استمتعوا
تصلّب فكّ الماركيز من الارتباك إثر سؤال الدوق الاكبر المفاجئ.
“……أتذكر.”
حرّك الماركيز عينيه ببطء عدّة مرات، ثم بدأ يتحدث بتنهدٍ خافت.
“قبل عام، حين أصيبت ابنتي بحمّى شديدة،
قالت شيئًا حينها. تساءلت لماذا لا يمكنها الزواج مثل الآخرين.
أرادت أن تتزوج بشخص مثل الدوق الأكبر ليندنبرغ .”
[آآآه! أبي، لماذا ذاكرتك جيّدة في مثل هذه الأمور عديمة الفائدة!]
أمسكت شوينيلا رأسها وصرخت داخليًا.
لقد قالت بالفعل ما ذكره والدها، بأنها ترغب في الزواج من الدوق الأكبر ليندنبرغ، لكنها كانت مجرّد كلمات ناتجة عن دلال وغضب.
كانت الحُمّى ترافق مرض شوينيلا في حياتها،
وقد اعتادت تحملها.
لكن الحُمّى التي أصابتها قبل عام كانت شديدة إلى درجة أنها هدّت حتى صبرها الطويل.
حتى قبل ذلك، كانت شوينيلا تشعر بالنقص والحنين تجاه أقرانها الأصحّاء.
ومع ذلك، كانت تدرك أيضًا أن والديها،
الماركيز وزوجته، يبذلان كل ما في وسعهما للعناية بها.
لذا كظمت مشاعرها وتحمّلت بصمت.
لكن، حتى أكثر الناس صبرًا، إذا ما اشتدّ بهم الألم،
فلابد أن يظهر بعض العناد والغضب.
ولسوء الحظ، تزوجت إحدى الخادمات
– التي لم تكن تكبر شوينيلا سوى بعام –
في اليوم الذي سبق إصابتها بالحُمّى.
وهكذا، وفي خضمّ مرضها،
انفجر الحزن بداخلها وبدأت تبكي بحرقة، تتدلّل وتتشاكى.
“لماذا لا يمكنني الزواج! هذا الجسد الملعون! الجميع يلتقي من يحب ويعيش في سعادة، فلماذا أنا لا؟ لماذا أنا فقط!”
وأما عن سبب ذكرها لاسم الدوق الأكبر ليندنبرغ وسط كل ذلك،
فكان بسيطًا:
‘فقط لأنّه كان أروع شخص قابلته في صغري.’
“هذا مجرد تخمين، لكن أظن أن ابنتي التقت بالدوق الأكبر حين كانت لا تزال في صحة جيّدة. يبدو أنها شعرت نحوه بإعجاب طفولي.”
قال ماركيز ليفيا ذلك بابتسامة مريرة وأكمل حديثه.
وكما قال، كانت شوينيلا قد تلقت عزاءً بسيطًا من الدوق الأكبر ليندنبرغ حين كانت طفلة، وقد أُعجبت به لفترة وجيزة.
ذلك الذكرى الطفولية استمرت حتى العام الماضي،
وخرجت لا شعوريًا على هيئة رغبة بالزواج منه.
“……كأب، شعرت بالأسى. أردت فقط أن أحقق لابنتي المريضة كل ما تطلبه. لذا، رغم علمي المسبق برفض الطلب، تجرأت ورفعت طلب الزواج.”
خفض الماركيز رأسه باعترافٍ صادق.
“أعتذر إن كنت سببت لك إزعاجًا……”
“لا، لا حاجة للاعتذار.”
هزّ الدوق الأكبر رأسه بهدوء قاطعًا حديث الماركيز.
“فلم أكن أنوي توبيخك على ذلك الأمر.”
“إذن……؟“
“سأقبل بذلك الزواج.”
“ماذا؟“
سأل الماركيز بدهشة، على وجهه علامات الذهول.
“لكن كما ترى، ابنتي……”
توقف الماركيز عن الكلام وخفض نظره.
ربما كان لا يزال من الصعب عليه الاعتراف علنًا بوفاة ابنته العزيزة.
“هناك زواج الأرواح. أنا، آيسيل ليندينبرغ،
أقبل بخطبة شوينيلا ليفيا.”
“……هل أنت جاد؟“
“أنا جاد.”
كانت عينا الدوق الأكبر الحمراوان مليئتين بالعزم، دون أي تردد.
وعندما التقى نظره بعيني ماركيز ليفيا،
غرق الأخير في تفكيرٍ عميق.
نظر الدوق الأكبر إليه لبرهة.
“……وأيضًا، أعتذر إن بدا اقتراحي مفاجئًا في مثل هذا الموقف.
احزن وارثِ كما تشاء أولًا.”
تحدث بصوتٍ بدا وكأنه متردد قليلًا.
“لاحقًا، سأرسل طلب الزواج الرسمي عبر وثيقة.
ويمكنك الرد متى استعدت قوتك بعد تجاوز حزنك.”
قال الدوق الأكبر: “إذن، أستأذنك“،
ثم انحنى قليلًا واستدار مغادرًا قصر الماركيز.
[هممم؟]
وفي رأس شوينيلا، التي كانت تراقب تلك السلسلة من الأحداث،
لم يتبادر سوى شعور بالحيرة.
[هممممم؟!!]
***
في صباح يوم إحراق جثمان شوينيلا.
زار آيسيل ليندنبرغ، الدوق الأكبر سالامنكا،
الواقعة في أقصى شمال هيرتيون، القصر الإمبراطوري.
وبعد أن تبع خادمًا عبر ممرات القصر،
وصل إلى مكتب الإمبراطور.
تبادل الإمبراطور والدوق الأكبر بعض كلمات المجاملة، وحين قدّمت خادمة الإمبراطور الشاي البارد ومجموعة بسيطة من أدوات الشاي، أشار الإمبراطور للخدم بالخروج من الغرفة.
“حسنًا. سمعت أنك قضيت مؤخرًا على الهمج في الشمال الشرقي؟ لقد دعوتك لتهنئتك بذلك.”
ولعلمه بأن الدوق الأكبر يكره المراوغة،
دخل الإمبراطور في صلب الموضوع فورًا.
ورغم المديح، اكتفى الدوق الأكبر بإيماءة برأسه دون قول شيء.
مما دفع الإمبراطور للتذمّر داخليًا من برودة طباعه.
“همم، أعتقد أن عشرة مليار قطعة ذهبية، وثلاثين صندوقًا من القمح، وبعض الأقمشة ستُرسَل إلى قلعتك في سالامنكا.”
رغم أن المكافأة كانت سخية، فإن رد فعل الدوق الأكبر بقي باردًا.
“شكرًا جزيلاً!”
لكن المساعد بجانبه، جاكسي، هو من انحنى بامتنان بدلًا عنه.
“سمو الدوق الأكبر! لقد حصلنا على ميزانية عامٍ كامل!
أشكرْ جلالة الإمبراطور بسرعة!”
وعندما رأى الإمبراطور الحماس على وجه المساعد،
شعر بشفقة تجاه الدوق الأكبر هذه المرة.
عشرة مليار قطعة ذهبية تُعادل بالكاد ميزانية ثلاثة أشهر لأحد النبلاء في العاصمة، أما الدوق الأكبر ليندينبرغ فقد اضطر لاستخدامها لعامٍ كامل.
رغم المساحة الواسعة التي يملكها،
إلا أن إقليم آيسيل، سالامنكا، كان فقيرًا.
فالطقس البارد والجاف،
والتربة القاحلة، جعلا من الزراعة أمرًا صعبًا.
وبسبب الجبال المحيطة،
كانت المواصلات معقدة مما أعاق تطوّر التجارة.
لذا، اعتاد الإمبراطور على تقديم بعض الدعم من حين لآخر كمظهر من مظاهر التقدير.
وكان يتمنى في قرارة نفسه لو استطاع تقديم دعمٍ أكبر.
لكن لم يكن ذلك ممكنًا.
فمنذ سبعة وعشرين عامًا، خرجت شقيقته في مهمة لتطهير سالامنكا من الوحوش، وهناك وقعت في حب دوقها وتزوجته.
وبزواجها، تمت ترقية منزل ليندنبرغ إلى رتبة دوق اكبر.
لكن لم يكن الزواج وحده هو السبب في هذه الترقية.
فمنزلهم كان من مؤسسي الدولة، وكرّسوا أنفسهم لحماية الشمال القاسي، مما جعلهم يُقدّرون كحماة للإمبراطورية.
غير أن الوزراء خافوا من تزايد نفوذ منزل الدوق الأكبر بعد تلك الترقية.
ولأن الإمبراطور لم يكن لديه سوى ولي عهد واحد،
أصبح الدوق الأكبر آيسيل تلقائيًا الوريث الثاني للعرش.
علاوة على ذلك، كان لديهم قوة عسكرية تقارب قوة فرسان القصر.
لذا، ظلّ الوزراء يحذرون من احتمال تمرّد منزل الدوق الأكبر.
لكن الإمبراطور كان يعلم أن ابن أخته لا يمتلك هذا الطموح.
فقد كان آيسيل رجلًا لا يعرف سوى السيف،
ولا يملك طموحًا سلطويًا.
ومع ذلك، لم يكن من الممكن تجاهل مخاوف الوزراء كليًا كقائدٍ للإمبراطورية.
لهذا السبب،
لم يكن الإمبراطور قادرًا على دعمه علنًا بشكل واضح.
لكن كخاله، كان يعتز به بشدّة.
فهو الذي، منذ أن كان في الخامسة عشرة،
وبعد فقدان والديه، استمر في حماية الشمال بصمت.
وكان الإمبراطور يتمنى له السعادة بكل صدق.
‘يملك حسًا بالمسؤولية، مظهره وسيم،
صحيح أنه بارد الطبع قليلًا، لكن ليس إلى حد لا يُطاق.’
وبينما كان يفكر به،
خطر في ذهنه الشيء الوحيد الذي كان ينقص آيسيل.
“بالمناسبة، آيسيل، كم يبلغ عمرك الآن؟“
“أربعة وعشرون عامًا.”
أجاب آيسيل بجفاء، بنبرة تنمّ عن استغرابه للسؤال.
“إنها السن المثالية للزواج،
لا بل ربما قد تأخرت قليلًا بالنظر إلى مكانتك.”
وعند ملاحظة تعبيره، تابع الإمبراطور التذمّر رغمًا عنه.
“تزوّج قبل نهاية هذا العام.”
“لا أفكر في ذلك.”
رغم أنه توقّع هذا الجواب،
إلا أن سماعه من فم ابن أخته مباشرةً جعله يشعر بالضيق.
“هيه! هذا أمر إمبراطوري!”
قال الإمبراطور بصوت مصطنع من الحزم.
“لماذا تصدر أوامر إمبراطورية في مثل هذه الأمور الشخصية؟“
لكن آيسيل لم يتراجع بكلمة، مما جعل رأس الإمبراطور يؤلمه.
“آيسيل، زواجك ليس مسألة شخصية فحسب.
فأنت دوق ليندنبرغ، وتنتمي لدماء هيرتيون الإمبراطورية.”
كان لمقالة الإمبراطور دلالة واضحة.
فأسرة هيرتيون الإمبراطورية كانت قليلة النسل منذ القدم.
وكان من واجب وريث العائلة الإمبراطورية أن يتزوج وينجب أطفالًا.
“لنقل، وبافتراضٍ متسامح مئة مرة،
أن مسألة إنجاب الأطفال… حسنًا، هذا أمر بيد الحاكم،
ولا يمكن تحقيقه إلا إن شاء هو بذلك.”
في تلك اللحظة،
رقّ صوت الإمبراطور وهو يحاول إقناع ابن أخيه بلطف.
“لكن الزواج، أليس شيئًا يمكنك أن تقرره بإرادتك؟“
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 2"