0
كانَّ الظلامُ حالِكًا ليِّطغى بسوادِهِ على الأرجاءِ خارِّجَ النافذةِ ، كأنهُ نذيرُ شُؤمٍ تجلى بإبهى طلاتِهِ رُغمَّ صحوةِ الجوِّ وإشراقِهِ في وضّحِ النهارِ
هبتّ رياحٌ غريبةٌّ لتطرُقَ على النافذةِ بدونِ إذنٍ ، ثُمَّ دوتّ السماءُ بصُراخِها البائِسِ وبكتّ بصوتٍ غريبٍ
حدّقت اوفيليا بالأرجاءِ مُستندةً على النافذةِ لترمُقَ الجُنودَّ المُصطفينَ امام ابوابِ الدُوقيةِ
صُفوفٌّ مُكتضةٌ ومليئةٌ بالجنودِ..
كانَّ مشهدًا يدعو إلى الدهشةِ والرهبةِ
ولكن بالنسبة إلى اوفيليا التيِّ كانتّ تُشاهِدُهُم وعلى محياها ترتِسمُ أشدُ التعابيرِ يأسًا وبُؤسًا
بدا الأمُر وكأنَ ابوابَ الجحيمِ قد فُتِحّت
” الدوقُ الأكبرُ جّاهزٌ لبدء الحربِّ.”
“نعم سيدتيِّ… أعتذِّرُ.. “
عضتّ شفتيها عوضًا عنّ الردِ ، كانت الدِماءُ تتسربُ جراءَ ذلك.
” يجّبُ أنّ أرى الدوق الأكبر الآن وبنفسيِّ. “
لم تستطِعّ إلاستسلامَ الآن.
خصوصًا وأنَّ اللـيـلـة
كانَّ وطنُ اوفيليا
مملكةُ أبيها الحّبيب
هو مـا سيُحاربِّهُ الدوقُ الأكبر.
وبينما كانتّ اوفيليا تتجول فيّ القلعةِ بِّفُستانِها الرقيقِ رُغمَ بُرودةِ الاجواءِ
ألا انها تمكنتّ وبصعوبةٍ مِنَ الوُصولِ إلى مكتبِ الدوقُ الأكبر و.. زوجِّها ديــكــار.
قبّل أنْ يُغادِر
” سيدتيِّ. “
نَظَرَ ديكار إلى اوفيليا بنظراتٍ أكثرِ صرامةٍ مِنَ المُعتادِ وهو يعاوِّدُ أخذَ دِرعِهِ مِنْ مُساعدِهِ لإرتدائِهِ
رمقتّ اوفيليا زوجها والحيرةُ تُزينُّ ملامِحِها البهية
لم يكُنّ الرجل الطويلُ ذو الدِرعِ اللامِعِ هـو ذاتَ الرَّجُل الذي شاركها السريرَ الليلةَ الماضية.
غطّى الدِرع كتفيهِ العريضتينِ
بدا حجمهُ أكبرَ بثلاثِ مراتّ
وفيّ هذِهِ اللحظة.. بدتّ مُقتنعةً
لسببِ تسميتهِ ‹ العِمّلاقَ الدمويِّ ›
قيّلَ إنَّ كُلَّ مَنْ يقِفُ أمامَ نِصلِ سيفِهِ
يَّفِرُ هاربًا فزعًا لهولِ ما رأى
حدّقت أوفيليا فيّ زوجِّها والرُعبُّ ينهَشُ عِظامها ووجهُها شاحبةٌ
نَظَرَ ديكار إلى أعَيُنِها العابسةِ وتنهدّ.
” لا أظنُكِ قدّ جئتِ إلى هُنا لتوديعيِّ. “
انحبستّ أنفاسُها وبقيتّ عالقةً ترضخُ الإفراجَ عنها عُنّوةً لبرودةِ صوتِهِ.
خطتّ أوفيليا أمامهُ ويدّاها النحيلتانِ ترتجِّفانِ
” صاحِبَ السُموِ ، مِنْ فضلِكَ فكرّ في الأمرِ مرةً أُخرى ، أننيِّ لأتوسلُ إليّكَ. “
” ..ألـم تنتهيِّ تِلكَ المُحادثةُ بالفعلِ؟ “
سُرعان ما تبددتّ هذِهِ الشجاعة
التيّ بالكادِ أُستُحضِرت.
تنهدّ ديكار ونَظَرَ إلى اوفيليا
” إنها بالفعل حربٌ لا يُمكِنُ إيقافُها. “
” ولكن..! على الأقلِ.. مِنَ المُمكنِ أنْ لا
يخوض الدوقُ الأكبر فيّ هذِهِ الحرب. “
” هذا لا يُمكِن أنْ يكُونَ مُمكنًا. “
جاءها ردهُ بفتورٍ وسُرعةٍ.
كانت هذِهِ الحرب محسومةً مُنذُ البدايةِ
لكن مُشاركةُ الدوقِ الأكبر
في الحرب كانَّ أمرًا مُختلفًا تمامًا.
لم يكُن الأمر مُجردَّ نِزاعٍ، بل كانَّ تصميمًا
على تدميرِ مملكتِها فيليسيا ومنزِّلها..
وهذا يعني-
نهاية حياةِ والدِها
وحياةِ عائلتِّها.
سيُؤديِّ ذلك إلى تدميرِ الأملِ الوحيدِ
الذيّ كانَّ لديها مُنذُ بدايةِ هذِهِ الحربِ.
” … “
نَظَرَ ديكار إلى اوفيليا للحظاتٍ ، ثُمَّ فتحَ
فمهُ المُغلقَ بإحكامٍ شديدٍ ليَّردِفَ قائلًا
” سيدتيِّ ، هذِهِ ليستّ مسألةَ شأنٍ داخليٍّ
بل هي مسألةٌ بينَ الدُولِ “
” لا يُهم.. لا يُـهِّـمُ!
كيفَ يُمكننيِّ الوُقوفُ مكتوفةَ الأيديِّ وأنـا أُشاهِدَ والديِّ يُقتّلُ على يدِ زوجيِّ؟! “
إرتجفتّ اوفيليا بعجزٍ ، كانَّ إدراكُها أنها لا تملِكُ شيئًا لتردَّعَ بِّهِ هذا الأمر أشدُ وطأةً مِنْ أيِّ وقتٍ مضى
تسارعتّ أفكارُها، لكن لم يكُن هُنالِكَ سوى استنتاجٍ واحدٍ.
لسوءِ الحظِّ لم يكُن هُنالِكَ شيءٌ بمُقدورِّها تقديمُهُ إلى الدُوقِ..
كانَّ الزواج محكومًا عليهِ بالفشلِ مُنذُ البدايةِ.
زواجٌ بِيعَتّ فيهِ لأجلِ بقاءِ مملكتّها
زواجٌ تلاشى إلى حدِّ العبثِ.
ومع ذلك.. خِلال العاميّنِ الماضيينِ
كانتّ تُحِبهُ حقًا وبذلتّ قُصارى جُهدِها
في أعماقِها ، كانتّ تعتقِدُ أنّهُ لرُبما..
رُبما فقط يشعَرُ بذاتِ مشاعِرِّها نحوهُ
لكنّها لم تتخيل قطُ أنْ النَظَرَ الى
وجهِ زوجِّها سيؤلِمُها إلى هذا الحدِّ.
” لم تعودي إبنةَ فيليسيا بعدَ زواجكِ منيِّ. لا تنسيِّ بأنّكِ زوجتّي، وإبنةُ إمبراطوريةِ دوبـرمـان. “
هزتّ كلماتُ زوجِّها كيانها بالكاملِ لتُعِيدها إلى الواقعِ المُرِّ.. لم تَعُدّ هُنالِكَ أعذارٌ مُسوخةٌ لإقناعِهِ
حدّق ديكار في أعَيُنِ اوفيليا للحظاتٍ ، لمعتّ في أعَيّنِهِ الباردة لمحةٌ مِنَ الانفعالِ
لكن اوفيليا لم تستطِعّ قراءة
مافي جوفِهِ مِنْ كلماتٍ غيرِ مُعلنةٍ
سُرعانَ مـا مـرّ بِّها.
عجزت اوفيليا عنّ إيقافِهِ.. فإنهارتّ على الفورِ
هُـطـول—
بكتّ السماءُ مرةً أُخرى.
لتُعلِنَ عنّ خيباتِها ،
لا وجودَ للأملِ بعد الآن
فقد رَحَلَ كُلُّ شيءٍ.
.━─━─━─✠─━─━─━.
بَعَدَ ثلاثةِ أشهُرٍ وبمُرورِ تِلكَ المُدةِ على رحيلِ الدُوقِ الأكبرِ وصلتّ أنباءٌ عنّ إنتصارِ الإمبراطوريةِ في الحربِ
وفي الليلةِ التي تسبِّقُ موعِدَ
عودةِ الدُوقِ الأكبر إلى قصرِّهِ
أختفتّ الدُوقةُ الكُبرى.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 1 منذ 21 ساعة
- 0 - المُقدمة منذ يوم واحد
التعليقات لهذا الفصل " 0"
مارح اوفيك ولا اعطيك حقك بالمره مهما قلت وشرحت كيف لغتك جداً قوية وكل كلمة تدخل في الصميم، التشكيل يجنن كل كلمة تنطق ع لساني بكل مخرج الها ماعمري قرات لمترجمة فعلاً تحب الي تسويه وتسويه لانها تحبه جد استمري انا اقوى داعمة لك اعظم مترجمة