تذكّر سيزار تلك اللحظة الحاسمة التي قرر فيها أن ينهي حياة الإمبراطور السابق. كانت تلك الذكرى تعود إلى أيام مضت، عندما كانت إيلين فتاة صغيرة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها. كانت إيلين طفلة بريئة، مليئة بالفضول وحب الاستكشاف، شغوفة بتذوق الحلويات الجديدة واكتشاف النباتات النادرة التي تُثير خيالها الطفولي. كانت عيناها تلمعان عند رؤية أي شيء غريب أو جديد، وكان قلبها الصغير ينبض بحماس لمعرفة المزيد عن العالم من حولها.
يبدو أن الخاطف كان قد خطط جيدًا لجريمته. لقد قضى وقتًا طويلًا في مراقبة إيلين، يدرس عاداتها واهتماماتها بدقة متناهية. عرف أنها لا تستطيع مقاومة إغراء حلوى جديدة أو عينة نباتية غريبة. فاستغل هذه الثغرة، وخدعها بعرض مغرٍ: حلوى بمذاق لم تجربه من قبل، وعينات من نباتات عجيبة لم ترَ مثلها قط. كان يعلم أن فضولها وحبها للنباتات والحلويات سيجعلانها تقع في الفخ بسهولة. وهكذا، نجح في خطفها، مستغلًا براءتها وسذاجتها.
عندما وصلت أنباء اختطاف إيلين إلى سيزار، كان يقود قواته في قلب معركة ضارية على الجبهة الأمامية. كانت ساحة القتال مكانًا لا يمكن فيه الاستغناء عن وجوده. على الرغم من أنه لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، إلا أن سيزار كان قد أثبت نفسه كقائد استثنائي، يتفوق بمهارته وشجاعته على المحاربين القدامى. لقد أصبح، في نظر الجنود، قائدًا حقيقيًا، بل أكثر من مجرد قائد – كان بمثابة رمز للقوة والإلهام. كان حضوره في ساحة المعركة يعني الفرق بين النصر والهزيمة، وكانت قراراته تُحدد مصير المعارك.
على الرغم من أن الماركيز مينيجين كان القائد الرسمي للجيش الإمبراطوري، إلا أن الجنود كانوا ينظرون إلى سيزار بعين الإجلال والتفاني، كما لو كان سيدًا يتبعونه بإخلاص. لم يكن الماركيز مينيجين غافلًا عن هذا الجو من الإعجاب والولاء الذي يحيط بسيزار. كان يغار من موهبته الفذة التي لم يمتلكها هو، وكان يشعر بالتهديد من شعبيته المتزايدة. في الوقت ذاته، كان يستغل نجاحات سيزار ليسرق الأضواء ويعزز مكانته الخاصة. لكنه كان دائمًا يتربص به، يبحث عن أي فرصة للنيل منه، يفتش عن أي ثغرة أو خطأ يمكنه استغلاله لتقويض مكانته.
وفي خضم هذا الصراع الخفي، جاءت أنباء اختطاف إيلين كالصاعقة. لم يكن أحد في القصر الإمبراطوري أو بين النبلاء يهتم كثيرًا باختطاف طفلة من عائلة متواضعة. لم تكن قضية تستحق اهتمامهم في نظرهم. كانت قوة سيزار ونفوذه محصورين في ساحة المعركة، بعيدًا عن القصر أو العاصمة، مما جعل من الصعب عليه اتخاذ إجراءات فورية. لم يكن بإمكانه تحريك الجنود بشكل شخصي دون إذن، وكانت خياراته محدودة للغاية. لكن سيزار لم يتردد لحظة واحدة.
ما إن سمع بخبر اختطاف إيلين، حتى هجر الجبهة دون تفكير. غادر ساحة القتال، تاركًا وراءه واجباته العسكرية، وهرع إلى العاصمة كالمجنون. هناك، بدأ رحلة بحث محمومة عن الطفلة المفقودة. كان قلبه ينبض بالقلق والخوف عليها، وكل خطوة كانت مدفوعة بحاجة ملحة لإنقاذها. لحسن الحظ، كان معه فريق من الفرسان المخلصين الذين سارعوا بمساعدته بكل إخلاص. بفضل جهودهم المتضافرة، تمكنوا من العثور على آيلين بسرعة نسبيًا.
سلّم سيزار الخاطف إلى الفرسان ليتولوا أمره، ثم توجه على الفور إلى المكان الذي كانت محتجزة فيه إيلين. كان ذلك المكان عبارة عن مستودع قديم متداعٍ، تفوح منه رائحة الرطوبة والإهمال. الجدران كانت متشققة، والأرض مغطاة بالغبار والأوساخ. عندما فتح الباب الخشبي المهترئ، رأى إيلين. كانت هناك، تجلس في زاوية مظلمة، وجهها مغطى بالدموع، عيناها تنظران إليه كما لو كان إلهًا نزل من السماء لينقذها من محنتها. كانت نظرتها مليئة بالخوف والأمل في آن واحد.
ومن المدهش، بل المثير للغرابة، أن أول كلمات نطقت بها إيلين لم تكن تعبيرًا عن الامتنان أو الراحة، بل سؤالًا بريئًا ومباشرًا: “لماذا أتيت…؟”.
هذا السؤال البسيط جعل سيزار يتوقف للحظة. لم يكن قد فكر في دوافعه بعمق حتى تلك اللحظة. أدرك فجأة أن تصرفه كان غير عقلاني تمامًا. لقد هجر الجبهة، وخاطر بكل شيء – مكانته، سمعته، وحتى حياته – دون أن يفكر في العواقب. لم يكن يعي مدى تهوره حتى رأى إيلين سالمة أمامه. نظر إليها للحظات طويلة، محاولًا فهم ما يربطه بهذه الطفلة.
“حقًا، لماذا أتيت؟” تمتم بصوت خافت، وهو يتأمل وجهها الملطخ بالدموع. كانت عيناها الصغيرتان تحملان سؤالًا أعمق مما تستطيع كلماتها التعبير عنه. لم يجد إجابة واضحة، لكنه شعر بشيء عميق في داخله، شعور لم يستطع تفسيره. كانت إيلين لغزًا في حياته، شيئًا لم يفهمه تمامًا، لكنه كان متأكدًا من شيء واحد: أنه لا يمكن أن يتركها في خطر.
حتى عندما عوقب بالجلد بأمر الإمبراطور بتهمة الفرار من الخدمة، ظل عقله مشغولًا بإيلين. الألم الجسدي لم يكن شيئًا مقارنة بالصراع الداخلي الذي كان يعيشه. وبعد تفكير طويل وعميق، توصل إلى نتيجة: إنه يريد حماية إيلين إلرود، بأي ثمن. لكن هذا القرار جعلها في خطر أكبر. كانت إيلين حتى تلك اللحظة مجرد طفلة لم تكن تثير انتباه أحد، كما لو كانت مجرد “حيوان أليف” للأمير. لكن تصرفه الجريء، فراره من الجبهة من أجلها، جعلها محط أنظار الإمبراطور.
كان الإمبراطور رجلًا يعاني من عقدة النقص، يرى في سيزار انعكاسًا لنفسه، لكنه في الوقت ذاته يحسده ويخشاه. كان شخصًا مضطربًا نفسيًا، ولا يمكن التنبؤ بما قد يفعله بإيلين إذا لاحظها. ولحمايتها، قرر سيزار أنه يجب أن يقتل والده، الإمبراطور.
اختار سيزار المخدرات كوسيلة لتحقيق هدفه. كان الإمبراطور، الذي بدأ يشيخ ويفقد قوته، يسعى لإثبات رجولته من خلال علاقاته النسائية وتناول منشطات الطاقة بشراهة. كان يعتقد أن هذه المنشطات تثبت شبابه وقوته، وكان يتباهى بها كدليل على عظمته. استغل سيزار هذه الضعف، فدس له المخدرات بسهولة، ممزوجة بالمنشطات التي كان يتناولها بشراهة. سرعان ما أصبح الإمبراطور مدمنًا، وتدهورت صحته تدريجيًا. حرص سيزار على التحكم في الجرعات بعناية حتى لا ينهار الإمبراطور بسرعة كبيرة، وفي الوقت ذاته، عمل على تعزيز قوته ونفوذه في الجيش، جاعلًا من الجنود قوة تخشاها الأمة وتحترمها.
وعندما أكمل كل الاستعدادات، نفّذ خطته. كانت ليلة وفاة الإمبراطور بائسة ومثيرة للشفقة. شعر الإمبراطور بشيء من القلق، كما لو كان يحس بقرب نهايته. أمر بإضاءة القصر كالنهار ليطرد الظلام، لكنه كان يصرخ في رعب عند رؤية النيران، كما لو كانت تذكره بمصيره. في النهاية، طرد الجميع من غرفة نومه، واستلقى مع عشيقته الصغيرة، غير مدرك أنها استبدلت المبخرة في الغرفة بعشبة سامة تتفاعل مع المخدرات في جسده، مما يتسبب في نوبة قاتلة.
عندما زار سيزار الغرفة ليشهد نهاية والده، رأى الإمبراطور يتشنج ويصرخ: “آه، ابني…”.
مد يده نحو سيزار بنظرة يائسة، لكن سيزار رد ببرود: “ألم تقل إنه يجب تسوية الحسابات بوضوح؟”.
ثم أضاف، وهو يلقي نظرة على العشيقة: “وألم تقل أيضًا إنه يجب أن نعرف كيف نسيطر على من هم دوننا؟”.
ارتجف الإمبراطور وهو يسمع كلماته الخاصة تُستخدم ضده. “أيها الوغد… بسبب تلك الفتاة…” تمتم قبل أن يتوسل: “أنقذني… أرجوك…”.
كانت تلك كلماته الأخيرة. شاهد سيزار الضوء يخفت في عيني والده، ثم أعلن أن وفاة الإمبراطور نجمت عن المخدرات.
اندلعت الحرب الأهلية في إمبراطورية تراون، وانتصر سيزار إلى جانب ليون، ليستوليا على العرش. لكن سيزار، على عكس توقعات الجميع، تنازل عن العرش لليون دون تردد. لم يكن يرغب في العرش أبدًا، فهو لم يكن يطمح إلى تلك السلطة المزعجة. لكن الآن، تغيرت الأمور. أصبح سيزار بحاجة إلى العرش.
“لم يكن هناك خيار آخر. الدوق بارفيليني كان يعترض بشدة بسبب الأحداث السابقة… سحب السلطة العسكرية منك كان مجرد إجراء رمزي مؤقت، لكنك قدمت استقالتك بنفسك!”.
“جلالتك.”
قاطعه سيزار بهدوء، مما جعل ليون يتوقف وينظر إليه بنظرة غاضبة.
“تفضل بالتوقيع.”
بجانب الوثيقة التي تعلن عزل سيزار تراون كارل إرزيت من منصب القائد الأعلى وتجريده من كل السلطات العسكرية، كان هناك صندوق يحتوي على جميع الأوسمة التي حصل عليها كجندي في تراون. أمسك ليون القلم بيد مرتجفة ووقّع الوثيقة:
[ليون تراون كارل إمبراطور]
ألقى القلم بعنف، فتدحرج على المكتب في صمت ثقيل.
“انتظر قليلًا… سأعيدك إلى منصبك.”
لكن سيزار ابتسم ابتسامة خافتة، يعلم كلاهما أن ذلك مستحيل. الدوق بارفيليني لن يفوت هذه الفرصة للقضاء على سي نهائيًا.
تذكّر سيزار والده المتوفى وهو ينظر إلى ليون، الذي يعاني من نفس عقدة النقص. أدى التحية الأخيرة للإمبراطور، ثم غادر دون أن يلتفت إلى نداءات ليون. شعر بغرابة وهو يرتدي زيه العسكري بدون الأوسمة، وآثارها لا تزال ظاهرة على صدره.
“سيدي.”
كان زينون ينتظره خارج قاعة الاستقبال، مرتديًا بدلة رسمية بدلاً من الزي العسكري. اقترب وقال: “كل شيء جاهز.”
فك سيزار أزرار زيه العسكري، ثم ألقى الجاكيت على الأرض بلا مبالاة.
“ابدأ الآن.”
كان سيزار على وشك إسقاط إمبراطور آخر، للمرة الثانية في يوم واحد.
~~~
فصل اضافي ويتبقى 19 فصل وبكرا بتنزل المانهوا، يا آسفي كنت اتحدى نفسي اخلصها في قبل الجمعة
الحين للي ما فهم ليش المخدرات يعتبرونها شي مرة خطير، لأن سيزار يلي اتهم الامبراطور سابقًا بتعاطي المخدرات والموت صنع قانون يمنع تداولها نهائيًا واي دواء سواء منشط وغيره بيعتبر مخدرات لأن جزء منه من المخدرات أصلا ف استخدموا ذا القانون ضد سيزار يعني زوجته تستخدم المخدرات في أدويتها ليش ما تعقبها وهنا يبينو تناقض سيزار ف هو من المفترض ياخذوا منه سلطة القائد ورح يصير قائد فزعة أوامره ما رح تطع بس هنا سيزار قلب الموضوع وراح يعلن أنه بيتخلي عن منصبه
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 185"