خفايا القصر المؤلم - 16
الفصل: القلب الذي لم يُشفَ
كان إيثان جالسًا على الأرض، جسده يهتز بعنف وكأنه فقد السيطرة تمامًا.
أنفاسه كانت متقطعة، تخرج بصعوبة من بين شفتيه المرتجفتين، بينما عيناه البنفسجيتين الواسعتان كانتا تحملان مزيجًا من الخوف واليأس والغضب.
جسده النحيل كان مشدودًا بالكامل، كما لو أن الألم المتراكم داخله يحاول تمزيقه من الداخل.
إيثان: أمي… أبي…
خرجت الكلمات من شفتيه همسًا مرتجفًا، ثم انفجرت في صرخة ممزقة، كأنها انتُزعت من أعماق روحه.
إيثان: لا أريد العيش هكذا! لا أريد البقاء في هذا الظلام!.
إيلينا، التي لم تره بهذه الحالة من قبل، شعرت بقلبها ينقبض وهي تراه يتحطم أمامها.
كان وجهه شاحبًا أكثر من المعتاد، وعرقه يتصبب من جبينه، ويداه كانتا تضغطان على صدره وكأنه يحاول إبقاء شيء داخله من التمزق تمامًا.
حاولت الاقتراب، لكن صوته الحاد جعلها تتوقف للحظة.
إيثان: لا… لا تلمسيني! .
كانت عيناه مليئتين بالذعر، وكأنه خائف من أن مجرد لمسة قد تعيده إلى الجحيم الذي عاشه.
لكن إيلينا لم تستطع أن تبقى متفرجة.
إيلينا: إيثان… أنت لست وحدك، أعدك أنك لست وحدك.
همست بصوت هادئ، رغم أن قلبها كان ينبض بعنف في صدرها.
لكنه لم يسمعها، أو ربما لم يرد أن يسمعها.
كان محاصرًا في دوامة ذكرياته، يرى وجوهًا مألوفة تتلاشى أمامه، يسمع صرخات والدته، يرى جسد والده الملطخ بالدماء ، يتذكر البرد، الظلام، الجوع، والخوف الذي لم يتركه منذ أن كان طفلًا صغيرًا.
إيثان: لماذا؟! صرخ مجددًا، يداه اشتدتا على شعره وكأنه يريد تمزيق رأسه ليوقف الأصوات التي تطارده. لماذا تركتموني؟! .
إيلينا لم تعد تفكر، تحركت بجانبه دون تردد، رغم أنه حاول الابتعاد عنها وهو يرتجف.
وضع يديه على الأرض محاولًا دفع نفسه بعيدًا، لكن أطرافه كانت ضعيفة جدًا، وكأنه فقد الإحساس بها.
إيلينا: إيثان، توقف … صوتها كان دافئًا لكن حازمًا، وأخيرًا سمحت لنفسها أن تلمس كتفه، لمسة خفيفة لكنها حقيقية.
اهتز جسده تحت يدها، كان جلده باردًا رغم العرق الذي يغطيه.
بدأ يرتجف بقوة أكبر، وكأن اللمسة الصغيرة كسرت شيئًا داخله.
إيثان: أنا… لا أستطيع… همس بصوت مبحوح، بينما كانت دموعه تتساقط واحدة تلو الأخرى.
إيلينا: أنت تستطيع.
ردت بهدوء، يدها انتقلت برفق إلى وجهه، تمسح الدمعة التي انزلقت على خده.
لكنه لم يستطع قبول ذلك بسهولة.
يده ارتفعت وأمسكت برسغها، ليست بقوة، بل برجفة ضعيفة. إيثان: لماذا؟ لماذا لم تتركيني؟! …
إيلينا لم تسحب يدها، لم تتراجع
. كانت ترى في عينيه فتي ضائعًا يبحث عن إجابة، عن شيء يتمسك به وسط بحر من الألم.
إيلينا: لأنك لست محطمًا، إيثان.
همست، نظراتها غارقة في حزنه.
كان جسده ما زال يرتعش، لكن أنفاسه بدأت تهدأ قليلًا.
نظراته كانت مضطربة، وكأنه لا يزال يحاول استيعاب وجودها، استيعاب حقيقة أنه ليس وحيدًا تمامًا.
يتبع….