6
─────────────────────
🪻الفصل السادس🪻
─────────────────────
فَتحتِ السيدةُ ■■■، رئيسةُ الخدمِ في قصرِ بيلموند، عينيها فجأةً كأنها استفاقت من حلمٍ عميق.
دقّ— دقّ— دقّ— دقّ—
أعلنت ساعةُ الحائطِ القديمة، الموشاةُ بخيوطِ العنكبوتِ المهترئة، تمامَ الساعةِ الرابعةِ فجرًا بدقةٍ متناهية.
ها قد أشرقَ يومٌ جديد.
نهضت ببطء، وجسدها يصدرُ أنينًا خفيفًا كألواحٍ خشبيةٍ عتيقة.
رغمَ إرهاقها، لم تكنِ الراحةُ خيارًا. كانت السيدةُ ■■■ رمزًا للإخلاصِ في خدمةِ قصرِ بيلموند.
شرفُ الانتماءِ إلى هذا البيتِ العريقِ كانَ بمثابةِ شعلةٍ تضيءُ دربها.
لو لم يكن لـ ‘ذلكَ الأمر’ لكانَ الوضعُ أكمل…
“همم؟”
ذلكَ الأمر؟ توقفت السيدةُ ■■■ لحظة، وألقت بنظرها نحوَ الحائط.
في مرآةٍ مشروخة، انعكسَ وجهها المجزأ، كأن حشدًا من الوجوهِ تجمعَ في إطارٍ واحد.
كما جرت العادة، لم يتغير شيء.
فستانها الأزرقُ الداكن، مشدودٌ برباطٍ أنيقٍ عندَ الذقن، ومئزرها الأبيضُ النقيُّ الخالي من أيِّ عيب، ومنديلُ رأسها الذي يحتجزُ كلَّ خصلةٍ في مكانها.
… وثقبٌ أسودُ قاتمٌ يحلُّ محلَّ ملامحِ وجهها.
‘لا عيبَ في الأمر.’
أدارت السيدة ■■■ رأسها بعيدًا عن المرآةِ بنعومة، واتجهت نحوَ القاعةِ الرئيسيةِ لقصرِ بيلموند.
كانتِ الممرات، المحروقةُ هنا وهناك، غارقةً في ظلامٍ كثيف. لكن السيدة ■■■ سارت بثباتٍ دونَ أدنى تردد.
حبالٌ غليظةٌ متدليةٌ من السقف، وستائرُ ممزقةُ الأطراف، وصوتُ ريحٍ مشؤومةٍ تعوي في الممراتِ الخالية، كلها كانت تخلقُ جوًّا كئيبًا.
لكن السيدةُ ■■■ لم تلحظ شيئًا، بل حيّت الخدمَ بأريحية.
“صباحُ الخير، أيها السادة.”
“صباحُ الخير، سيدة ■■■.”
في القاعةِ الرئيسية، تجمعَ الخدمُ بملابسهم الأنيقةِ المرتبةِ بعناية.
كانوا يلتقونَ كلَّ فجرٍ لتبادلِ التحياتِ قبلَ مباشرةِ أعمالهم.
صفقة! جذبت السيدةُ ■■■ الأنظارَ وهي واقفةٌ على الدرج، ورَفعت صوتها.
“اليومَ عيدُ ميلادِ الآنسةِ ▲▲. فلنحتفل به بقلوبٍ مفعمةٍ بالفرح.”
“عيدُ ميلادٍ سعيد، آنسةَ ▲▲.”
تَصفِيق، تَصفِيق، تَصفِيق.
رنَّ تصفيقٌ جافٌّ بلا نغمة، كأنه صدىً آلي.
أحنت الآنسةُ ▲▲ رأسها خجلًا تحتَ ثقلِ الأنظار، وقالت:
“شكرًا لكم. إن تلقّي التّهاني لصادقةَ من رفاقي يغمرني سرورًا.”
في تلكَ اللحظة، شعرت السيدةُ ■■■ بإحساسٍ غامضٍ بالتكرار.
كأنها، قبلَ أيام، أو ربما أمس، احتفلت بعيدِ ميلادٍ آخر.
جالت بنظرها على الخدمِ المجتمعين.
كان هناكَ ثقوبٌ سوداءُ لا تُحصى ترمقها بصمت. لكنها لم تستطع تحديدَ مصدرِ الخلل.
لا بدَّ أنه وهم. ابتلعت السيدة ■■■ شكوكها.
“… هيّا إلى أعمالكم. أتمنى لكم يومًا مباركًا.”
“يومًا مباركًا، سيدتي.”
تفرقَ الخدم، وانتقلت السيدةُ ■■■ إلى وجهتها.
‘أرجو أن أخدمَ الآنسةَ ويندسور اليومَ بما يرضيها.’
وهي تصعدُ الدرجَ الحلزونيَّ بتؤدة، تذكرت وجهَ ‘الخطيبةِ’ الجديدةِ التي وصلت قصرَ بيلموند قبلَ ثلاثةِ أيام.
كان شعرها الأبيضُ الناصعُ يبعثُ هالةً غريبة، كأنها كائنٌ من عالمٍ آخر.
لم تكن كالخطيباتِ السابقات اللواتي زُرنَ قصر بيلموند مراتٍ عديدةٍ من قبل… أم أنها لم تكن خطيبةً أصلًا؟ كيفَ تغيرت الأمور وأصبحت هي الخطيبة؟
خطرَ ببالِ السيدة ■■■ سؤالٌ غريب، لكنّها هزّت رأسها لتنفضَ الفكرة.
‘ستكونُ الآنسةُ ويندسور سيدةً عظيمةً لقصرِ بيلموند، وعليَّ بذلُ كلِّ جهدٍ لخدمتها.’
كانت السيدة ■■■ معجبةً بناديا ويندسور.
كانت الخطيباتُ السابقات مصدرَ إزعاجٍ لها، يصرخنَ ويتباهينَ بحركاتٍ متكلفة.
ولكن ناديا ويندسور؟ كانت هادئةً ومشرقةَ الروح. لا شكَّ أنَّ الدوقَ بيلموند سيُعجبُ بها.
تذكرت فجأةً الآنسةَ ▵▵▵، آخرَ من زارَ القصر.
أرادت تلكَ الفتاةُ إثباتَ ولائها للدوقيّة مهما كلّف الأمر، فعُثرَ عليها مشنوقةً في الغرفةِ ذاتها التي تقيمُ فيها الآنسة ويندسور الآن.
أسفت السيدةُ ■■■ على تضحيتها المتعجلة النّابعة من ولائها المفرط وعاطفتها، فأمرت بإزالةِ كلِّ حبلٍ قد يُستخدمُ لهذا الغرضِ من تلكَ الغرفة.
لكن الخطيبات، مهما اختلفت أزمنتهن وفتراتُ خطوبتهنّ، كنَّ يسعينَ لإثباتِ وجودهنَّ بضجيج، ثم يقدمنَ أرواحهنَّ للقصر في النهاية.
‘ليتَ الآنسةَ ويندسور لا تلقى هذا المصير.’
أنهت السيدة ■■■ أفكارها وهي تصلُ إلى غرفةِ ناديا، حينَ أشارت الساعةُ إلى الوقتِ المحدد.
كانَ البابُ مواربًا، وصوتٌ غريبٌ ينبعثُ من الداخل.
“هـوو، هــوو…”
ما هذا الصوت؟
تقدّمت خطوةً واقتربت.
“همم، كما هوَ مُتوقع، الرامن يتناسبُ مع الكيمباب المثلث جيدًا.”
رامِن؟ كيمبابٌ مُثلث؟
كان ذلكَ جديدًا عليها تمامًا.
شعرتِ السيدةُ بشيءٍ عريب، فدقّت البابَ بخفةٍ ودخلت غرفةَ ناديا بسرعة.
“…!”
فإذا بها ترى خطيبة السيّد تلتهمُ بشراهةٍ شيئًا غريبًا، خيوطًا صفراءَ متعرجةً تشبهُ المعكرونة.
* * *
“آه، أنا جائعة…”
هنا بدأَ كلُّ شيء.
لم أتصور أنَّ الجوعَ يمكنُ أن يكونَ بهذا العنف… ظننتُ أنني سأتحملُ الأمرَ بسهولة، لأنّني في واقعٍ افتراضي لكنني سُرعانَ ما أدركتُ حماقةَ ظنّي.
لم أتناول شيئًا طوالَ الأمس، فاستنفدتُ قواي.
مرَّ يومان، وها أنا أوشكُ على الهلاكِ جوعًا.
لكنني لا أستطيعُ تناولَ ما يُقدمُ هنا. القواعدُ صريحة: “لا يُنصحُ بتناولِ الطعامِ المُعدّ.”
ما الذي عليّ تناولُه إذن؟ تذمرتُ لنفسي دونَ جدوى.
لا يمكنني الصمودُ جائعةً إلى الأبد، لكن ما الذي يُفترض بي فعلهُ بحقّ…!
“آه.”
فجأة، خطرت لي فكرة.
… المتجرُ النقديّ.
‘كم أنا حمقاء!’
كيفَ نسيتُ أمرَ المتجر؟
فتحتُ القائمةَ بسرعة، وتصفحتُ الخيارات.
كانت القائمةُ لا نهائية، فوضويةَ الترتيب.
كتبتُ “طعام” في شريطِ البحث، فظهرت قائمةٌ مرتبة.
[رامن – 200 ماسة]
• رامن مطهوٌّ حسبَ ذوقِ المشتري، جاهزٌ للأكلِ فورًا.
[أرز – 100 ماسة]
• أرزٌ طازجٌ ساخن، بنضجٍ مثالي، يُزالُ وعاؤه تلقائيًا بعدَ الأكل.
※ إعادةُ التعبئة: 50 ماسة.
“هذا هو!”
شعرتُ أنَّ النورَ عادَ إلى روحي.
للاحتياط، تحققتُ من قسمِ المشروبات، فوجدتُ ما أريد بسرعة.
[قهوة يدوية فاخرة – 350 ماسة]
• قهوة مختارة ومحموصة بيدِ باريستا متوجٍ عالميًا.
※ القهوةُ المثلجة تُكلّف 50 ماسة إضافية.
آيس أمريكانو. ضرورةٌ لا غنى عنها لكلِّ عامل.
لماذا المثلجةُ أغلى؟ أليسَ هذا واقعيٌّ أكثرَ مما ينبغي؟
تصفحتُ المزيد حيثُ تواجدت العديدُ من الأطعمة المُختلفة.
[كولا مع شريحة ليمون – 50 ماسة]
※ يُوجد خيارٌ خالٍ من السكر.
[شوكولاتة فاخرة مصنوعةٍ يدويّة – 500 ماسة]
[كيمتشي (صحن صغير) – 50 ماسة]
[ساندويتش مثلثي – 50 ماسة]
※ نكهات: مايونيز التونة، مايونيز الدجاج، بيبيم جيونجو، لحم خنزير مقلي.
كانتِ الأسعارُ معقولةً نسبيًا، بما أنه طعامٌ يختفي بعدَ تناوله، مقارنةً بأصنافٍ أخرى متنوعة ذات ميزةٍ خاصة.
لكن الإسرافُ سيؤدي إلى نفادِ ماساتي.
‘الآن بعدما فكرتُ في الأمر، قيلَ إن هناك فرقًا بين الوقتِ في اللعبة والوقتِ في الواقع.’
بما أن يومًا في اللعبةِ يساوي ساعةً في الواقع، وأنا أملكُ إجازةً لمدةِ أسبوع، فيمكنني البقاءُ هنا ستةَ أشهر.
باختصارٍ شديد!
‘يجبُ أن أدّخر!’
لو أنفقتُ دونَ تخطيط، لربما سأضطرّ للبقاءِ بدون طعامٍ بقيّة اليوم.
بعدَ تفكير عميق، اخترتُ الرامنَ والكيمبابَ المُثلث.
[تم الشراء!
الماسُ المتبقّي: 9250]
ظهرت رسالةٌ مرحة، مصحوبةً بصوتِ “بوف!” ورائحةٍ شهية.
رامنٌ يفوحُ برائحةٍ حارة، وكيمبابٌ مثلثٌ دافئ.
كانت وجبةً كوريةً من متجرٍ صغير يعشقها الكوريّون.
“ليسَ سيئًا، إنّهم مثقفونَ على الأقل.”
حتى البيضُ كانَ مضافًا إلى الرّامن.
وبما أن الأمر قد وصل إلى هذا الحد، فقد طلبتُ أيضاً بعض الكيمتشي، واستمتعتُ بوجبةٍ مشبعة.
لكن…
“آنسة ويندسور؟”
صوتٌ مرتبكٌ رنَّ خلفي.
“ن، نعم؟”
─────────────────────
لا تنسوا الضغط على النجمة أسفل الفصل ⭐ وترك تعليق لطيف 💬✨
حســاب الواتبــــاد:
أساسي: Satora_g
احتياطي: Satora_v
انستــا: Satora_v
───────────────
قوة الأرواح والقلوب ذكر الله علاّم الغيوب 🌱:
– سُبْحَانَ اللَّه 🪻
- الحَمد لله 🪻
- لا إله إلا الله 🪻
- الله أكبر 🪻
- لا حَول و لا قوة إلا بالله 🪻
- أستغفِرُ الله الْعَلِيُّ الْعَظِيم وَأَتُوبُ إِلَيْهِ 🪻
– لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 🪻
– الْلَّهُم صَلِّ وَسَلِم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد 🪻
التعليقات لهذا الفصل " 6"