“آه ، لا ، أبدًا. هذا شرف عظيم فعلًا. فقط لم أكن أظنّ أنّكما ستتشرفان بالمجيء … جلالتك ، لقد ارتكبتُ الكثير من الأخطاء في السابق …”
كان اعتذارًا ضمنيًّا يحمل دلالات سياسيّة.
و لذا ، أجابه الملك بدوره بكلمات ذات مغزى: “ليس عليك ذنب”
“أعتذر …”
“لكن، لا يبدو أنّك فعلتَ شيئًا حسنًا أيضًا.”
عندما بدأ وجه الماركيز يَشحب ، نظرت لي جاي إلى الملك كما لو أنّها تُعطيه إشارة: ‘إن كنتَ ستفعل هذا ، فلماذا لم تذهب مباشرة إلى المسكن الملكيّ؟ لماذا قبلتَ دعوته إذن؟’
في الواقع، لم يكن الماركيز يبدو كرجلٍ عليه خطايا ثقيلة.
لكن بينما كان رودريك يبادلها النظرات، خطرت في ذهنه فجأة خطّة جديدة: ‘من الآن فصاعدًا، يجب أن أقوم بجولات تفقديّة في الأراضي برفقة الملكة من وقتٍ لآخر.’
ضحك رودريك قليلًا، ثم قال:
“كنتُ أمزح فقط.”
“لم نأتِ لغايةٍ كبيرة. فلنكتفِ بالعشاء فحسب.”
رغم أنّ البداية كانت مشاكسة نوعًا ما ،
إلّا أنّ العشاء مضى بسلاسة بعد ذلك.
فقد تبادلت لي جاي و زوجة الماركيز بعض الأحاديث اللطيفة عن أحوالهما.
لكن بعد بضع كلمات ، صمتت لي جاي وركّزت على تناول الطعام.
فقد بدأ الملك والماركيز الحديث عن أحوال الإقليم و السياسة، ولم تكن راغبة في التدخّل أو إفساد النقاش.
لكنّ الملك بدا وكأنّه شديد الانتباه لها.
فقد كان يرمقها بين الحين والآخر أثناء حديثه مع الماركيز.
وفي النهاية، لم يستطع كبح عادته المتأصّلة، فقال لها:
“زوجتي، جرّبي هذا. أظنّ أنّه يناسب ذوقكِ”
“حسنًا.”
“وهذا أيضًا.”
“نعم، سأفعل.”
“ليس حلوًا كما تتوقّعين.”
“…جلالتك ، فهمتُ. فقط أكمل حديثك”
همست لي جاي بهدوء، لكن لا أحد على الطاولة فاته ما قيل.
كانت تعابير وجه الماركيز غريبة بعض الشيء.
فهو لم يكن رجلًا جافًّا مع زوجته ، لكنّه لم يكن من النوع العاطفيّ علنًا أيضًا.
‘هل كان الملك دائمًا هكذا؟’
اعتاد الماركيز أن يرى رودريك غاضبًا ، صارمًا ، و نظرته الزرقاء باردة حادّة.
كان من المربك رؤيته يتصرّف بهذا الشكل.
لطالما كانت العلاقة بين الملك و الملكة موضوعًا مشوّقًا في أعين النبلاء.
فقد كانوا دائمًا يقلبون توقّعات المجتمع رأسًا على عقب.
و بات الحديث عن انسجامهما أمرًا مملًّا لتكراره.
حتى في أسوأ حالاته، كان الملك يصغي إلى رأي الملكة.
وكان معروفًا أيضًا أنّ وقوف الملكة إلى جانب الملك ساهم كثيرًا في حسم الحرب الأهليّة الأخيرة.
وقد راح المتطفّلون من الأرستقراطيّين يتكهّنون:
‘أليس من الممكن أن يُراعي الملك عائلة زوجته قليلًا؟’
لكنّ الملك أزاح آل دنكلن من السلطة بلا أيّ رحمة. و صادر ثروتهم أيضًا.
بل وهناك شائعات بأنّ والد الملكة، الذي انسحب من الساحة السياسيّة، أُصيب بالمرض.
بالنسبة إلى النبلاء الذين يتشابهون في نمط حياتهم، بدا الوضع لا يزال غامضًا ومعقّدًا.
ورغم ذلك، ظلّ الملك والملكة يبدوان قريبين من بعضهما بشدّة.
وكأنّه لا يهمّ ما يقوله الناس أو ما يحدث من حولهم ، طالما هما معًا.
من جهة أخرى، كانت زوجة الماركيز معجبة بتفاصيل أكثر دقّة.
فقد أدركت بسرعة أنّ الملك لم يكن يقدّم الطعام للملكة عبثًا.
بل كان يعرف تمامًا ذوقها في الطعام، وهذا بدا واضحًا للغاية.
كانت ملاحظتها أدقّ من زوجها ، لكنّ استنتاجها كان مشابهًا:
‘جلالته أكثر رقةً ممّا تقول الشائعات.’
ولم تتوقّف الأمور الغريبة بالنسبة إلى الزوجين بعد ذلك.
فقد أراد الماركيز تحسين الجوّ ، فأحضر نبيذًا نادرًا كان يحتفظ به.
قد لا يرضي الملك ، لكن قلّة من العائلات النبيلة في كايين تمتلك ما يليق بمقامه.
“جلالتك، أخجل من قِلّة ما أستطيع تقديمه. أرجو المعذرة”
لم يكن الملك يهتمّ كثيرًا لنوع الشراب الذي يُقدَّم.
فقد كان يراقب خدمه وهم يتفحّصون النبيذ الأحمر، ثم قال:
“دعونا نشرب نحن فقط. فالملكة لا تتحمّل الخمر كثيرًا”
عندها هزّت لي جاي رأسها و قالت:
“لا بأس ببضع رشفات.”
“توقّفي … لا تجهدي نفسكِ.”
“قلتُ إنّها كمية بسيطة، لا بأس بها.”
رغم لهجتها الهادئة، شعر الملك وحده أنّها تنفعل قليلًا، فضحك قائلًا: “زوجتي، لا داعي لبذل هذا الجهد في أمرٍ كهذا.”
“………”
“ألا تذكرين آخر مرّة مرضتِ بسبب هذا؟”
مدّ الملك يده ليمرّر أصابعه على خصلات شعرها المشمشيّ اللون.
كانت عادة يفعلها دون تفكير.
وفي النهاية، لم يعد بإمكان زوجة الماركيز تجاهل ما تراه، فقالت: “جلالتك تعرف جلالة الملكة جيّدًا، أليس كذلك؟ لا بدّ أنّ جلالتها سعيدة بذلك.”
فأجاب الملك بدلًا من لي جاي ، التي شعرت بالحرج:
“كنتُ أرغب في معرفة الملكة أكثر، لذا أجريتُ بعض الأبحاث عنها.”
“………”
“أعني أنّني بذلت جهدًا بدوري. فلكسب قلب أحدهم ، أليس من الطبيعي أن يبذل المرء هذا القدر من الجهد؟”
ربّما كان السبب الأصليّ لذلك ‘البحث’ مُجمَّلًا قليلًا ، لكنّ كلامه الآن بدا صادقًا و صريحًا أمام الجميع.
واستمرّ الجوّ المريح في السيطرة على الطاولة. إذ بدت الملكة في مزاجٍ جيّد ، ما جعل الملك يبدو مرتاحًا جدًّا.
لكن مع اقتراب نهاية الجلسة ، رفع الملك حاجبه قليلًا.
فقد سألت زوجة الماركيز لي جاي سؤالًا غريبًا:
“على كلّ حال، جلالة الملكة … هل سأخسر شيئًا من هذه الصفقة؟ سيكون رائعًا إن كسبتُ شيئًا بالمقابل”
بدأت ملامح الملك تتغيّر و تعبس.
فهذا النوع من الحديث يُعتبر محرّمًا تقريبًا أمام الملك.
وكان يعلم أنّ لي جاي تُرهق نفسها كلّما اضطُرّت إلى الردّ على أسئلة كهذه.
والآن، بعد أن أزعجت وقت استراحتها، وأرادت إشراكها في شؤون العمل، بدأ يشعر بالضيق.
“هل هذه مقابلة رسميّة؟”
سأل الملك بنبرة حادّة قليلًا ، و كاد الجوّ أن يبرد.
لكن لي جاي أمسكت بيد الملك تحت الطاولة، وأجابت بابتسامة: “لن يحدث شيءٌ سيّء … لكن في الحقيقة، ألّا يحدث شيء هو أفضل ما يمكن أن يحدث.”
كانت إجابة شخصٍ بلغ ذروة التجلّي.
والملك، الذي رأى ابتسامتها، لم يشأ أن يُفسد مزاجها، فصمت.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 125"