استمتعوا
شونيلا رفعت يدها اليسرى ونظرت إليها بدهشة عظيمة،
ثم صرخت بصوت مرتجف من الصدمة.
غير أنّ ردة فعل آيسيل بدت غريبة بعض الشيء.
فقد اتّسعت عيناه أيضًا إلى أقصى حدّ.
[مـ… ماذا يحدث؟ لماذا يُفاجَأ صاحب السمو الدوق الاكبر؟]
تنفّست شونيلا بعمق قليلًا ثم سألت بهدوء.
“……”
لكنّ نظرات آيسيل لم تتلاقَ مع عينيها،
ولم يكن يحدّق في الخيط الأحمر أيضًا.
فهل ما أدهشه لم يكن شيئًا يراه بعينيه؟
[يا تُرى… هل يُعقَل أن يكون قد سمع صوتي؟]
امتدت شفتا آيسيل قليلًا، ثم انفصلتا وكأنّه على وشك قول شيء.
شونيلا وضعت ذراعيها أمام صدرها ونظرت إليه مترقّبة ما سيقوله.
ولكن لم تكن هي وحدها من ينتظر ردة فعله.
“سموك، ما الذي يحدث؟ هل ثمة ما يُقلق؟“
نزل الماركيز من على المنصّة وسأله بوجه يشوبه القلق.
“ليس هناك ما يدعو للقلق. دعنا نذهب.”
ردّ آيسيل بجفاء، ثم استدار عن المنصة وغادرها.
مدّت شونيلا يدها نحوه لتناديه، ثم توقّفت فجأة.
كان كثير من الحضور يوجّهون أنظارهم نحو آيسيل.
خدم الماركيز، الماركيز وزوجته، وحتى كبير الكهنة.
وفوق ذلك، لم يتجاوب مع صوتها سوى آيسيل.
أما الآخرون فقد ظلّت وجوههم هادئة كما هي.
[لو تكلّمتُ معه الآن، وردّ عليّ،
فسيظنّ الجميع أنني مجنونة تحدّث نفسها.]
بعد أن أصبحت شبحًا، عاشت شونيلا وحدة عميقة.
ولما لاح في الأفق احتمال أن آيسيل يستطيع سماعها،
فرحت كثيرًا واشتعل في داخلها الأمل.
ولكنها لم تكن لتسمح لنفسها بإحراجه أمام جمعٍ من الناس.
فآثرت الصمت وسارت خلفه في هدوء.
***
بعد انتهاء مراسم الزفاف.
ركب الماركيز وآيسيل العربة التي كانت تنتظرهما أمام بوابة قصر الماركيز.
انطلقت العربة مسافة عشرين دقيقة تقريبًا حتى وصلت إلى بوابة النقل الآني الواقعة على أطراف العاصمة.
ويبدو أنّ آيسيل قرّر العودة إلى قصره مستخدمًا البوابة السحرية بعد انتهاء المراسم.
شونيلا، التي شعرت ببعض الأسى لانتهاء الزفاف بهذه السرعة، سارعت باللحاق به فور نزوله من العربة.
بوابة النقل الآني كانت قوسًا ضخمًا من الحجر،
يكفي ليمرّ منه ثلاثة رجال جنبًا إلى جنب.
في منتصف القوس، كان يتلألأ ضوء بألوان قوس قزح،
ويحرسه جنديان من فرسان القصر الإمبراطوري.
[واو… إنها أول مرة أرى فيها بوابة كهذه!]
شونيلا رفعت بصرها متأملةً البوابة التي لطالما حلمت بها،
بقلب يضجّ بالدهشة والانبهار.
فبوابة النقل الآني تُعدّ أسرع وسيلة تنقّل معروفة في الإمبراطورية حاليًا.
بمجرّد تمزيق اللفيفة السحرية التي تُشترى مسبقًا،
تنقل البوابة مستخدمها مباشرة إلى النقطة المحددة.
لكن، ولغلاء ثمن تلك اللفائف، لم تكن متاحة لعامة الناس.
في حياتها، لطالما حلمت شونيلا بأن تسافر عبر هذه البوابة عندما تتحسن حالتها الصحية.
كانت تتمنى زيارة الجنوب بشواطئه الخلّابة،
والشرق بغاباته الكثيفة وطبيعته القديمة، والغرب بصحرائه الممتدة.
[وأردتُ دائمًا رؤية الشمال أيضًا… حيث الهواء البارد طوال العام، وجبال الثلج التي لا تذوب أبدًا.]
لكن جسدها الضعيف لم يسمح لها حتى بتجاوز باب غرفتها،
فكيف لها أن تحلم بالبوابة؟
والآن، بعد موتها، ها هي على وشك أن تعبرها لأول مرة… شعور بالكآبة اجتاحها للحظة.
لكنها سريعًا ما طردت الحزن، وقرّرت أن تفكّر بإيجابية.
كم من الناس لا يحظون حتى في حياتهم بفرصة كهذه،
فكم هي محظوظة أن تنالها ولو كانت شبحًا؟
ثم إن اليوم هو يوم زفافها.
ألا يستحقّ هذا اليوم أن يُستقبل بالبهجة؟
في هذه الأثناء، كان الماركيز والدوق الأكبر يقفان أمام البوابة ويتبادلان الحديث.
“سموك، هل ترغب بأن تبقى أخبار هذا الزواج طيّ الكتمان،
أم أن تنتشر وتُذاع في كلّ مكان؟“
وأردف قائلًا إنه يستطيع نشرها في كلّ صحف الإمبراطورية،
كما يستطيع كتمها عن الجميع عدا الإمبراطور نفسه.
“أفضل أن تبقى الأمور هادئة.”
أجاب آيسيل بصوت خافت بعد برهة من التفكير.
“سموك، هل علم جلالة الإمبراطور بزواجك؟ إن لم يكن بعد،
فهل أُبلغه بالأمر؟“
“لا، من الأفضل ألّا يُبلّغ في الوقت الراهن.”
قاطع آيسيل حديث الماركيز بحزم،
ما جعله ينظر إليه مستغربًا، فقال سريعًا.
“لم يمضِ وقت طويل على مراسم الجنازة،
ولن يكون من اللائق أن تُعلن مباشرة مراسم الزواج.
لذا أقترح إبقاء هذا الزفاف طيّ الكتمان.”
هزّ الماركيز رأسه موافقًا، فقد رأى صواب رأيه، كما أنّ زواج الأرواح لم يكن أمرًا معتادًا، وكان من شأن الإعلان عنه أن يُحدث بلبلة كبيرة.
“أفهم ذلك.”
تابعا الحديث بشأن بعض التفاصيل المتعلّقة بالزواج،
حتى اختتم الماركيز كلامه بابتسامة قائلاً:
“أتمنى لك طريقًا ميمونًا، سموك.”
“أشكرك، بفضلك كان الأمر يسيرًا وسلسًا.”
أجاب آيسيل بكل لباقة.
ثم أخرج أخيرًا اللفيفة السحرية من صدره.
[آه… هل يمكن لشبح أن يعبر بوابة النقل أيضًا؟]
خطر السؤال على بال شونيلا فجأة.
‘ماذا لو لم أستطع العبور؟ المسافة بين فالينوف وسالامينكا تستغرق أسبوعًا كاملًا حتى لو ركض الحصان بأقصى سرعته!’
من شدّة قلقها، اقتربت كثيرًا من آيسيل.
تششّ―
صدر صوت طويل لتمزيق الورقة، فأغلقت شونيلا عينيها بإحكام.
وبعد لحظة قصيرة…
فتحت عينيها لتجد أمامها مشهدًا غريبًا وغير مألوف.
أول ما وقعت عليه عيناها كان السماء الرمادية القاتمة.
وما إن خفّضت بصرها قليلًا حتى ظهرت أمامها جبال سوداء شاهقة ترتفع كأنها تخترق السحاب.
وبين طيات تلك الجبال القاسية والمنحدرات الشاهقة،
كانت تظهر لمحات من الخضرة الداكنة والثلوج البيضاء.
[يا إلهي…]
تفجّرت كلمات الدهشة من شفتي شونيلا وهي تشاهد تلك الجبال الشامخة من بعيد.
وتحت سفوحها، ارتفع قصر أسود قاتم بالكامل.
يحيط به سور عالٍ، وتلفّه الجبال من كلّ جانب،
ويفصل بينه وبين الطريق نهرٌ جارٍ، وكأنّه حصن مغلق.
أمير من سلالة امبراطورية يعيش في مكان كهذا… أليس أشبه بأميرٍ من حكايات الخيال؟
همم، رغم ذلك، آيسيل لا يبدو كأميرٍ رومانسي،
فملامحه باردة للغاية.
لكن من يهتم؟ طالما بدا وسيمًا في نظري!
بينما كانت تتأمل القصر وآيسيل بالتناوب،
ضحكت شونيلا بخفّة وقد تملّكها خيال عابر.
كليك
في تلك اللحظة، شدّ سمعها صوت شيء يُفتح بالقرب منها.
وعندما نظرت نحو مصدر الصوت، رأت عربة واقفة أمام بوابة النقل.
وحالما رأتها بوضوح، اتّسعت عيناها بدهشة.
[ما هذا؟ لماذا تبدو العربة بهذه الحالة المزرية؟!]
طلاؤها مقشور من عدّة أماكن، وعجلاتها قديمة الطراز.
لم يكن من السهل تصديق أنها تابعة لعائلة نبيلة.
كانت أقرب إلى عربة نقل للبضائع.
“صاحب السمو الدوق الاكبر!”
من باب العربة المفتوح على مصراعيه خرج رجلٌ وهو ينادي على آيسيل.
كان شابًا بشعرٍ أخضر قصير،
تقدم بخطى سريعة حتى وقف أمام آيسيل مباشرة.
رغم أن ملابسه بدت معتقة قليلًا، إلا أنها كانت من قماش جيد،
ما أوحى بأنه ينتمي إلى طبقة النبلاء الدنيا.
شونيلا خمّنت أنه ربما يكون مساعد آيسيل.
“هممم.”
رفع الرجل سبابته وإبهامه إلى ذقنه وبدأ يتفحّص آيسيل من أعلى إلى أسفل.
“ما الأمر جاكسي؟ كفّ عن هذا النظر المحرج.”
“واو، هل هذا هو تأثير ماء فالينوف؟
تبدو وسامتك مُذهلة! إن ذهبت إلى سالامينكا بهذا المظهر،
ستقع كلّ الفتيات في حبّك فورًا!”
[ماذا يقول هذا الأحمق! إنه متزوّج حديثًا!]
شونيلا عبست ونظرت إليه بغضب،
لم يعجبها هذا الرجل ذو الشعر العشبي إطلاقًا.
“……كلام كهذا لا يليق بشخص متزوج حديثاً.”
ويبدو أن آيسيل شعر بما شعرت به شونيلا، فعاتبه بخفّة.
“آه، لقد تجاوزتُ الحدّ، أعتذر! لا بدّ أنك متعب من السفر الطويل،
تفضّل بالصعود إلى العربة.”
اعتذر جاكسي مسرعًا وهو يراقب تعبيرات آيسيل.
[يبدو أحمقًا بعض الشيء.]
قالت شونيلا في نفسها وهي ما تزال تعبس،
ثم تبعتهما إلى داخل العربة.
وما إن بدأت العربة بالتحرّك حتى راحت تتأرجح بشكل مرعب، حتى إن كتفي آيسيل كانا يهتزان بشكل واضح.
[ما هذا! حتى مقاعد العربة لا تحتوي على سحر امتصاص الصدمات؟!]
شونيلا حمدت الحاكم في سرّها أنها شبح.
فلو كانت حيّة، لأوقفت العربة مرارًا من شدّة الغثيان.
بعد رحلة متعبة بالعربة المتداعية،
وصلوا أخيرًا إلى قصر الدوق الاكبر.
اتّجه آيسيل مباشرة إلى غرفته في الطابق الثالث.
وما إن دخل حتى خلع ملابسه،
رتب أغراضه، واستلقى على سريره.
أما شونيلا، فقد أخذت تدور بعينيها في أنحاء الغرفة،
تتأمل كل زاوية فيها.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 7"