بعد العرض، وبعد تلك المحادثة الدافئة على الشرفة، شعرت آرا وكأنها لا تلمس الأرض.
خطواتها خفيفة، خصرها يتمايل برقة تحت ثوبها الفضي، وملامح وجهها مزينة بضياء لا علاقة له بالأضواء.
كانت تحمل شيئًا في قلبها… يشبه الحلم الذي اقترب من الواقع أكثر مما توقعت.
توجهت بخطى سريعة إلى أحد الأروقة الداخلية، حيث كانت الإمبراطورة ميلانثيا تقف قرب إحدى الطاولات الصغيرة، تتحدث مع مستشارة بهدوء، حتى لمحت آرا تقترب.
رفعت الإمبراطورة رأسها، وبابتسامة مليئة بالحنان والدهاء، فتحت ذراعيها:
– “أوه، أتيتِ تحملين وجها لا يخبئ شيئًا… هل لديّ أنباء جيدة إذًا؟”
أومأت آرا بحماس، واقتربت منها بخطوة ممتزجة بالخجل والفرح:
– “ريان… وإيليان وافقا. رسميًا.”
رفرفت عينا ميلانثيا بلونها الليلكي الساحر، وضغطت على يدي سيلينارا بلطف:
– “رائع… كنت أعلم أن دموعكِ ستقلب المعركة.”
ضحكت آرا بخفة، ثم نظرت للأسفل، لكن خديها اشتعلا.
– “أنا فقط… سعيدة.”
رفعت ميلانثيا حاجبًا بخفة، ثم أمالت رأسها وسألت ببراءة مشوبة بالدهاء:
– “هل لي أن أسألكِ شيئًا؟”
– “بالطبع، جلالتكِ.”
– “هل تعلمين أن أخا زوجي – الأرشدوق كايرون – احتضنني الليلة… أمام زوجي؟”
ارتبكت آرا، فتحت فمها، ثم أغلقته… ثم فتحته ثانية:
– “كـ… كايرون؟!”
– “بل احتضن الإمبراطور بعدي أيضًا.”
قالتها ميلانثيا، وهي تتصنع الحيرة.
– “ذلك الذئب الجامد؟!”
همست آرا، ويدها على فمها بدهشة حقيقية.
– “بالضبط!”
ضحكت ميلانثيا بخفة، ثم مالت وهمست:
– “كل هذا بعد أن ترك الشرفة التي كنتِ تقفين فيها… معه.”
احمرّت وجنتا آرا بدرجة مقلقة.
– “أنا… لا… أعني…”
قالتها بعثرات غير معتادة.
– “آه، كم أحب رؤية الجليد يذوب.”
قالتها الإمبراطورة وهي تلوّح بمروحتها الصغيرة بخفة، كأنها تلعب.
لكن قبل أن تتضاعف ربكة آرا،
وصلت إليهما الأميرة ريفايا من مملكة فالين، بثوب سماوي واسع، وشعر ضفّرته كنجمة في السماء، وابتسامة لا تخلو من مشاكسة.
– “عذرًا للمقاطعة، لكنني لم أتحمل أن أرى اثنتين من أجمل سيدات القصر تتحدثان دون أن أشارك.”
قالتها وهي تنحني بخفة، لتقترب منهما.
– “ريفايا، كنتِ مفقودة!”
قالت ميلانثيا وهي تفتح ذراعيها، فتبادلت الأميرة التحية، ثم نظرت إلى سيلينارا.
– “وأنتِ… أنتِ التي رقصتِ الليلة كأنكِ تلهمين الأقمشة لتتحرك.”
ضحكت آرا بخجل:
– “إنه لطف كبير منكِ، سموّكِ.”
– “أرجوكِ، ناديني ريفايا فقط. لسنا هنا للسياسة الليلة.”
قالتها وهي ترفع فستانها قليلاً لتجلس بجوارهما.
بدأت ثلاثتهنّ يتحدثن… في البداية عن العرض، ثم عن الأزياء، ثم عن كيف أن كعكة الشوكولا الإمبراطورية لا تزال تحتفظ بسر نكهتها،
ثم عن أحذية الرقصة، وكيف أن ميلانثيا تُخبئ في خزانتها ٣٧ زوجًا من الأحذية ولا تعترف بذلك أبدًا.
ضحكات ناعمة، صوت خطواتهن الخفيفة تحت كلمات رقيقة، كانت كعطرٍ خفي يُنثَر في الأروقة ويُلطّف كل توتر.
وكانت آرا، في تلك الل
حظة… فتاة صغيرة وسعيدة، بين نساء قويات يشبهنها، دون أن تضطر لتكون أقوى من قلبها.
التعليقات