─────────────────────
🪻الفصل الثامن🪻
─────────────────────
على الرغم من أنني لم أرَ سحنته، إلا أن مشاعر الذهول والدهشة كانت تنبعثُ منه وكأنها محسوسة.
على أية حال، بهذا قد حققتُ غايتي المرجوّة، وهي وضع حدّ لوعظه العنيف.
اغتنمتُ الفرصة الوجيزة لأُعملَ الفكر وأُجهد عقلي.
‘فلأتفكّر مليًا.’
مهما كان الحدث الاستثنائي الذي طرأ، فإن هذه ليست “لعبة نجاة”، بل “محاكاة رومانسية”. ألا ينبغي أن تتوافر فيها إشاراتٌ أو استراتيجيات محددة للعب؟
‘آه!’
استحضرتُ شيئًا في ذهني، فرفعتُ ذقني بتصنّع، ورسمتُ على وجهي تعابير التيه والعظمة قدر الإمكان.
“لقد بدأتَ بتوجيه إصبع الاتهام فجأة، و، وصرختَ بصوتٍ مزمجر في البداية.”
“…”
“أليس كذلك، أيها اللورد؟”
العينُ بالعين، والسنّ بالسن.
إذا كان هذا العالم، وفقًا لخلفيته السردية، مجتمعًا متشددًا لا يمكن فيه مجرد التفكير في نزع الرتبة والمواجهة، فـ…
‘أنا لستُ من يُنال منها.’
عندما ظهرتُ بهذا القدر من التحدّي والجرأة، تحوّل المستشار هذه المرة إلى أبكمَ التهمه الصمت.
بدا أنه ارتبكَ لكوني لم أنكمش أو أخضع له.
“ولكن!”
تفحّصتُ تعابير وجهه مرة أخرى.
فليس من الضروري أن أُعاديه فورًا إذا كان حقًا يشغل منصب “الحمَاة الصارمة” الذي يظهر عادةً في أي قصة رومانسية.
“كح كح”، بعد سعال خفيف، خفّفتُ نبرتي بلطف.
“لقد أدركتُ مغزى نواياكَ أيها اللورد. ومن الآن فصاعدًا، سأعمل وفقًا لنصيحتك، وسأرفع صدري بشموخ! وسألتزم بالسلوك المشرّف… بصفتي خطيبة سُموّ الدوق إدوين بيلموند.”
وهي ما تُعرف بـ استراتيجية “أنا حبيبةُ رئيسكَ الأعلى”.
لا أعلم، في الحقيقة لا توجد مثل هذه الاستراتيجية، فقد اختلقتها للتو، لكنها أثمرت، إذ تراجع المستشار إلى الخلف بتردّد أكبر.
ثم سألني، متظاهرًا بفرك عينيه تعجبًا:
“أأنتِ، أقصد… سُموّكِ؟”
بينما كان هو يُظهر ارتباكًا بيّنًا بعد أن أصبح سلوكه أكثر تأنّقًا ورزانةً، تدخلت رئيسة الخدم التي كانت تقف بجوارنا مضطربة في توقيتٍ مثالي.
“بـ، بالطبع أيها اللورد. هذه الآنسة هي ناديا ويندسور، خطيبة سُموّ الدوق.”
“لكن جميع ‘الخطيبات’ السابقات…”
انقطع كلام المستشار الذي كانت تكسوه علامات الاستياء والامتعاض، ثم ساد الصمت.
ماذا كان يوشك أن يقول؟
بينما كنتُ أنتظر بهدوء تتمة كلامه، غيّر موقفه فجأة.
“لقد بلغني أن خطيبة سُموّ الدوق الجديدة ستزور القصر، لكنني لم أكن أعلم أنها سُموّكِ. لقد ارتكبتُ خطأً في حقّكِ.”
بدأ المستشار يمسح نظره على وجهي بتمعّن.
أما أنا، فقد اعتدتُ على الوضع لدرجة أنني لم أعد أشعر بأي نفور من رؤية الثقب الأسود يحلّق بالقرب مني.
لكنني شعرتُ بعداءٍ مبهم. ربما لأنه بالفعل يشغل منصب “الحمَاة الصارمة” في هذه اللعبة؟
“أنا ◆◆، مستشار سُموّ الدوق بيلموند. أرجو أن تغفري لي سوء تصرّفي.”
“لا بأس، الأمر مقبول.”
“تلك الإشارة باليد…”
عندما لوّحتُ بيدي هكذا وهكذا، بدأ جسد المستشار يرتعش مجددًا.
حسناً، يبدو أن الإجراءات المخالفة لما ورد في كتاب “آداب السلوك النبيلة” الذي يحمله باعتزاز هي ما يثير حنقه.
يا له من شخص مفرط في الحساسية!
أنزلتُ يدي بسرعة، وشبكتُهما أمام أسفل البطن، ثم سارعتُ بتحويل الانتباه.
“آهههاا! أنا آسفة. سأجتهد في الدراسة من الآن فصاعدًا.”
“…”
“بـ، بصدق أتحدّث…”
“آه، لا بأس. لدي عملٌ طارئ، إذن إلى لقاء آخر.”
ظل المستشار يحدّق بي صامتًا لبرهة، ثم التقط كتابه الساقط، وأومأ برأسه بتعبير مضطرب وغير مرتاح.
بعدها، بينما كنتُ أراقب ظهره وهو يختفي بوقار وشموخ، تنهّدتُ في سرّي بارتياح.
‘كِدتُ أُسجَّل خروجًا إجباريًا من اللعبة.’
‘لا يمكن إلغاء الشخصية، هذا ممنوع حتمًا.’
* * *
خيم توترٌ غريب على غرفة الطعام.
لم تُحدِث الخادمات أي ضجيج كما في المرة السابقة، ولم يتمكن رئيس الطهاة من إخفاء توتره، واضعًا قبعته جانبًا.
لو أن الشركة المطوّرة للعبة كانت قد أصلحت عيوب وجهه، لربما رأيناه الآن يغرق في سيل من العرق البارد.
“همم.”
أمامي كان طبقٌ مغطّى بغشاء سميك.
كان الطعام يتصاعد منه البخار، وتفوح منه رائحة تستدرج اللعاب من فرط شهيّتها.
“أُعدّ هذا الطبق بصلصة سرية تتوارثها عائلة بيلموند لأكفأ الطهاة فقط. عند تناوله مع النبيذ الأحمر الداكن ذي النكهة المدخّنة، ستجدينَ متعة أكبر.”
انتهى الطاهي من شرحه، وأزال الغطاء بيدين مرتعشتين.
عندما زال الغطاء النحاسي، ظهرت قطعة لحم وكأنها نبتةُ ماندراكورا مُعذّبة خرجت من غياهب الجحيم، موضوعةً فوق زيت لا تزالُ تظهر عليه فقاعات حرارية.
وبعد ذلك…
“أمممم…”
بصراحة، كنت أتمنى أن يُقدَّم لي هذه المرة طعام مُستساغ.
لم يسعني إلا أن أتمتم متأفّفة عندما واجهتُ حقيقة الطبق.
أليس من الغريب ألا يراه الطاهي؟
“هل هو أعمى حقًا؟ هل هذا خطأٌ في تطوير اللعبة؟”
أو ربما تعمّدوا وضع هذا الخلل لإنشاء مهمةٍ خاصة بالطاهي الذي لا يرى جيدًا؟
بدأتُ أشكّ في الثقب الذي يعتلي وجه الطاهي.
بالتأكيد، بما أنه لا يملك عيونًا ولا أنفًا ولا فمًا، فمن المستحيل معرفة ما إذا كانت أعضاؤه تعمل أم لا.
هل هو مجرد خطأ في تنفيذ الرسومات؟
“ما الذي يُقلقكِ يا آنسة؟”
“لا شيء… هل أنتَ لا ترى جيدًا؟”
“ماذا؟”
نظرتُ إلى الطاهي بسؤالٍ يحمل معنى “هل تتحدث بجدية؟”، لكنه لم يلحظ أي شيء غريب.
“هنا، أقصد هذا الشيء الدخيل.”
في نهاية المطاف، رفعتُ طقم أسنان صناعي كان يبرز بوضوح في زاوية من الطبق بإصبعي.
لم تكن مزحة، كان طقم أسنان حقيقيًا.
“يا لهول المصيبة! ياااا ربّـــاه!”
عند رؤية ذلك، شَهَقَ الطاهي فزعًا، ثم غطّى رأسه وبدأ يتململ بعنف.
“لا، لا يمكن! كيف حدث هذا! لقد تفحّصتُه بدقة مرارًا وتكرارًا…! فعلتُ ذلك!”
سقط.
ركع على الأرض، لأنه لم ينجح في إطعامه لي اليوم أيضًا.
لم يَرُق لي منظره.
كان واضحًا أن الأمر لم يكن متعمدًا.
“يا للعجب، لا تُحبط نفسك كثيرًا. قد يرتكبُ أي شخص خطأ.”
لكن تعزيتي لم تؤثر في الطاهي الذي خاب أمله في نفسه.
“أخ، أخ، لم أكن أعلم أنني سأرتكب حماقة كهذه…! أنا شخصٌ مثير للشفقة!”
“لا تقل هذا! رُبما، عيناك… لا، ألا يمكنكَ الرؤية بوضوح؟”
“أنا فاشل!”
رفع رأسه فجأة وصرخ:
“أعتذر منكِ بشدة، يا آنسة ويندسور. إذا منحتني فرصة أخرى، فسأصلح الأمر في الحال…!”
“ربّـــاه! لا بأس! ما هذا الذي تقوله…”
إنه يقول شيئًا قد يتسبب في كارثة.
ابتسمتُ ابتسامةً حانية متظاهرة بالرحمة، وهززتُ رأسي للطاهي بلطف.
“لقد كنتُ أعاني من الأرق مؤخرًا، لذلك لا أملك شهية…”
‘بالطبع، كانت هذه أكذوبة.’
“لـ، لكنكِ لم تتناولي شيئًا منذ عدة أيام…”
“لا، أنا آكل جيدًا.”
في تلك اللحظة، سكن الهواء في الغرفة.
وفي الوقت نفسه، ركّزت جميع الشخصيات غير القابلة للعب أنظارها عليّ.
في الصمت الذي يكاد يُسمَع فيه هويّ السقوط، فتح الطاهي فمه بحذر:
“أين… وماذا تتناولين؟ يتمّ تقديم الوجبات في قصر الدوق بيلموند في غرفة الطعام هذه فقط.”
كانت نبرته مُتشكّكة ومُتحفّظة.
[تحذير! قد يؤدّي الكشف عن أيّ معلوماتٍ متعلقة بنظام اللعبة إلى حدوث أخطاءٍ برمجيةٍ فادحة!]
ظهرت نافذة التحذير كما لو كانت تنتظر. أدركتُ أنني زللتُ لساني، فسارعتُ بإضافة تتمة لجملتي:
“الـ، الحبّ…”
… لكن للأسف، مهاراتي في الارتجال لم تكن جيدة.
“…”
“أنا أتغذّى على الحبّ الوفير… من سموّ الدوق.”
أُدينُ لساني الذي نطق بهذه الكذبة التي لا تُصدَّق.
بسبب ارتباكي، أطلقتُ كلامًا مُتطرّفًا، فحاولتُ تجنّب نظرات الشخصيات غير القابلة للعب وهمست:
“هناك مشاعرُ مُتبادلة… هاها.”
…….
تجرّعتُ ريقي بتوتر، وأدرتُ عينيّ نحو الطاهي الذي ظل جامدًا بلا حراك.
بعد فترة صمت لم يفهم أحد مغزاها، قال الطاهي:
“أوه، يا للعجب.”
“… حقًا؟”
“بالفعل، إن سموّ الدوق عظيمٌ ولا يُضاهى.”
غيّر موقفه وأومأ برأسه ببهجة.
لا، أليس من المبالغة الفادحة أن يصدّقوا حتى هذا؟
كان من الواضح أن هناك مشكلة خطيرة في خوارزمية تفاعل الشخصيات غير القابلة للعب.
أو ربما لم يتم تطبيق خوارزمية السلوك نفسها بشكل صحيح.
‘أ، لحظة واحدة.’
إذا كان الأمر كذلك، فربما يرجع إحضار الطعام غير القابل للأكل إلى سوء صيانة اللعبة؟
‘بصراحة، سيكون غريبًا أن أرفض الطعام في كل مرة.’
لكن حتى لو كان خطأ، لم أستطع أن أضع في فمي طعامًا يبدو في الواقع كشعر الإنسان.
بعد تفكير قصير، تذكرتُ أن هذا العالم هو في الأساس “واقع افتراضي” متطور للغاية.
‘بغض النظر عن الإبلاغ عن الأخطاء لاحقًا، محاولة إجراء تجارب مختلفة بنفسي قد تكون في صالح تقدم اللعب؟’
عندما وصل تفكيري إلى هذا الحد، طرحتُ السؤال فجأة:
“يا رئيس الطهاة.”
“نعم، يا آنسة ويندسور.”
“هل يمكن أن تخبرني… من أين تُحضر المكونات الغذائية؟”
عاد الصمت ليُطبق على المكان مجددًا، صمتٌ ميتٌ يخلو من أي صوت.
─────────────────────
🪻شروحــات🪻
نبتة الماندراكورا:
أو (اليبروح) هي جنس من النباتات الباذنجانية ترتبط بجذورها التي تشبه جسم الإنسان ويُقال إنها تصدر صوتًا عند اقتلاعها. اشتهرت النبتة في الأساطير القديمة لقدراتها السحرية والعلاجية المزعومة، كما استخدمت تقليديًا كمخدر قوي في العمليات الجراحية. علميًا، تحتوي على قلويدات قوية لها تأثير على الجهاز العصبي المركزي، ويمكن أن تكون سامة جدًا.
─────────────────────
لا تنسوا الضغط على النجمة أسفل الفصل ⭐ وترك تعليق لطيف 💬✨
حســاب الواتبــــاد:
أساسي: Satora_g
احتياطي: Satora_v
انستــا: Satora_v
───────────────
قوة الأرواح والقلوب ذكر الله علاّم الغيوب 🌱:
– سُبْحَانَ اللَّه 🪻
- الحَمد لله 🪻
- لا إله إلا الله 🪻
- الله أكبر 🪻
- لا حَول و لا قوة إلا بالله 🪻
- أستغفِرُ الله الْعَلِيُّ الْعَظِيم وَأَتُوبُ إِلَيْهِ 🪻
– لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 🪻
– الْلَّهُم صَلِّ وَسَلِم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد 🪻
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 8"