كان الموقف محرجًا للسؤال عن بعضهما، لذلك لا هيرين ولا روميا تبادلتا الأسئلة المعتادة مثل “كيف حالكِ؟”.
اكتفت هيرين بابتسامة خفيفة وهي تحتسي الشاي الطازج الذي جلبته ميريج.
“بخصوص القبعة التي ستُستخدم في الموكب… متى أستطيع أن أستلم التصميم؟”
“كنت سأخبركِ… لقد استلمت أمس الثوب الذي سأرتديه في الموكب. سأرسمه سريعًا وأرسله لكِ.”
“لا ترهقي نفسكِ. أنا لا أنوي إحراجكِ أبدًا.”
روميا رمشت ببطء أمام هذا الوجه الغريب من هيرين.
شعرت فجأة بالخوف أن تُمزَّق بكلمات قاسية في أي لحظة.
وفوق ذلك، شعرت بالذنب في جسدها، فتوارت كتفاها تلقائيًا.
على العكس، بدت هيرين هادئة.
وبينما لم تبادر بالكلام، خيّم الصمت بينهما.
“ها هو، آنستي.”
الطارق على باب غرفة هيرين لم يكن سوى السيدة ميريج، التي لم ترها منذ فترة.
دخلت وأعطت شيئًا لهيرين ثم خرجت بهدوء بعد أن أدت مهمتها.
نظرت روميا نحو الأظرف الثلاثة البيضاء التي وضعتها ميريج أمام هيرين.
كان سطحها الأبيض الخالي يثير الاستغراب.
“هذا؟ أأنتِ فضولية؟”
ابتسمت هيرين بخفة وقدّمتها لروميا.
“اختاري.”
“نعم؟”
“إنها عروض زواجك التي اخترتها مع السيدة نوبريدج.”
“…… نعم؟”
روميا لم تستوعب بسهولة.
مزّقت الظرف بسرعة، ووجدت داخله أسماء عائلات ومعلومات شخصية مفصلة، كما قالت هيرين.
“ألستِ قد صرتِ خادمتي فقط لتتزوجي من عائلة جيدة؟”
نظرت هيرين إلى روميا المندهشة وتحدثت بلطف، كأن الأمر ليس صادمًا.
كان صوتها هادئًا وابتسامتها مشرقة كما العادة.
“السيدة نوبريدج بذلت جهدها لأجلك. كلهم شباب وسيمون ومن عائلات غنية. لن ينقصك شيء.”
لكن رغم دفء صوت هيرين، كأشعة شمس هذا اليوم، لم تستطع روميا إخفاء ارتجاف يديها.
كان الأمر غريبًا، لأنها بدأت تفهم السبب وراء محاولة لصق شظايا حلمها المكسور.
“كلهم وافقوا رغم معرفتهم بظروفك.”
“….”
“فلتتحلي بالشجاعة إذن، روميا.”
لكن حتى بالشجاعة، لن يزول ذلك اللقب السخيف “الكورتيسيان” الذي يلتصق باسمها.
وضعت روميا الظرف على الطاولة وهي تعض شفتها.
لقد أثقلها بالفعل القيد الذي كبّلها به جِهاردي، وها هي هيرين تحاول أن تزيد حياتها ثقلًا آخر.
واقع لا مفر منه ولا مهرب.
خفضت روميا بصرها وقالت:
“سأقبل نيتك فقط، سيدتي.”
“همم. لماذا؟”
“لا أستطيع الزواج من هؤلاء.”
“كلهم رجال محترمون. وافقوا بعد علمهم بظروفك. لا تكوني عنيدة هكذا.”
قالت هيرين وهي ترشف الشاي.
كل حركة من يدها، وكل ارتشاف، بدت وكأنها ليست تلك التي أغرقتها سابقًا بالإهانات.
قبل أن تُطرد من قصر الزنابق في ذلك اليوم الماطر، كانت هيرين هي فوتاميا المتألقة المبهرة، نور الشمس الساطع.
لكن روميا لم تستطع التنفس.
معدتها انقبضت وكادت تتقيأ.
رفعت يدها بسرعة لتغطي فمها.
لحسن الحظ لم تتقيأ، لكنها لم تتوهم برودة النظرة التي رمقتها بها هيرين.
وضعت فنجانها بقوة على الطاولة.
“روميا.”
“…… نعم، سيدتي.”
أعجبها ردها المطيع رغم أن وجهها كان متألمًا.
فتراخت ملامح هيرين قليلًا وقالت:
“يجب أن تلتقي بالرجل المناسب لكِ.
أليس كذلك؟”
لكن روميا لم تستطع أن تجيب.
فهي لم تكن تجهل معنى تلك الأظرف.
***
الأعين الباردة صارت موجّهة نحو هيرين.
فستانها المغبر فقد بريقه وبات باليًا.
كانت النظرة الوحشية في عينيه واضحة جدًا، حتى ابتسمت هيرين بسخرية ورفعت كتفيها.
“كان هناك نقص في الأيدي. لا بأس، أليس كذلك؟”
“لو كنتِ تحتاجين إلى خادم، لكان عليكِ أن تطلبي.”
حتى ذاك الذي كانت تعتبره دومًا جافًا وقاسيًا، اتضح أنه قادر على الغضب.
لم يخفِ مشاعره العاصفة، وهو يجز على أسنانه عاجزًا عن التماسك، وهذا لم يكن من طبعه أبدًا.
تطلعت هيرين في وجه جِهاردي.
أي قيمة تحملها تلك الفتاة حتى يرمي بنفسه للخطر ويجازف بمكانته؟
لم يكن هناك سوى أمور لا تُفهم.
منذ أن عرف جِهاردي روميا بيرلوس، كأنه أنكر كل ما عرفته هيرين عنه سابقًا.
“أترين، روميا. لهذا لا يسعني إلا أن أكرهك”
قهقهت هيرين بسخرية وهي تحدق في الرجل الذي أسقط قناعه المثالي بنفسه.
الحب. كل هذا الهراء من أجل لعبة تافهة كهذه…
تطلعت إليهما؛ إلى روميا وجِهاردي معًا.
إلى ذلك الطفل الذي سيحمل نصف ملامح كل منهما.
ثم وقعت عيناها على بطن روميا الذي كانت تشده بيديها.
لولا التلميح الذي أسرّت به شارون، لكانت خُدعت دون أن تدري.
فكرة أن يُهان كبرياء فوتاميا وأن تسخر منها بيرلوس كانت تجعل دماءها تفور.
شيء لا يُحتمل.
ابتسمت هيرين بصوت مرح وهي تكلم جِهاردي الغاضب:
“ولماذا أزعج رجلاً مشغولًا مثلك؟ أنا مرتاحة أكثر أن أعهد بالأمر إلى روميا التي أعرفها. اليوم سيصل أثاث جديد إلى قصر الزنابق. لكن اثنتين من وصيفاتي أصبن بالحمى ولم تستطيعا الحضور. كان من حسن حظي أن روميا وافقت على مساعدتي.”
لم يكن غامضًا كيف عرف بمكانها.
لقد تبع الفتاة حتى وصل.
لكن لماذا، وهو الذي خلع قناعه المثالي بهذه الجرأة، يخشى من أن يترك روميا بيرلوس دون مراقبة؟
مع ذلك، لم تمحُ هيرين ابتسامتها الجاهلة، وكأنها لا تعرف شيئًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 71"