صغيرة في أحد الزوايا.
‘أعتقد أنه يعني أنه حتى عيب صغير يمكن أن يدمر اللوحة بأكملها.’ قال ثيودور وهو مركز تماماً محاولاً فهم هذه القطعة الغريبة.
“أنا لا أتفق، من بعيد لم أستطع حتى رؤية الدائرة السوداء الصغيرة، بدت اللوحة بيضاء ونقية على الرغم من وجود عيب صغير.” قلت بينما أنظر إلى ثيودور.
“أنا أتفق معك.” قال ثيودور بنبرة هادئة.
لأن الوقت صار متأخراً، رافقني ثيودور إلى عربتي وقبل أن يشير لسائق العربة ليأخذني للمنزل، ناداني.
“قضيت وقتاً رائعاً اليوم يا أناستازيا لا أعني آنا، شكراً لك.” نادى ثيودور من خارج العربة فجأة.
هل ناداني للتو باسمي الأول؟ لكنه موعدنا الثاني فقط.
لم أستطع تصديق ما حدث، وقبل أن أتمكن من الرد بدأت العربة بالتحرك.
“أنا أيضاً.” قلت له، وعندما ابتعدت العربة قليلاً تمتمت لنفسي “أنا أيضاً يا ثيودور.”
تغير شيء ما من ذلك اليوم، ففي موعدنا التالي والذي كان عشاء في أحد المطاعم المشهورة، كنا نتعامل مع بعضنا البعض بشكل طبيعي.
عندما طلبنا الطعام سأل النادل أن يحضر كل أطباقهم الشهيرة باستثناء تلك التي تحتوي على سمك.
‘الآن هو يهتم حتى بتفضيلاتي الغذائية’ ثيودور يتفوق على نفسه ، فكرت في نفسي و أنا أتظاهر بقرأة قائمة الطعام.
بعد ذالك تناولنا وجبة رائعة معاً..
تمكنا حتى من إجراء بعض المحادثات حول كيف تبدو المدينة بعد التجديد، وأي طبق كان المفضل لدينا.
الموعد الثالث كان مثالياً في كل جانب، وشعرت أننا أصبحنا أقرب لبعضنا البعض.
لكن ذلك لم يكن شيئاً مقارنة بالموعد الرابع الذي أجريناه.
دُعيت أمي إلى حفلة خاصة في منزل أفضل صديقاتها، وانضممت أنا وثيودور إليها.
الآنسة ليسلي صديقة أمي المقربة وابنتها عازفة بيانو مشهورة، لذا من وقت لآخر تقيم هذه الحفلات الصغيرة الخاصة وتعزف بعض المعزوفات الجديدة التي ألفتها.
ثم ينهون الحفلة بالرقص، في البداية تردت في سؤال ثيودور ولاكن لدهشتي وافق على الرقص معي.
بما أنها كانت المرة الأولى التي يرقص فيها أمام حشد من الناس، بدا متوتراً، لكنه تمكن من الحفاظ على سلوكه هادئ طوال الرقصة بأكملها.
وضع يده اليسرى حول خصري وأمسك يدي الأخرى وتحرك بسلاسة مع الموسيقى.
تناغمت نغمة البيانو وحركاتنا معًا رغم أنها رقصتنا الأولى، وانسجمنا بشكل رائع مع الثنائيات الأخرى التي كانت ترقص في منتصف القاعة.
لكن فجأة أصبحت الموسيقى أسرع وبدأ الحشد يصفقون مع الإيقاع، وكان علينا أن نرقص بشكل أسرع.
كنتُ على وشك الانزلاق بسبب الحركات السريعة، لكن ثيدور امسك بي في كل مرة، وتمكنا من إنهاء الرقصة بدون أخطاء.
عندما انتهينا كنا نلهث من الإجهاد وبدأ الجميع يهتفون ويصفقون.
في تلك اللحظة، تبادلنا أنا وثيدور النظرات وانفجرنا ضاحكين.
كانت لحظة جميلة لن أنساها في حياتي أبداً.
وأفضل جزء كان أننا تمكنا من تحقيق شيئين على قائمة وهما مسك اليد والرقص، مما يعني أن الموعد كان ناجحا.
بقية المواعيد الاخرى مرت بشكل رائع وجاء اليوم الذي يسبق الزفاف.
بدلاً من موعد أردت قضاء اليوم مع ثيودور وعائلتي.
أعدت أمي عشاءً كبيراً في الحديقة، وجلسنا جميعاً معاً.
بما أن ثيودور ليس لديه والدين أو إخوة، تأكدت عائلتي من جعله يشعر وكأنه في المنزله.
عاملوه بلطف وكانوا متحمسين لمعرفة المزيد عنه.
كان كل شيء يسير بسلاسة وكنت أتحدث مع أختي، عندما أدركت أن ثيودور لم يكن هناك.
نظرت حولي و أبناء اختي الصغار آرون وبن لم يكونا موجودين أيضاً، فجأة شعرت بشعور سيئ ونهضت للبحث عنهم.
وكانت مخاوفي في محلها لأن الخدم أخبروني أنهم رأوهم يسحبون ثيودور نحو غرفتي.
بدأت أركض في الممرات وأصعد الدرج لكن كان الوقت قد فات.
عندما فتحت الباب كان ثيودور يحدق في اللوحة الكبيرة في غرفتي.
“أخبرتك يا عم، لدينا صورة عائلية لك أيضاً.” قال آرون بنبرة فخورة.
هذان المشاغبان كشفا سري الأكبر لثيودور، الآن لن ينظر إلي بنفس الطريقة مرة أخرى.
“يمكنني أن أشرح.” قلت في حالة ذعر، بينما نظر إلي ثيودور بطريقة غريبة.
“لا بأس، آمل فقط ألا تحضري هذه الصور إلى منزلنا عندما تنتقلين.” قال ثيودور و هو محرج.
“لن أفعل…” رددت علية بسرعة.
بعد ذالك بقي كلانا صامتين من الحرج.
“عمتي لماذا لا تريه ألبوم الصور أيضاً؟” قال بن ببراءة.
“ألبوم صور؟” تمتم ثيودور وغطى فمه من الصدمة.
“أنتما اخرجا من غرفتي!” صرخت على آرون وبن وبدأت أطاردهما في أرجاء المنزل.
لحسن الحظ لم يخف ثيودور أو يلغي الزفاف بسبب ما رآه في غرفتي.
انا التي كنت متحمسة للزفاف تفاجئت عندما اقتحمت امرأة الحفل و طلبت مني إلغاء الزفاف بحجة أن ثيودور وعدها بالزواج قبلي!!!
التعليقات لهذا الفصل " 28"