– زوجة الأب المصابة بمرض مميت سوف تختفي الآن. 

الفصل 157

لم تفارق صورتها وهي تدير رأسها لتتجنب نظراته ذهنه. حتى ارتجافها خوفًا، رغم وجودها معه، ظلت عالقة في ذهنه. كلما فكّر فيها، كان يختنق أنفاسه، ويشعر صدره وكأنه على وشك الانهيار من شدة الألم.

ومع ذلك، لم يستطع كاليجو التوقف عن التفكير بها. شعر وكأن جسده كله يتمزق ويتحطم. كان من المستحيل تقريبًا التخلص من فكرة أنها محته من حياتها. شعر أنه لم يعد هناك حاجة إليه في حياتها.

“أنا خائفة منك.”

بل لم يعد مصدر حماية أو دعم لها، بل مجرد تهديد. كانت هيلينا إسكيل تخشى منه.

“أنا خائفة جدًا من أن أكون معك بمفردي هكذا.”

اعترفت بذلك بوجهٍ شاحبٍ مرعوب، وهي تتشبث به. لقد جاء إلى هوریون لإنقاذها، لكنها كانت تخشى منه أكثر من ساليزار الذي جاء ليقتلها.

كيف كان رد فعله عندما سمع هذه الكلمات؟ لا يتذكر. كل ما يتذكره هو وقوفه هناك بوجه مذهول قبل مغادرة الغرفة.

الآن، كل ما تمنى هو أن تكون بجانبه. لم يعد يريد أن تُمحى من حياته – فقد توصل إلى استنتاج أنه لا يستطيع العيش بدونها. لكن هيلينا قالت إنها تخاف منه. ماذا عساه أن يقول في مثل هذا الموقف؟.

كانت المشكلة الأكبر، حتى من وجهة نظر كاليجو، أن خوفها منه كان منطقيًا. كيف لا؟ لقد أسكتها باستمرار، وأبعد كل من كان على علاقة بها. حتى أنه حبسها في غرفة دون أي نية لحمايتها، تاركًا إياها حبيسة وسط شائعات سخيفة. منذ البداية، أخطأ في كل شيء، ساعيًا بغباء إلى مسامحتها، محاولًا فعل شيء لا يمكن التراجع عنه.(زائد هددتها بالقتل وشتمتها) 

لا بد أن صورة طلبه للمغفرة بدت لها أشبه بتهديد. بعد كل هذا التهديد، كم بدا سخيفًا وهو يطلب المغفرة الآن؟.

كلما تأمل في الماضي، ازداد شعوره بالاختناق، وكأنه لم يعد قادرًا على التنفس. في النهاية، ظل كاليجو طريح الفراش لعدة أيام. ورغم أنه كافح إصاباتٍ كانت كفيلة بدفن معظم الرجال، إلا أنه الآن يرقد عاجزًا عن مغادرة غرفته، يعاني من حمى شديدة لدرجة أنه شعر وكأنه سيُنهكه.

ربما كانت محاولةً للهروب من الواقع، لكن حتى وهو مريض، ظلّ يحلم. ظهرت هيلينا في أحلامه. ورغم هذيانه، سعى يائسًا للنوم لمجرد رؤية وجهها. ورغم أن رؤية وجهها كادت أن تُمزق قلبه، إلا أنه لم يستطع التوقف عن النوم. هيلينا. هيلينا خاصته. في أحلامه، على الأقل، لم تعد تخاف منه كما كانت في الواقع.(صراحة مع وضعه الحالي لو ماتت ف هيلينا اخذت حقها وزيادة بس انه يكون مدمر نفسيًا ما رح يعتني بالاطفال وهذا ثغرة بالقصة هيلينا تهتم بالأطفال اكثر منه كبطل) 

منذ البداية، لم ترفضه هيلينا. في أول يوم لقائهما، انفتحت عليه طوعًا. ورغم تصرفاته المدروسة، كان كاليجو هو من وقع في حبها. كان الوقت الذي قضاه معها رائعًا بشكل لا يوصف. استمعت هيلينا لكل ما قاله دون أي تحيز. بل كانت أحيانًا تُسدي له نصائح واقعية.

بينما كان الجميع يعاملونه كسيد فرانتيرو، عاملته هيلينا ككاليجو فرانتيرو فقط. لكنه لم يعاملها كهيلينا إسكيل فحسب. هو من دفعها بعيدًا. هو من دفعها إلى حافة الهاوية.

لامست صورة هيلينا السابقة في حلمه صدره كجرحٍ مؤلم. فكرة أنه لن يرى تلك النظرة في عينيها مجددًا بثت فيه شعورًا حادًا بالخسارة، كأن ثقبًا هائلًا قد فُتح في صدره. “لا، لا تذهبي. عودي. لقد أخطأت. لن أفعل ذلك بك مرة أخرى… أرجوكِ.”

“يا إلهي، أنت تبدو وكأنك في حالة من الفوضى.”

بعد أيام من عدم تلقيه أي رد على رسائله، زار الأمير راؤول هوريون أخيرًا. خلع راؤول رداءه الذي كان يرتديه للتخفي، ونقر بلسانه على صديقه القديم، الذي لم يُلقِ عليه نظرة.

سمع أن كاليجو طريح الفراش منذ فترة. لكن بعد أن سمع أنه استعاد وعيه، ظن راؤول أنه بخير، لكن من الواضح أنه ليس كذلك. بدا وكأنه فاقد الوعي جزئيًا.

“لقد بحثتَ بجدٍّ عن ترياق، حتى أنك أرسلتَ الدواء الذي كانت تتناوله إلى الأطباء، أليس كذلك؟ ظننتُ أنكما قد أحرزتما بعض التحسن، لذا شعرتُ بالارتياح… لكن… “.

عندما غادرت هيلينا دوقية فرانتيرو واكتشف هويتها الحقيقية، لم يكن بهذا السوء. على الأقل آنذاك، حافظ كاليجو على بعض مظاهر الحياة الطبيعية. أما الآن، فبدا وكأن حياته قد انهارت تمامًا.

لا أحد كان ليصدق أن هذا هو البطل الأسطوري كاليجو فرانتيرو.

لنرَ… بدت عيناه فارغتين تمامًا. فحصه راؤول عن كثب ولاحظ الجرح غير المعالج في ذراعه. كان ذراع الفارس أشبه بحياته. أي إصابة خطيرة فيه لا رجعة فيها. حتى كاليجو، الذي لم يكن يهتم بنفسه كثيرًا، كان ليحذر من إصابات في ذراعه أو كتفه أو يديه.

ومع ذلك، ترك هذا الجرح دون علاج. بالكاد كتم راؤول شتائمه وهو يخلع قميص كاليجو.

“فقط أتركها، إنها بخير.”

“هل هذا شيء يجب أن تقوله لسيدك الذي يعتني بأتباعه؟” قال راؤول بحدة.

“لن تجد أحدًا ينظر إليك بهذه الطريقة… هل طردت كل الأشخاص الذين جاءوا لمعاملتك بهذه الطريقة؟”.

في النهاية، نجح راؤول في لفّ ضمادة وتطهير الجرح. استغرق الأمر وقتًا طويلًا لأن صديقه غير المتعاون لم يُسهّل الأمر.

“قلت أنك سوف تذهب للبحث عنها لطلب المغفرة، ولكن أرى أن الأمر لم يسير على ما يرام؟”.

كانت هذه أول مرة يرى فيها راؤول صديقه في مثل هذه الحالة، فحزن قلبه بشدة. لكن ليس لأنه لم يفهم مشاعر هيلينا. ففي النهاية، كان كاليجو مخطئًا. لقد كان مخطئًا منذ زمن طويل. ومع ذلك، ولأنه يهتم بسعادة صديقه، لم يكن أمام راؤول سوى الأمل في أن تتحسن الأمور بينهما. والأهم من ذلك، أن راؤول كان يحب هيلينا.

الآن، وجد كاليجو أخيرًا شريكة حياته. لم يستطع التخلي عن مثل هذه الشخصية عبثًا. 

“من الآن فصاعدًا، عليك أن تتوسل. حتى لو اضطررت للركوع، عليك أن تتوسل.”

ظل كاليجو صامتًا، ربما متفهمًا، لكن تعبيره كان لا يزال قاتمًا.

“مهما طلبت منك، يجب عليك أن تفعله.”

“…”

“إذا كان الأمر صعبًا، فسوف أساعدك.”

عند سماع كلمات راؤول، أطلق كاليجو ضحكة مريرة.

“إذا كان طلبها مني أن أتركها ولا أراها مرة أخرى، فماذا بعد؟”.

“ماذا؟”.

“تقول إنها تخاف أن تكون معي وحدها. تخاف أن تكون معي…”.

“…”

“تقول إن الكلمات التي قلتها في ذلك اليوم تعود إليها باستمرار.”

تحدث كاليجو بقلب مثقل.

“تقول إنها لا تحتاج مساعدتي. لا حتى لقبًا ولا حماية… حتى أنها رفضت مساعدتي لإنقاذها.”

“…”

“لا تريد مني شيئًا. لقد يئست من العلاج، يئست من الحياة… لقد محتني من حياتها تمامًا.”

نظر راؤول إلى كاليجو، الذي بدا كصدفة فارغة، روحه قد فارقت. كان الألم واليأس في عينيه فارغين لدرجة أنهما بلا عمق. رؤية صديقه على هذه الحال أحزنت قلب راؤول. كان مؤلمًا أن يرى الرجل الذي لطالما أعطى الأولوية لواجباته ومسؤولياته، الآن، ضائعًا ومنكسرًا. ربما شعر بأنه مسؤول عن جزء من هذا. لطالما انشغل كاليجو بحمايته، لكن راؤول لم يتمكن قط من حماية صديقه بالمقابل. شعر وكأنه هو من يتحمل مسؤولية وصول كاليجو، الذي ضحى بحياته الشخصية ليعيش دوقًا، إلى هذا الوضع.

“ليس الآن وقتَ الانتقائية في المواقف أو الأساليب. انسَ طلبَ المغفرة الآن. عليكَ أن تفعلَ كلَّ ما يلزم لتغيير قلبها! عليكَ إيجادُ طريقةٍ لتلقّيها العلاج.”

“…”

“هل ستتركها تموت هكذا؟ إنها المرأة التي لطالما أردتها.”

تحدث راؤول بيأس، وكان صوته مليئًا بالعاطفة. شعر برغبة عارمة في انتشال صديقه من يأسه. في هذه اللحظة، لم يتبقَّ لكاليجو ولا لهيلينا الكثير من الوقت.

“هل يمكنك حقًا مسحها من حياتك؟”.

مهما صرخ راؤول، ظلّ صديقه ساكنًا كالجثة. لكن في النهاية، رمش كاليغو وفكّر في السؤال. وسرعان ما توصل إلى النتيجة. لا. كان من المستحيل محو هيلينا إسكيل من حياته.

حتى بعد أن فكّر في الأمر مرارًا، توصّل إلى نفس النتيجة: من المستحيل محوها من حياته.

“لا.”

تمامًا كما أن الحصان الذي ليس له أرجل سوف ينهار ويموت قريبًا، كان من الواضح أن حياة كاليجو سوف تنهار في حالة من اليأس إذا تم محو هيلينا منها حقًا.(سبحان الله مغير الأحوال) 

“لا، لا أستطيع.”

أجاب كاليجو، وكان صوته مليئا باليقين.

“لذا، سأنقذها. سأجد طريقةً لإنقاذها مهما كلف الأمر.”

“…”

“حتى لو أنها لن ترغب برؤية وجهي مرة أخرى.”

نظر راؤول إلى وجه كاليجو، الذي كان يفقد لونه تدريجيًا، بتعبير لم يتمكن من وصفه تمامًا.

“لا يزال هناك بعض الأخبار الجيدة لك.”

“ماذا تقصد؟”.

“الدواء الذي أرسلته للطبيب في المرة الأخيرة… سمعت أنه قد يكون فعالاً لآسيهيمو.”

قال راؤول هذا مع لفتة مطمئنة، وهو يربت على كتف كاليجو برفق.

~~~

لا تنسوا كومنتاتكم الحلوة يلي تخليني استمتع بالتنزيل

حسابي انستا:  roxana_roxcell

حسابي واتباد: black_dwarf_37_