اختيار قائمة الطعام، الزهور، وترتيب الجلوس، والأهم من ذلك اختيار فستان الزفاف.
هذا ما كنت أفعله مع أمي وأختي الكبرى خلال الشهر الماضي، لأنه لم يتبق الكثير من الوقت حتى يوم زفافي.
مع مرور كل يوم يزداد قلقي، ولاكن في نفس الوقت أنا متحمسة لأصبح زوجة ثيودور.
ماذا يرتدي في المنزل؟ كيف سنقضي حياتنا اليومية؟ هناك الكثير من الأشياء أريد معرفتها.
“أناستازيا لماذا لا تغيرين خط الرقبة هذا؟ هذا الطراز قديم جداً.” قالت أختي الكبرى عندما رافقتني لتجربة الفستان.
“لا، أنا أحب هذا.” رددت وأنا أنظر إلى انعكاسي في المرآة.
“أنا أحبه…” تمتمت مرة أخرى بينما أفحص نفسي للمرة الأخيرة، قبل خلع الفستان.
كان الفستان أنيقاً والقماش خفيفاً، له خط خصر عالٍ يبدأ تحت الصدر مع تنورة طويلة مستقيمة وله أكمام منفوشة قصيرة.
أنا سعيدة جداً لأن اتجاهات فساتين الزفاف تغيرت في السنوات القليلة الماضية كلها متأثرة بالملكة فيكتوريا الحالية، بفضلها لن أضطر للمعاناة في تلك الفساتين الكبيرة الثقيلة.
بدا أن كل شيء يسير على ما يرام، وكان هناك شيء أخير واحد يجب علي فعله قبل يوم الزفاف، وهو زيارة أليكس.
أخبرتني دونا في بعض الرسائل أن أليكس يرفض حلق لحيته الطويلة، وأنه يبقى في منزله معظم الوقت.
‘أنت الوحيدة التي يمكنها فعل أي شيء حيال هذا’ قالت في الرسالة، منذ بضعة أيام.
بما أنني مسؤولة بطريقة ما عما يمر به حالياً، أحتاج إلى التدخل.
ليس بدافع الشعور بالذنب، بل لأن واحدا من اصدقائي المقربين في ورطة وأحتاج مساعدته.
لذا يوم السبت، أنا ودونا قمنا بزيارته، وكان الوضع أسوأ مما وصفته.
الرجل الذي فتح الباب كان يشبه رجل الكهف أكثر من صديقنا أليكس.
كان شعره طويلاً جداً لدرجة أن عينيه بالكاد كانتا ظاهرتين، ولحيته كانت أطول من شعر دونا.
“ما الذي يجلبكما هنا؟” سأل بينما أرانا الطريق إلى غرفة المعيشة، التي بدت أكثر كحظيرة، من كمية الملابس والأطباق المتسخة الملقاة في كل مكان.
أنا متأكدة من أن الملك عين بعض الخدم له عندما أعطاه هذا المنزل في العاصمة، لكن يبدو أنه صرفهم جميعاً.
“كيف حالك؟” سألت بمجرد أن جلسنا.
“أنا بخير.” رد بينما يتجنب نظري.
“تسمي هذا بخير!!” صرخت دونا عليه بغضب.
“اهدئي، ما يحتاجه الآن ليس الصراخ…” قلت بينما أضع يدي على كتف دونا.
“إذاً ماذا يحتاج؟” سألت دونا وهي لا تزال تبدو غاضبة.
“يحتاج إلى قصة شعر.” قلت بينما أرفع زوجاً من المقصات، ثم نظرت في اتجاه أليكس بابتسامة. “أمسكيه بالقوة.” قلت لدونا ونهضت.
فهمت دونا على الفور وربطت أليكس على الكرسي وأبقته من الحركة.
في غضون بضع دقائق حلقت لحيته كاملا و أصبح ذقنه أملس كالبيضة.
حل المشكلة سهل، علينا أن نجبره.
المسألة هي أننا كبشر في بعض الأحيان نعلق في نقطة ما.
نشعر كما لو أن كلا قدمينا عالقة داخل بركة عميقة من الوحل ولا يمكننا حتى اتخاذ خطوة واحدة للأمام.
نعتقد أنه لا فائدة من المحاولة ولا يوجد مستقبل.
في أوقات كهذه، نحتاج شخصاً يدفعنا.
شخصاً يجبرنا على الخروج من تلك الحالة.
ليعلمنا أننا لسنا وحدنا، وأن الوقت قد حان للاستيقاظ من ذلك السبات الطويل.
“أنا آسفة…” قلت بينما أمسح وجهه بمنشفة مبللة. “أنا آسفة على كل شيء…”
“ليس خطأك.” رد بينما يبقي نظره للأسفل.
“أنت تعلم أنك واحد من أفضل اصدقائي، وأنني سأهتم لأمرك دائماً، أليس كذلك؟” قلت له بينما أضع المنشفة جانباً وحررته دونا.
أومأ برأسه ثم جلس هناك صامتاً لدقيقة.
“هل يمكنك قص شعري أيضاً؟” قال بينما ينظر إلي مباشرة.
“نعم أستطيع.” رددت بابتسامة.
للعشرين دقيقة التالية كنا جميعاً صامتين.
صدى صوت المقص في الغرفة.
استمريت في تمشيط وقص شعره بعناية…
وسرعان ما كانت الأرضية مغطاة بشعره الأسود الطويل.
“انتهيت، يمكنك أن تنظر الى نفسك في المرآة.” قلت ثم اعطيته مرآة صغيرة.
شعره الآن قصير ويظهر ملامح وجهه الحادة وعينيه الحمراوين الساطعتين.
التغيير من الشعر الطويل إلى القصير جذري جداً، وأنا متأكدة من أنه يحتاج المزيد من الوقت ليعتاد عليه، لكنه سيفعل في النهاية.
وهذا التغيير الصغير سيؤدي إلى تغييرات أكبر.
وسيبني نسخة جديدة وأفضل من نفسه.
كان بإمكاني رؤية الشرارة تعود إلى عينيه بالفعل.
والطريقة التي ابتسم بها بخجل عندما سمع إطراء دونا على مظهره تطمئنني أن زيارتنا لم تذهب سدى وأن أليكس عاد.
بعد ذلك ساعدناه على التنضيف ثم ذهبنا جميعاً لتناول الطعام في مطعم قريب وضحكنا وتحدثنا كالعادة.
نحن الثلاثة، تماماً كما كان دائماً.
في تلك اللحظة ظننت أن الأمور عادت أخيراً إلى طبيعتها، لكنني كنت مخطئة.
ما حدث في مهرجان الصيد، غير طريقة تفكيري حول أشياء كثيرة.
التعليقات لهذا الفصل " 25"