كانت إيلين، كإمبراطورة لتراون، تعيش أياماً تبدو من الخارج مثالية، كأنها لوحة رسمت بعناية لتصور قائدة عظيمة. بمساعدة زينون، مستشارها المخلص، أصلحت قوانين الإمبراطورية، ووضعت سياسات جديدة أعادت النظام والاستقرار إلى الأراضي التي مزقتها الحروب. كلفت روتان ودييغو بإدارة الجيش، حيث قادا القوات بكفاءة وحافظا على قوتها وانضباطها. أما ميشيل، فقد تولى تنظيم القصر الإمبراطوري، متابعاً شؤون الخدم والوصيفات بمهارة جعلت الحياة داخل القصر تسير كآلةٍ دقيقة. لم تكن هذه الإنجازات تعود إلى مهارات إيلين وحدها، بل كان للأدوية الثورية التي طورتها، أسبيريا ومورفيوس، دورٌ كبير في ازدهار الإمبراطورية. الأرباح الهائلة من تصدير هذه الأدوية إلى الممالك المجاورة جعلت خزينة تراون تفيض بالثروة، مما عزز من مكانة الإمبراطورة كحاكمة عادلة وقوية. كان شعب تراون يتغنى باسمها في كل ركن، يمجدونها كبطلة قومية، كمن أنقذت أمتهم من الدمار. تحت قيادتها، بدت الإمبراطورية كأنها طائرٌ ينشر أجنحته ليحلق نحو مستقبلٍ مشرق.
لكن، بعيداً عن هذا الازدهار الخارجي، كانت إيلين نفسها تذبل ببطء، كزهرةٍ تفقد ماءها تحت شمسٍ حارقة. توقفت عن شغفها القديم بتطوير الأدوية، وهجرته هوايتها في دراسة النباتات التي كانت تملأ قلبها بالبهجة. لم يعد هناك ما يثير اهتمامها، فكل طاقتها كانت موجهة نحو هدفٍ واحد: إعادة سيزار إلى الحياة. لكن جهودها، التي استمرت سبع سنوات، كانت كمن يحاول الإمساك بالريح. درست كل أسطورة في القارة، جمعت المخطوطات القديمة من كل زاوية، واستدعت السحرة والعرافين من أبعد الأماكن، لكن كل ذلك كان بلا جدوى. لم تجد حتى خيطاً رفيعاً يقودها إلى أملٍ ما. مع دخول السنة السابعة، بدأت روحها تنهار بسرعة، كجدارٍ متصدع لا يستطيع مقاومة العواصف. كانت ترغب في الموت، فقد أصبحت الحياة بدون سيزار عبئاً لا تطيقه. الألم الأعمق كان في أن العالم محى سيزار تماماً، ولم يكن هناك من يتذكره سواها. لم تستطع حتى إثبات وجوده، كأن ذكرياتها عنه كانت مجرد حلمٍ يتلاشى مع اليقظة.
حاولت جاهدةً التمسك بما تبقى من عقلها، لكن ذلك كان معركةً شاقة. كان الانهيار مغرياً، سهلاً، كأنه يدعوها للاستسلام، بينما كان الحفاظ على سلامتها العقلية يتطلب جهداً يفوق طاقتها. في بعض الأيام، كانت تسمع صوت سيزار يتردد في أذنيها، واضحاً كأنه يقف بجانبها. وفي أيام أخرى، كانت تراه أمامها، حياً، بعينيه الحمراوين المليئتين بالدفء والحياة. كانت تندفع نحوه، تحاول معانقته، لكن يديها لا تمسكان سوى الهواء. كانت تضحك، وهي ترى الوهم يتلاشى، مدركةً أن عقلها بدأ يخونها. لكنها لم ترغب في مقاومة هذا الجنون. كانت تتمنى أن تستمر في رؤيته، حتى لو كان مجرد وهم، لأنها كانت تخشى أن تستسلم لليأس وتخالف أمره الأخير: “عيشي، إيلين.”
في لحظةٍ غامضة، استيقظت إيلين فجأة من ذهولها. كانت في معبد الآلهة، أمام مذبح التقدمة، بعد أن أغمي عليها للحظات. كانت النيران تتراقص، وصوت احتراق الأخشاب والزهور يملأ الصمت المقدس للمعبد. نظرت حولها، فلم تجد أحداً. تذكرت أنها أمرت الجميع، من كهنة وفرسان وخدم، بالمغادرة، تاركةً إياها وحيدة مع أفكارها. نظرت إلى يدها، فوجدتها تمسك بزهرة زنبق بيضاء، نقية كالثلج. حاولت تذكر متى أمسكت بها، ثم أدركت أنها قطفتها هذا الصباح لتقدمها لسيوار، لأنه كان يحب الزنابق… أو هكذا ظنت. في عالمٍ محى كل أثرٍ له، لم تكن متأكدة حتى من ذكرياتها. حدقت في الزهرة، وضحكت ضحكةً خافتة مليئة باليأس. كل شيء بدا بلا معنى، كأنهل عالقة في كابوسٍ لا نهائي.
بينما كانت تضحك بهدوء، رفعت رأسها، ووقعت عيناها على سكين صغيرة موضوعة أمام المذبح، تُستخدم عادةً لتحضير القرابين. كان من المفترض ألا توضع أي أداة حادة أمامها، خوفاً من أفعالها اليائسة، لكن يبدو أن أحداً نسي إزالتها هذه المرة. حدقت في النصل الحاد، كأنها مسحورة، وسمعته صوت سيزار يتردد في أذنيها: “عيشي، إيلين.” لكن هذه المرة، شعرت بانتفاضةٍ من التمرد. لقد حاولت لسبع سنوات أن تعيش كما أمرها، كرست حياتها لإيجاده، لكنها لم تجد شيئاً سوى الفراغ. تمتمت بغضب: “لا أريد.”
مدت يدها نحو السكين. كانت على وشك أن تمسكها عندما هبت ريحٌ مفاجئة، دفعته السكين بعيداً عن متناولها. سقطت السكين على الأرض، وانزلقت بعيداً على الرخام البارد. عبست إيلين، متفاجئة بهذا الحدث الغريب، وفجأة، لاحظت شيئاً. للحظةٍ خاطفة، تحولت النيران على المذبح إلى اللون الذهبي. كان وميضاً قصيراً، لكنه كان واضحاً كالشمس. لم تكن لتخطئ تلك الشعلة الذهبية التي تخيلتها آلاف المرات في عقلها. تجمدت في مكانها، عيناها مفتوحتان على وسعهما، قلبها ينبض بقوة. هل كان هذا وهماً آخر؟ لكنها كانت متأكدة أنها لم ترَ الشعلة الذهبية من قبل في أوهامها، فقط سيزار.
بدأ عقلها يعمل بسرعة غير معتادة، كأن الضباب الذي غطى ذهنها لسنوات قد تبدد فجأة. لماذا الآن؟ لقد حاولت كل شيء، من طقوس غريبة إلى استدعاء السحرة، لكن الآلهة لم تستجب أبداً. حتى محاولاتها السابقة لإنهاء حياتها لم تثر أي رد فعل. لكن هذه المرة كانت مختلفة. أدركت فجأة: في المرات السابقة، كانت تتوقف في اللحظة الأخيرة، مقيدة بأمر سيزار. لكن هذه المرة، كانت جادة. كانت على وشك خرق أمره، ورفض عيشها.
لم تعرف تفاصيل صفقة سيزار مع الإله، لكنها كانت تعلم أن هدفها كان بقاءها على قيد الحياة. ‘إذا متُّ أنا…’ فكرت، وهي تحدق في النيران، “ماذا سيحدث للصفقة؟” إذا لم تتحقق شروط الصفقة، فإنها ستنهار. ربما لهذا السبب تدخل الإله الآن، ولهذا ظهرت الشعلة الذهبية أثناء التقدمة. كانت تعلم أن هذه الفرضية قد تكون خاطئة، لكنها كانت أوضح خيطٍ وجدته في سبع سنوات. خطرت لها فكرة خطيرة، فكرة محرمة، لكنها كانت فرصةً لا يمكن أن تفوتها. كانت تعلم أن لديها محاولة واحدة فقط، وإذا فشلت، سيكون ذلك نهاية كل شيء. لكنها كانت مضطرة للمحاولة.
تعثرت وهي تمشي لتلتقط السكين من الأرض. وقفت أمام المذبح، تحدق في النيران، ورفعت السكين. تذكرت كلمات سيزار في يوم زفافهما: “أقسم أن أرفع سيفي دون تردد من أجل سيدتي.” ابتسمت ابتسامةً خافتة، كأنها تستمد القوة من ذكراه. ‘سأفعل الشيء نفسه من أجلك،’ فكرت.
كانت يدها ترتجف، مبللة بالعرق البارد، مما جعل السكين تنزلق تقريباً. أمسكتها بقوة أكبر، وقالت بصوتٍ مرتجف، كأنها تخاطب الكون بأسره: “أتوسل إلى كل آلهة العالم…”.
تساقطت الدموع من عينيها، التي كانت جافة لسنوات، كأنها تحمل كل ألم السنوات السبع.
وبكل قوتها، طعنت السكين نحو رقبتها، مصممة على منع الإله من التدخل. في تلك اللحظة، اشتعلت النيران باللون الذهبي المتوهج، كأن السماء نفسها قد فتحت أبوابها. رأت آيلين الشعلة المقدسة، وفي لمح البصر، انقلبت الدنيا رأساً على عقب، كأن الزمن نفسه قد توقف وأعاد نفسه من جديد.
~~~
هنا بوقف اصلا وقفت بالفصل يلي فات وكنت بنزلها بالموقع بس هو تحت الصيانة ف اتاخرت يوم كامل وترجمت فصل واحد زيادة معهم وبس
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 191"