لم يكن دوق بارفيليني يدرك تعبير وجهه في تلك اللحظة. كل ما كان يعرفه هو أنه بدا، على الأرجح، وكأنه يحمل وجهاً سخيفًا مشلولاً بالذهول. كان الوضع مربكاً للغاية، وكأنه غارق في حلمٍ غريب. لو كان حلماً حقاً، لكان قد صفع خده بقوة ليستيقظ، لكنه لم يستطع. لم يكن هناك ذرة قوة في جسده، وكأن روحه قد سُرقت منه، تاركةً إياه فارغاً مشلولاً.
“إمبراطور…”.
ترددت الكلمة على شفتيه، وهو يكرر بصوتٍ خافت كلمات الدوق الأكبر إرزيت. في تلك اللحظة، تقدم الجنود نحو القصر الرئيسي بخطواتٍ ثقيلة، أحذيتهم العسكرية تصدر رنيناً مخيفاً على الأرضية الرخامية. فجأة، استعاد أحد النبلاء، الذي كان غارقاً في ذهوله، وعيه وصرخ بغضب: “أيها الخائن الأثيم…!”.
كان شاباً نبيلاً، مليئاً بالحماس، ومعروفاً بكونه أحد الواعدين في فصيل النبلاء المناهض للإمبراطورية. حاول الاندفاع ليعترض طريق الجنود، لكن محاولته لم تكتمل. دوى صوت طلقة نارية واحدة، حادة ومدوية. سقط النبيل الشاب على الفور إلى الخلف، وتدفقت الدماء من جسده، ملطخةً درجات القصر الرئيسي. لم يمنحه سيزار حتى نظرة عابرة، وكأن موته لم يكن أكثر من حشرةٍ تم سحقها.
دوق بارفيليني، الذي كان يراقب هذا المشهد المروع، ظل غارقاً في حالة من الفوضى الذهنية. كان قد توقع أن الدوق الأكبر إرزيت سيرد على محاكمة اليوم بطريقةٍ ما، فقد وضع خططاً عديدة تحسباً لذلك. لكن هذا؟ هذا التمرد العنيف والمفاجئ، الذي وقع في نفس يوم المحاكمة؟ كان شيئاً لم يخطر على باله أبداً. لم يكن هذا النوع من التصرفات يتماشى مع شخصية الدوق الأكبر إرزيت، الذي عرفه دوق بارفيليني عن كثب بعد مراقبته لسنوات طويلة. حتى مع علمه بالتصرفات الغريبة التي أظهرها الدوق الأكبر مؤخراً، لم يكن مستعداً لهذا التغيير الجذري. نظر إليه دوق بارفيليني بعينين مليئتين بالغرابة والخوف، كما لو كان ينظر إلى كائنٍ مختلف تماماً، كائنٍ لم يعد إنساناً.
قبل أن يتمكن الجنود من اقتحام القصر الرئيسي، ظهر الإمبراطور فجأة، مصطحباً معه مجموعة صغيرة من فرسانه المخلصين. كان وجهه شاحباً كالموت، وكأنه لم يصدق أبداً أن يوماً كهذا سيأتي، يومٌ يخونه فيه أخوه الأصغر. في يده، كان يمسك بمسدس، وجهه نحو الدوق الأكبر بدقة، على الرغم من الرعشة التي هزت يده.
“سيزار!” صرخ الإمبراطور، صوته يحمل مزيجاً من الصدمة والخيانة. “أنت… أنت تجرؤ على خيانتي؟”.
كانت عيناه الزرقاوان مشتعلتين بالغضب، لكنهما بدتا باهتتين تحت ضوء الغروب الذي غطى المكان بستارٍ قرمزي. فرسان الدوق الأكبر رفعوا أسلحتهم نحو الإمبراطور، لكن الدوق الأكبر إرزيت، بطريقةٍ غامضة، أشار إليهم لخفض أسلحتهم.
“ليون،” نادى الدوق الأكبر بصوتٍ هادئ للغاية، كما لو كان يتحدث إلى طفلٍ عاصٍ. “ألقِ سلاحك واستسلم.”
ضحك الإمبراطور ضحكة مكسورة، مشوهة بالألم. “إذا كنت ستصل إلى هذا الحد، كان يجب أن تأخذ العرش منذ البداية! لمَ وضعتني في هذا الموقف؟ لمَ جعلتني…” توقف، عاجزاً عن إكمال جملته، وهو يهتز من شدة المشاعر. دموع الغضب واليأس بدأت تتساقط من عينيه. “أنت… أنت تقتل أخاك الوحيد، الدم الوحيد الذي يربطنا!”.
لكن الدوق الأكبر لم يتزحزح. لم تظهر على وجهه أي علامة اهتزاز، وكأن قلبه مصنوع من حجر.
“أنت لست أنا، ليون،” قال ببرود، كلماته حادة كالسيف. صدمت هذه الكلمات الإمبراطور، الذي فتح فمه ليرد، لكنه لم ينطق سوى بصرخة غضب مدوية. ضغط على الزناد، ودوى صوت الرصاصة في الهواء. أصابت الرصاصة قلب الدوق الأكبر بدقة.
انتشرت بقعة دم حمراء على قميص الدوق الأكبر الأبيض. لكن ما حدث بعد ذلك كان أغرب من الخيال. كان يُفترض أن يسقط ميتاً على الفور، لكنه لم يفعل. ظل واقفاً، ينظر إلى الإمبراطور بنفس الهدوء المرعب. ألقى نظرة على صدره، حيث كانت الدماء تتساقط، ثم رسم ابتسامة ساخرة غامضة. بإشارة منه، اندلعت معركة بين فرسان الإمبراطور وفرسان الدوق الأكبر. لكن فرسان الإمبراطور لم يتمكنوا من الصمود طويلاً. لم يكن ذلك بسبب قلة عددهم فقط، بل لأنهم كانوا مشلولين بالرعب مما رأوه. بعضهم بدأ يتمتم بالصلوات، يستحضر اسم الإله في ذعر، وكأنهم يواجهون شيطاناً وليس إنساناً.
“هذا ليس بشرياً!” تمتم أحدهم، صوته مرتجف. كان من الواضح أن الدوق الأكبر لم يكن مجرد إنسان.
جسده، الذي بدا وكأنه لا يمكن أن يُهزم، جعلهم يفقدون إرادتهم للقتال. استسلم فرسان الإمبراطور، واحدًا تلو الآخر، ملقين أسلحتهم على الأرض. بقي الإمبراطور وحيداً، عيناه مشوشتان، يتمتم: “كيف… كيف يمكن هذا؟”.
لكن الدوق الأكبر لم يجب. تم تقييد الإمبراطور من قبل فرسان إرزيت، وأُجبر على الركوع بجانب دوق بارفيليني، الذي كان لا يزال عاجزاً عن استيعاب ما يحدث. نظر الدوق الأكبر إلى الإمبراطور المكسور، الدموع تنهمر من عينيه، لكن نظرته لم تستمر طويلاً. استدار نحو النبلاء المجتمعين أمام القصر، الذين كانوا مشلولين بالرعب، غير قادرين على الهروب أو حتى الصراخ.
تحت ضوء الشمس الغاربة، التي ألقت أشعتها الأخيرة، وقف الدوق الأكبر إرزيت بكل شموخ وقوة، وأعلن بصوتٍ متعجرف: “اسمعوا، يا شعب إمبراطورية تراون! من هذه اللحظة، أعلن نفسي إمبراطوراً!”
لم يكن هناك تردد في صوته، ولا أثر للخوف. كان يتحدث كمن يأخذ ما هو حقه الطبيعي. ابتسم ابتسامة ملتوية وأضاف: “من يجرؤ على الوقوف في طريقي، فليحاول.”
لكن الجميع، من النبلاء إلى الجنود، وحتى شعب الإمبراطورية بأكمله، عرفوا أن لا أحد يستطيع إيقافه. ركع فرسانه أمامه أولاً، وهم ينطقون باللقب الذي لا يحمله سوى إمبراطور تراون: “يا جلالة الإمبراطور!”.
في تلك اللحظة، وُلد سيزار تراون كارل إمبراطور.
***
انتشر خبر تمرد الدوق الأكبر إرزيت كالنار في الهشيم عبر الإمبراطورية. كان إعلانه عن تخليه عن منصب القائد الأعلى للجيش صادماً بما فيه الكفاية، لكن أن يتبعه بتمردٍ صريح في نفس اليوم؟ كان ذلك بمثابة زلزال هز أركان الإمبراطورية.
لم يستطع أحد استيعاب هذا التغيير المفاجئ، وكأن العالم قد انقلبت موازينه في ساعات.
حاول بعض النبلاء الفرار فور سماعهم بتتويج سيزار إمبراطوراً، لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين. أغلق الجنود جميع بوابات العاصمة، ومن يدري من أين، ظهر مرتزقة أجانب لا يتحدثون لغة الإمبراطورية، يحرسون الطرق ويمنعون أي هروب.
حاول النبلاء الذين يملكون جيوشاً خاصة مقاومة الجنود، لكنهم فشلوا في توحيد قواهم. تم القضاء عليهم بسرعة بواسطة المرتزقة، وبعضهم قُتل بوحشية في شوارع العاصمة، حيث تحولت الطرقات المرصوفة بدقة إلى جداول من الدماء.
عائلة دوق بارفيليني، التي كانت تملك أكبر جيش خاص، لم تستطع المقاومة، فقد كان الدوق نفسه رهينة في القصر الإمبراطوري. تحولت العاصمة، التي كانت رمزاً للسلام والرفاهية، إلى ساحة حرب. أصوات الرصاص وخطوات الأحذية العسكرية ملأت الشوارع، بينما اختبأ المواطنون في منازلهم، يرتجفون خوفاً، ينتظرون نهاية هذا الكابوس.
على الطرقات الخالية، تحركت قافلة من خمس سيارات عسكرية سوداء، تحيط بسيارة مركزية محمية بأربع مركبات. داخل السيارة المركزية، كانت إيلين في حالة ذعر شبه كامل.
“الدوق الأكبر إرزيت اثار ثورة!”.
كانت هذه الكلمات، التي صرخ بها رجل اقتحم المعبد، لا تزال تتردد في أذنيها. الشعلة الذهبية المقدسة، التي كانت تحترق بنورٍ إلهي، تحولت إلى نارٍ عادية لحظة سماع خبر التمرد. لكن حتى هذا المعجزة الإلهية بدت ثانوية مقارنة بالصدمة. إيلين، والكهنة من حولها، ظلوا مشلولين، غير قادرين على استيعاب ما سمعوه.
نظرت إيلين ببطء إلى لوتان، الذي كان واقفاً بجانبها. لم يبدُ عليه أي ذرة من الدهشة، كما لو كان يعرف ما سيحدث. بإشارة منه، اقتربت أليسيا وسحبت إيلين بعيداً عن المذبح. ركع لوتان على ركبة واحدة أمامها وقال بهدوء: “جلالة الإمبراطورة.”
لم تشعر إيلين بأي واقعية في هذا اللقب. استمر لوتان بنبرة ثابتة: “يجب أن تذهبي إلى القصر الإمبراطوري الآن.”
كانت الكلمات بمثابة صدمة أخرى، لكنها لم تستطع الرد. كانت عالقة في دوامة من الرعب والحيرة، وكأن العالم الذي عرفته قد انهار تماماً أمام عينيها.
~~~
نزلت المانهوا بشكل رسمي ب11 فصل
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 187"