لم يكن يعلم إن كانت قد غادرت القاعة أم أخذت جزءًا منه معها.
كل ما عرفه كايرون، حين أُغلِق الباب خلف سيلينارا، هو أن صدره أصبح أضيق من أن يتسع لصمتها.
ركن يده على مقبض السيف، وسار بلا كلمة، حتى وصل إلى ساحة التدريب الخلفية للقصر، تلك التي اعتادها منذ طفولته، حيث لا يحكمه بروتوكول، ولا ينزف سوى الفولاذ.
وقف وسط الساحة المربعة، أطلق الزفير الذي لم يطلقه منذ نظرت إليه وغيّرت وجهتها.
خلع معطفه الملكي، كاشفًا عن قميص التدريب الأسود الذي التصق بجسده كأنفاسٍ محتبسة، مشدودًا فوق عضلات صدره الصلبة وبطنه المحفور بدقةٍ تثير العين قبل القلب، ثم أخرج سيفه بخفة، وباشر حركاته المعتادة.
ضربة…
دوران…
خطوة خلفية، فاندفاع.
لكن شيئًا في كل ضربة كان أكثر عنفًا من اللازم.
كأن كل قطعة حجر تحت قدميه… تُذكره بها.
بضحكتها حين تغضب، بنظراتها حين تنكر، بصوتها حين تتجنب الإجابة.
وفي خضم شروده…
– “تبدو وكأنك تقاتل أشباحًا، يا ذئب الشمال.”
قالها صوت ساخر، يعرفه جيدًا، دون أن يحتاج أن يلتفت.
توقف كايرون، لكن لم يلتفت بعد.
وحده الإمبراطور أليريك أرغالوث يملك تلك النبرة الممتزجة بين الهيبة والمكر.
– “ألستَ مشغولًا بمؤتمراتك وحفلاتك؟”
قال كايرون ببرود، دون أن يخفي نفاذ صبره.
اقترب أليريك، وهو يرتدي معطفًا إمبراطوريًا فخمًا بلون العقيق الأسود، وربطة عنق ذهبية، وعيناه اللامعتان تتفحصان كل تفصيلة في ملامح شقيقه.
– “سمعت أن الجميلة البيضاء كانت تتدرّب معك.”
قالها وهو يقف خلفه، يتأمل أثر العرق على عنقه:
– “كم من الضربات احتجتما قبل أن تتوهج الوجنتان، يا ترى؟”
شد كايرون قبضته على مقبض السيف.
– “أليريك، لستَ في مجلس البلاط الآن.”
– “أوه، صدقًا؟ كنت أظنكَ تعرف أن قصص القصر تنتشر كالنار… وخبر رقصة حميمة بين الأرشدوق وسيدة الظلال بات حديث الخدم قبل السادة.”
استدار كايرون، ببطء، لكن عيناه كانتا تقدحان شررًا.
– “احذر كلماتك.”
قالها بصوت خافت… خطير.
ضحك الإمبراطور بخفة، واقترب منه حتى وقف قباله:
– “لماذا؟ هل ستضربني…؟”
ثم رفع حاجبه:
– “أم أنك تخشى أن تعلم هي… أن كل من في البلاط يرى أنك وقعت فيها حتى أذنيك؟”
في لحظة خاطفة، ارتفع سيف كايرون واستقر عند كتف أخيه، مائلًا، كما لو أنه يهدد… دون نية القتل.
لكن النظرة… كانت كافية.
تراجع الجنود المحيطون بسرعة، وتوقفت تدريباتهم، فالهواء ذاته أصبح مشبعًا بالكهرباء.
ضحك أليريك، دون أن يرف له جفن:
– “لو كان أحد غيرك من رفع سيفه في وجهي، لعلّقت رأسه على جدران القصر بتهمة خيانة العائلة المالكة.”
ثم همس وهو يبتسم:
– “لكنني لن أقطع رأسك يا شقيقي… بل سأبارزك.”
تنفس كايرون ببطء، ثم قال:
– “ممتاز.”
في لحظة، التقى السيفان.
شرر تطاير.
صوت الفولاذ خرق الصمت.
كل ضربة بينهما كانت سؤالًا مؤلمًا بلا إجابة.
كايرون كان يضرب كمن يُفرغ قلبًا ممتلئًا.
وأليريك يتلقّى الضربات كمن يُشعل جمرة تحت رماد.
ضحكة، صدمة، التفاف، دوران…
ضربة على الكتف، صدّة من الذراع، ثم قفزة قصيرة أعادت المسافة بينهما.
وجوه الجنود تتابع، متشنجة، لم يجرؤ أحد على التنفس بصوت.
– “هل هذا كل ما لديك يا كاير؟”
قالها أليريك وهو يتنفس بصعوبة، سيفه مائل قليلًا.
– “أم أن الغضب قد أعمى ذئب الشمال؟”
– “لا تغضب الذئب إن لم تكن مستعدًا للعض.”
رد كايرون وهو ينقض بضربة مفاجئة كادت أن تُسقط السيف من يد الإمبراطور.
لكن قبل أن يُكملا الجولة التالية…
📣 صوت حادّ اخترق الساحة:
– “أليريك أرغالوث! كايرون أرغالوث! هل فقدتما عقولكما؟”
جمدت السيوف، والتفتت الرؤوس فورًا.
كانت الإمبراطورة ميلانثيا تقف عند مدخل الساحة، ترتدي ثوبًا ملكيًا كحليًا طويل الذيل، وعبوسها أقوى من ألف أمر عسكري.
– “هل أنتما في السابعة من عمركما؟ تتشاجران كأطفال يلعبون في الوحل؟ أمام الجنود؟ في يوم الحفل؟!”
خفض أليريك سيفه، لكنه لم يستطع منع ابتسامة صغيرة من أن تظهر.
أما كايرون، فتنفس ببطء، أعاد سيفه إلى غمده، لكنه بقي ينظر إلى الأرض.
– “إلى الداخل، حالًا. كِلاكما.”
أمرتهم بصوت لا يقبل جدالًا.
ثم أضافت وهي تلوّح بذراعها:
– “ولا أريد أن أرى ولو نقطة واحدة من العرق على أقمصتكما في القاعة الليلة. هل هذا واضح؟”
ردّ أليريك، وهو يهمس لأخيه وهو يمشي بجانبه:
– “كنا سننهيها بالتعادل على أي حال….. لكن اعتبرها هدنة، أيها الذئب.”
لم يرد كاير
ون.
لكن بين كل هذا الصخب، وكل هذا الغضب…
كان هناك شيء واحد فقط يرفض الخروج من رأسه:
صوت خطوات سيلينارا… وهي تبتعد.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 19"