في إحدى ليالي الخريف المُذهَّبة، ارتفعت الستائر المخملية الحمراء لمسرح لافيسيا الملكي في قلب قارة نيروفان، على إيقاع أنفاس الجمهور المتلهفة. انساب صوت الكمان الحزين كأنّه نداء من السماء، وأضاءت الأضواء الفاترة أرضية الخشبة الرخامية.
ثم ظهرت هي.
سيلينارا أزريلثا.
تدلّى شعرها الأبيض كضوء القمر على أكتافها، وكانت عيناها الياقوتيتان كأنهما تسبران أغوار الأرواح. بزيٍّ فضيّ خفيف مزخرف بالريش والكريستال، راحت تتحرك برقة النسمات وعمق العواطف. كل خطوة منها كانت نغمة، كل التفافٍ حكاية، وكل رمشة من عينيها وعدٌ بجمال لا يُنسى.
لقّبها الناس بـ”سيمفونية الظلال الراقصة”، و”ظل الفجر الراقص”، وأحبها الشعراء كما لو كانت نغمةً هاربة من لحنٍ سماوي. قيل إنها تنتمي إلى عائلةٍ نبيلةٍ اختفت منذ الحروب القديمة، وأنّها وحدها من بقيت لتحمل اسم أزريلثا بشرفٍ وكرامة.
لكن خلف الأضواء، كانت سيلينارا أكثر من مجرد راقصة. كانت امرأةً تحمل عقلًا حادًّا كالنصل، وقلبًا دافئًا كأول شعاع صباح في الشتاء. لطيفة، جذابة، مرحة، لكن حين يتطلب الأمر، كانت تقف بشموخ كأنها أميرة لا تعرف الانكسار.
بعد عرضٍ مُبهر، وبينما كانت تغادر المسرح محاطة بفرقتها الصغيرة، سُلّمت لها رسالة مختومة بالشمع الملكي:
> دعوة إمبراطورية من جلالة إمبراطور سترونيا العظمى، لحضور مهرجان التأسيس السنوي وتقديم عرضٍ خاص في قصر إيراذيوم.
شدّت سيلينارا الرسالة إلى صدرها، وابتسمت:
“سترونيا، إذًا… أخيرًا، دُعيتُ
إلى قلب الإمبراطورية.”
التعليقات لهذا الفصل " 1"