استمتعوا
خصلات الشعر السوداء المبتلّة ما زالت تتدلّى على وجهه المنحوت كأنّه من صخرٍ مصقول.
وفوق ذلك، بدا أن إيسيل لا يعتاد إحكام رداء النوم على جسده. فمن بين فتحاته المنفرجة ظهرت لمحات من صدره وبطنه وساقيه.
كتل عضلية بارزة تتوزع بانسجام، وعضلات دقيقة ناعمة، وأوردة رفيعة تنساب بخفة تحت جلده.
مجرد النظر إليه جعل الدم يتوهّج في وجه شونيلا، فما كان منها إلا أن غطّت وجهها بكلتا يديها.
صحيح أنها سبق أن لمحت جسده من خلف الحاجز في يوم الزفاف.
لكن ما تراه الآن كان أكثر إثارة بأضعاف.
حينها، كان الأمر أشبه بتأمل تمثال ينبض بالحياة، بينما لم يكن إيسيل يدرك وجودها أصلًا.
أما الآن، فشونيلا كانت تقف أمام شخص حي، لا أمام وهم.
[هل… هل تسير هكذا دومًا؟]
سألت بنبرة حادة محاولة إخفاء شعورها المربك الذي بدأ يدغدغ أعماقها.
فتحوّلت نظرة إيسيل الهادئة نحو مصدر الصوت، بدا أنه لم يفهم ما تعنيه.
[أقصد، هل تعتاد ترك الرداء مفتوحًا هكذا بعد الاستحمام؟]
حينها فقط قال “آه” ببطء، كأنه فهم الآن.
“إنها عادة قديمة… لا أستطيع النوم إن شعرت بالضيق.”
ردّ إيسيل ببساطة، وكأنه لا يدرك كم كان منظره باعثًا للارتباك.
‘هل عليّ تنبيهه؟ صحيح أن المنظر لا يُمل، لكن إن سأضطر لرؤية هذا الجسد كل يوم، قد لا يحتمل قلبي… أوه، صحيح، لم يعد لديّ قلب أصلاً، أليس كذلك؟‘
وبينما كانت شونيلا تضع يديها على رأسها وتتخبّط في أفكارها الطائشة، كان إيسيل قد تناول زجاجة خمر وكأسين من على الرف، ثم جلس على طرف السرير الأيمن.
الخمر مجددًا؟ ألم يشرب كؤوسًا عدّة في الوليمة قبل قليل؟
صحيح أنها سمعت بمفهوم ‘نخب أول ليلة من الزواج‘، لكن الإفراط لا يفيد.
[تبدو وكأنك تحب الشراب كثيرًا.]
قالتها شونيلا بنبرة لطيفة لكنها تحمل نوعًا من اللوم.
“حسنًا، لا يوجد فارس في سالامنكا يكره الخمر. ومع التكرار أصبحت عادة.”
قالها وهو يملأ كأس الكريستال بهدوء.
“وأنتِ يا آنسة؟“
بدا أنه يسألها بدافع الفضول الصادق، وربما لا يلتقط الإشارات الاجتماعية بسهولة.
[أعتقد أنني لا أحبه.]
ومع ذلك، أجابت شونيلا بصدق على سؤاله.
“تعتقدين؟ كيف تكونين غير متأكدة من ذوقك؟“
سألها بدهشة، رافعًا حاجبيه.
[في بعض الأحيان، عندما أكون مريضة جدًا، كان الطبيب يضع قليلاً من الويسكي على الشاش ويجعلني أشمه. أظن أن رائحته كانت قوية ومزعجة بالنسبة لي.]
تذكرت حرارة الحمى، ورائحة الكحول النفّاذة التي كادت تخنق أنفها. لم تكن ذكرى سارّة أبدًا.
وعند كلماتها، خيّم صمت ثقيل حول إيسيل.
فهمت شونيلا في الحال أنها زلّت. لم تكن تقصد إثارة الشفقة، بل استحضرت مشهدًا عابرًا من ماضيها.
لكن عندما يتقاطع العادي بالمرض، يتحوّل إلى سحر قاتم يخنق الأجواء.
حتى في نظرات إيسيل، مرّ طيف من الشفقة الخاطفة.
“سأحاول تقليل الشرب إذًا. لا أعد أنني سأتركه كليًّا، لكن… سأحاول.”
قال ذلك وهو يعيد كأسه إلى الطاولة، وقد بدا في صوته نوع من الاعتذار بعد أن فهم وضع شونيلا بطريقة خاطئة.
ربما اعتقد أن لها ماضٍ مؤلم مع الكحول، وأنه لا يزال يؤثر فيها إلى اليوم.
وكان إعلانه بالتقليل مجرد بادرة اهتمام ومراعاة.
شونيلا كانت تقلق على صحته، لكنها لم تكن ترغب بفرض شيء عليه. ثم إنها كروح لم تعد تشعر حتى برائحة الخمر.
وما منعها من قول ذلك، هو ذاك الشعور الموجع الذي غمر صدرها فجأة.
كانت تتخيّل أن الموتى يعيشون في وحدةٍ ساكنة. لكن بعد أن سمع صوتها، بدأ إيسيل يعاملها بلطف حقيقي، وجعلها تشعر أنها ليست وحدها.
غلى قلبها بمشاعر دافئة، وفي ذات الوقت، شعرت بعدم ارتياح لفكرة أن يكون إيسيل شخصًا ذا معنى في حياتها بينما لا تمثل هي له الشيء ذاته.
فكّرت. ليته يدرك أننا مرتبطان…
[دوق، هل تعلم شيئًا؟]
قالت فجأة. فالتفتت عيناه الحمراوان نحوها.
[إصبع البنصر في يدنا اليسرى، مربوط بخيط أحمر.]
“…ماذا تقصدين؟“
فتح عينيه بدهشة، وحدّق في يده اليسرى، فلم يجد خاتم الزواج.
يبدو أنه خلعه قبل الدخول إلى الحمّام كي لا يبتلّ.
[على ما يبدو… لا ترى الخيط، أليس كذلك؟]
قالتها شونيلا بمرارة خفيفة.
كانت تتوقّع ذلك. فقد ركّز على صوتها فقط، ولم يُبدِ أي انتباه للخيط الأحمر.
كانت الكاهنة الكبرى قد شرحت لهما أن هذا الخيط ظهر بعد أن أعلنتهما زوجين.
بقي صامتًا، غارقًا في التفكير.
“إذًا تقولين إن الخاتم أضاء، ثم انبعث منه ضوءٌ ربط إصبعينا بهذا الخيط في الهواء؟“
سأل بصوت مرتبك بعد صمت قصير.
[نعم.]
“لو صحّ هذا، فهو أمر غريب حقًّا. هل يمكن أن يكون هناك تعويذة على الخاتم؟“
[أنا أيضًا أجد ذلك غريبًا.]
“يجب أن نُجري تحقيقًا بهذا لاحقًا.”
قال ذلك وهو يربّت على ذقنه الطويل بأصابعه، قبل أن يتذكّر شيئًا ويضيف.
“لكن، يا ترى، ماذا سيحدث إن خرجتِ أو خرجتُ أنا عن نطاق هذا الخيط؟“
[في الحقيقة…]
ترددت قليلًا قبل أن تهمس.
[منذ أن رُبطت أصابعنا، لم أغادر جوارك أبدًا.]
توهّج وجهها بالخجل.
“بقربي؟ كنتِ؟“
رفع حاجبيه بدهشة، وقد بدا الأمر مفاجئًا له.
[أرجوك لا تسيء الفهم! لم أتجسّس عليك! فقط… لم أرد التورط في مغامرات مجهولة.]
قالت ذلك بسرعة وهي تخفي وجهها بيديها من جديد.
“لا بأس… لم أفترض أبدًا أنك تتجسسين عليّ.”
[إذًا؟ ماذا كنت تقصد؟]
تغيّر تعبيره قليلًا، وأخفض نظره إلى الأمام.
“فقط… فكرة أنك تراقبينني جعلتني أشعر ببعض التوتر.”
مرّر يده على عنقه وهو يقول ذلك، ثم أضاف بهدوء.
“والآن، أشعر ببعض الغبن. فأنا أيضًا أرغب في معرفة ما تفعلينه.”
نظر أمامه وعبّر عن مشاعره بصدق، بنبرة مفعمة بشيء من الحنين.
في الظلام، تلألأت عيناه الحمراوان كأنها شمس صيف ناضجة. كانت تلك النظرة حارّة كحرارة الأيام المشمسة التي تجعل الأفق يتراقص من بعيد.
هل كان يريد معرفتها بصدق؟ أم أنها مجرد عبارة عابرة؟
مهما يكن، لم يكن يهم. فمجرد رغبته في الاقتراب منها، كان كافيًا ليُسعد شونيلا.
ثم عمّ صمت ثقيل الغرفة من جديد.
ومن أجل كسره، بادرت شونيلا بالكلام.
[في الواقع… أنا أيضًا كنت أتساءل عمّا سيحدث إن ابتعدت. لم لا نجرّب؟]
“فكرة جيدة. لن يضرّ أن نعرف.”
أومأ برأسه موافقًا، ثم بدا أنه تذكّر شيئًا، فتوقّف.
“…لكن، إن شعرتِ أن الخيط على وشك أن ينقطع، عودي على الفور.”
قالها بنبرة غير مبالية، لكنها كانت تخفي في طيّاتها قلقًا صادقًا.
يقال إن المشي فوق الرمل الدافئ يجعل القدم تشعر بوخز لطيف. هكذا كان قلب شونيلا حينها.
[حاضر!]
أجابت بحماس، وهي تومئ برأسها مرارًا.
ثم تنفّست بعمق محاولة تهدئة نفسها.
أخذت خطوة… ثم أخرى… إلى الوراء.
وحين أصبح السرير في أقصى زاوية بصرها، وظهر الجدار خلفها…
عبرت الحاجز بكل هدوء.
خارج الغرفة، استقبلها ممر طويل مغطى بسجادة مخملية قديمة. كان جناح إيسيل يقع في الطابق الثالث، في أقصى اليسار.
نظرت إلى الخيط الأحمر الذي أخذ يتمدد شيئًا فشيئًا، وقاست بعينيها المسافة حتى نهاية الرواق.
‘من هنا إلى أقصى اليمين… يبدو أنها حوالي 300 متر.’
وما إن أخذت تقيس تلك المسافة، حتى أضاءت عيناها بدهشة وفرح، كطفلة تلمح البحر لأول مرة.
وفجأة، بدأ جسدها يطفو في الهواء بهدوء.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 11"