─────────────────────
🪻الفصل الثالث🪻
─────────────────────
لا، لم يكن مظهرهم مخادعًا. كانت أزياؤهم بالفعل تلك التي تليق بالخدم، ستراتٌ رسمية، وأرديةٌ مشدودة بعناية. لكن الرعب يكمن في وجوههم، أو بالأحرى، في المكان الذي كان يُفترض أن تكون فيه وجوههم. فجواتٌ سوداء كالهاوية، كأنها ثقوبٌ تمتص النور والمعنى، تحل محل العيون والأنوف والأفواه.
بشرةٌ شاحبة كالأقنعة الملتصقة، تخفي تحتها حركةً خفيةً متلوية، كأن شيئًا ما يتحرك في الفراغ… لكنه لا شيء. فراغٌ محض.
عندما التقى بصر ناديا بهذا المنظر المروّع، اجتاحتها قشعريرةٌ كأن الريح الباردة قد تسللت إلى عظامها، فتناهبها الخوف لحظةً. لكن هذا الشعور تبدد سريعًا.
‘لا عجب أنها غير مكتملة. ربما لأنها نسخة تجريبية؟’
كيف كنت أبلّغ عن الأخطاء، يا تُرى…
توقفت لتفكر، ثم قررت أن تؤجل الإبلاغ عن هذه الثغرات (؟) إلى ما بعد انتهاء التجربة، لتقدم تقريرًا رسميًا لشركة اللعبة. في الوقت الحالي، تجاوزت هذه الغرائب بعزمٍ متردّد.
بينما كانت ترتب أفكارها، اقتربت منها شخصيةٌ بدت كرئيسة الخادمات، خطواتها هادئة لكنها تحمل هيبةً خفية.
“هل أنتِ الآنسة ناديا ويندسور، خطيبةُ الدوق إدوين بيلموند؟”
كان الثقب الأسود في وجهها يحدقُ بها مباشرةً، كأن عينين غائبتين تستطيعان اختراق الروح. صوتها كان خاليًا من التنغيم، مسطحًا كسطح بحيرةٍ راكدة، يصعب استشفاف أي عاطفةٍ منه.
لكن المعنى كان جليًا، ناديا، بطريقةٍ ما، هي خطيبة الدوق.
‘لقد ذُكر أن اللعبة تحتوي على مساراتٍ متعددة. ربما هذا حدثٌ خاص بشخصيةٍ معينة.’
تساءلت، هل كان إدخالها في هذا المشهد يعود إلى تكرار أخطاء كهذه؟
أم أن وجودها هنا بحد ذاته هو الخطأ؟
همم لا أعلم، لا فائدة من التفكير الزائد!
بما أنها دخلت اللعبة، فمهمتها كلاعبة هي الانغماس في التجربة والاستمتاع بها. هكذا حسمت أمرها.
“الآنسة ويندسور؟”
“آه، نعم! نعم، أنا هي.”
أدركت أنها أطالت التفكير، فأومأت برأسها بسرعة، كأنها تحاول تعويض تأخرها. عندها، بدأت رئيسة الخادمات بالسير، مشيرةً إليها أن تتبعها.
“نحنُ مُمتنين لسلامتكِ. هيّا، تفضلي.”
عبر ضبابٍ مشؤوم يلفّ الحديقة كوشاحٍ كئيب، تراءى قصرٌ ضخم، صورته الظلية تلوح كشبحٍ يتشكل من الضباب.
كان دليل قواعد السلامة قد ذكر أن القصر خربٌ، لكن ربما كان ذلك مجرد جزءٍ من السيناريو. فبالرغم من إهمال الحدائق المحيطة، كان قصر بيلموند ينضح بهيبةٍ عتيقة، كأن جدرانه تحمل أصداء عصورٍ مضت، مزينةً بأناقةٍ بالية تكاد تروي قصصًا منسية.
‘مقبولٌ تمامًا.’
تفرست ناديا في الخدم المتناثرين هنا وهناك، بعضهم ينقل الأمتعة، وآخرون ينثرون العلف للدجاج، كلٌ غارقٌ في عمله.
لكن كان هناك شيءٌ غريب لفت انتباهها.
عندما ركزت على أحد الخدم الذي ينثرُ العلف، لاحظت أن حركاته واضحة، لكن لا حباتٍ تتساقط على الأرض، ولا دجاجةٌ تظهر لتنقرها.
نظرت إلى الآخرين، فوجدت المشهد ذاته. أحدهم يدفع عربةً فارغةً تمامًا، رغم حركاته الواثقة. وفي الإسطبل، يقف حارسٌ بشموخٍ أمام بابٍ لا خيل خلفه، كأنه يحرس الفراغ.
‘ما هذا؟ اللعبة غارقةٌ في الأخطاء.’
عناصرٌ كان يُفترض أن تكون موجودة قد تبخرت، أو تتصرف بشكلٍ مشوه…
أخطاءٌ نمطية في ألعاب الفيديو. لكنها طمأنت نفسها أن تقريرًا مفصلًا سيُصلح هذا الخلل بسهولة.
كوغوغوغونغ.
عندما فُتح الباب الضخم في وسط القصر، كشف الداخل عن قاعةٍ فسيحة، مزينةٍ بأثاثٍ فاخر، لكن الغبار يكسو الجدران كوشاحٍ رقيق، والأرضية مغطاةٌ بطبقةٍ من القذارة.
ربما كان هذا جزءًا من القصة، قصرٌ مهجورٌ بسبب غياب سيّده.
أو ربما تكونُ مهمتها إعادة الحياة إلى هذه الأرجاء، لتعيد إليها تألّقها الغابر…؟
لا يهم. أجبرت نفسها على تجاهلِ الفوضى، وركزت على اكتشاف المزيد من العيوب.
“هنا ستقيمين، آنستي.”
بعد قليل، وصلت إلى غرفةٍ كانت، مقارنةً بالأماكن الأخرى، أكثر نظافةً نسبيًا. لا شكّ أنها أُعدت بعنايةٍ لخطيبة الدوق.
لكن عند التدقيق، برزت تفاصيلُ مقلقة.
زنابقُ ذابلةٌ في مزهريةٍ عند النافذة، كأنها أزهارٌ استسلمت للموت منذ زمن. تمثالٌ دينيٌّ منحوتٌ بدقةٍ متناهية، لكنه معلّقٌ رأسًا على عقب، كأنه يتحدى النظام الطبيعي.
بالإضافة إلى ذلك كانت هالةٌ غامضة تخيّم على الغرفة، كأنها تحتضن سرًا لا يُفصح عنه.
رغم وجود بعض الأخطاء الواضحة، كان الجو مصممٌ بعناية فائقة.
“هل المكان يروق لكِ؟”
انتبهت ناديا إلى صوت رئيسة الخادمات، مدركةً أنها لم تُبدِ ردّ فعل.
الغرفة، مهما حاولت تجميل الأمر، كانت تنضح بأجواء فندقٍ متهالك، لكنها…
“ههه، نعم، بالطبع!”
أجابت بابتسامةٍ مشرقة، حريصةً على عدم إحباط رئيسة الخادمات التي ربما بذلت جهدًا في إعداد هذا المكان.
“هذا مطمئن. وبما أن الوقت تأخر، سنؤجل جولة التعريف بالقصر إلى الغد. إذا احتجتِ إلى شيء، اسحبي حبل الجرس بجانب السرير.”
“سأفعل. شكرًا جزيلًا.”
بينما كانت ناديا تتفقد الغرفة، انحنت رئيسة الخادمات بأدبٍ وانسحبت بهدوء.
تــــــك.
“……”
أخيرًا، أصبحت وحيدة.
حسب السيناريو، هي مسافرةٌ قادمةٌ من بعيد، لذا تركوها لترتاح وتنام بعمق.
شكرًا لهم…
‘سأشتكي بقوةٍ للتأكد من إصلاح أخطائكم، يا سادة!’
بينما كنتُ أغرق لحظةً في مشاعر الامتنان، أدركتُ فجأةً أن مظهري كان متسخًا ومُزريًا، فاتجهتُ نحو الحمّام.
كان الماء الساخن قد أُعدَّ مسبقًا، ينتظرني دافئًا، والحوض، رغم أن نظافته لم تكن مثالية، كان صالحًا للاستخدام.
“يا للروعة.”
في الواقع، حيث أعيش في غرفةٍ ضيقةٍ لا تتجاوز مساحتها خمسة أمتار مربعة، لا أستطيع الاستمتاع بحمّامٍ نصفي إلا إذا زرت الحمّامات العامة.
أما هنا، فهذا الشعور الواقعي المُفرط، حيث يذوبُ التعب وتتدفق الدماء في العروق، ما هذه الواقعيةُ المفرطة…؟
خرجتُ من الحمّام بعد أن استعدتُ نشاطي، وقد أنهكتني النعومة، فارتديتُ ثوب النوم المُعدّ بعناية فوق السرير.
لم يبدأ التوتر الذي كان يعتصر جسدي بالتلاشي إلا حينها، وفجأةً، تذكرتُ شيئًا كنتُ قد نسيته تمامًا.
“المهمة!”
أجل، بالتأكيد، لقد وصلتني المهمة الرئيسية منذ قليل.
ما إن استحضرتُ تلك الفكرة حتى ظهرت نافذة المهمة أمام عينيّ، كأنها كانت تنتظرُ إشارتي.
[<المهمةُ الرئيسية>
▶ اكشفي أسرارَ قصر الدوق بيلموند!
قصرُ بيلموند، ذلك المكانُ الذي يجمعُ بين الجمال الكئيب والغموض المقلق. يتمحورُ كل شيءٍ حول سيّد العائلة، ‘إدوين بيلموند’، حيث تتربص أسرارٌ مشبوهة في كل زاوية.
تفاعلي مع الشخصيات الرئيسية المقيمة في القصر، وابحثي في أرجائه لجمع الأدلة.
– قائمة الشخصيات الرئيسية
– خريطة قصر بيلموند
– قائمة المكافآت]
وهكذا، وجدتُ فضولي يتّجه تلقائيًا نحو سيد القصر، ‘إدوين بيلموند’.
لم أتمكن من رؤية وجهه، إذ قامت الشركة المصنّعة بتعتيمه للحفاظ على إثارة اللعبة وعدم الحرق… لكن، بما أنها لعبة محاكاة رومانسية، فلا شك أن وسامته مضمونة.
فما عسى أن تكون أسراره؟
‘بطلٌ مظلمٌ يقابل بطلةً منقذة، إنه تخطيطٌ تقليدي بعض الشيء.’
بينما كنتُ أتخيّل صورة الشرير المنعزل، انتقلتُ بنظري إلى الفقرة التالية:
— قائمة الشخصيات الرئيسية
• رئيسةُ الخدم (جديد!)
المسؤولة عن إدارة شؤون قصر بيلموند الداخلية، شخصيةٌ مخلصة وكانت يومًا مربيةَ الدوق إدوين بيلموند. إنها تعرفُ عنه الكثير.
مستوى الإعجاب: 0/100
• ؟؟؟
• ؟؟؟
يبدو أن رئيسة الخدم هي الوحيدةُ التي قابلتها حتى الآن، لذا بقيت الشخصيات الأخرى غير مفعّلة.
بالمناسبة، ما هو مستوى الإعجاب؟
لم أتمكن من تمييز ملامحها جيدًا، ولم يكن هناك انطباع أوليّ يُذكر، لكن رئيسةُ الخدم كانت تتعامل معي بأسلوبٍ رسميٍّ بحت.
تبدو لطيفةً ظاهريًا، لكنها من النوع الذي لا يتركُ ثغرةً للاقترابِ منه.
لكن وجود ‘مستوى الإعجاب’ يعني أن عليّ التقرّب منها حقًا لاكتشاف حقيقتها.
‘يبدو أن عليّ أن أكون أكثر ودًا من الآن فصاعدًا.’
بعد أن تأملتُ القائمة قليلًا، انتقلتُ إلى قسم ‘الخريطة’.
لكن، مهما دقّقتُ النظر، لم أجد أيّ معلومات مُسجّلة، لأنني لم أزر أيّ مكانٍ في القصر بعد.
في النهاية، يبدو أن عليّ التجوالُ بنفسي واكتشاف المكان.
“يا للإزعاج…”
تمتمتُ بيني وبين نفسي، ثم ألقيتُ نظرةً على القسم الأخير.
نعم، جوهرة المهمة!
كانت قائمة المكافآت.
— قائمة المكافآت
• 50,000 ماسة
• ؟؟؟
“همم؟”
هل تم إخفاء المكافآت لتجنب الحرق؟ كنتُ فضولية، لكن هذا الإخراج يزيدُ من الحماس بالتأكيد.
وعلاوة على ذلك، عملةٌ يمكنني شراء أيّ شيء بها؟ لا أعرفُ قيمتها بعد، لكنها بالتأكيد ليست مبلغًا زهيدًا.
“حسنًا!”
بدأت المهام التي يجبُ القيام بها تتشكلُ في ذهني.
بعد أن أنهيتُ ترتيب خططي القادمة، استلقيتُ على السريرِ ببطء.
لأتمكن من الحركة بفعالية، كان عليّ أولًا استعادة طاقتي.
غطيتُ نفسي باللحافِ براحة، ودفنتُ جسدي فيه.
في اللحظة التي لفّني اللحاف الناعم، شعرتُ بجفنيّ يثقلان، كأنهما كانا ينتظرانِ تلك اللحظة ليغلقا.
─────────────────────
لا تنسوا الضغط على النجمة أسفل الفصل ⭐ وترك تعليق لطيف 💬✨
حســاب الواتبــــاد:
أساسي: Satora_g
احتياطي: Satora_v
انستــا: Satora_v
───────────────
قوة الأرواح والقلوب ذكر الله علاّم الغيوب 🌱:
– سُبْحَانَ اللَّه 🪻
- الحَمد لله 🪻
- لا إله إلا الله 🪻
- الله أكبر 🪻
- لا حَول و لا قوة إلا بالله 🪻
- أستغفِرُ الله الْعَلِيُّ الْعَظِيم وَأَتُوبُ إِلَيْهِ 🪻
– لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 🪻
– الْلَّهُم صَلِّ وَسَلِم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد 🪻
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات