أنهى الملك و لي جاي يومهما الاستثنائي بالاستراحة في غرفة الضيوف. جلست لي جاي على السرير ، مستندةً بذقنها إلى إطار النافذة ، تتأمّل الحديقة.
تبدّل مكان النوم جعلها تشعر و كأنّها في نزهة.
و كأنّها خرجت في رحلة فعلًا.
رسمت لي جاي ابتسامةً على وجهها ، أمّا الملك فكان يبدو عابسًا ومتجهمًا للغاية.
“جلالة الملك، لا عجب أنّ السلطة مغرية … الجميع يتلهّف لإيوائك أينما ذهبت.”
كان كلامها يبدو بريئًا ومشرقًا.
رمق الملك مؤخرة رأسها المستديرة بصمت ، ثم تنهّد.
“يا لطيبة قلب زوجتي …”
تظاهرت لي جاي بعدم السمع واستمرّت في تأمّل الخارج.
سألها الملك بنبرة ممتعضة:
“ألن تسأليني عمّا أقصده؟”
“لقد كنتَ عابسًا للغاية قبل قليل، أتظنّ أنّني لم ألاحظ؟”
“لو أنّ الآخرين يفهمونني كما تفعلين أنتِ …”
ضحكت دون أن تُجيب ، مما زاد من تذمّره.
ثم قال لها معاتبًا: “و لِمَ تردّين على أسئلتهم واحدًا تلو الآخر؟ لا تفعلي ذلك حتى أثناء اللقاءات الرسمية”
“جلالتك، فكّر بها كتكلفة الطعام و المبيت. عمومًا ، حين أقرأ المستقبل للناس، من الأفضل أن آخذ شيئًا بالمقابل … فهذا يحميني لاحقًا.”
“أظنّكِ عكستِ العلاقة بين السبب و النتيجة. هل طلب أحدٌ أن نبيت هنا؟”
“رودريك ، لا تدقّق في الأمور كثيرًا. أنت تعلم أنّني لا أتكلم عن أشياء ترهقني.”
حين نادت لي جاي اسمه بنعومة ، صمت الملك للحظة.
في الآونة الأخيرة ، لم يكن هناك نمط ثابت في الطريقة التي تناديه بها.
حين يكون هناك حضور ، تناديه غالبًا بـ”جلالتك” ، أمّا حينما ترغب ، فلا تتردّد في مناداته باسمه.
و على العكس ، تحاول أن تناديه باسمه في السرير ، و لكن أحيانًا تقول “جلالتك” من باب العادة.
لكن المؤكّد أنّ كلّ مرّة تناديه باسمه ، ترتسم ابتسامة طفيفة على شفتيه.
و كان الملك يعترف بذلك صراحة. لو أنها نادته رودريك عشر مرّات متتالية ، سيبقى سعيدًا لأسبوع كامل.
اقترب منها بلطف ، و أزاحها عن النافذة ، و أسند رأسها إلى ذراعه ، و راح يربّت على شعرها.
ثم خطر له سؤال فسأله: “هل إذا لم تأخذي شيئًا بالمقابل … تحدث لكِ مشاكل لاحقًا؟”
“همم ، فقط إن كانت الرؤية شاقّة. هل رأيت ما جرى لإلياس و شميدت؟ أحيانًا يكون من الأفضل أن أفرض ثمنًا ، حتى لا أقع في عواقب وخيمة لاحقًا. إن حصلتُ على مقابل ، تصبح العملية بمثابة صفقة. أي إنّني كنت أملك مبررًا لتجاوز الحد”
تمكّن من فهم المعنى العام من حديثها.
لكنّه لم يستطع تجاوز فكرة واحدة.
فإن فكّر بالأمر من ذلك المنظور ، فإنّ الشخص الذي بذلت من أجله لي جاي أقصى ما تملك … كان هو الملك نفسه.
“أعلم أنّ كلامي قد يكون محرجًا ، لكن … أظنّني لم أعطكِ شيئًا من قبل.”
تماثيل، أساور خشبيّة من مسابقة الصيد، تمائم، صلوات …
كان يتلقّى كلّ شيء منها دون أن يعرف ماهيّته، ولم يعلم بوجود ذلك العرف الخفي إلّا لاحقًا.
ضحكت لي جاي ضحكة ناعمة على كلماته.
فهي أيضًا كانت تظنّ سابقًا أنّها تطرد الأرواح له دون أجر.
يا لضيق أفقها آنذاك.
لم يكن هناك من قدّم لها مشاعر ثمينة بقدر رودريك ، ولا أحدٌ عرف قيمتها كما فعل هو.
“أنا تلقيت من رودريك أثمن ما يمكن الحصول عليه … شيئًا لا يستطيع الآخرون منحي إيّاه”
“ما هو؟”
ضحكت فقط، قائلة إنّ من الصعب التعبير عنه بالكلمات.
ظلّ رودريك متسائلًا، لكنه لم يلحّ بالسؤال أكثر، فقط لأن زوجته كانت تبتسم بذلك الجمال.
راح يستمتع بابتسامتها والطاقة المشرقة التي انبعثت منها.
“زوجتي.”
“نعم؟”
“هل نلعب معًا هذه الليلة؟”
لكن ابتسامة لي جاي تلاشت ، و علت ملامحها الخجل.
ثم همست: “في بيت غيرنا؟ أيّ حديثٍ هذا؟”
“… غير لائق؟”
“نعم. أظنّه كذلك.”
كان رودريك يتساءل في نفسه: لماذا ينبغي على الملك و الملكة أن يقلقا من هذا أصلًا؟
فالخادمات سيقمن بالتنظيف على أيّ حال.
لكن لي جاي لم تكن ترتاح حتّى لتلك النقطة ، و كان الملك بدوره لا يريد علاقة لا تستمتع بها زوجته.
قدّم اقتراحًا بديلًا: “حسنًا. إن لم ترغبي، فلا بأس. دعينا نكتفي بقبلة.”
ضحكت لي جاي قليلًا ثم قبلته بلطف.
لكن، لا يُدرى متى بالضبط، وجدت لي جاي نفسها مستلقية على ظهرها، بينما كان رودريك مستندًا إلى يده.
كان دائمًا حريصًا ألّا يضغط عليها بجسده.
جسدها صغير جدًا، وكانت أحيانًا تشتكي من ثقل ساقه إن ألقاها عليها.
وأثناء تقبيله المتلهف، اكتشف أنّه كان يضغط على كتفها مرّة أخرى.
فأدخل يده تحت ظهرها، وقلب جسدهما بهدوء.
ثم تشابكت أرجلهما، ليخلق مساحة بينهما.
احتضن خصرها بإحدى يديه، واستمرّ في تبادل القبلات، بينما اليد الأخرى راحت تنزلق بلطف على جسدها.
لكن حينما أخيرًا امتدّت يده لملابسها …
تنبهت لي جاي فجأة.
وضعت كفّيها على كتفيه محاولة النهوض.
شعر بحركتها، فطوّق رأسها، لكن حين بدأت تصدر منها أصوات مختنقة، حرّرها فورًا.
تدحرجت من فوقه إلى جانبه.
وراح جسدها الصغير يرتجف من شدّة اللهاث.
“أنا آسفة … لكن يجب أن نتوقف … أشعر أنّني لن أتمكن من المقاومة إن استمررنا.”
نظر رودريك إلى زوجته المنكمشة، وأخذ يلمس كتفها.
كان يعلم أنّه يجب أن يتوقف.
الإشارة كانت واضحة جدًّا.
لكنّه سأل بتجاهل متعمّد: “أنا؟ ماذا فعلت؟”
“…لا، هاه … أقصد أنا … جلالتك لا أنا.”
شعر رودريك بصدمة حادّة، وكأنّ دمه تدفّق فجأة إلى رأسه.
ما الذي يفترض أن يفعله الآن؟
بعد برهة من الصمت، ضغط بخفّة على كتفها ليجعلها تستلقي مجددًا.
ثم نظر في عينيها الدائريّتين.
“زوجتي الذكيّة، لماذا تفعلين هذا أحيانًا؟”
“حقًّا لا تفهم؟ حين أقول ذلك ، يصبح من الأصعب عليّ أن أتوقف”
هي تعطيه كل شيء … و مع ذلك ، لا يزال يتوق إليها كلّ مرّة و كأنّها المرّة الأولى.
نظر إليها بعينين مشبعتين بالحيرة.
لكنّه سرعان ما مسح شعره بغضب و غطّاها بالبطّانية.
لم تخرج لي جاي من تحت الغطاء إلّا بعد وقت طويل.
وحين أزاحت طرفها قليلًا، وجدت رودريك يحدّق إليها وهو مسنِد ذقنه.
كأنّه كان ينتظرها لتظهر.
“زوجتي، كان علينا النوم في السكن الملكي.”
“وما زلت على نفس القرار؟”
“أنتِ ستدفعينني للجنون.”
رغم نبرة الأسى، إلّا أنّ لي جاي سحبت الغطاء حتى رقبتها.
فقد اختفى البريق العنيف من عينيه، وحلّ مكانه دفء حنون.
سألها رودريك: “أين نذهب غدًا؟”
لم تجبه فورًا. بدت مصدومة قليلًا.
‘نذهب مجددًا؟’
تساءلت في نفسها.
ثم قرّرت أن تسأله عن شيء راودها أثناء العشاء:
“جلالتك، هل خرجت لمراقبة تحركات النبلاء؟”
“هاه؟”
“أم أنّك تحاول تجميع قوّة قبل الشروع في عملٍ ما؟”
أغلق رودريك فمه لحظة.
‘يا لها من حادّة الذكاء …’
ففي الحقيقة، جزء من دافعه للمشاركة في هذا العشاء كان كما توقعت.
فمنذ انهيار معسكر معارضي الملك ، تغيّر ميزان القوى بسرعة في مجتمع نبلاء كايين.
وجذب أكبر عدد منهم إلى جانب العرش لم يكن خيارًا سيئًا.
لكنّ السبب الحقيقي لخروجه لم يكن ذلك.
“كان لذلك دورٌ جزئي … لكنّ السبب الرئيسي …”
“ما هو؟”
“أنتِ. ظننتُ أنّك تحبين هذا النوع من الرحلات.”
“أنا؟”
“نعم. ألم تقولي ذلك من قبل؟”
تجهّمت لي جاي لحظة ثم تذكّرت.
“آه … إذًا لهذا تقترح الخروج كثيرًا مؤخرًا؟”
هي فعلًا تحدّثت عن الرغبة في الخروج من القصر عدّة مرّات.
سواء لزيارة المعبد، أو الضفاف، أو حتى للهروب المؤقت.
رغم أنّ لكل مرّة مبررًا خاصًّا.
“هل أثّرت فيك كلمتي لتلك الدرجة؟”
“أنا أنصت لكلّ ما تقولينه”
ضحكت لي جاي و أومأت برأسها.
في الحقيقة، كانت تلك رغبة قديمة في نفسها.
ربّما لأنّها شعرت دائمًا أنّها لا تنتمي للمكان الذي توجد فيه.
لكن لم تعد كذلك.
فالراحة الآن بجانبها ، فلماذا تظلّ تائهة كالغبار؟
ثم شكرت رودريك لأنّه تذكّر تلك الكلمات العابرة.
“شكرًا لك، رودريك. لقد كان يومًا ممتعًا حقًّا.”
“أنا سعيد بذلك.”
“لكن … غدًا دعنا نعود للبيت”
“لماذا؟ ما زال لدي وقت”
بدا رودريك مستغربًا.
هل شعرت بالملل؟ هكذا ظنّ.
لكن حين نظرت إليه لي جاي و ضحكت ، اقتربت منه و همست بشفتيها فقط:
أريد أن نفعلها في البيت.
حين قرأ شفتيها ، توقّف للحظة ثم عقد حاجبيه بشدّة.
يا لهذه الصغيرة … بالكاد تمالكت نفسي ، و هي تستفزّني مجددًا.
“إن فقدتُ صوابي الآن، فلن تلوميني أبدًا.”
غطّى عينيه بذراعه و استلقى ، و كأنّه يحتاج إلى كلّ قدر ممكن من الصبر.
ضحكت لي جاي خفية ، محاوِلة كتم ابتسامتها.
هي تعلم أنّه لا ينبغي أن تستفزّه أكثر من ذلك …
لكنّه بدا ظريفًا و جذّابًا للغاية ، و لم تستطع المقاومة.
حاولت أن تبعد ذراعه ، و لكن بالطبع لم تفلح.
“اتركيني.”
“لا.”
“أزيحي يدك. قد أؤذيكِ دون قصد”
“إذًا ، رودريك ، أنتَ أزِح يدك”
في العادة، يرضخ بهدوء في مثل هذه الجدالات الصغيرة …
لكن هذه المرّة ، لم يتحرّك.
هل انزعج؟ هل بالغتُ؟ تساءلت و هي تراقب تعابير وجهه.
كادت تنفجر ضاحكة مجددًا ، لكن رودريك كان جادًّا تمامًا.
“إيّاكِ أن تنكري ما وعدتِ به غدًا”
لكن لم يصل إليه أيّ ردّ.
ظلّ ينتظر ، و لم يتلقَّ جوابًا.
حينها بدأ يضحك بسخرية …
وصل به الأمر إلى الجنون من شدّة قهره.
فجأة، نهض من مكانه، ودفع لي جاي بلطف إلى السرير.
وحين همّت بالهرب ، أمسك بمعصمها و سجنه في قبضته.
“زوجتي … لصبر الزوج حدود.”
“آه! حسناً! توقّف أرجوك!”
صرخت بيأس، لكنّه لم يلتفت لها.
هزّ رأسه بإصرار، وقال: “لا … لا تدرين ماذا فعلتِ للتوّ. هذه الثعلبة … جعلتني أرجوها، ثم تتهرّب؟”
راح يُقبّل وجهها من كلّ الجهات، بينما يده الأخرى تدغدغ جسدها.
وفي تلك الليلة المتأخّرة، عمّت ضحكات الملك والملكة أنحاء قصر الماركيز.
فتح الخدم أعينهم بدهشة، وتجنّب الحرس أعين بعضهم بحرج.
لكن تلك الضحكات لم تهدأ ، حتى مع اشتداد الليل و سطوع القمر.
هكذا انتهت الرحلة القصيرة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 126"