خفايا القصر المؤلم - 22
22
الفصل : قيود مكسوره
بعد نزهة هادئة في الحديقة، حيث تمشيا بين الورود المزهرة تحت ضوء القمر الباهت، عاد إيثان مع إيلينا إلى القبو، بينما كانت الرياح تحمل عبير الأزهار مع نسيم الليل.
كانت الليلة قد شارفَت على نهايتها، ولكن في قلب إيلينا كانت البداية الحقيقية لشيء جديد.
شيء كانت تخشى أن يتأخر كثيرًا، لكنه الآن بدأ يخطو خطواته الأولى.
في طريق العودة، كانت إيلينا تمشي بصمت بجانب إيثان، تراقب خطواته بعناية.
شعرت بشيء جديد في قلبها، شعور لم تكن متأكدة من تسميته بعد، لكنه كان دافئًا، مليئًا بالراحة والأمل.
ألقى إيثان عليها نظرة سريعة، ولكن سرعان ما انخفضت عيناه إلى الأرض، كما لو أنه لا يزال يتخيل مشهد الحديقة.
إيثان: (بصوت منخفض) الورد… كان جميلًا جدًا. لم أكن أعرف أن هناك مثل هذا الجمال في العالم.
إيلينا: (بتنهد خفيف) العالم مليء بالجمال، إيثان. علينا فقط أن نعرف كيف نراه. (أخذت نفسًا عميقًا وواصلت السير) الآن، عليك العودة إلى القبو.
إيثان: (بتردد) هل سأبقى هنا؟ في القبو؟
إيلينا: (تنظر إليه بابتسامة هادئة) نعم، ولكن اليوم كان مختلفًا، أليس كذلك؟ سترى… غدًا سيكون أكثر اختلافًا. لكن يجب عليك أن ترتاح الآن.
عاد إيثان إلى القبو بصمت، بينما كانت إيلينا تتوجه إلى غرفتها. مشاعرها كانت متشابكة؛ كانت متحمسة لمقابلة إيثان في اليوم التالي، ولكنها كانت في الوقت ذاته قلقة.
غدًا، سيكون أول درس لها في تعليم إيثان القراءة.
لم تكن تعرف إن كانت قادرة على القيام بذلك، لكن شيئًا في قلبها أخبرها أن هذه اللحظة كانت مهمة للغاية.
دخلت إيلينا غرفتها وأغلقت الباب خلفها، ثم اتكأت على الحائط للحظة.
كان المكان هادئًا، وكانت الشمس قد غربت تمامًا.
على الرغم من الهدوء الذي كان يحيط بها، كانت أفكارها تجري بسرعة.
كانت تتذكر كل لحظة قضتها مع إيثان، كل ابتسامة، وكل نظرة تحمل شيئًا غير تقليدي، شيئًا كان يعبر عن صراع داخلي بداخله.
كان يعبر عن أسئلة لم يجرؤ على طرحها بعد.
سارت إلى سريرها وجلست عليه، وحاولت أن تنظم أفكارها.
أخذت نفسًا عميقًا، ثم غسلت وجهها بالماء البارد، تحاول إيقاظ نفسها من أفكارها التي بدأت تأخذها بعيدًا.
عادت إلى سريرها وسحبته نحوها، تغرق في أفكارها الخاصة.
إيلينا: (تحدث إلى نفسها بصوت منخفض) غدًا سيكون مختلفًا. أعتقد أنني جاهزة. إيثان سيكون مستعدًا… يجب أن أكون صبورة.
اليوم التالي
في اليوم التالي، استيقظت إيلينا باكرًا قبل الفجر، كما اعتادت.
كان الجو باردًا، والشمس لم تشرق بعد، بينما كانت السماء ما تزال مظلمة، لكن القمر كان يضيء بلطف. نظرت إلى ساعتها وابتسمت، فاليوم هو اليوم الذي ستبدأ فيه تعليم إيثان.
قلبها كان ينبض بسرعة، لكن لم يكن هناك وقت للتردد. نهضت من سريرها بسرعة، وجمعت بعض الكتب القديمة التي كانت قد أحضرتها في وقت سابق.
ارتدت ثوبًا بسيطًا، لا شيء مميز، فهي كانت تحاول البقاء هادئة.
أخذت سلة صغيرة وأعدت كل ما تحتاجه للدروس التي كانت ستبدأ بها.
حتى وإن كانت تعرف أن إيثان لم يسبق له أن تعلم القراءة أو الكتابة من قبل، فإنها كانت على استعداد لتعليم كل شيء بحب واهتمام.
وصلت إلى القبو حيث كان إيثان ينتظرها بالفعل.
كان يجلس على الأرض، ممسكًا بيديه بحذر، كما لو أنه ينتظر شيءً مهمًا.
عينيه كانت تلمع بشدة ،كانت ملامحه هادئة ولكن قلبه كان مليئًا بالفضول.
إيلينا: (تبتسم بلطف وهي تمشي نحوه) إيثان، اليوم سنبدأ درسًا مختلفًا. درس في القراءة
إيثان: (يرتفع حاجباه بدهشة) القراءة؟ لكن… كيف؟
إيلينا: (تضع الكتاب أمامه) سنبدأ بالحروف. إنها أساس كل شيء. الحروف هي اللغة، واللغة هي الطريقة التي نعبّر بها عن كل شيء. إذا فهمت الحروف، فإنك ستفهم كل شيء آخر.
إيثان: (يتأمل الكتاب بفضول) هل تعتقدين أنني أستطيع تعلم ذلك؟
إيلينا: (تبتسم وتجلس بجانبه) أنت أذكى مما تعتقد، إيثان. فقط بحاجة إلى القليل من الصبر والعمل. سنأخذ الأمر خطوة بخطوة.
أخذت إيلينا نفسًا عميقًا وبدأت في شرح الحروف له، معبرة عن كل حرف بتفاصيل واضحة.
كان إيثان ينظر إليها بكل اهتمام، عينيه تتبع كل كلمة تخرج منها.
كانت تلاحظ كيف كان يسجل كل حرف في ذاكرته، وكأن العالم كله قد فتح أمامه ببطء.
مرت ساعات على هذا النحو.
إيلينا كانت تشرح وتساعد إيثان في تقليد الحروف، وتدريجيا بدأ إيثان يتعلم كيف ينطقها.
كانت لحظات مليئة بالإصرار والأمل.
لم يكن الطريق سهلاً، لكن كل كلمة كان يتعلمها، وكل حرف كان يكتشفه، كان يعزز ثقته بنفسه.
في النهاية، بدأ إيثان يتقن نطق الحروف ببساطة. كانت عيناه تلمعان بشعور من الانتصار، كما لو أنه قد حقق شيئًا كبيرًا في حياته.
إيثان: (بابتسامة خفيفة) لقد فعلتها! لقد تعلمت حرفًا.
إيلينا: (تبتسم بفخر) أنت رائع، إيثان. والآن، سنواصل. كل خطوة هي خطوة نحو الأمام.
بينما كان إيثان يشعر بالإنجاز، أدركت إيلينا أن هذا لم يكن مجرد درس في القراءة.
كان بداية لتحرير إيثان من القيود التي كانت تحيط به، بداية لفهمه للعالم من حوله بطريقة جديدة.
يتبع….