1
قال الساحر رقم 1 في القرية:
“همم، لا أعلم ما هذا. اذهبي وابحثي عن ساحر آخر.”
—
وبعد سؤال طويل، وصلت ديزي إلى الساحر العجوز رقم 2، الذي قال:
“إييييه؟ ما هذا الشيء؟”
“هل تعرف السبب؟”
“أبدًا. العلاج ليس ضمن تخصصي.”
“أرغغغ!”
—
أما الساحر رقم 3، الذي عرّفه لها ابن عمّة ابن عمّة بائع السلع المتنوعة في القرية المجاورة، فقال:
“الشيء الوحيد الذي أستطيع تأكيده… هو أن هذا ليس مرضًا.”
—
حتى الساحر الرابع، المتجول المتسخ ذو الهيئة البائسة، وافق الساحر الثالث قائلًا:
“جسد الآنسة في صحة ممتازة. هذا يعني أن المشكلة نفسية… أو سحرية.”
—
ومرة أخرى، أمسكت ديزي برأسها وصاحت:
“آآااه! لماذا لا يعرف أحد؟!”
وفجأة، داهمها ذلك الدوار المألوف. أصبحت الدنيا سوداء أمام عينيها، وفقدت الإحساس بيديها وقدميها.
حتى آخر لحظة من وعيها، كانت ديزي تندب حظها:
‘إن لم يكن هذا مرضًا… فماذا يكون إذًا!’
—
في الأصل، كانت ديزي ابنة لبارون فقير معدم، تحت وصاية والد مدمن خمر.
ونظرًا للعرف القديم الذي يقول: “النبلاء لا يؤدون أعمالًا يدوية”, نشأت ديزي وهي تشاهد منزل عائلتها المتداعي ينهار أكثر فأكثر، عاجزة عن فعل شيء.
كانت ترتجف من القرف لمجرد التذكر:
‘آغ، لم تكن حياة راقية على الإطلاق.’
فمن وجهة نظر ديزي، النبيلة التي ترتدي ملابس مهترئة وتطارَد من قبل الدائنين ليست سوى رمز للبؤس المضحك.
لكن قبل عام واحد فقط، تغيّرت حياتها تمامًا.
فبعد وفاة والدها العنيف أخيرًا، بدأت الفصل الثاني من حياتها!
صحيح أنها طُردت من القصر المتهالك بلا أي شيء تمتلكه، لكن ديزي لم تكن تبالي.
‘وصلت بي الحياة كنابلة من آل فريد إلى نهايتها. من الآن فصاعدًا، سأعيش كفتاة من العامة وأفعل ما يحلو لي!’
ربما ظن البعض أن التخلّي عن النسب النبيل من أجل العيش كفتاة عادية أمر غير معقول.
لكن ديزي كانت ترى الحرية في حياة العامة شيئًا لا يُقارن، لا حاجة فيها لمراعاة أحد.
وفوق هذا كله، كانت تعلم جيدًا ما ينتظر “فتاة من النبلاء المنهارين” مثلها.
‘أن أُباع كزوجة ثانية لنبيل مسنّ وقبيح؟!’
لو خُيّرت، لفضّلت أن تشق طريقها بنفسها ألف مرة.
“وسأجني مالًا أكثر بكثير!”
وبالفعل، كفتاة من العامة، وجدت ديزي بسرعة عملًا في مطعم كبير نسبيًا.
كانت ذكية وتتعلم بسرعة، فأتقنت مهامها في وقت قصير.
وبما أنها لم تهتم بالمظاهر، وعملت بجد وإصرار، بدأ المال يتراكم.
‘بهذا المعدل، ربما أستطيع فتح مطعمي الخاص يومًا ما!’
وحين بدأت ترسم تلك الأحلام الجميلة، واجهت حياتها مشكلة كبيرة.
“…ما الذي يحدث لجسدي؟”
بدأت ديزي تلاحظ الأمر قبل نصف عام تمامًا.
‘فجأة، وقعت أرضًا خلال العمل، ولم أستفق ليومٍ كامل.’
ظنّت في البداية أنها مجرد إرهاق شديد. لكن ما بدأ بالحدوث مرة، تكرر مرتين، ثم ثلاثًا.
‘أن أفقد الوعي مرة في الشهر على هذا النحو؟!’
والأسوأ؟ أن مدة الغيبوبة بدأت تزداد تدريجيًا. في البداية كانت يومًا، ثم أصبحت يومًا ونصفًا، والآن…
عادت ديزي بذاكرتها إلى الوراء، ووجهها يوشك على البكاء:
“آرغ! الأطباء قالوا إنها ليست مرضًا، والسحرة لا يعرفون ما الأمر! ما الذي يجري؟!”
ها قد بدأت أخيرًا حياتها الجديدة، متحرّرة من لقب النبالة البغيض، والآن تواجه هذه المصيبة…
تمتمت بغيظ:
“حتى أن أعيش حياة عادية مثل الآخرين… يبدو صعبًا جدًا!”
لقد أهدرت أكثر من ستة أشهر، بلا فائدة، صرفت فيها وقتها ومالها سدى.
‘وما دمت لا أعرف السبب… فلا خيار أمامي سوى الاستمرار في التنقل من ساحر إلى آخر، كمن يتمسك بقشة.’
—
وهكذا، وبعد هذا التيه الطويل، التقت ديزي اليوم بالساحر رقم 31، الذي قال:
“أنا أعرف ما مشكلتك، آنسة.”
نهضت ديزي من مقعدها فجأة وصرخت:
“ماذا؟ ما الأمر؟!”
مرّت ستة أشهر منذ بدأت تتنقّل بين الأطباء والسحرة بلا كلل، ولكن لا أحد منهم استطاع تشخيص حالتها.
لذلك، كانت تظن أن هذا اليوم سيمضي أيضًا بلا فائدة… ولكن سماع هذا الكلام كان مفاجأة سارّة!
اقتربت من الساحر رقم واحد وثلاثين حتى التصقت بوجهه، وقالت:
“ما هو؟ أخبرني بسرعة، أرجوك؟”
ورغم أن الفتاة التي احمرّ خدّاها كالورود وتلألأت عيناها كالنجوم كانت لتبدو لطيفة لأي شخص، فإن الساحر العجوز لم يرمش حتى.
بل مدّ يده بكل بساطة وقال:
“ولكن، من هنا تبدأ التكلفة الإضافية.”
“نعم؟”
“أعني النقود. المال.”
فتحت ديزي فمها بذهول.
لقد نسيت للحظة، من فرحتها.
‘آه، صحيح… هذا الساحر مهووس بالمال، كما قيل لي.’
—
لم ينطق الساحر بحرف حتى فرغ تمامًا من تفريغ محفظة ديزي عن آخرها.
ثم أخيرًا، قال:
“أثر روحك ضعيف يا آنسة. البشر العاديون تكون أرواحهم وأجسادهم متصلة بإحكام، لكن في حالتك… هناك فجوة غريبة بينهما.”
“فجوة؟ ولماذا؟”
“هذا بسبب طبيعة جسدك الغريبة. السبب الحقيقي؟ لا أحد يعرفه.”
“وهل يمكن علاج هذا؟”
في الحقيقة، ديزي الواقعية لم تهتم كثيرًا بكلامه الغامض عن الأرواح وما إلى ذلك.
ما يهمها كان شيئًا واحدًا فقط:
“هل يمكن علاجه، أم لا؟”
فالسؤال الحقيقي هو: هل يمكنها أن تتعافى وتعيش حياة طبيعية وكريمة؟
“لقد دفعت الكثير من المال، فلا بد أنك تعرف طريقة العلاج، أليس كذلك؟”
عقد الساحر ذراعيه، ثم قال ببرود:
“لا. أظن أن الأمر سيكون صعبًا.”
“ماذااا؟!”
ضربت ديزي الطاولة بقوة وقالت:
“سرقت مني نقودي التي كسبتها بدم قلبي، والآن تقول إن الأمر صعب؟ يا لك من محتال!”
“اهدئي! اهدئي يا آنسة!”
صاح الساحر محاولًا الإفلات من ديزي الغاضبة التي بدت وكأنها وحش ثائر.
“لا أقول إنني لا أعرف شيئًا! بل لدي فكرة عن السبب، وأعرف تقريبًا طريقة العلاج!”
هدأ تنفّس ديزي قليلًا عند سماع وجود احتمال للحل.
“هفهفف… حسنًا، إذًا… ما هي الطريقة؟”
“تحتاجين إلى جوهر العالم.”
“جوهر العالم؟”
شرح الساحر بأن ما يُعرف بـ”جوهر العالم” هو طاقة مركّزة من جوهر الكون، لا يمكن استخراجها إلا من بيئات قاسية للغاية.
ثم أردف موضحًا:
“بعد فحص حالتك بدقة، اكتشفت أن التفاعل بين روحك وجسدك ضعيف للغاية.”
“وما علاقة هذا بذاك الجوهر الغامض؟”
“لربط الروح بالجسد من جديد، لا بد من نفخ طاقة العالم داخلهما. لذا نحتاج إلى طاقة قوية مثل جوهر العالم.”
رفعت ديزي حاجبها، ووقفت بإمالة، ثم أشارت نحوه بإصبعها وقالت:
“إذًا، أيها العجوز… هل تملك هذا الجوهر عندك؟”
“بالطبع لا! لهذا قلت إن الأمر صعب!”
صرخت ديزي بأعلى صوتها:
“ماذاااا؟ تتفلسف كل هذا الوقت وأنت حتى لا تملك المادة المطلوبة للعلاج؟ أيها…!”
لوّح الساحر بيديه مقاطعًا كلامها:
“حتى لو أمسكتِ بتلابيبي، فلن أستطيع توفير شيء كهذا! أنا لست الساحر الأعظم، افهمي! ومع ذلك، مجرد اكتشافي لهذا السبب يُعد إنجازًا عظيمًا، فاعتبري نفسك محظوظة!”
بمجرد أن أنهى الساحر كلماته، تلا تعويذة بسرعة، فانطلقت قوة غير مرئية دفعت ديزي إلى خارج المختبر.
“آااه! أرجع لي نقودي، أيها المحتال!”
صرخت ديزي بأعلى صوتها أمام باب المختبر.
“هيييييع!”
ركلت الباب مرارًا بغيظ، لكن كل ما جنتْه كان ألمًا في قدمها، إذ لم يُفتح الباب مجددًا.
“جوهر العالم، بحق الجحيم…”
تنهدت بيأس.
فديزي ليست سوى مواطنة عادية، وكان مجرد لقاء ساحر متوسط يتطلب منها جهدًا هائلًا.
“والآن أحتاج إلى مادة لا يمكن جمعها إلا من قِبل ساحر أعظم؟”
كان ذلك أشبه بأن يُقال لها: انسَي الأمر.
في هذه القارة، لا يُمنح لقب “الساحر الأعظم” إلا لقلة نادرة، وغالبًا ما يعيش هؤلاء في عزلة بمناطق لا يعرفها أحد.
“مستحيل… كيف سأعرف أحدًا كهذا؟”
كانت على وشك أن تغرق في يأسها، حين رفعت رأسها فجأة.
فقد ضربتها ومضة إدراك كأنها صاعقة:
“مهلًا… أنا أعرف ساحرًا أعظم!”
بل، لم تكن تعرفه فحسب، بل كانت تعرف مكان إقامته، بل وحتى… تفاصيل (شبه) عاطفية عنه!
“……بهذا القدر، أظن أنه يمكنني القول إنني أعرفه حقًا؟”
—
وهكذا، وجدت ديزي نفسها واقفة أمام برج حجري شاهق، يعادل ارتفاعه تسعة طوابق.
“واو… إنه هنا فعلًا.”
تمتمت بدهشة وهي تنظر حولها، تتأمل المنظر كما لو كانت في حلم.
“كنت أعلم أن هذا المكان موجود داخل قصة، لكن رؤيته بعينيّ… هذا غريب حقًا.”
والحقيقة أن لديزي سرًا كبيرًا تخفيه…
فهي في الحقيقة “شخص متجسّد من حياة سابقة”، وتحديدًا “شخص وُلد من جديد داخل عالم رواية خيالية”.
‘لطالما سخرتُ من هذه الحبكات المضحكة في الروايات، وقلت إنها غير منطقية على الإطلاق…’
لكن، بطريقة ما… انتهى بها المطاف لتكون نموذجًا حيًّا لعبارة: “حصل هذا فعليًا.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"