كانت أيلين هي من بدأت هذا الأمر. بدأ كل شيء من رغبتها الجامحة في أن تكون عونًا لسيزار، لكن هذه الرغبة تحولت إلى ذنب أثقل كاهلها، والآن كانت ثمار هذا الذنب على وشك أن تتكشف أمام عينيها. كانت أيلين مقتنعة تمامًا بأن إطلاق مورفيوس إلى العالم سيجلب النفع للإمبراطورية بلا شك. لقد كان هذا الدواء، الذي كرست له وقتها وجهدها، يمثل أملًا لتحسين حياة الناس، ورؤيتها لمستقبل أفضل للإمبراطورية.
كانت المحاكمة خطوة لا مفر منها لإطلاق مورفيوس رسميًا. منذ اللحظة التي قررت فيها أيلين، بصفتها دوقة إرزيت، مواصلة أبحاثها على مورفيوس، كانت تعلم أن هذه المحاكمة ستكون جزءًا من الطريق. لقد أعدت نفسها نفسيًا لهذه اللحظة، مدركة أنها لن تكون مجرد عقبة، بل فرصة لإثبات قيمة عملها.
كان زينون داعمًا قويًا لقرارها. لقد وقف إلى جانبها، يجمع الأدلة والوثائق بحماس لا مثيل له لضمان فوزها في المحاكمة. لم يكن هدفهم مجرد استخدام سلطة دوق إرزيت لتجنب العقوبة، بل كانوا يسعون إلى انتصار حقيقي في قاعة المحكمة، انتصار يؤكد شرعية مورفيوس ويجعله مقبولاً من الجميع. كانوا يريدون أن يُعترف بالدواء كإنجاز علمي، وليس مجرد نزوة أو خطأ.
لكن سيزار، بكل بساطة، كان يهدد بتدمير كل هذا الجهد في لحظة. كان مصممًا على إبقاء أيلين محتجزة داخل القصر، رافضًا السماح لها بالخروج لمواجهة المحاكمة. كان السبب واضحًا: لم يكن يريد لها أن تغادر جدران القصر، حتى لو كان ذلك يعني إلقاء مسؤولية ذنبها على عاتقه.
كيف يمكن أن تترك ذنبها لسيزار؟ لا أحد يعرف مورفيوس أفضل من أيلين. كانت هي من طوّرت الدواء، وهي من فهمت كل تفاصيله وتعقيداته. أن تتغيب عن المحاكمة، وهي امرأة بالغة وليست طفلة قاصر، كان أمرًا لا يمكن تصوره. كان من المنطقي أن تقف في قاعة المحكمة لتدافع عن عملها بنفسها، لكن لسيزار بدا غير مبالٍ بهذا المنطق.
كان سيزار يعلم كل شيء. كان على دراية تامة بأهمية المحاكمة، وبحقيقة مورفيوس، وبما يعنيه هذا الدواء بالنسبة لأيلين. ومع ذلك، اختار أن يحتجزها داخل القصر، كما لو أن إبقاءها تحت سيطرته كان أهم من أي شيء آخر.
“لا.”
رد سيزار بهدوء، مرتسمة على شفتيه ابتسامة خفيفة تحمل نبرة الرفض. اقترب من السرير، وفي حركة مفاجئة، رفع أيلين بين ذراعيه بسهولة، كما لو كانت دمية خفيفة. رنّت القيود المعدنية المربوطة بكاحلها بصوت خافت. أعادها إلى السرير بعناية، وأصلح الغطاء الذي كان قد انزلق عن كتفيها، ملفًا إياه حولها بإحكام.
“الطقس أصبح باردًا، إلى أين تنوين الذهاب؟” قال بنبرة تشبه التوبيخ الأبوي، كما لو أنه يحذرها من الإصابة بنزلة برد.
“سيزار…” توسلت أيلين، نادية باسمه بصوت مرتجف. لكن سيزار لم يجب. نظرت أيلين إلى زينون دون وعي، آملة أن يدعمها أحدهم، أن يقف إلى جانبها ويمنح صوتها قوة.
للحظة، التقت عيناها بعيني زينون. بدا مصدومًا، عيناه مرتعشتان كما لو أنه على وشك البكاء. أدركت أيلين في تلك اللحظة كم كانت تبدو بائسة. لم تكن حالتها محزنة فحسب، بل كانت محرجة أيضًا. خفضت رأسها بخجل، عاجزة عن الحفاظ على ثقتها السابقة.
في تلك اللحظة، تحدث زينون، الذي كان يبدو وكأنه سينسحب بعد تقديم تقريره.
“سيدي.”
التفت سيزار إليه، عيناه تسألان عما إذا كان هناك المزيد ليقوله. ارتعش زينون قليلاً، لكنه استمر، صوته متردد لكنه مصمم: “أنا أيضًا… أعتقد أن من الضروري أن تحضر الدوقة المحاكمة بنفسها كمتهمة.”
كان صوته يرتجف، لكنه أكمل رأيه. ابتلع ريقه بصعوبة بعد أن انتهى، وكان واضحًا أنه متوتر للغاية، كما لو أن جسده تجمد من الخوف. نظرت أيلين إليه بدهشة. لم تتوقع أبدًا أن يقف زينون إلى جانبها، خاصة أنه أحد فرسان سيزار المخلصين. كانت تتوقع أن يمنعها من حضور المحاكمة امتثالاً لأوامر سيده.
لكن زينون، في تلك اللحظة، كان يتحدى أوامر سيزار، واضعًا نفسه في موقف محفوف بالمخاطر لدعم أيلين.
حدّق سيزار في زينون بعينيه الحمراوين ببرود. لم يكن هناك غضب واضح في صوته عندما قال: “لم أطلب رأيك.”
كانت نبرته هادئة، لكنها تحملت تهديدًا خفيًا. ارتعش زينون كما لو أنه تلقى ضربة قاضيو، وشدت أيلين قبضتها على الغطاء بتوتر.
“أعتذر، سيدي. لكن، كما تعلم، لقد أعددت كل شيء للمحاكمة على أساس أن الدوقة ستحضر بنفسها. من أجل انتصار كامل…”.
“زينون.”
“نعم، سيدي.”
وقف سينون متصلبًا، مثبتًا قدميه على الأرض. سأله سيزار بنبرة باردة: “هل تريد إخراج أيلين؟”
كان السؤال مليئًا بالتحذير، لكن زينون، رغم خوفه الواضح، وقف صلبًا وأجاب: “أريد فقط أن تحظى الدوقة بالتكريم الكامل لصنع دواء سيترك بصمة في التاريخ.”
ضاقت عينا سيزار، وتحولت إلى شقين رفيعين. كان زينون شاحبًا، يتنفس بصعوبة، لكنه لم يتراجع. أخيرًا، ظهرت ابتسامة خفيفة على شفتي سيزار.
“منذ متى أصبحتَ فارس الدوقة؟”.
“أعتذر، سيدي. ولائي هو فقط للدوق إرزيت…”.
“يكفي. انصرف.”
هذه المرة، لم يستطع زينون الصمود. رفع تحية عسكرية وغادر الغرفة بسرعة. تابعته أيلين بعينيها، آملة أن تلتقي عيناه بعينيها لتشكره ولو بإشارة صامتة، لكنه لم ينظر إليها وغادر دون كلمة.
أغلق الباب بهدوء. نظر سيزار إلى الباب المغلق للحظة، ثم استدار نحو أيلين. التقت عيناها بعينيه الحمراوين اللتين بدتا وكأنهما تخترقانها. كان عقلها مشوشًا ككرة من الخيوط المتشابكة. لم يكن الأمر يتعلق فقط بحضور المحاكمة، بل كان هناك معنى أعمق: العلاقة بين الإمبراطور وعائلة الدوق إرزيت.
كان من المتوقع أن يمتلك الدوق بارفيليني معلومات عن مورفيوس. في وقت سابق، شرح زينون لأيلين هذا الأمر، مضيفًا: “لكن الدوق لن يجرؤ على استهداف مورفيوس بسهولة.”
كان هذا اليقين مبنيًا على سبب بسيط وواضح: ليون، شقيق سيزار، كان إمبراطور تراون. وبفضل زواج تحالف، كان الدوق بارفيليني في نفس الجبهة مع الإمبراطور، مما جعله حذرًا من مهاجمة سيزار مباشرة.
لكن الآن، رفع الدوق دعوى قضائية ضد عائلة إرزيت. كان هذا بمثابة إعلان ليون عن مواجهة مباشرة مع شقيقه التوأم، الذي كان له الفضل في جعله إمبراطورًا. كان هذا التصعيد غير متوقع، وجعل أيلين تشعر بالحيرة والاضطراب.
لهذا السبب، كان من الضروري تحقيق انتصار ساحق في المحاكمة. لم يكن الأمر يتعلق فقط بالدفاع عن مورفيوس، بل بحماية اسم عائلة إرزيت من أي شائبة. كان يجب أن تكون المحاكمة انتصارًا مدويًا يحظى بدعم ساحق.
‘لماذا أصبح الأمر هكذا؟’.
تساءلت أيلين في نفسها. لقد كان ليون وسيزار أخوين متآلفين. على مر السنين، شاهدت أيلين مدى حب ليون لشقيقه، مما جعل هذا الوضع أكثر إرباكًا بالنسبة لها.
بينما كانت تحاول فك عقد أفكارها المشوشة، نظرت بحذر إلى سيزار. على عكس أيلين، التي كانت تخمن خيانة ليون، بدا سيزار هادئًا، كما لو أنه كان يعلم مسبقًا أن شقيقه سينقلب عليه.
“جلالة الإمبراطور…” بدأت أيلين بحذر، لكن سيزار أوقفها بلمسة لطيفة على شعرها.
“يبدو أن فائدتي قد انتهت بالنسبة له.”
قالها بنبرة خفيفة، كما لو أن الأمر لا يعنيه. ثم همس لها: “ابقي هنا، أيلين.”
بالنسبة لسيزار، كانت أيلين أهم من خيانة ليون. أمسكت أيلين يده التي كانت تداعب شعرها، وقالت: “سيزار…”.
“…”
“دعني أذهب.”
ضحك سيزار ضحكة قصيرة، وهو يداعب رقبتها بلطف، وهمس: “وماذا لو رفضت؟”.
شعرت أيلين بقشعريرة من لمسته. كانت تعلم أن هذه الفرصة، التي خلقها زينون بجرأة غير متوقعة، ربما تكون الأخيرة. لقد جاء إلى الغرفة ليبلغها بالوضع في الخارج، وهي تعلم أنه لن تتكرر فرصة أخرى للهروب من هذا السجن.
“أرجوك… أتوسل إليك. إذا سمحت لي بحضور المحاكمة…”
تذكرت أيلين كلماته القديمة: ‘قلت لي ألا أغمض عيني عندما أكذب، أليس كذلك؟’.
حاولت أن تبقي عينيها مفتوحتين، متحدية نظرته الثاقبة، وقالت الكلمات التي ربما كان ينتظرها: “سأفعل ما تريده.”
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 175"