ما إن عادت روميا إلى القصر الرئيسي حتى أصيبت بالحمّى لمدة أسبوع كامل. بدا أن الزكام شديد؛ كانت الحمى تنخفض أحيانًا ثم تعود فجأة، وكان جيهاردي دائمًا إلى جانبها.
واليوم لم يختلف الحال.
بعد أن ودعت إيزابيلا لفترة قصيرة، اضطرت روميا للعودة إلى الفراش مجددًا. وذلك أيضًا بسبب أوامر جهاردي بأن لا تفعل شيئًا حتى تتعافى تمامًا.
‘ولكن…’
صوت القلم على الورق وأوراقه المتقلبة لم يسمح لها بالراحة.
لم يكن يفصلها عنه سوى بضع خطوات فقط، خطوات رجل بالغ، كافية للوصول إليه.
في النهاية، جلست روميا نصف جلسة وقالت له:
“يمكنك الذهاب الآن.”
“هذه غرفتي.”
“……”
كانت كلماته صحيحة، فأُغلقت شفتاها باحترام.
منذ طُردت من قصر الزنابق، كانت تقيم في غرفة جهاردي. ورغم خوفها من إصابته بالزكام إن بقيت بالقرب منه، إلا أنه بدا سليمًا تمامًا.
شعرت روميا بالحرج، ولعبت بيديها قبل أن تقول:
“متى يمكنني البدأ بالعمل؟”
“عمل؟”
رفع جهاردي رأسه، وهو الذي لم يرفع عينيه عن الأوراق لحظة.
“بما أنني جئت كخادمة لجلالة الملك، فمن الطبيعي أن يكون لي… عمل لك…”
“تناولي طعامك جيدًا، ونامي جيدًا.”
ماهذا؟
عبست روميا قليلًا، فأكمل جهاردي كلامه:
“أنا لا أحب البنية الضعيفة.”
“……صحيح، جئت كمحظية. لخدمة الملك ليلاً.”
عند التفكير، بما أن الجميع بات يعلم علاقتها بالملك، فمن المحتمل أن يكون عملها فقط ما تعتقده هي.
حدّقت روميا في جهاردي ببرود.
كانت مشاعرها مختلطة، مزيج من الكراهية والحقد، حب وكره معًا.
وبينما كانت النظرات المتقاطعة تبدو بلا معنى، كسر جهاردي الصمت:
“سأهديكِ المجوهرات وفساتين، لتفرحي بذلك.”
صمتت روميا وعضت شفتيها بقوة أمام نبرة الإملاء القسرية التي تحملها كرامة الملك. كانت تلك الغطرسة الملكية التي كانت في السابق مصدر إعجاب، الآن ثقيلة كالقيود التي تكبلها.
“إذا لم تعجبكِ، أخبريني ماذا تريدين.”
“أي شيء؟”
“نعم.”
حتى تلميح جهاردي بأنه سيعطيها المجوهرات والفساتين بدا مشابهًا لما كان يفعله آيدن، الذي اغراها بمكافآت ثمينة وظن أن قلبها سيخضع بسهولة، مما جعل ابتسامة روميا تنحرف بسخرية.
“ماذا لو طلبت أن تحضر لي نجمة من السماء؟”
“هذا يبدو كطلب متوقع منكِ، روميا.”
“لكنك قلت إنك ستستجيب لكل شيء.”
“لا أستطيع تحدي الآلهة.”
لم يعبس ولم يبتسم، لكن روميا لاحظت بريق الفضول في عينيه. كانت تأمل ألا يكون مستمتعًا بهذه اللحظة.
“……ماذا لو عارضت زواجك من الأميرة؟”
خرجت الكلمة بلا مقدمات، كما توقعت، خفتت عينا جهاردي التي كانت تحمل فضولًا. عم صمت طويل خانق.
كانت إجابته كافية، فأخذت روميا بيده وقالت:
“حسنًا، أعطني المجوهرات والفساتين. أريد الكثير منها، غالية وجميلة.”
“كما تشائين.”
كانت إجابته هذه سلسة، وابتسمت روميا بخفة. أدركت أن إجاباته دائمًا محددة حول ما يمكنه فعله فقط.
كانت ترغب أن يشعر بما شعرت به من ألم، وأن يتخبط في أشواك الطريق نفسه، بسببه وحسب رغبته في التمسك بها.
أدارت روميا رأسها بعيدًا عن جهاردي ببطء.
“لقد أصبح لدي حلم.”
شيء أكثر قيمة من حبها الذي لن يُبادل.
“الشيء الوحيد الذي لم أفقده.”
أخبرنها أن حتى حلمها ذاك كان ترفًا، لكن روميا كانت مصممة على بذل قصارى جهدها كي لا تُدمر.
“سأحاول التعايش مع الواقع.”
لم تكن تنتظر جوابًا، لكن خرج منه رد يبدو وكأنه موافقة:
“افعلي. إذا استطعت.”
هل كان يتوقع أنها لن تقدر؟
التفتت روميا اليه مجددا. كانت عيناها مغمضتين قليلًا، وقد اختفت سذاجتها السابقة.
“كم أنتَ لطيف.”
كانت عازمة على ألا تتأذى مرة أخرى.
“أعتقد أنه يمكنني اعتبارها أجرًا، أليس كذلك؟”
فجأة جذب جيهاردي خصرها وقال:
“أخبرتكِ، أنتِ أغلى من امرأة شارع.”
نظرت روميا إليه متحدية، لكن شفتاه سبقتها. لحظة، التقت شفتاه بشفتيها ثم انفصلتا.
حدقت فيه بغضب، لكنه لم يتراجع، أمسك بشعرها وقبّلها بقوة أكبر.
“إذا أردتِ شيئًا لن أعيقك، لكن الابتعاد عني ليس شيء أسمح به.”
“……”
“روميا، كوني حكيمة.”
تحدث بصوت منخفض كما لو كانت روميا تتحضر للابتعاد عنه.
“حتى لو ابتعدتِ، حتى لو هربتِ، فستعودين دائما الى هنا. حيث أكون أنا.”
“أيتها الماكرة!”
ارتجفت يد فيوليت وهي تمسك الصحيفة، وابتسمت بخجل. بدا كلامها لاذعًا لكنه مصحوب بابتسامة واضحة على وجهها.
“هل من خبر سار؟”
ألقى ريك، الذي وصل العاصمة متأخرًا خلف فيوليت، نظرة على الصحيفة.
“انظر! لقد فعلت روميا شيئًا عظيمًا!”
“روميا؟”
يمكن القول إن صحيفة التايمز اليومية لم تكتف بصفحتها الأولى بفضيحة ملكية، بل غطت الصحيفة بأكملها. وكان محور الاهتمام هو الملك الجديد والمرأة التي اختارها، “روميا بيرلوس”.
كانت المقالات غالبًا تنتقد أخلاق الملك، لكن فيوليت وريك تبادلا ابتسامات خفية بلا مبالاة.
“رائع! رائع!”
مد ريك الصحيفة إلى الأعلى وضحك بصوت عالٍ.
لم تلاحظ فيوليت أن حمالة فستانها انزلقت، وبدأت تلوح بالمروحة وتومئ برأسها.
“حتى لو قالت أنها جاءت إلى هنا للبحث عن صفقة زواج، فكلها أماكن لا قيمة لها، أليس كذلك؟”
“صحيح، حتى المهر لم يكن مرضيًا. ونحن لسنا مفلسين.”
“كنت أتوقع منها فقط أن تتودد لتحصل على زوج مناسب، لكن من كان يظن أنها ستفعل شيئًا كبيرًا هكذا؟”
تخيلت فيوليت ثروات من الذهب والفضة، ومدت ذراعيها، مبتسمة، ورفع ريك إبهامه موافقًا لها.
“روميا تشبهك! لقد فعلت شيئًا رائعًا!”
“إنها محظية الملك! لا بد أن تتساقط ثروات طائلة!”
“وذلك سيعزز مكانة عائلتنا! أرستقراطيي العاصمة كانوا متعجرفين، لكننا سنضعهم عند حدهم!”
بعد أن انتهيا من تصفح الصحيفة، كانت السيدة ريتشيتو واقفة بقلق.
جاءت مع ريك إلى العاصمة خوفًا على روميا، وقرأت كل الانتقادات الممزوجة بالغضب تجاه بيرلوس والعائلة الملكية.
“روميا، ما هذا بحق…؟”
لم تستطع إخفاء دموعها تجاه الفتاة التي حلمت بحياة سعيدة وزواج رائع في العاصمة، والتي واجهت مأساة غير متوقعة.
حدقت بصمت في والدي روميا اللذين يحسبان مصالحهما فقط في هذه الحالة. لم يكن ريك وفيوليت، منذ أيام بيريدروز، من الأشخاص الأذكياء القادرين على توسيع أعمالهم. لذا، لم يكن غريبًا أن ينظر أهل بيريدروز إلى هذين الشخصين الذين يستغلان موهبة ابنتهما للتجارة بنظرة غير ودية.
حتى السيدة ريشيتو، التي كانت تتعامل معهما، لم تكن معجبة بفيوليت وريك، لكنها شعرت بالشفقة على روميا، التي كانت تعاني تحت سلطتهما عليها ولا تستطيع التعبير عن رأيها بحرية. وبفضل روميا، كانت تتعاون مع هذين الشخصين، لكن الآن أصبح الأمر يثير اشمئزازها.
كم مرة شهدت ريتشيتو مواقفهم التي لم يهتموا فيها سوى بالمصلحة المادية والطمع، دون أدنى اهتمام بروميا أو بمصلحتها؟
بهدوء، أخذت السيدة ريتشيتو الصحيفة وغادرت المكان.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 49"