“إنْ استمرّ الوضع على هذا النّحو، فسوف يضطرّ البعض إلى النومِ في الشّارع. لذا، علينا الاعتمادُ على المعبدِ لبعضِ الوقت.”
“الإقامةُ في المعبدِ لا بأس بها، لكنّ المواردَ لدينا محدودة، وهذا يُقلقني.”
تنهد الكاهن، فردّ عليه لوغان.
“سنحضرُ ما نحتاجهُ بشكلٍ عاجلٍ من القصر. وأرسلنا أيضًا إلى الأراضي المجاورة، لذا، أرجو منكم الصّبرَ لعدّةِ أيّام.”
“شكرًا جزيلًا.”
“آه، سيكون من الأفضلِ أيضًا إقامةُ سورٍ حولَ المنطقة المتضرّرة. خلالَ النّهار رأيتُ بعضَ الأشخاص يدخلون المكانَ بحجّةِ إخراجِ أمتعتهم.”
أومأ ألونسو برأسه موافقًا على كلام لوغان.
“كنتُ أفكّرُ بالأمرِ فعلًا. فالأشجارُ الضّخمة سقطت مائلةً على المباني، وأخشى أن تسقطَ بالكامل إنْ حدث خطأٌ ما.”
“هل من المستحيلِ قطعُها؟”
“إنّها أشجارٌ ضخمةٌ جدًّا، ولا يسهلُ التّعاملُ معها. ربّما من الأفضلِ انتظارُ تعفُّنِ الجذورِ لإزالتها لاحقًا.”
“يعني أنّه لا يمكنُ لمسُ الموقعِ حتّى ذلك الحين.”
“نعم، هذا صحيح.”
أجاب ألونسو وهو يتنهّد.
استمرّ النّقاشُ بين المسؤولين دون التوصّلِ إلى حلٍّ سريع.
في زاويةِ الغرفة، نهض أستان، الّذي لم يتفوّه بكلمةٍ واحدة، وغادر الاجتماع بصمت.
تبعته غلوريا الّتي كانت جالسةً بجانبه.
كانت الطّرقاتُ هادئةً في ذلك اللّيل المتأخّر.
أولئك الّذين قضوا النّهارَ وهم يبكون أمامَ منازلِهم المهدّمة قد اختفوا، ولم يبقَ سوى صوتُ خشبِ الموقدِ يشتعلُ أمام المنازل.
توقّف أستان أمامَ المنزل المهدَّم.
كما ذُكرَ في الاجتماع، كانت شجرةٌ عملاقةٌ تسقط على المبنى وتضغطُ عليه.
فكَّ أستانُ قفلَ السّوار من معصمه وهو يُقدّرُ حجمَ الشّجرة.
في تلك اللحظة، رفعت غلوريا الّتي كانت تقفُ على بُعدِ خطواتٍ رأسها فجأةً، وقد شعرت وكأنَّ معصمها سينقطع.
“سيّدي الدوق؟”
تغيّر لونُ شعرِ أستان إلى الرّماديّ، ثمّ عانقَ الشّجرةَ السّاقطة دون تردّد.
انتفخت أكمامُه الفضفاضةُ حتّى بدت على وشكِ التمزّق، وبدأت الشّجرةُ الّتي لم تتحرّك قَط، ترتفعُ ببطءٍ عن الأرض.
اتّسعت عينا غلوريا من صدمةِ ما ترى.
ثمّ، صَدَر صوتٌ قويّ: ووجيج!، وقد اقتُلِعت الجذورُ المدفونةُ في التّراب وسقطت على الأرضِ بصوتٍ مدوٍّ.
وفي تلك اللّحظة من الذّهول، مدّ أستان يده نحو غلوريا.
“تعالي.”
وحين نظرت إلى عينيه الحمراءِ المشتعلة، جذب معصمها فجأةً إلى صدره.
دخل لسانُه شفتيها دون استئذان.
ثمّ، وببطءٍ شديد، عاد كلُّ شيءٍ إلى ما كان عليه.
“……أه.”
“سيّدي الدوق؟”
انحنى أستان وهو يحتضن جرحه. يبدو أنَّ الجرح قد انفتح بسبب ما بذله من قوّة.
“أنا بخير.”
أبعد الفتاة الّتي كانت على وشكِ التّقدّم نحوه برفق، وأعاد قفلَ السّوار.
ثمّ مدّ يده بلطفٍ ولمس خدّها وهي تنظرُ إليه بوجهٍ يكادُ يبكي.
“لا تنظري إليَّ هكذا، يا آنسةُ صّغيرة.”
“…….”
“بهذا تجعلينني أبدو وكأنّي رجلٌ شرّير.”
نظر إلى دموعها الّتي بدأت تتساقط على خدّها، ثمّ قبّلها مجدّدًا.
كانت قُبلةً حلوةً، لكنّها مريرة.
***
في صباحِ اليومِ التّالي، ما إن أشرقت الشّمس حتّى وصلَ موظّفو قصرِ الدّوق إلى الموقع.
كانوا بارعينَ في العملِ اليدويّ، وتحتَ إشرافِ لوغان، بدأوا بإعادةِ البناءِ بهدوءٍ وسرعة.
أُزيلت الحطامُ، وأُصلحت الجدران، وسُوِّيَت الأرضيّات، في عمليّةٍ سريعةٍ ومنظّمة.
كان ذلك ممكنًا فقط بفضلِ ضخِّ الأموالِ والمواردِ والقوى العاملة.
“إن استمرّ الوضع على هذا النّحو، فميزانيّةُ عامٍ كاملٍ ستُستنزَف.”
“حتّى لو استهلكنا ميزانيّة عشرةِ أعوام، فقط أسرِعوا في عمليّةِ التّرميم.”
تجاهل أستان ببرودٍ قلقَ كولين، ولم يبخل بالمال.
جهّز كميّاتٍ هائلةً من المعوناتِ ليتمكّنَ النّاس من الإقامةِ براحة، ودفعَ تعويضاتٍ سخيّةً لجميعِ سُكّانِ الأراضي المتضرّرين، بمن فيهم المتأثّرون من السيكون.
ووعدَ بتوفيرِ كلّ الدّعمِ اللازم لإعادةِ الإعمار.
أقامَ في نُزلٍ قديمٍ بعيدٍ عن أعينِ النّاس، حيث كان يعالجُ الأمورَ الّتي تحتاجُ إلى توقيعِه.
وبسبب انشغالِ كولين ولوغان، أصبحت غلوريا – دون قصد – ممثّلةً عن دوقِ شولتسمير، وانشغلت معهم.
“الخشبُ الّذي طلبناه وصل، لكن يبدو أنَّ حجمه أصغرُ مِمّا ظننا. علينا زيادةُ الكمّيّة.”
“كم المقدار؟”
“قرابةَ ثلاثةِ أضعافِ الطّلب الحاليّ. هل أتفاوض معهم لتقليل السّعر؟”
“هممم.”
“آه، الكاهنُ قال إنَّ البطّانياتِ غيرُ كافية، وسأل إن كان في القصرِ المزيد منها.”
“أليست المخازن قد أُفرغت في المرّةِ السّابقة؟”
“نعم. لذا فكّرتُ أن نقطعَ السّتائرَ في الغرفِ الفارغة ونستخدمها كبطّانيات. هل يُناسبك ذلك؟”
“فكرةٌ جيّدة.”
“سأطلبُ من السّيّدة ميري ويذر وذر أن تتولّى الأمر. وألونسو يسأل إنْ كان بالإمكان إبقاءُ العمّالِ لأسبوعٍ إضافيّ.”
“فلْيتّخذ القرار بالتّشاورِ مع كولين.”
“نعم.”
أومأت غلوريا برأسها بسرورٍ للموافقة، ثمّ نظرت خلسةً إلى أستان.
كان جالسًا على كرسيٍّ قديمٍ يقلبُ في الأوراق، ووجهه شاحبٌ ما أثارَ قلقها.
لم تلتئم جراحُه بعد.
حتّى لو لم يُظهر الأمر، فمن المؤكّدِ أنَّ الألمَ شديدٌ، خاصّةً بعد أن فتح الجرحَ بقوّته قبل أيّام.
لكنّها لم تَقُل شيئًا، لأنّها كانت تعرفُ أنّه سيقول: “أنا بخير.”
رأت أستان نائمًا على كرسيّه، فشعرت بالعبرة تعلو صدرها مجدّدًا.
“سيّدي الدّوق، لقد عُدتُ.”
رغم ما فعلته، إلّا أنَّ صوتَها ارتجف قليلًا وهي تنطق.
“……غلوريا؟”
فتح أستان عينيه ونهض.
“هل حصلَ شيء؟”
“لا، لا شيء.”
“لكن وجهكِ يبدو غريبًا.”
“غريب؟ هل تقصد أنّه مشوَّه؟ ربّما البرد هو السّبب.”
ابتسمت وهي تمسح خدّيها متظاهرةً باللّامبالاة، لكن أستان عبس قليلًا.
“حقًّا لا شيء؟”
“نعم، أبدًا.”
أجابته وهي تهزّ رأسها مرارًا، فقال:
“فلنَعُد إلى القصر.”
لم تحتج أن تشرح ما حصل، فقد فهم كلّ شيء.
بالنّسبة له، كان يمكنه ببساطة أن يغلق أذنيه داخل غرفته، لكنّ غلوريا كانت تتعامل مع النّاس وجهًا لوجه، ولا بُدّ أنّها تلقّت جراحًا كثيرة دون أن تُظهرها.
لقد صمدت أكثرَ ممّا توقّع.
القضايا المهمّة حُلّت تقريبًا، وما تبقّى يمكن أن يتولّاه كولين.
ما مِن سببٍ آخرٍ لبقائها.
“قلْ للسائق أن يجهّزَ العربة. لقد عانيتِ كثيرًا…”
“لن أرحل.”
“ماذا؟”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 20"