بينما كان الملك يراجع الأوراق في مكتبه، اقترب موعد الغداء، فسأل رئيس الخدم: “ماذا تفعل الملكة الآن؟”
“لا يوجد جدول رسميّ لها، على حدّ علمي. قضت الصباح في غابة آرثر، والآن من المحتمل أن تكون في قصر الملكة”
قيل إنّ الملكة خرجت من الغابة و هي تحمل كومة من الأعشاب.
لكنّ رئيس الخدم كان يعلم أنّ إجابته ناقصة بعض الشيء.
لم تكن تحرّكات الملكة معقّدة عادةً، لكن مرّ وقت منذ آخر تأكيد من قصر الملكة.
“هل أتحقّق مرّة أخرى؟”
“لا، سأذهب بنفسي.”
هزّ الملك رأسه كأنّه يقول إنّ ذلك غير ضروريّ و نهض من مكانه.
وبينما كان يهمّ بمغادرة الغرفة ، تذكّر شيئًا فجأة و قال لرئيس الخدم: “رئيس الخدم، تتذكّر البحيرة التي تحدّثت عنها سابقًا؟”
“نعم؟”
ضحك الملك كأنّه يجد الأمر مضحكًا ، و قال:
“ألم أقل إنّنا سنحفر بركة بالقرب من قصر الملكة؟”
“…”
“اجعلها نافورة. و إن أمكن ، ضعها في مكان يُرى جيّدًا من مكتب الملكة”
كانت الملكة تفضّل بحيرة معيّنة ، مهيبة و مذهلة ، لدرجة أنّ إنشاء بحيرة اصطناعيّة لن يتجاوز جمالها.
لذا قرّر الملك أن يهديها نافورة جميلة بدلًا من ذلك. لكن عند سماع هذا ، ظهرت تعابير غريبة على وجوه الخدم. لم يكن أحد تقريبًا يعتقد أنّه جادّ.
سأل رئيس الخدم بحذر: “جلالتك، هل … كنت جادًا؟”
“هل هناك ما يُضحك في هذا؟ لو كنت أمزح ، كم ستُصاب الملكة بخيبة أمل؟”
أضاف الملك بعفويّة: “آه، واجعلها واسعة، لكن لا داعي لأن تكون عميقة. فقط لتتمكّن الملكة من نقع قدميها واللعب”
تذكّر الملك يدي وقدمي الملكة الصغيرتين، فظهرت ابتسامة راضية على وجهه.
***
في الوقت نفسه، كانت الملكة تخطّط لشيء ما في الحديقة الخلفيّة. كانت تُعدّ لعملٍ فنيّ يتجاوز تمثال ياما.
كانت عيناها اللتين تحدّقان في عمود الخشب مليئتين بالجديّة. و بجانبها كان قائد الفرسان ، جايد ، الذي يمتلك بنية جسديّة قويّة مثل الملك.
“جايد، أعتذر، لكن هل يمكنك نقل هذا إلى المخزن هناك؟”
أراد قائد الفرسان الضحك بصوت عالٍ ، رغم علمه أنّ ذلك قد يكون وقحًا.
طلب الملكة بدا غريبًا جدًا.
قبل يومين، استدعته لي جاي بهدوء في الليل، وهذا الصباح فتحت الباب مرّة أخرى، لكن هذه المرّة لتطلب منه خدمة.
كان ذلك تطوّرًا غير متوقّع تمامًا.
“جايد، ساعدني مرّة واحدة فقط. أحتاج إلى شخص مميّز”
نظر جايد إلى الأرض لفترة دون كلام.
كان عمود الخشب بطول لي جاي على الأقل.
حاول لفه بيديه، لكنّ لي جاي هزّت رأسها و قالت بهدوء:
“أعتذر، لكن تعامل معه بحذر. كلّما وضعت جهدًا أكثر، كان العمل أفضل.”
فكّر جايد: “معذرةً، لكن ألم تكوني بحاجة إلى شخص قويّ بدلًا من شخص مميّز؟”
لكن بعد سماع كلّ التفاصيل، لم يستطع رفض طلب الملكة.
رفع العمود الخشبيّ، وتبعته لي جاي.
وضع جايد الخشب في مخزن صغير في ركن الحديقة الخلفيّة.
كانت الحديقة الخلفيّة لقصر الملكة مساحة خاصّة بها، لكن الملك يمكنه دخولها متى شاء. أرادت لي جاي الحفاظ على السريّة مؤقّتًا، فاختارت مخزنًا أقلّ وضوحًا.
وإذ كانت تحدّق في الأخشاب المتراكمة على الأرض، قالت:
“جايد، عندما أنتهي، ساعدني قليلًا في نصبها. من المفترض أن أفعل كلّ شيء بنفسي، لكنّني لست واثقة من قدرتي على رفعها.”
إذن، استعارة قوّة شخص نقيّ كانت فكرة جيّدة.
سيكون أفضل لو ساعد شخص يُحبّ الملك.
أومأ جايد برأسه ، لكنّه بدا متشكّكًا.
“جلالة الملكة، هل … ستنحتينها بهذا الحجم حقًا؟”
“نعم، أعتقد أنّني سأركّز على الوجه فقط.”
“نعم، الوجه. حسنًا، إنّه وجه بالفعل.”
كان شكل العمود الخشبيّ مناسبًا لتمثال تقليديّ، ولم يبدُ أنّ العمل سيستغرق وقتًا طويلًا. لكن جايد فكّر أنّ هذه ليست المشكلة، أو ربّما هي المشكلة بالذات، لكنّ لي جاي قالت بسعادة: “لا تُخبر جلالته بعد. لكن هل تعتقد أنّه سيستمتع برؤيتها؟”
“لا أعرف إلى هذا الحد، لكن … بالتأكيد سيتفاجأ.”
كان جايد يعرف الآن أنّ لكلّ منحوتات لي جاي سببًا.
ومع ذلك، لم يكن متفائلًا بشأن الجماليّات. لم يقل شيئًا ، لكنّه فكّر: سيصبح القصر أكثر غرابة. لم تكن هذه النهاية.
لكن لي جاي كانت تعتقد أنّ الملك سيضحك بالتأكيد ، رغم أنّها تعلم أنّه قد يمسك جبهته أيضًا. خرجا من المخزن وهما يتحدّثان.
لم يكن في الحديقة مكان مناسب للجلوس.
نظرت لي جاي حولها واستقرّت على كرسيّ أمام قدر الأعشاب، ثمّ حدّقت في جايد، مشيرةً أنّه يمكنه التحدّث إذا أراد.
سعل جايد بحرج، ثمّ خلع سترته العسكريّة، ووضعها على الكرسيّ واقترح عليها الانتقال إليه.
جلست لي جاي على الكرسيّ الجديد، لكن جايد لم يتكلّم بسهولة.
فنظرت إليه و سألت أولًا:
“جايد ، هل تشاجرت مع حبيبتك مرّة أخرى؟”
فتح قائد الفرسان فمه و هو يخدش مؤخّرة رأسه. لم يكن متأكّدًا إن كانت لي جاي ثعلبًا أم شبحًا ، لكنّها بالتأكيد واحدة منهما.
“هل ترين مثل هذه الأمور أيضًا ، جلالة الملكة؟”
هزّت لي جاي رأسها دون كلام.
لم يكن الأمر واضحًا لهذه الدرجة.
كلّ ما رأته على وجه جايد هو أنّه يقابل شخصًا، لكن بما أنّه يبدو قلقًا، فمن المحتمل أنّ هناك مشكلة مع حبيبته.
هكذا كان تفكيرها كوسيطة روحيّة.
“لم أكن أعلم أنّني أُظهِر ذلك بوضوح. أعتذر عن إزعاجكِ بأمور تافهة”
تنهّد جايد، لكنّ لي جاي ابتسمت بهدوء بسبب تعبيره.
“ليست تافهة. ولا يأتي الآخرون إليّ بقصص عظيمة في الاستقبال.”
كانت هموم الناس متشابهة: العائلة، الأصدقاء، أو المعاملات الماليّة.
نادرًا ما جاء أحد يطمح إلى السلام العالميّ أو استعادة المجتمع. ولو فعلوا، لكان ذلك مجرّد صداع للي جاي.
كانت تحبّ الاستماع إلى القصص اليوميّة البغيطة.
“لا أعرف ما المشكلة، لكن أحيانًا أشعر وكأنّني أستعدّ لمعركة شرسة. بالطبع، أخسر دائمًا. لكنّني لا أفعل هذا لأريد الفوز”
أضاف جايد بضع كلمات أخرى.
كان يريد أن يكون لطيفًا، لكنّه لا يفهم مشاعرها.
ضحك بحرج، وكتمت لي جاي ضحكتها هذه المرّة.
كما قيل، الأصدقاء يتشابهون.
كان لجايد جانب رقيق مع الفتاة التي يحبّها.
يبدو أنّه يقابل امرأة ذات قوّة قتاليّة كبيرة.
نظرت لي جاي إلى وجه جايد بعناية.
لم ترَ علامات انفصال، لكنّها آثرت الصمت.
إذا لم يكن هناك سوء حظّ واضح، فلا داعي للإضافة.
التقطت غصنًا وكتبت تعويذة على الأرض لفترة طويلة: “رياح عاصفة و أقمار مشرقة ، بعد توقّف المطر ، كلّ شيء سيتمّ حسب إرادتك”
بعد أن نفثت الروح في التعويذة ، قالت:
“عندما تحدث أمور جيّدة لاحقًا ، قدّمنا أنا و جلالته إليها”
“أعتقد أنّ جلالته لن يبقى هادئًا إذا فعلت.”
“ماذا سيفعل جلالته؟”
كان يعني أنّ الملك سيُثير عنه و يقول له أن يتصرّف بشكل أفضل.
و في تلك اللحظة ، سقط ظلّ فوق الاثنين الجالسين جنبًا إلى جنب ، و تردّد صوت مألوف في أذنيهما: “نعم ، ماذا سأفعل؟”
تفاجأ جايد وقفز من مكانه، محيّيًا. لوّح الملك بيده كأنّه يقول إنّ ذلك غير ضروريّ، لكنّه ضيّق عينيه بشكل مريب.
“لماذا تتفاجأ منذ المرّة الأخيرة؟”
“…”
“تجعلني أشعر بالغرابة.”
“ليس كذلك، تفضّل بالجلوس.”
حاول الملك الجلوس على الكرسيّ الذي أخلاه جايد، لكنّه لاحظ أنّ لي جاي تجلس على سترة جايد.
شعر بمزيد من الغرابة.
لم يكن مقبولًا أن تجلس ملكة هذا البلد على مكان غير لائق.
كان تركها تجلس هكذا نوعًا من عدم الولاء، لذا لم يكن هناك ما يُلام عليه جايد.
ورغم أنّ الملك كان يعلم ذلك جيدًا ، ضيّق حاجبيه قليلًا.
كان مزيج الوضع يُشعره بعدم الارتياح.
لمَ يخلع رجل آخر ملابسه لزوجتي؟
خلع الملك رداءه ووضعه على الكرسيّ، ثمّ ساعد لي جاي على النهوض. في النهاية ، اضطرّت لي جاي إلى تغيير مكان جلوسها مرّة أخرى.
“خذ هذا أو احتفظ به.”
سلّم رودريك سترة جايد العسكريّة إليه، وأشار برأسه بأن يغادر. وبعد أن رحل جايد وهو يحيّي، حدّق الملك في لي جاي.
كان صوته حادًا بعض الشيء: “هل تستمتعين بالتسلّل خلف ظهر زوجك للقاء رجال آخرين؟”
ضحكت لي جاي ، فبدت تعابير الملك أكثر استياءً.
“لمَ تضحكين؟ أنا جادّ”
“رودريك، تقول أشياء غريبة مرّة أخرى. تعلم جيّدًا أنّ الأمر ليس كذلك.”
صمت الملك للحظة، ثمّ تنهّد وهزّ رأسه.
“أمر عجيب حقًا.”
“ما الذي تقصده؟”
“حتّى في هذا الموقف، يكفي أن تناديني باسمي لأشعر بالسعادة.”
ومع ذلك، لا يزال الملك يشعر بشيء غير مريح، فلم يستطع إلّا أن يسأل مرّة أخرى. لم يرد أن يبدو كأنّه يستجوبها ، لكن رؤية زوجته تجلس وتهمس مع آخر لم تكن ممتعة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 128"