بعد أن تنازل سيزار عن العرش لإيلين وسار في طريق الزوال، ظل محاصرًا في حلقة لا نهائية من الأوهام، كأنه سجين في عالم من الأحلام المتكررة. لم يكن يدرك حتى أن هذه الأوهام تتكرر، بل كان يعيش عقوبة أبدية، يتيه في ظلال لا تنتهي. استمر هذا حتى اللحظة التي ظهرت فيها إيلين أمامه، كأنها شعاع نور يخترق الظلام.
في اللحظة التي كان على وشك إتمام الصفقة مع الإله، سدت إيلين فمه بيدها، وفي تلك اللحظة، أدرك سيزار كل شيء. أدرك أن إيلين أيضًا قد تورطت في هذه الأوهام، تعاني الألم ذاته الذي عاناه هو. كانت هذه اللحظة كالصاعقة التي هزت كيانه.
أول ما شعر به كان اليأس والغضب. يأس لأنه فشل في حمايتها، وغضب لأنها سُحبت إلى هذا الفراغ المشوه بين طيات الزمن. كان الإله قد نسج حلمًا ماكرًا، يستخدم إيلين كطعم ليجعل سيزار يعاني أكثر. كانت معاناتها جزءًا من العقوبة التي فرضها الإله عليه، اختبارًا آخر ليمزق روحه.
لكن لم تكن المشاعر السلبية وحدها هي التي سيطرت عليه. في اللحظة التي رأى فيها إيلين، الشخص الذي طالما تمناه، واقفة أمامه حقيقية وليست وهمًا، شعر كأن معجزة إلهية قد تحققت، حتى لو كان كافرًا عانى كل أنواع الألم. كان وجودها كالنور الذي يبدد الظلال، كأنها جاءت لتكون خلاصه.
نظر إليها وهي تعترف بحبها، عيناها الخضراوان الذهبيتان تلمعان بصدق لا يتزعزع. أمام هذا الإعلان، تبدد اليأس والغضب كالضباب تحت أشعة الشمس. لقد اختارت أن تكون معه، حتى لو كان ذلك يعني الزوال. لقد حطمت رغبته الأنانية في أن تعيش هي وحدها، وطلبت أن يسقطا معًا إلى الجحيم.
أمام عينيها المتوهجتين، لم يستطع سيزار أن يرفض. كان يعلم أنه يجب أن يعيدها إلى الواقع ويبقى وحيدًا في هذا الكابوس، لكن شفتيه لم تستطع نطق الرفض. لقد اختارته مرة أخرى. الاختيار الأول كان قرار طفلة بريئة، لكن هذا الاختيار الثاني كان واعيًا، متعمدًا، حيث تخلت عن كل شيء من أجله.
على مدى أزمنة لا نهائية، ظن سيزار أنه لم يعد يهتم بشيء. لكن عندما رآها، اجتاحته رغبة بسيطة لكنها قوية: أن يكون معها. كانت هذه الرغبة بذرة زرعتها إيلين في قلبه، نمت وأزهرت حتى غيرت كل شيء فيه. لقد حطمت تضحيته الأنانية وزرعت فيه الطمع بالبقاء معها. إذا كان هناك إله للكافرين، فقد كان هذا الإله هو من جعله يتبعها.
كانت إيلين قد قدمت نفسها كثمن للإله، مستعدة حتى للزوال. لكن الإله، بدلاً من ذلك، أعادهما إلى الواقع، إلى اللحظة التي قاد فيها سيزار التمرد. لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا ليتأقلما مع هذا الواقع، الذي بدا كذكرى قديمة على وشك التلاشي.
شعر سيزار بالواقع من خلال دفء إيلين في أحضانه، من لمسة شفتيها، من صوتها وهي تنادي اسمه. لقد عادا معًا إلى زمن ظن أنه لن يعود إليه أبدًا.
“هذا ليس حلمًا، أليس كذلك؟ أنتَ حقًا السيد سيزار…؟”.
كررت إيلين سؤالها، وهي في أحضانه، كأنها تخشى أن يتلاشى. هدأ سيزار أنفاسه، مدركًا أن جسده يرتجف. لم يستطع حتى أن يضحك. لقد قبل اختيارها لأنه أراد أن يكون معها، لكن النتيجة لم تكن الزوال. بدلاً من ذلك، اجتاحه خوف لا نهائي. كان يخشى الثمن الذي ستدفعه إيلين، لكنها، على عكسه، لم تبد أي خوف. بل ابتسمت ببريق مشع، عيناها الخضراوان الذهبيتان تحملان حبًا لا يتغير.
“اشتقت إليك، السيد سيزار.”
كانت عيناها دائمًا ملاذه، المنارة التي أنقذته من الظلام. نظر إليها مفتونًا، ثم أغمض عينيه للحظة. رفع جفنيه ببطء، وأمسك يدها بحزم. لقد أعاد الإله سيزار و إيلين إلى الواقع لضمان عدم انهيار صفقة “البقاء”. لكن الإله لم يكن ليتركهما دون ثمن. كان على إيلين، التي طلبت صفقة جديدة، أن تدفع ثمنها.
أخرج سيزار خنجرًا صغيرًا من صدره، وقطع كفه أولاً. تدفق الدم من الجرح، لكنه توقف بسرعة غير طبيعية. كان جسده لا يزال محاصرًا بلعنة الخلود، حيث الزمن متجمد. بعد أن تأكد من حالته، أمسك يد إيلين وقربها من نصل الخنجر. لم تتراجع، ولم تبد أي مقاومة، بل تركت يدها بين يديه بثقة عمياء، كأنها مستعدة لتقبل حتى الموت على يديه.
أحدث جرحًا صغيرًا في طرف إصبعها. ظهرت قطرة دم حمراء على بشرتها البيضاء، لكن الجرح التأم بسرعة. أدرك سيزار أن إيلين أصبحت مثله، جسدها محاصر في زمن متجمد، محكوم بالخلود. ابتلع ابتسامة مريرة. كان يعرف الآن ما هو الثمن الذي أخذه الإله منها.
جسد متجمد في الزمن لا يمكنه التغيير. لهذا السبب، لم يستطع سيزار إنجاب حياة جديدة بعد أن سُلب جسده من قبل الإله. على الرغم من علاقتهما المتكررة، لم تستطع إيلين الحمل. والآن، أصبحت هي أيضًا عقيمة.
كانت أمنية إيلين واضحة: أن تكون مع سيزار، سواء في الزوال أو البقاء. وقد حقق الإله أمنيتها بأكثر الطرق كرمًا. من الآن فصاعدًا، سيكون سيزار هو الوحيد المتبقي في حياتها. لن تتمكن من إنجاب طفل، مما يحرمها من فرصة إعطاء قلبها لوريث. مع مرور الزمن الأبدي، ستشاهد كل من عرفتهم – الفرسان، الراقصة، وكل من كانوا قريبين منها – يغادرون العالم واحدًا تلو الآخر، تاركين إياها مع سيزار وحدهما في حياة لا تنتهي.
لم يكن سيزار يهتم بالآخرين أو يرتبط بهم عاطفيًا. بالنسبة له، كان وجود إيلين كافيًا لتحمل الأبدية. لكن بالنسبة لإيلين، التي ستعيش هذا الخلود دون أن تتمكن من إنجاب طفل أو الاحتفاظ بمن تحبهم، ستكون كل خسارة جرحًا جديدًا في قلبها.
نظرت إيلين إلى إصبعها، حيث اختفى الجرح كأنه لم يكن موجودًا أبدًا. سألت بهدوء:”أصبحتُ مثلك، أليس كذلك؟”
أدركت على الفور أنها وصلت إلى الحقيقة. بفضل دراستها للصيدلة ومعرفتها بالجسم البشري، وبعد أن شاهدت قدرة سيزار غير الطبيعية على الشفاء، استنتجت بسرعة أن جسدها أصبح متجمدًا في الزمن، وأنها أصبحت عقيمة. كان هذا هو الثمن الذي دفعته للإله.
لكنها لم تذكر العقم. ظلت صامتة للحظة، شفتاها مضمومتان بقوة. توقع سيزار أنها ستبكي. كان يعلم مدى رغبتها في تكوين عائلة، حلمًا لن تتمكن من تحقيقه أبدًا. لكنه فوجئ عندما لم تذرف دمعة واحدة، ولم تبد أي أثر للحزن. بدلاً من ذلك، نظرت إليه بعينين تلمعان ببريق لا يتزعزع.
لم يتبادلا الكلمات. ظلا ينظران إلى بعضهما لوقت طويل، حتى كسرت إيلين الصمت: “هذا أفضل.”
على الرغم من الألم الذي اختارت تحمله، لم تبد إيلين أي ندم. نظرت إليه بعيون أكثر إشراقًا من أي وقت مضى، وقالت:
“أن نصبح متشابهين… هذا حقًا أفضل.”
كأن سقوطهما معًا في الجحيم كان خلاصًا، وكأن سيزار هو من أنقذها مرة أخرى.
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 197"