خفايا القصر المؤلم - 18
الفصل: ما خلف الكلمات؟
في صباح اليوم التالي
في صباح اليوم التالي، أغلقت إيلينا باب غرفتها بهدوء، بينما كانت عيونها تغرق في الذكريات العاصفة التي عاشتها مع إيثان في الليلة الماضية.
انهياره المفاجئ أمامها ترك أثراً عميقاً في قلبها، وكأن الزمن قد توقف لحظة تلك الصرخات الضعيفة.
لكن رغم كل شيء، كان عليها أن تتابع حياتها.
أخذت نفساً عميقاً، محاولة تجميع أفكارها في محاولة لتحسين مزاجها الذي أصبح في حال يرثى له.
مرت شهرين على تلك الليلة.
وأصبحت علاقتها مع إيثان أفضل بكثير.
كانت تقضي وقتاً أطول في القبو، تعلمه شيئاً فشيئاً عن الحياة التي لم يختبرها من قبل.
كان يشعر بسعادة كبيرة عندما كانت تأتي إليه، وكان ذلك يشعرها بالسعادة أيضاً.
كانت تشعر بأنها تقدم له شيئاً مهماً، وكانت ترى كيف كان يتحسن جسمه تدريجياً.
كان هزيلاً في البداية بسبب قلة الطعام، لكن فرق الشهرين فقط جعل ملامحه تصبح أوضح، وعينيه اللتين كانت تعكسان شعوراً بالخوف والوحدة، أصبحتا مليئتين بالأمان والراحة.
كان هناك شيء غير تقليدي في لون عينيه، شيء لم تراه في أي شخص آخر في الإمبراطورية.
كانت العيون تلمع بشكل غريب، كما لو كانت تحمل في طياتها قصة غير مكتملة، أسرار لم تُكشف بعد.
كلما نظر إليها، كان يشعر بشيء غريب، وكأنها هي التي تعطيه الأمل في هذا العالم المظلم الذي كان يعيش فيه.
إيلينا كانت تعلم أن هناك الكثير من العمل الذي يجب أن تفعله قبل أن يتحقق التغيير الكامل في إيثان، لكنها كانت تعيش لحظات صغيرة من الفرح وسط هذا الجهد الكبير. كانت تعرف أن كل لحظة تقضيها معه تقربها من فهم ماضيه، ومن بناء علاقة لا يمكن لأي شيء أن يهدمها.
في صباح
بينما كانت تتجه نحو النافذة الصغيرة التي تطل على الحديقة، سمعت صوت خطوات سريعة تقترب من باب غرفتها. قبل أن تدير وجهها، دخل ديمتري، وبدا واضحًا من تعبيره أنه كان متحمسًا جدًا. كان وجهه مشرقًا، وعيونه لامعة كمن يحمل سرًا كبيرًا.
ديمتري: (بلهجة حماسية) إيلينا! كيف حالكِ؟
كان سؤاله سريعًا جدًا، ولكن مشاعره كانت واضحة تمامًا في صوته.
يريد أن يطمئن عليها أولاً قبل كل شيء.
إيلينا: (بابتسامة) أنا بخير
ديمتري اقترب منها قليلاً، وتوقف، مترددًا.
كان واضحًا أنه كان يفكر في شيء كبير، شيء قد تكون له علاقة بمشاعر كان يحاول إخفاءها عنها.
عاد ليجلس على المقعد المقابل لها، وأخذ نفسًا عميقًا، كما لو كان يحاول جمع شجاعته قبل أن ينطق بالكلمات التي كانت في قلبه.
ديمتري: (بتوتر قليل) كنت أفكر في شيء… في موضوع مهم.
إيلينا رفع حاجبها في فضول، كان حديثه دائمًا محط اهتمام لها، ولكن هذه المرة كان هناك شيء غريب في نبرته.
بدأت تتساءل عن السبب الذي جعله يبدو بهذا الشكل، لكن قبل أن تسأله، استمر هو في الحديث.
ديمتري: (بابتسامة خجولة) هل تعلمين أن عيد ميلادك بعد تسعة أشهر؟
سألها هذا السؤال ببراءة، كما لو كان يسأل عن شيء عادي، ولكن كان هناك في عينيه شيء مختلف.
كان يعرف أن هذا ليس مجرد سؤال عابر، كان يدرك أن اليوم الذي يقترب يحمل معه الكثير من المشاعر بالنسبة له.
إيلينا: (بتفكير) تسعه أشهر؟ ليس بعيدًا جدًا…
ابتسمت إيلينا، كما لو كانت تخشى أن تكشف عن أي شيء في قلبها، لكن بشكل غير مريح.
شعرت بشيء غريب في داخلها عندما ذكر عيد ميلادها.
ديمتري: (بخجل، وكأنه يختار كلماته بحذر) أريد أن أكون أول من يرقص معكِ في هذا اليوم… في عيد ميلادك الـ 15.
كان صوته منخفضًا، مملوءًا بالحذر.
لكنه، رغم خجله، كان يحاول أن يظهر بما يشعر به تجاهها، حتى وإن لم يكن يعرف كيف يواجه تلك المشاعر التي بدأت تتشكل بداخله منذ فترة.
كان ينظر إليها مباشرة، لكنه لم يستطع أن يحتفظ بابتسامته الخجولة، وكأن الفكرة نفسها جعلته يشعر بشيء غريب في قلبه.
إيلينا: (بتفاجؤ واضح) رقص؟ أول من يرقص معي؟
كان صوتها يشوبه شي غريب، فقد كانت تفكر في تلك اللحظة التي لم تطرأ في ذهنها من قبل.
عيد ميلادها أصبح الآن في نظرها ليس مجرد احتفال بسيط، بل يحمل معه أشياء كثيرة قد لا تكون مستعدة لها.
ولكن عينيه…
كانت تقول كل شيء.
اتذكر ان أول من رقص معي ديمتري، لكن لم يقول ابدا اي طلب لكن لماذا أصبح جرئ، هل حدث شي لم أذكر أنه كان هكذا .
ام انا لا أتذكر ..
ديمتري: (وهو يضع يديه على الطاولة، يحاول أن يخفي توتره) أعتقد… أعتقد أنه سيكون أمرًا خاصًا… أريد أن أكون الشخص الذي يشاركك هذا الحدث.
إيلينا لم تستطع أن تخفي ابتسامتها الهادئة، تلك الابتسامة التي كانت تعكس مشاعر معقدة.
شعرت بشيء عميق في قلبها، كان هناك شيء أكثر من مجرد الاهتمام الصادق.
ربما كان ديمتري يحاول أن يكون أكثر لطف .
إيلينا: (بابتسامة خفيفة) لم أتوقع ذلك منك… لكن شكراً.
كان صوته يزداد هدوءًا، وقد شعر ديمتري بأن هناك شيئًا جديدًا يتولد بينهما.
عينيه كانتا مليئتين بالكلمات التي لم يُسمح له بإخراجها بعد، ولكن كان من الواضح أن قلبه كان يصرخ بتلك الكلمات.
ديمتري: (بخجل، وهو ينظر في عينيها) أنا… أنا سعيد بأنكِ بخير. وأنا… أريد أن أتأكد من أنكِ على ما يرام.
إيلينا نظر إليه بعمق، كانت ترى في عينيه الكثير من الجدية، ولم تستطع أن تحجب عن نفسها فكرة أنه، في بعض اللحظات، كان يبدو وكأنه يفكر في شيء .
إيلينا: (بتأمل) أنت دائمًا هنا ، أليس كذلك؟
ديمتري: (بتأكيد) دائمًا.
كان الحديث بينهما مستمرًا، لكن مشاعر غير معلنة كانت تتخلل كل كلمة، وكل نظرة.
كان ديمتري، رغم خجله، يحاول أن يعبّر عن شيء أكبر في قلبه، بينما إيلينا كانت تشعر بمزيج من الحيرة والراحة.
شعرت بأن هذا اللقاء كان بداية لشيء جديد، شيء لا يمكن أن تدركه الآن، ولكنها كانت تعرف أنه سيغير حياتها بشكل ما.
وهكذا، جلسا معًا، يشربان الشاي في صمت، بينما أفكار كل منهما كانت تتنقل بين الماضي والحاضر، بين الأمنيات والخوف من المجهول.
لكن في تلك اللحظة، كان كل شيء يبدو كما لو أنه سيظل إلى الأبد.
يتبع….