الفصل الثامن عشر: فخ

“هل أعجبتك هديتك يا عزيزتي؟” سأل والدي بابتسامة كبيرة.

والدي دائماً هكذا في احتفالات رأس السنة الجديدة، يوزع الهدايا على الجميع.

“نعم، شكراً لك أبي”، أجبت بابتسامة كبيرة أنظر إلى صندوق الموسيقى الأسطواني.

“استمعت إلى نصيحتك واستثمرت في هذا المنتج، هذا هو النموذج الأولي وسيكون المنتج في السوق بحلول الشهر القادم، أريدكي أن تحصلي على الأول منتج لشركة استور”، قال والدي بفخر.

“شكراً لك، سأعتز به.”

أحببت حقاً جميع الهدايا التي حصلت عليها هذا العام، لكن لا شيء يمكن أن يقارن بما حدث الأسبوع الماضي، فكرت في نفسي ولمست شفتي عندما تذكرت القبلة.

قبلتي الأولى مع ثيودور، وأفضل جزء كان أنه كان صادماً وعاجزاً عن الكلام لدرجة أنه لم يصرخ علي أو يطردني.

بعد القبلة، تمنيت له سنة جديدة سعيدة فقط وخرجت من غرفته.

‘يا لها من طريقة رائعة لإنهاء العام’، فكرت في نفسي بينما جلست لأستمع إلى أبناء أختي يغنون اغنية بمناسبة احتفالات السنة الجديدة.

كان يوماً هادئاً، وضحكت كثيراً.

لم أكن أعرف أنه كان الهدوء الذي يسبق العاصفة.

الحفل الملكي كان على بعد أيام قليلة، وكانت أمي مشغولة بالتحقق من أن لدينا كل ما نحتاجه.

أمضت الشهرين الماضيين مع أختي الكبرى في اختيار لون ونمط معين لملابس عائلتنا.

استمرتا في السؤال عن نوع المجوهرات أو الأحذية التي أريدها.

لكنني لم أكن مهتمة واخترت أي شيء بدا مريحاً، حيث أن هذا النوع من الحفلات عادة ما يستمر من 8 إلى 10 ساعات.

اختارت أمي فستاناً فضياً بتفاصيل وردية لي، والذي ناسبني تماماً.

لا كعب عالٍ، لا تنورة ضخمة، لا مشد، حقيبة صغيرة تحتوي على دوائي،و هكذا كنت مستعدة للذهاب.

“لماذا نذهب في هذه العربة القديمة؟” سأل أخي لأنني طلبت من أبي عدم استخدام العربة الفاخرة التي أخذتها في المرة السابقة إلى القصر الملكي.

“إنها ملعونة، لذا من الأفضل عدم استخدامها”، قلت لأخي، الذي صدقني على الفور.

بعد 4 ساعات طويلة وصلنا أخيراً إلى القصر الملكي.

كان هناك طابور طويل من العربات أمام مدخل القصر، جميع العائلات النبيلة والضيوف الأجانب جاؤوا من كل مكان لحضور هذا الحدث المهم.

بما أنه مسموح لنا بالدخول بناءً على رتبتنا فقط، استمررت في النظر حولي آملة أن ألمح ثيودور.

عائلة ثيودور تخدم العائلة الملكية منذ أجيال ورفضوا الألقاب النبيلة كعلامة على أنهم لا يسعون للسلطة وأن الشيء الوحيد الذي يرغبون فيه هو خدمة الملك.

لكن الجميع يعرفون أنه يجب احترامهم أكثر حتى من جميع نبلاء العاصمة، لأن الملك يمنح عائلة الساحر ثيودور معاملة خاصة، بعد كل شيء هم موارد قيمة لمملكتنا.

يبدو أنى ثيودور لم يصل بعد، لذا رافقت عائلتي عندما أعلن الحاجب أخيراً اسم عائلتنا.

كانت القاعة مزينة بفخامة كما هو متوقع.

ثريات كريستالية عملاقة على السقف بها أكثر من مائة مصباح سحري عليها.

انعكست أضواء المصابيح ألف مرة على البلورات مما جعل الغرفة تتلألأ.

عزفت الأوركسترا الموسيقى دون توقف.

كانت القاعة بأكملها مزينة بالورود الوردية التي كانت خارج الموسم.

بجعة مشوية، فواكه غريبة ومشروبات كافية لأكثر من ألف ضيف.

مئات الخادمات والحراس يعملون على مدار الساعة لخدمة الضيوف.

أنا سعيدة لأنني جئت هذا العام، وأفضل جزء من الحدث حتى الآن كان وصول ثيودور أخيراً.

لكن بما أنه المفضل لدى الملك، وقف خلف الملك واستمروا في التحدث.

استمررت في التحديق فيه وبمجرد أن التقت أعيننا نظر بعيداً.

ربما لا يزال خجلاً مما حدث في ذلك اليوم، لكنني لا أخطط للتظاهر بأن شيئاً لم يحدث، أنا أخطط لمواجهته أو حتى طلب رقصة حينما يترك جانب الملك.

“أناستازيا!” سمعت شخصاً يناديني من بعيد واستدرت.

“مرحباً الآنسة ماري”، تأكدت من قول كلمة الآنسة بنبرة أعلى لتذكيرها بعدم مناداتي باسمي الاول ويبدو أنها فهمت أخيراً.

“الآنسة أناستازيا، أنا سعيدة لرؤيتك هنا”، ردت باحترام على عكس طبيعتها المعتادة.

“هل أنت حقاً سعيدة لرؤيتي؟”

“بالطبع، صحيح أنني فقدت لقبي كرئيسة قسم بسبب تقريرك، لكن تقصيري هو الذي أدى إلى ذلك، كان يجب أن أراقب طلابي بشكل أفضل، لهذا السبب جئت هنا اليوم للاعتذار بشكل صحيح وطلب بداية جديدة”، قالت ماري وهي تنحني رأسها.

عادة لا أرد على الثعابين، لكن الآن بعد أن طلبت أمام الكثير من الناس، لا يمكنني رفض طلبها، أليس كذلك؟

“بالتأكيد، سأسامحك… بعد كل شيء، الليلة كلها تتعلق بالبدايات الجديدة”، قلت بابتسامة مزيفة على وجهي.

“شكراً لك، الآنسة أناستازيا”، قالت ماري بابتسامة كبيرة على وجهها، ثم طلبت شيئاً غريباً. “إذن هل تريدين الانضمام إلي وإلى الفتيات في غرفة البودرة؟”

غرفة البودرة هي حيث تذهب النساء النبيلات عادة لإصلاح مكياجهن أو الراحة و الثرثرة.

“يجب أن تذهبي معهن”، قالت أختي الكبرى بينما وضعت يدها على كتفي.

أعرف أن أختي تريدني أن أختبر الحفلة وأتحدث مع الفتيات في سني بدلاً من الالتصاق بعائلتي طوال الوقت، لذا وافقت وانضممت إلى ماري.

ليس أنني أثق بها، لكنها كانت مع ثلاث فتيات أخريات، وكنا في القصر الملكي، فما الشيء السيئ الذي يمكن أن يحدث، أليس كذلك؟

“إذن إلى أين نحن ذاهبات؟؟؟” سألت ماري لأنها وفتاة أخرى أمسكتا يدي وسحبتاني بعيداً عن القاعة الرئيسية.

“سترين، هناك أكثر من مجرد الرقصات في الحفل الملكي”، أجابت إحداهن.

وكانت محقة…

كان بإمكاني رؤية بعض العشاق يتبادلون الحديث على الشرفة.

بعض السيدات يجلسن مع الأميرة في البيت الزجاجي.

كان الأمر كما لو أن كل شخص لديه مجموعته الخاصة ويفعل أشياءه الخاصة.

وصلنا إلى غرفة في الطابق العلوي كان أمامها حارسان.

فتح الحارس الغرفة وكان واضحاً أنها لم تكن غرفة عادية، بل كانت جناحاً كاملاً.

أمسكن يدي وقدنني إلى الداخل.

بدأن بالقيل والقال وطلبن من الخادمات إحضار الطعام والمشروبات.

“ما الخطب؟ لم تلمسي الكحول؟” سألت ماري مرتبكة لماذا لا أشارك في محادثاتهن.

“أعتذر، أنا لا أحب الكحول.”

“بضع رشفات لن تؤذي، بعد كل شيء أنت بالغة”، قالت ضاحكة علي ثم سكبت لي كوباً من النبيذ الأبيض. “هذا المشروب ليس قوياً جداً، جربيه.”

فقط لإسكاتها، أخذت رشفة، ثم عادوا للحديث.

لكنها كانت مخطئة، أخذت رشفتين فقط، و شعرت بالثمول.

“أناستازيا؟؟ مرحباً؟ هل تسمعيننا؟؟” ماري وصديقاتها استمروا في التحدث والتلويح لي، لكن لسبب ما لم يكن لدي أي قوة للرد عليهن.

“أعتقد أن الدواء بدأ يعمل بالفعل”، قالت إحداهن لماري.

“ماذا؟ لكنها أخذت رشفة واحدة فقط، اعتقدت أنك بحاجة إلى شرب كوبين على الأقل حتى تظهر الآثار.”

“حسناً، ربما لديها تحمل ضعيف جداً للكحول”، ردت الفتاة الثالثة.

“حسناً، يا فتيات عملنا انتهى، دعونا نخرج”، قالت ماري للفتيات ووقفن.

“ان… تظري” كنت بالكاد قادرة على قول تلك الكلمات، لكنهن لم ينظرن حتى إلي واستمررن في المشي نحو الباب.

هناك شيء خاطئ بالتأكيد…

حاولت الوقوف، لكنني سقطت على ركبتي مرة أخرى.

لا أعرف ما وضعوا في شرابي لاكنه لم يشل حركتي كاملا”،  لذا حاولت الوقوف مجدداً.

“أخيراً، نحن معاً وحدنا”، سمعت شخصاً يتحدث.

نظرت إلى الأعلى وكان ولي العهد.

الآن فهمت كل شيء، تعاونت تلك الأفعى مع ولي العهد.

مشى نحوي، ورفع ذقني.

“تلك العيون… نعم تلك العيون الوردية الجميلة النادرة”، قال بابتسامة كبيرة على وجهه.

أصبح تنفسي غير منتظم وكنت في حالة هلع، لكن لم يكن هناك طريقة يمكنني الهروب منه، جسدي صار ثقيلاً ولم أستطع الوقوف.

“لا تقلقي، سأعتني بك جيداً”، قال ولي العهد بينما مشط شعري بيديه.

أصبحت رؤيتي ضبابية بسبب دموعي.

وضع ولي العهد يده على خدي ومال نحوي.

أغلقت عيني خوفاً مما هو قادم…

*****

Instagram: Cinna.mon2025

الفصل القادم قنبلة و ستكون بعنوان “أناستازيا خطيبتي”