4

“سيدي كاليوس؟ لقد أصبح طولك أكبر!”

صفقت ديزي بيديها مغمورة بالإعجاب أمام مظهر كاليوس الناضج(؟) أكثر قليلًا.

“لم يعد يبدو رضيعًا، بل طفلًا صغيرًا!”

لقد نما كاليوس الذي بدا في البداية طفلًا في الرابعة أو الخامسة إلى هيئة تبدو كمن في السادسة تقريبًا!

“ما هذا…؟”

قضى كاليوس وقتًا يعبث بيديه الصغيرتين ويفحص جسده من كل جهة بعناية. ثم أومأ برأسه بوجه جاد.

“…فعلاً، لقد نَمَيتُ قليلًا. أشعر أن كمية المانا ازدادت أيضًا. مع ذلك فهي لا تَسوى شيئًا مقابل قواي الأصلية.”

“آه! يبدو أن نمو الجسد يتناسب مع زيادة المانا.”

“على ما يبدو.”

“لكن لماذا كبرت فجأة؟ يا ترى هل لديكِ فكرة عن السبب، سيدي كاليوس؟”

توقف قليلاً يفكّر، ثم تذكّر عاملًا واحدًا فقط.

“همم… المتغير الوحيد كان واحدًا.”

تمتم ثم أمسك الملعقة على نحو مفاجئ وبدأ يلتهم الحساء أمامه بخشونة. صُدمت ديزي.

“هاه؟ لا تأكل بسرعة هكذا وإلا سيعصُرك! اشرب الماء بين اللقمتين!”

تجاهل كاليوس تحذيرها ونفض الوعاء حتى فرّغ نصفه تقريبًا.

بين لقمةٍ وأخرى، فحص جسده هنا وهناك وهو يومئ برضا. ثم وضع الملعقة على الطاولة وقال:

“وجدتها.”

“ما الأمر؟”

“الحل يكمن في حسائك.”

“حساء؟ ماذا تعني؟”

سألت ديزي مرتبكة، فأجابها بصوت حاد مستنكرًا:

“أيتها العبدة، ما الذي فعلته لحسائي؟”

“لم أفعل شيئًا!”

“ما المكوّنات؟”

“قلت لك سابقًا: لعدم وجود مواد أخرى لم أضع سوى لحم بقر مفروم وقليل من الأرز.”

“وهم؟”

“…ماء وملح تقريبًا.”

“هذه لا تُعد موادًا سحرية.”

“أنا أعتقد ذلك أيضًا.”

قضب كاليوس رأسه وهو يفكّر. ثم قال:

“…لكن في كل لقمة من حسائك كان المانا تتجدد لدي بكميات ضئيلة.”

أمالت ديزي رأسها باستغراب.

“هذا غريب. أنا لا أستطيع أداء أي سحر.”

“ألا تخمينات لديكِ؟”

“لا. لكن بعد سماع كلامك أعرف شيء واحد بالتأكيد.”

لمع بريق في عيني كاليوس.

“ما الذي عرفتِه؟”

“أنه…”

نظرت ديزي بعينين لامعتين إلى ناظريه الأسودين، وابتسمت ابتسامة ماكرة.

“الآن من يمسك بالمقبض هو أنا.”

“ماذا…؟”

“لقد كبرت بفضل طعامي. وبمعنى آخر أصبحت شخصية مهمة جدًا بالنسبة لك، يا سيدي كاليوس. أليس كذلك؟”

توترت جبين كاليوس واستدارت ملامحه.

“…أوه.”

لم يستطع إنكار الحقيقة.

—

جلست ديزي وكاليوس مقابل بعضهما وترك كل واحد توقيعه على ورقة.

“حسنًا، فليكن. أتطلع للعمل معك.”

ابتسمت ديزي ومدة يدها ليمسكها كاليوس، لكنه امتنع.

“بدل ذلك جهّز لي الطعام.”

طلبه أن يُحضَر الطعام كان وقحًا، لكنه أشعر ديزي بدفء داخلي.

“حسنًا، سأحضره. ائتمر على ما شئت.”

كانت شروط الاتفاق الرسمي بين ديزي وكاليوس على النحو التالي:

تساعد ديزي بكل ما أوتيت على تعافي كاليوس.

وبالمقابل، يبذل كاليوس جهده لعلاج مرض ديزي.

أمر بسيط جدًا: كلٌ يؤدي ما يستطيع لينصر الآخر.

طبيعي أن أمام كاليوس خيار أن يأكل طعامًا قدّمه آخرون، لكن لحسن الحظ لم يرغب في الكشف عن وضعه أمام الآخرين.

“لو انكشفت حالي هذه لاندفع كثيرون للظهور. ثم ستزداد الأمور تعقيدًا. لذا عليكِ أن تتولّي أمر طعامي.”

ديزي أومأت برضا.

‘أيمكنني شراء قدرات أعظم ساحر مقابل بضع وجبات طعام؟’

بمعنى آخر، أنها ستتمكّن من تشغيله بأبخس ثمن!

في ظل ذلك، حتى مزاجه السيئ وأطباعه الخشنة بدت لها لطيفة.

سحبت ديزي الورقة المتبقية من العقد أمامها، فهناك أمور تستحق التدوين.

“بالمناسبة، سيدي كاليوس، ما الأطعمة التي تحبها أو تكرهها؟”

“ولماذا تودين أن تعرفي؟”

ابتسمت ديزي ابتسامة مشرقة.

“لأضع ذلك في الحسبان عند تحضير وجباتك. سيكون من الأفضل أن أقدّم طعامًا يناسب ذوقك.”

فعلى الرغم من أنها عاشت ثمانية عشر عامًا كابنة نبيلة، فقد احتفظت ديزي أيضًا بذكريات واضحة من حياتها السابقة.

‘إن كان الأمر يتعلق بالطعام فأنا واثقة من نفسي!’

ففي حياتها السابقة، عملت بدوام جزئي في مطابخ كثيرة، بل كانت تفكر بالعمل في مجال المطاعم. وحتى بعد أن قررت أن تعيش كعامية، بدأت بالعمل في مطعم لهذا السبب.

‘كنتُ أحلم أن أفتح مطعمي الخاص وأن يُنادوني “سيدتي المديرة”…’

لكن مع إصابتها بمرض الإغماء الغامض هذا، كان ذلك مستحيلًا.

أوقفت ديزي ذكرياتها القصيرة وابتسمت في وجه كاليوس.

“على أي حال! أنا من النوع الذي يبذل جهده في أي عمل. لذا هيا، أخبرني عن ذوقك في الطعام بسرعة.”

نظر إليها كاليوس بعدم ارتياح وقال:

“همم. أنا…”

“سيدي كاليوس هو…”

“لا أحب الأكل كثيرًا.”

“لا تحب الأكل كثيرًا…؟! لا، هذه إجابة كسولة جدًا، وهذا غش!”

صرخت ديزي، لكن المفاجأة لم تتوقف عند هذا الحد.

“حتى قبل أن أصل إلى مرتبة أعظم ساحر، كنت أعتبر وقت الطعام مضيعة للوقت.”

“يا إلهي!”

كانت قد توقعت شيئًا من ذلك عندما رأته يلتقط حساء اللحم بلا رغبة، لكن أن يرى الأكل نفسه مضيعة؟! بالنسبة لديزي التي تعيش لتأكل، فهذا أمر لا يمكن فهمه أبدًا.

زفرت تنهيدة عميقة.

“إذن، ألا توجد نكهة مفضلة لديك؟”

“ممم… الطعم الحلو؟ عندما آكله أشعر أن عقلي يستفيق.”

“وماذا أيضًا؟”

“أتناول أحيانًا الطعم المر. لأن مرارته توقظني.”

“أوه.”

مسّدت ديزي عنقها بتعب من هذه الإجابات غير المشجعة. ثم لوّحت بيدها ونهضت من مقعدها.

“على أي حال، فهمت. التحدي الأول إذن أن أجعلك، يا سيدي كاليوس، لا تكره فعل الأكل نفسه.”

“ههه، إذن عليكِ أن تجعليه لذيذًا قدر المستطاع.”

مع هذا التعليق المتعجرف، زفرت ديزي في سرّها.

‘يا له من رجل صعب الإرضاء!’

كانت تظن الأمر سهلًا مثل العسل، لكن تبيّن أنه “ملك الانتقاء” بعينه.

هكذا بدأت رسميًا الحياة المشتركة الصاخبة بين ديزي والساحر الأعظم، الذي اتضح أنه طفل قصير المزاج وصعب المذاق.

—

شبكت ديزي ذراعيها وهي تفكر.

“من أين أبدأ في الطبخ؟”

كاليوس ليس لديه اهتمام بالأكل على الإطلاق، مما يعني أنه لا يملك حتى مكونات مفضلة.

“إن كان عليّ أن أختار، فهو يحب الطعم الحلو… هذا كل شيء.”

إذن سيكون من الأفضل مهاجمة حاسة الحلاوة.

“هممم…”

سارت ديزي في مخزن الطعام وهي تفكر. المخزن كان باردًا بفضل سحر الحفظ.

“لكن لا توجد مكونات تقريبًا.”

فقد قلبته رأسًا على عقب قبل أيام ولم تجد سوى قبضة من الأرز وقطعة لحم واحدة.

“هممم. ألا يوجد شيء آخر…؟”

بينما كانت تستكشف المخزن المليء بالغبار، تمتمت متذمرة:

“هذا الرجل يزعم أنه لا يحب الأكل، فلماذا لديه مخزن طعام بهذا الكبر؟”

وبينما تفتش هنا وهناك…

-خشخشة.

ارتطم شيء عند قدميها. كان طرف كيس خشن. فتحته، فإذا بداخله عدد هائل من البيوض.

اتسعت عينا ديزي.

“هذه… بيوض؟”

كان في الكيس بيوض بأحجام وأشكال مختلفة: بيوض بحجم البيضة العادية بخطوط مرسومة، بيض أبيض بحجم قبضة اليد، بيض أسود بحجم رأس إنسان، وأخرى حمراء ذات بريق معدني بحجم بطيخة…

كلها تبدو غريبة، لكن لا يبدو أنها غير صالحة للأكل. وفوق ذلك لم تكن ديزي في وضع يسمح لها بانتقاء المكونات. كما أن بعض بيوض الوحوش تُستخدم فعلًا للطعام.

“لو لم تكن للأكل، لما وُضعت في مخزن الطعام أساسًا، أليس كذلك؟”

وبينما تقلب البيض وتتفحصه، لمع بريق في عينيها. لقد خطرت لها فكرة رائعة.