شتّان ما بين الحبّ والمودّة؛ فأنا هنا أكتب عن المودّة التي لا أعرف غيرها ولا أعترف إلّا بها، لأنّ المودّة أسمى وأحنّ. أمّا الحبّ، فيندرج تحته قسوةٌ وفتور، ونمطٌ حياتيّ ممل. ولذا، حين خلق الخالق الزوجين جعل بينهما مودّةً ورحمة؛ كلمتان هما الأساس لبناء علاقةٍ تُعمَر بها الأرض وتستمر.
هنا… بدأ يومُ «كينت» كعادته وروتينه. بعد أن اغتسل وارتدى ثياب عمله، اتّجه إلى مطبخه ليُعدّ لنفسه قهوته البنيّة. فتح أحد الأدراج العلوية، أخرج فنجانًا، وشرع في التحضير. ثم بدأت تلك اليد… اليد التي اعتادت وأدمنت العثور على التبغ والإمساك به بنشوةٍ تُطفئ حياة صاحبها ببطءٍ مميت. لكنّها هذه المرّة لم تنجح في العثور عليه؛ فبحسب ترتيبه واحتياطاته كان يضع علبةً في أحد أدراج المطبخ، وأخرى في مكتبته، وثالثة في جيب بذلته الدبلوماسية التي لم يرتدها بعد.
وضع يداه على الرخامِ أمامه يستندُ عليه ليهدأ بعد أن تذكر ليلةُ البارحه بعدما أتى من منزل “إڤانيا” هو بنفسه من تخلص منهم و لا يعرفُ كيفَ استطاع النوم و هو مرتاحُ البال.
أخذ نفساً عميقاً ثم أمسك هاتفه نابساً في اضطراب: يجبُ عليها أن تتحمل نتيجة ما قالته لي.
لكنه توقف للحظة ينظر إلى الساعة في هاتفه قبل أن يتصل بها، فتسائل بصوتٍ مسموع: الثامنة إلا ربع… تُرى هل استيقظت؟.
نظر إلى آلة القهوة، الصوت يتصاعد ببطئ، كما لو أنها تسخر من تأخّره.
تنفسَ بعمقٍ مرةً أخرى ثم أعدها… سكب القهوة، و أخذ رشفة. فمن هذه اللحظةِ بالذات لم يكن يومه روتينياً عاديّ.
فباليد التي اعتادت إشعال السيجارة أرسلت رساله……
كانت “إڤانيا” في المطبخ مع أختها “أليكا” منذ دقائق، و والدها أمام حاسوبه يحاول أن ينهي عمل امس الذي لم يتمه بسبب عدم ذهابه إلى العمل لأجلِ البقاء بجانبها لتطمئن، و والدتها كانت في محل البقوليات.
تحاول أن تُسرّ الفطور لا لأنها جائعة، بل لأنها لا تحتمل الصمت بينها و بين أختها الذي دائماً ما يُنذِرُ بشجارٍ يؤلمُ قلبها.
قطعت الخبز و رتبت الأطباق ثم توقفت.
رفعت نظرها إلى “أليكا”.
أختها كانت تقفُ على بُعد خطوة، ظهرها مائل إلى الرخامة و الهاتفُ بين يديها تضحك، تبتسم، و لا تهتمُ أبداً في المساعدة كما أخبرتها والدتها قبل أن تخرج، نظرت” إڤانيا”إليها مرة ثم عادت إلى عملها. كان هذا الصمتُ يوترها فإن كانت لن تساعدها او تتحدث معها فالتترك لها المطبخ و ستقول لوالدتها أنها ساعدتها كي لا توبخها كما تفعل دائماً… فهذا الوضعُ الوحيد الذي تكذبُ فيه “إڤانيا”.. هي فقط لا تريد أن تزداد الفجوة بينهما رغم علمها أن حتى محاولاتها لا تغير من الأمرِ شيء.
مرت لحظات ثم رفعت عيناها عليها ثانيةً… فتحت فمها ثم أغلقته، فالكلمات لا تأتي، لا تعرف من أين تبدأ، و لا إن كانت” أليكا ستستمع أصلاً.
كانت ستفكر و هي تضع الطبق على الطاولة بصوتٍ مسموع، كأنها تختبر ردة فعلها…. لكن لا شيء.
حكت رأسها ثم نظرت إلى يديها، فركتهما ببعضهما بوتيرةٍ صعبة دون وعي، فهذة إحدى عادتها عندما تشعر بالضغط لتتحدث بما يؤلمها.
كانت ستنطق بتلك الكلمة الآن: أليكا.. تكرهني؟!.
لولا صوتُ الإشعار الذي جاء من هاتفها جعلها تتوقفُ تماماً تأكل بُغضَ تلك الكلمة و قسوتها ثم ابتلعتها.
التفتت إلى الهاتف، فكان الإسم غير محفوظ، لكنها عرفته عندما كتب إسمه، تعرف إسم الرجل الذي أنقذها بعد أن أخبرها والدها بإسمه بالأمس…
محتوى رسائلهم…
كينت:
آنسة إڤانيا؟… إنه أنا.. كينت.
نظرت إلى الشاشة ثم إلى أليكا في توتر ثم كتبت.
إڤانيا:
نعم.
رفعت “أليكا عينيها أخيراً، نظرت إليها نظرة ساخرة ثم عادت إلى هاتفها.
انكمش صدر” إڤانيا” قليلاً.
كينت:
أردتُ فقط أن أتأكد…
توقف.
ثم أرسل:
كينت:
هل صباحكِ محتمل؟
تأملت الكلمة.. “محتمل”
كتبت:
نعم.
أُعدُ الفطور.
في طرفِ “كينت” نظر إلى القهوة التي لم تكتمل متعته بها ثم كتب:
كينت:
و أنا… أحاول أن أُعدّ صباحي دون سيجارة.
رفعت “إڤانيا” رأسها ببطئ، ثم نظرت إلى الفراغ أمامها، ثم كتبت بنفس الصدق الذي لا يعرف التلطيف:
إڤانيا:
هذا أفضل لك.
توقف “كينت” في زهولٍ للحظه، لم تكن نصيحه، لم تكن تشجيعاً، أحسَ أن هذا توبيخاً من قِبَلِ أُمه.
حك رقبته في خشونه و ذلك كان كافياً ليجعله أكثر طاعةٍ لها. ثم كتب
جملتة الاخيرةَ لها تجعلك تشعر من رؤيتها أن وجهه متهكما:
كينت:
إذاً يا آنسة… بعد ساعةٍ من الآن سنتحدثُ صوتياً.
فكتبت سائلة:
إڤانيا:
لماذا؟!
لكنه لم يجيب و ترك رسالتها معلقة، و في تلك الأثناء دخلت والدتها المنزل فتركت “أليكا” الهاتف على الفور أمام أعين “إڤانيا” و همت بحمل الأطباق تضعها على الطاولة كي لا توبخ من الصباح.
الكاتبة /أسفة على التأخيرِ يا رفاق فأنا لا أكتب إلا عندما أكون حزينه.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 6"
انا كمان مش مؤمنة بالحب فعلا العلاقه الصحيه الي تستمر بتعتمد على المودة و الرحمة بين الزوجين و تقديرهم و احترامهم لبعض لكن الحب مش دائم و زائل لوحده مينفعش تتبني عليه علاقه
لاا ما بدي اختها تكون حقيرة
بدي مثلا تكون مجرد غيرة أو مشاكل بين الإخوة مو مره حقيقي
بداية الفصل هي
شتان مابين الحب والمودة
اظن في شهر فيه هاي الكلمات
لا ارجوك لا تربطي الكتابة بالحزن فقط
ليش يا قلبي مين مزعلك والروايه كثيير حلوه استمري