دَرْدَرَت عجلات العربة.

عبق الخشب المقطوع حديثًا ملأ أنفي، وفي اللحظة ذاتها اجتاحتني دوخة مفاجئة، وكأن أحدهم سدد إلى رأسي ضربة بمجرفة، تلاها شعور ثقيل بالغثيان.

لحسن الحظ، لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن أتمكن من فتح جفوني المثقلين كأنما يحملان أثقالًا من الرصاص.

‘أين أنا؟’

كنت داخل عربة فاخرة، تحيط بي وسائد وثيرة تنبئ بثمنها الباهظ من النظرة الأولى.

رغم أن النوافذ كانت محجوبة تمامًا بستائر كثيفة، فإن اهتزازها المنتظم دلّ على أنها ماضية في طريقها إلى وجهة ما.

لكن… لِمَ أنا هنا؟

أتذكّر أنني كنت على وشك الدخول إلى اللعبة…

وفجأة انقشعت سحابة الذهن، وتدفقت الذكريات إلى عقلي بوضوح حاد.

“آه…”

نعم، لقد كنت قد دخلت إلى أول لعبة محاكاة حب بالواقع الافتراضي في كوريا الجنوبية:

<خفقان قلب، حب المصير ☆ كراش>

رأيت إعلانًا يدعو لتجربة النسخة التجريبية المغلقة للعبة، وسجلت اسمي بلا تفكير.

ويا للعجب، تم اختياري فعلًا، وكانت آخر ذكرياتي أنني ثبتّ جهازًا عجيبًا على رأسي لقراءة الموجات الدماغية.

‘واو… الأمر أكثر واقعية مما ظننت.’

رائحة الخشب العطرة، ملمس المقعد تحت جسدي، والأصوات البيئية من حولي…

كأنني انتُزعت من عالمي وأُسقطت في عالم موازٍ.

كنت أخشى أن تصيبني دوخة الواقع الافتراضي، أو أن يبدو العالم هنا مصطنعًا، لكن مخاوفي تبددت بالكامل.

ثم خطر لي أمر مهم… اللعبة مصنفة للفئة العمرية 19 عامًا، فهل سأعيش تجربة حب واقعية مع الشخصيات الرجالية؟!

بدأ قلبي ينبض بتسارع من فرط الحماس، لكن سرعان ما اعتراني شعور غريب.

ألم يكن من المفترض أن أبدأ اللعبة في زنزانة مظلمة بعد اتهامي ظلمًا؟

فلماذا أنا الآن في عربة فاخرة؟

‘هل السبب أنني بيتا-تيستر؟’

ربما لأني في النسخة التجريبية، تم نقلي مباشرة إلى حدث معين بدلًا من المشهد الافتتاحي المعتاد.

هدفي ليس الاستمتاع فحسب، بل أيضًا اختبار الأخطاء البرمجية.

ما إن خطر لي هذا التفسير، حتى انبثق أمام عينيّ مربعٌ شفاف برسالة ترحيب:

[مرحبًا بكِ، أيتها اللاعبة.]

ظهر المربع لفترة كافية للقراءة، ثم استبدل برسالة أخرى:

[تم التحقق من هوية اللاعبة “نادية وينزر” بنجاح.]

‘نادية وينزر؟ لم أختر هذا الاسم…’

ربما تم تعيينه تلقائيًا. بما أن النظام لا يتيح تخصيص الشخصية بعد، فهذا منطقي.

في النهاية، هذه مجرد نسخة تجريبية.

وما إن انبثقت أمامي واجهة المستخدم الكلاسيكية برسائلها المألوفة، حتى انقلب التوتر الذي شعرت به إلى بهجة خالصة.

ثم ظهرت الرسالة التالية:

[لقد استلمتِ “الحزمة الخاصة لمختبِري النسخة التجريبية (غير قابلة للبيع)”. هل ترغبين في فتحها؟]

“طبعًا!”

يبدو أن اللعبة تستحق الامتنان، فقد منحتني هذه الحزمة كمكافأة على خوض تجربة غير مكتملة.

بمجرد أن فكّرت بالموافقة، تحركت واجهة الرسوم التفاعلية تلقائيًا، وظهر أمامي صندوق يفتح في مشهد أنيق.

ثم ظهرت محتويات الحزمة:

[تذكرة سحب من الدرجة S ×3]

بطاقات تتيح الحصول على قدرات أو أدوات نادرة لا يمكن الحصول عليها عادةً.

ينصح باستخدامها عند مواجهة صعوبة في التقدم.

[بركة المبتدئ (لمدة 24 يومًا)]

عبارة عن تلميحات تُعرض على شكل “نصائح” خلال اللعب.

صالحة لمدة 24 يومًا داخل اللعبة (أي 24 ساعة حقيقية).

[10,000 ماسة]

عملة تُستخدم في متجر الكاش.

يمكنك طلب ما تحتاجينه من متجر الكاتالوج.

[قواعد استخدام قصر بيلموند للزوار]

(مهم! يُرجى قراءته بعناية، فهو يحتوي على تعليمات تتعلق بالسلامة.)

بينما كنت أقرأ أوصاف العناصر، اختفت التذاكر والبركة والماس من أمامي تلقائيًا، في إشارة إلى تفعيلها المباشر.

‘هذا يعني أنني أستطيع دخول المتجر الآن؟’

“المتجر!”

فُتح أمامي كتاب كأنما من العصور القديمة، يتضمن تصنيفات:

أسلحة، دروع، إكسسوارات، سلع متنوعة، بستنة…

أخذت أقلب فيه بعينين داهشتين، إلى أن نقرت على قسم “السلع”، فظهرت أمامي مجموعة متنوّعة من الأغراض الغريبة.

بعضها بدا عديم النفع تمامًا… لكنني فتحت وصف أحدها عشوائيًا:

[صندوق موسيقى الراحة الأبدية ― 3,000 ماسة]

يعالج الأرق المزمن بشكل دائم.

ملاحظة: قد يصبح الاستيقاظ ذاتيًّا أمرًا صعبًا بعد الاستخدام.

تفسيره يبعث على القلق… لكن لمريض أرق حقيقي، ربما يكون ذا فائدة.

نظرت إلى سلعة أخرى:

[منفضة غبار الإبادة الكاملة ― 2,500 ماسة]

تقضي على الغبار، البقع المشبوهة، الشوائب، وجميع “الكيانات الشريرة” التي تفسد المنظر.

تحذير: لا تستخدمها أبدًا على كائن حي.

… قررت أن أتوقف عن التصفح.

ورغم كثافة المعروض، لم يكن له نهاية.

ولحسن الحظ، وُجد شريط بحث أعلى الصفحة لتسهيل الوصول للأدوات المحددة.

بعد هذه الجولة السريعة، أغلقت المتجر وعدت لتفقّد آخر عنصر:

“قواعد استخدام قصر بيلموند للزوار”

كانت ورقة واحدة فقط، صلبة وثقيلة، تطابق وصف “كتاب التعليمات”.

بخلاف العناصر السابقة، لم أستطع أن أفهم مغزى هذه الورقة رغم قراءتها بتأنٍ.

تملكني الفضول، فجلست مستقيمة وأخذت أقرأها بتمعّن… لكن شيئًا فشيئًا غمرتني الحيرة.

‘ما هذا المحتوى العجيب؟’

كل بند فيها كان يبدو وكأنه مأخوذ من كتاب خرافات أو قصة رعب!

تحذيرات بلا منطق… إشارات إلى الموت والانتحار…

كأنها قوانين النجاة من فيلم رعب من نوع “أساطير نابولي”!

لكن هذه اللعبة من المفترض أن تكون محاكاة حب فقط، أليس كذلك؟

حتى المطوّر قال لي قبل الاتصال:

“سيكون هناك الكثير من الشخصيات الذكورية لتستمتعي بها كما شئت!”

فهل تعرّضت للخداع؟

وقبل أن يتضخم شكي، انبثقت أمامي رسالة أخرى:

[مهمة رئيسية جديدة!

▶ اكشفي أسرار قصر بيلموند!

قصر بيلموند الكئيب والجذاب في آنٍ معًا، يخبئ في جنباته أسرارًا مريبة، تتمحور حول سيده “إدْوين بيلموند”.

تواصلي مع الشخصيات المقيمة، واستكشفي أنحاء القصر، واجمعي الأدلة.

― قائمة الشخصيات

― خريطة قصر بيلموند

― قائمة المكافآت]

تأملت المهمة بتمعّن، ثم أومأت برأسي.

‘هل هو مزيج من الغموض والرومانسية؟’

ربما هذه اللعبة ليست رعبًا صرفًا، بل تستخدم عناصر الغموض والتشويق كخلفية للعلاقات الرومانسية.

ربما “الحبيب” في هذه اللعبة هو شخصية تحمل طابعًا غامضًا أو سوداويًا؟

في النهاية، هذه أول لعبة واقع افتراضي من نوع “الرومانسية المثيرة”، فلا بد أن تحتوي على عناصر جديدة لكسر النمطية.

دَرْدَرْ!

اهتزت العربة وتوقفت فجأة.

‘هل بدأ الآن الجزء الحقيقي من اللعبة؟’

اعتدلتُ في جلستي بحماسة، لكن شاشة النظام ظهرت بسرعة تحذرني:

[تحذير! يُنصَح بالتقيد الصارم بقواعد السلامة.]

“أوه… صحيح! يجب ألا أُكشَف.”

طويت الورقة بسرعة، ودسستها في جيب الفستان الذي بدا كأنه زي ابتدائي للشخصية.

وفورًا، فُتحت باب العربة، وتردّد في أذني صوت ترحيب غريب، كأنما تكلّمت به عدة أصوات في آنٍ واحد:

“مرحبًا بكِ، آنستي.”

“أهلاً ومرحبًا!”

أجبتهم بتحية مشرقة وأنا أنزل من العربة، لكن سرعان ما تجمدت في مكاني حين وقعت عيناي على المنظر أمامي.

‘ما… هذا؟’

البيئة لم تكن تشبه أيًا مما رأيته في المواد التدريبية أو خرائط اللعبة المبدئية.

قالوا إنني سأعيش في قصر فخم دافئ مفعم بالحب…

لكن السماء كانت رمادية قاتمة، والحديقة المهملة مكسوة بضباب ثقيل يبعث على التوجس.

والقصر نفسه، رغم فخامته الظاهرة، كان يفيض بجو قاتم كئيب…

لكن ما أصابني بالفزع لم يكن هذا، بل أولئك الواقفون أمامي:

لم يكونوا خدمًا… بل… أشياء مصطفة في صف طويل.